مجلة الإبتسامة

مجلة الإبتسامة (https://www.ibtesamah.com/)
-   مقالات طبية - الصحة العامة (https://www.ibtesamah.com/forumdisplay-f_115.html)
-   -   اللحوم الحمراء بين نمط الغذاء الإسلامي و النمط الغربي (https://www.ibtesamah.com/showthread-t_229480.html)

امال جداي September 22, 2010 02:13 PM

اللحوم الحمراء بين نمط الغذاء الإسلامي و النمط الغربي
 
د. جواد الهدمي

مقدمة: (اللحوم الحمراء والسرطان وأمراض القلب... هل من علاقة؟ ), تحت هذا العنوان أو عناوين مشابهة نشرت عدة مواقع الكترونية في مايو 2009 بحثا هاما قام به د. جواد الهدمي وتساءل فيه "هل أن ارتفاع نسبة الوفيات والإصابات السرطانية مرتبطة فعلا بزيادة استهلاك اللحوم الحمراء خصوصا واللحوم البيضاء عموما؟" وكان البحث عبارة عن " قراءة علمية وتحليل نتائج لأحدث الأبحاث الواردة من أمريكا وأوروبا" التي ربطت بين الاستهلاك وبين أمراض السرطان والقلب, وكانت تلك النتائج المنشورة غير منطقية وأثارت الخوف والبلبلة. لقد أصدرت جامعة هارفارد الأميركية حديثا (مايو 2010 ) تحليلا لنتائج عشرين بحثا علميا حول علاقة السرطان باللحوم الحمراء كان أحدها الدراسة التحليلية الهامة التي تقدم بها د. جواد أكدت فيه عدم صحة الربط بينهما, وهو ما توصل إليه في دراسته التحليلية, مما يعد إنجازا علميا هاما.

الهدف من البحث:

أشارت نتائج التجارب المنشورة حديثا ( نهاية الشهر الماضي 3/2009 ) في أمريكا و بريطانيا و التي استمرت أكثر من عشر سنوات وشملت أكثر من نصف مليون شخص إلى وجود علاقة قوية بين ارتفاع نسبة الوفيات وزيادة استهلاك اللحوم الحمراء, وقد كان لنشر هذه النتائج في BBC News وقع الصاعقة في نفوس الناس هناك, حيث أثارت الخوف من اللحوم الحمراء؟.

فهل يعقل أن الله عز و جل سخر لنا لحوم الأنعام الحمراء لتضرنا بدلا من أن ننتفع بها, و قد قال تعالي {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }النحل5؟.

و لثقتي أن الخطأ يأتي من البشر و ليس من لحوم الأنعام التي خلقها الله لنا طالما أننا تجنبنا الإسراف في تناولها, قال تعالي {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً }النساء79, لذا فقد رأيت أن هناك ضرورة ملحة لاستعراض التجربة وتحليل نتائجها, لنتوصل من خلالها إلى حقيقة ما أفسد عليهم لحومهم التي يأكلون, و لنحذر المستهلكين في الغرب من مخالفة السنن الكونية التي خلق الله الحياة عليها, و نحذر المستهلك المسلم في كل مكان من إتباع سنن الغرب في الطعام و الشراب, و ترك سنن الله في القرآن و السنة.

فالعلم كلما تطور, و العالم كلما تقدم و تسارعت أحداثه, كلما زادت أمور الناس وحياتهم تعقيدا و تغيرت أساليب المعيشة و زادت الرفاهية, و زادت معها الأمراض, خصوصا مع زيادة وتنوع مفردات التصنيع الحديثة وآلياتها مع الاعتماد الكبير على الوجبات الجاهزة والسريعة. و من المؤكد أنٌ تدُخل الإنسان في الطبيعة قد أفسدها مما أفسد عليه حياته و صحته بسبب فلسفته الزائدة في الهندسة الوراثية و الأسمدة الكيميائية والبذور المعالجة و الأعلاف الحيوانية الجاهزة واستخدام بقايا الحيوانات من أمعاء ودماء, ثم الأدوية الكيميائية المركبة وآثارها السلبية و الهرمونات و الإنزيمات, ثم تغيير سلوكيات ونمط الغذاء.

و لذا فإنني أهدف من خلال هذا البحث العلمي النقدي لأسلوب الطعام في الغرب, إلى دعوة الناس للعودة إلى الطبيعة و البساطة في العيش كما كان أجدادنا يعيشون, فكانوا ينعمون ويتمتعون بصحة عالية وقوة بدن, ورغم قسوة الحياة التي عاشوها إلا أن البساطة كانت هي سمة الحياة السائدة, فكان زيت الزيتون وكانت السمنة و الزبدة البلدية وزيت السمسم وكانت الخضار الطازجة الطبيعية والحليب الطازج, ولم نكن نسمع عن الإمراض السرطانية وأمراض القلب, وقد يقول قائل لم يكن الطب متطورا لكشف الحالات, وهذا صحيح الى حد ما لكن نسبة الإصابات لم تكن نسبتها و لا حدتها كأمراض اليوم.

* استعراض التجربة الأمريكية ونتائجها:

نشرت ال BBC News يوم 24/3/2009 تقريرا بعنوان (الوفاة مرتبطة بنسبة استهلاك عالي من اللحوم الحمراء!!), حيث أشار الباحثون في معهد السرطان الوطني الأمريكي إلى أن الأفراد الذين اعتادوا على وجبات تضم نسبة عالية من اللحوم الحمراء أو اللحوم المصنعة (حوالي 160 جرام يوميا من لحوم البقر أو الخنزير او الضان), كان لديهم معدلات خطورة الموت الكلية أعلى وبالتحديد خطورة الإصابات السرطانية وأمراض القلب, من الأفراد الأقل استهلاكا ( حوالي 25 جراما يوميا). وعلى العكس تماما فان الأفراد الذين اعتادوا استهلاك كمية عالية نسبيا من اللحوم البيضاء (لحوم الدواجن و الحبش والسمك ) فقد كانت لديهم احتمالية الإصابات السرطانية وأمراض القلب اقل من الأفراد الذين يستهلكون نسبة قليلة من اللحوم البيضاء. كذلك وجدت نتائج البحث أن الإصابة السرطانية أو أمراض القلب كانت عند فئة الرجال أقل (%11 ) منها عند النساء ( %16) خلال الفترة الزمنية للبحث وكان من الممكن تفادي هذه النسب العالية من الإصابات فيما لو تم تخفيض نسبة الاستهلاك من اللحوم الحمراء إلى الحد الأدنى. كذلك وجد الباحثون أن المركبات المسببة للسرطان تتشكل مع وجود درجة حرارة عالية أثناء طبخ أو إعداد اللحوم عند الأكل.

و خلصت الدراسة إلى أن ضرورة تخفيض نسبة الاستهلاك العام من اللحوم الحمراء إلى أدنى مستوى وليس إلى التوقف أو الامتناع كليا عنها, و ذلك بهدف تقليل مخاطر الموت الناجمة عن الإصابات السرطانية أو أمراض القلب.

* استعراض التجربة البريطانية ونتائجها:

أشار معهد السرطان الوطني البريطاني إلى أن اللحوم هي المصدر الرئيسي للدهون المشبعة والمرتبطة أساسا بأمراض القلب و أمراض سرطان الثدي وسرطان القولون والمستقيم, كما أشار إلى نتائج مشابهة للدراسة الأمريكية من حيث ارتباط الاستهلاك العالي من اللحوم الحمراء أو اللحوم المصنعة مع زيادة المخاطر على الصحة العامة. و خلصت هذه الدراسة ضرورة تقليل الاستهلاك إلى الحد الأدنى من لحوم البقر ولحوم الخنزير واللحوم المصنعة لتجنب الإصابات بأمراض القلب و الأمراض السرطانية.

* تعليق مهم علي نسبة الاستهلاك اليومي للحوم الحمراء في البحثين:

اعتبرت الدراستين أن الخطورة تكمن في تناول الفرد لنسبة عالية من اللحوم الحمراء أو اللحوم المصنعة (حوالي 160 جرام يوميا من لحوم البقر أو الخنزير أو الضأن).

و نتائج هذه الدراسة تبدو في ظاهرها مشابهة لما أمرت به الشريعة الإسلامية من البعد عن الإسراف في الطعام و الشراب حيث قال تعالي { وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}الأعراف31. و كان من الممكن أن نستثمر نتائج الدراستين في إثبات الإعجاز قول الله {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ }الأعراف31, كما فعل ذلك العديد من الباحثين في مجال الإعجاز العلمي الذين تسرعوا في الأخذ بظاهر نتائج الدراستين دون تحليل واعي للأرقام أو المعلومات الواردة بهما.

و لكن بالبحث العلمي تبين أن كمية اللحوم التي نصت عليها الدراستين (حوالي 160 جرام يوميا), لا تعتبر خارجة عن الاحتياج اليومي الطبيعي للإنسان كما سوف أبين بالدليل العلمي في هذه الدراسة, و بالتالي فلابد أن الأمراض التي ارتبطت بتناول هذه الكمية من اللحوم نشأت عن عوامل أخري غير عامل الإسراف كما سوف اثبت بإذن الله في هذه الدراسة التحليلية.

* حساب الاحتياجات اليومية للإنسان من البروتين والدهون والطاقة.

حسب توصيات مركز الأبحاث الوطني في أمريكا (NRC) فان متوسط احتياجات الإنسان اليومية العادية من الطاقة والبروتين تقدر كما يلي:

· الاحتياج اليومي من الطاقة: متوسط 2000 ( 3000 –500 ) كيلو كالورى يوميا, علي أن يكون 50% كربوهيدرات, و 35% دهون, ثم نسبة 15% من البروتين.

· البروتين : معدل واحد جرام من البروتين لكل كغم من وزن الجسم

* مثال: شخص متوسط وزنه 65 كيلوجرام يحتاج إلى طاقة يومية: 2500- 2800 كيلو كالورى بالمتوسط, منها 65 جرام بروتين, و تقريبا 70 جرام دهون.

* ينبغي أن نعلم أن اللحم غير المطبوخ لا يحتوى علي بروتين و دهن فقط كما يتصور البعض علي سبيل الخطأ, و إنما يحتوى أشياء أخرى

* لننظر الآن إلي استهلاك 160 جرام يوميا من لحوم البقر والتي اعتبرت نسبة عالية حسب الدراستين الأمريكية و البريطانية ولا بد من تخفيضها حسب التوصيات:

* ينبغي أن نلاحظ أننا نأخذ فقط في الحساب نسبة البروتين أو الدهون في كمية اللحم وليس وزن كمية اللحم الكلية, فإذا عرفنا أن كل 100 جرام من لحم البقر يحتوي 18.54 %دهون, و 27.21 % بروتين, فبالتالي يمكن حساب كمية الدهون و البروتين و الطاقة التي تمدنا بها 160 جرام لحم بقري كالآتي:

أولا: 160 جرام لحم بقر يومي تؤمن للمستهلك بروتين كما يلي:

160 * 27.21% بروتين لكل جرام = 43.54 جرام بروتين صافي وهي أقل من احتياجاته اليومية من البروتين والتي قدرت بحوالي 65 جرام بروتين بالمتوسط.

ثانيا: كمية الطاقة التي نحصل عليها من حرق بروتين ال 160 جرام لحم =

160 جرام لحم * نسبة البروتين لكل جرام ( (27.21% * الطاقة التي نحصل عليها من حرق كل جرام بروتين (4.1 كلوري لكل جرام) = 178.5 كيلو كالورى

ثالثا: 160 جرام لحم بقر يومي تؤمن للمستهلك دهون كما يلي:

160 * 18.54% دهون لكل جرام = 30.59 جرام دهون صافي وهي أقل من احتياجاته اليومية من الدهون والتي قدرت بحوالي 100 جرام دهون بالمتوسط.

رابعا: كمية الطاقة التي نحصل عليها من حرق دهون ال 160 جرام لحم =

160 جرام لحم * نسبة الدهون لكل جرام ( ( 18.54% * الطاقة التي نحصل عليها من حرق كل جرام دهون (9.3 كالوري لكل جرام) = .0275 كيلو كالورى

* بجمع ثانيا و رابعا يكون إجمالي الطاقة التي نحصل عليها من 160 جرام لحم بقري هي 453.5 كيلو كالورى, وهذه الكمية من الطاقة اقل من احتياجاته بكثير!!!

* لذا فكمية 160 جرام من لحم البقر في اليوم ليست بالكمية الكبيرة ولا تشكل خطورة, لا من حيث محتواها من الدهن وكمية الطاقة ولا من حيث البروتين المستهلك.

* المناقشة العلمية لنتائج التجربتين و ذلك من خلال المحاور الآتية:

أولا: النمط الغذائي في عصر النهضة الصناعية في أمريكا وأوروبا

مع بداية عصر النهضة الصناعية في أمريكا وأوروبا, و خروج النساء إلي العمل وتقلص الوقت المتوفر في المنزل بعد ساعات العمل الطويلة والمجهدة, تغيرت السلوكيات المعيشية والغذائية نسبيا, فأصبح هناك ازدياد و إقبال هائل علي المطاعم, و التي للأسف غزت الأسواق الإسلامية العربية, مثل مطاعم البروست والبيتزا والبورغر والوجبات السريعة الجاهزة والمتنوعة. و تفيد آخر الإحصائيات الصادرة في أمريكا ان أكثر من 90% من المبالغ المخصصة للمعيشة والمصروفة على الغذاء يتم إنفاقها على الوجبات الجاهزة والسريعة!!!.

و يا ليت الإنفاق هو المشكلة الوحيدة التي تقابل الإنسان, و لكن الخطورة تكمن في الطرق التي تستخدمها المطاعم في إعداد وطهي الغذاء, و التي تسبب العديد من المشاكل الصحية للإنسان. فمعظم الوجبات السريعة والجاهزة مثل البروست ووجبات ال KFC والبورغر وغيرها ان لم يكن جميعها, تعتمد في طريقة الطهي على الزيوت النباتية التي تتعرض لضغط ودرجات عالية من الحرارة أثناء الطهي مما يحول التركيب الطبيعي لها إلى ما يسمى بالدهون المتحولة وهي ضارة بصحة الإنسان. و يستخدم أيضا أثناء طهي الطعام زبدة المرجرين والسمن النباتي, بما لهما من خطورة شديدة علي صحة الإنسان, كما سوف أبين لاحقا.

و من مراقبة سلوكيات الأكل في أوروبا وأمريكا نجد أن الناس قد اعتادت هناك على أكل اللحوم بمختلف أنواعها بصورة نيئة نسبيا دون أن يتم نضجها أثناء الطهي وبشكل جيد. و حيث أن طريقة الذبح عندهم غير طريقتنا في الذبح الإسلامي, مما يعمل علي بقاء نسبة عالية من الدم في اللحوم, و عدم إنضاج اللحوم بالقدر الكافي يجعل الدم يبقي فيها دون تعرضه للحرارة, مما يعرضنا إلي ما يحويه من مخاطر مرضية.

إذا فهذا النمط الغذائي الخطأ (طريقة الطهي وسلوكيات الأكل) يتسبب عنه عوامل ممرضة متعلقة بالدهون المتحولة السامة والدم وهما سببان كبيران و أساسيان وكافيان أيضا لأمراض القلب والشرايين والضغط وبالتالي ارتفاع نسبة الوفيات.

ثانيا: تعريف الدهون المتحولة (Trans fatty Acids)

تنتج الدهون المتحولة بشكل مبدئي في في طعامنا من خلال تفاعل غاز الهيدروجين مع الزيوت النباتية أثناء الطهي تحت الضغط و درجات الحرارة العالية, مما يساعد علي تحويل التركيب الطبيعي لها إلى ما يسمى بالدهون المتحولة التي تختلف في تركيبها كليا عن التركيب الطبيعي الأصلي لها وهي ضارة بصحة الإنسان بسبب ما تشكله من مخاطر الكولسترول و أمراض القلب ..الخ. و قد وجدت الأبحاث العلمية الحديثة أن الدهون المتحولة هي الأسوء على صحة الإنسان من حيث خطورتها على مستويات الكولسترول وبالتالي أمراض القلب والشرايين. فهي ترفع مستوى الكولسترول العام في الدم حيث ترفع محتوى الدم من الكولسترول السيئ ( LDL ) كما تخفض من مستوى الكولسترول الجيد في الدم ( HDL). ويعتقد أنها كذلك تضاعف احتمالية المخاطرة عند النساء خصوصا, بالإصابة بأمراض الشرايين التاجية بسبب تأثيرها المباشر على مستويات الكولسترول. كما يعتقد بأنها تؤثر سلبا في النظام المناعي الطبيعي في الجسم ضد الأمراض خصوصا ضد مرض السرطان , و يعتقد بأنها تساهم في القضاء على مستقبلات الانسيولين في غشاء الخلايا وتعطل عمله في تنظيم نسبة السكر في الدم حيث تعتبر السبب الرئيسي في مرض السكري Type 2 فترفع من مستوى الإنسيولين والسكر في الدم.

ثالثا: تعريف السمن النباتي وأثره ومخاطره على صحة الإنسان

و لابد لنا في هذا الباب من الإجابة علي الأسئلة التالية:

1. هل الأحماض الدهنية غير المشبعة النباتية بصورتها التركيبية الطبيعية مفيدة للجسم وآمنة وغير ضارة بالصحة؟

2. هل تعريض الأحماض الدهنية غير المشبعة النباتية للحرارة العالية أو الضغط أثناء الطهي أو عند تحويلها لسمن نباتي, يجعلها تتحول إلى مواد ذات طبيعة تركيبية مختلفة عن طبيعتها الأصلية و تنتج مواد ضارة بالصحة ومواد مسرطنة؟

3. هل يمكن الاستغناء عن صناعة السمن النباتي إذا ما ثبتت أضرارها؟

تعتبر الزيوت النباتية ذات المحتوى العالي من الأحماض الدهنية غير المشبعة خصوصا (Unsaturated fatty acids) مثل زيت الذرة والسمسم وزيت جوز الهند بصورتها الطبيعية, الأكثر أمنا لصحة الإنسان فيما يتعلق بالكولسترول طالما أنها لم تتعرض لعملية الهدرجة أو لدرجة حرارة عالية وضغط أثناء الطهي وظلت بعيدة عن عمليات الأكسدة فلا تتحول في طبيعتها التركيبية إلى مواد أخرى مخلفة ورائها ما أسميناه بالدهون المتحولة.

بدأت صناعة السمن النباتي وزبدة المرجرين (Interesterified Fat ) في أمريكا منذ سنة 1950 كبديل جزئي للزيوت النباتية المهدرجة (Hydrogenated Fat ) نظرا لخطورتها بسبب تشكيلها الدهون المتحولة وما تسببه من مخاطر كبيرة على صحة الإنسان.

فالزيوت النباتية بعد أن تهدرج تعامل كيميائيا لكي يعاد ترتيب مستوى جزيئاتها لإنتاج السمن النباتي و زبدة المرجرين. و عند تحويل الزيوت السائلة إلى حالة صلبة كالسمن النباتي وزبدة المرجرين (Interesterified Fat ), فانه يضاف لها حمض الستيرك وبعض العناصر المعدنية, و كذلك يضاف لها بعض الإنزيمات والكيماويات لتعديل البناء الجزيئي للدهون لتظهر بصورة دهون صلبة.

وبالتالي فعملية التصنيع هذه مشابهة لطريقة الهدرجة للزيوت النباتية من حيث إنتاجها لدهون جديدة ومتحولة ومغايرة تماما للطبيعة التركيبية للزيوت النباتية الطبيعية الأصلية ولكن بصورة صلبة كما نرى في السمن النباتي وزبدة المرجرين. ليس هذا فحسب ولكنها تنتج دهون متحولة ذات محتوى عالي من البقايا الكيماوية المضافة عند التصنيع وكذلك الهيكسان ومواد أخرى باقية شديدة الخطورة وتعمل على تدمير الأنسجة والخلايا في الجسم.

هذا ما اكتشفه العلم الحديث من خطورة فائقة على الصحة الإنسانية بعد سنوات طويلة من المكابرة الزائدة للإنسان في محاولته وعمله الدؤوب في التفنن في كيفية تغيير الطبيعة التركيبية لما خلق الله ليواكب ما يسمى بعصر النهضة الصناعية واحتياجاتها.

و قد أكدت نتائج الأبحاث الجديدة أن زبدة المرجرين والسمن النباتي ترفع من مستوى السكر وتثبط إنتاج الانسيولين الطبيعي في البنكرياس, مما يسبب خطورة لمن يعانون من مرض السكري, كما قد يكون من أسباب حدوث إصابات جديدة بمرض السكري عند الأصحاء .

و قد وجدت الأبحاث أيضا أنه بعد استهلاك هذه المواد لفترة أربعة أسابيع فقط يرتفع مستوى السكر في الدم بنسبة %20 وهذه أسوء مما يرى من الدهون المتحولة في الزيوت المهدرجة.

كذلك أثبتت نتائج البحوث تثبيط إنتاج الإنسيولين من البنكرياس بنسبة %10 خلال نفس الفترة. أما بالنسبة للكولسترول فهي كسابقته من الدهون المتحولة فترفع نسبة الكولسترول السيئ وتخفض من نسبة الكولسترول الجيد بأعلى مما تسببه الدهون المتحولة. ولا ننسى ما تسببه من خطورة فائقة على أمراض القلب والشرايين وأمراض السرطان. بالإضافة إلي ما تسببه بقايا العناصر المعدنية (Catalysts ) في المنتج النهائي للدهون المصنعة (Interesterified Fat ) من المعادن المضافة أثناء التصنيع مثل الألومنيوم والنيكل و التي تبنى وتتراكم على الجهاز العصبي ويصعب التخلص منها وتشكل مخاطر عصبية.

و مع التأكد من خطورة السمن النباتي و زبدة المرجرين علي صحة الإنسان, إلا أنه من المستحيل تقريبا إيقاف هذه الصناعة, حيث أصبحت صناعة رائجة في أوروبا وأمريكا تدر أرباحا خيالية على أصحاب المصانع فهل يمكن الاستغناء عنها بهذه السهولة في سبيل الصحة العامة؟ يشكك العلماء في أمريكا وأوروبا لإمكانية حدوث ذلك في المدى المنظور فكيف يمكن الاستغناء عن صناعة تدر الملايين على أصحابها في عصر مادي لا يكترث كثيرا في صحة الإنسان ولا حيز ولا مكان لذلك في تفكير العصر المادي.

رابعا: هل الدهون الحيوانية المشبعة ضارة بصحة الإنسان كما هو شائع

لابد لنا في هذا الباب من الإجابة علي الأسئلة التالية:

1. هل الأحماض الدهنية المشبعة الحيوانية فعلا ضارة بجسم الإنسان و يمكن الاستغناء عنها, أم الحقيقة هي العكس ؟

2. إذا كانت الأحماض الدهنية المشبعة الحيوانية فعلا ضارة بجسم الإنسان, فلماذا خلقها الله في جسم الإنسان, و جعلها بنسبة كبيرة في غذاءه, وهل يخلق الله شيئا في الإنسان و ليس فيه منافع له؟

3. كيف عاش أجدادنا عشرات السنين معتمدين على الدهون الحيوانية و الزبدة والسمن البلدي وكانت بنيتهم قوية ويتمتعون بصحة جيدة؟ مع أنهم لم يعرفوا الزيوت المهدرجة ولا زبدة المرجرين ولا السمن النباتي؟

ظهرت في العام 1977 التوصيات الصحية الحكومية العامة للمستهلكين والتي أشارت إلى ضرورة تخفيض كمية الطاقة المستهلكة و خصوصا الدهون إلى الثلث تجنبا لأمراض الشرايين التاجية, وهذه التوصيات عملت تحولا جذريا في الصناعة الغذائية والتي بدأت العمل على إنتاج أغذية قليلة الدسم واستبدال مصادر الطاقة الدهنية بمصادر الطاقة الكربوهيراتية.

و قد قام معهد الأكاديمية الوطني للطب (The National Academies' Institute of Medicine) بإعادة تقييم هذه التوصيات مرة أخرى في العام 2004 لتشير إلى إمكانية توفير الطاقة من مصادرها المختلفة حسب النسب التالية: ((45% - 65% مواد كربوهيدراتية, و (20% - 35%) دهون, و (10 - 35%) بروتين.

و قد أشار خبراء التغذية إلي أنه لا توجد شواهد تدعو إلي خفض استهلاك الدهون إلى أقل من %30, فلم يثبت أن خفض الدهون إلي أقل من هذه النسبة يمكن أن يمنع السمنة والسكري أو أمراض القلب و الأوعية الدموية. و لا زالت الأبحاث مستمرة منذ صدور التوصيات السابقة لتحديد أهمية وجود أو عدم وجود كمية محدودة من الدهون الحيوانية المشبعة في الإمدادات الغذائية وهل ينطوي ذلك على فوائد صحية أم لا ؟ حيث أن ذلك سيؤدي إلى عملية شاقة ومعقدة في التصنيع الغذائي لإنتاج غذاء يحتوى علي القليل من الدهون المشبعة.

و قد أثيرت هذه الأسئلة في الدورية الأمريكية للتغذية الطبية في العام 2004 ( American Journal of Clinical Nutrition September 2004 80(3):550-559), و جاءت إجابتها لتؤكد علي أهمية الدهون الحيوانية المشبعة للإنسان, و أن تجنب الاستفادة من هذه الدهون قد يعرض الإنسان لمخاطر صحية مترتبة على ذلك. كما انتقد التوصيات السابقة والمتعلقة بتجنب الدهون المشبعة, و قال أنها جاءت كنتيجة لعدم توفر المعلومات العلمية في هذا المجال, و أنه مع تقدم العلم تم اكتشاف دور الدهون المشبعة في تكوين الليبوبروتين (lipoproteins ), و تأثيرها المباشر والهام على حمل جزيئات الكولسترول في الدم.

ولمزيد من المعلومات حول أهمية الليبوبرتينات والفوسفولبيدات في البيض ومعادلته للكولسترول السيئ في الدم يرجي الرجوع لبحثي ( البيض والكولسترول وصحة الإنسان – ما بين الحقيقة و الأسطورة, أو النشرة باللغة الانجليزية (Egg Cholesterol and human health- between fact & Myth ) وعلى أكثر من موقع علمي عالمي.

كما بين بحث علمي آخر للباحثتين ماري انج وسالي فالون بعنوان (The Truth About Saturated Fat), أن البشرية منذ خلقت كانت في غذائها معتمدة على المنتجات الحيوانية المصدر وما احتوت عليه من دهون مشبعة. و أكدت الباحثتين علي ضيق نهج أكثر المحققين العلميين عند دراستهم تأثير استهلاك الدهون المشبعة حيث يركزون علي كيفية إنتاج الجسم لها و علي تأثيرها في رفع مستوى الكوليسترول السيئ LDL في الدم، و زيادة أمراض الشريان التاجي والقلب, و أن هذا النهج الضيق قد ضيع حقيقة فوائد الدهون المشبعة في مجالات أخرى من مجالات الصحة البشرية.

فلو كانت الدهون المشبعة غير ذات فائدة تذكر لصحة الإنسان أو كانت ضارة, لما قامت الغدة الثديية بإنتاج وتخليق الدهون المشبعة وبصورة طبيعية لتؤمن احتياجات الثدييات ومنها الإنسان والحيوانات الثديية, لضمان النمو والعيش واستمرار بقاء نسل الثدييات. ومن هذه الدهون المشبعة والمخلقة في الغدة الثديية نرى (butyric, caproic, caprylic, capric, lauric, myristic, palmitic and stearic acids ).

ويمكن تلخيص أهمية الدهون المشبعة للجسم في النقاط التالية:

· تعتبر الجزء الرئيسي من مكونات ال phospholipids التي تدخل في أغشية الخلايا.

· هي الوقود المفضل للقلب في دعم أنشطته (حوالي 60 % من مصادر الطاقة للقلب).

· تعتبر من مصادر الطاقة المهمة للجسم في دعم أنشطته المختلفة.

· ترفع من مستويات الكولسترول الجيد HDL في الدم.

· تقي من بعض الأمراض السرطانية كما نرى في ال (butyric acid ).

· تعتبر من العوامل المفيدة المضادة للفيروسات كما نري في ال (caprylic acid ).

· تعتبر من العوامل المفيدة المضادة لحمل ونقل الفيروسات في الدم ومضادة للتسوس وللفطريات كما نرى في حمض ال (lauric acid).

· تعتبر من العوامل المخفضة لمستويات الكولسترول في الدم كما نرى ذلك في ال (Palmitic and stearic acid ).

· لها تأثير ايجابي ضد تصلب الشرايين و حدوث الجلطات كما في حمض (stearic acid ).

خامسا: طريقة الذبح وأثرها في صحة الانسان.

تعتبر طريقة الذبح مثالية لصحة الإنسان حينما تكون قادرة على التخلص من كل أو معظم الدم الفاسد من جسم الذبيحة, وكما هو معروف علميا وعالميا فقد ثبت ان طريقة الذبح الإسلامية (الذبح الحلال) هي الطريقة الأقدر على ذلك وهي الأمثل وبشهادة علماء أجانب أقروا بذلك من حيث إمكانية التخلص وتنقية اللحوم من الدم الفاسد من جهة ومن حيث الرأفة والرحمة بالحيوان من جهة أخرى حين الذبح. فمن وظائف الدم انه يقوم بحمل إفرازات الجسم الضارة كي يتخلص منها مع البول أو العرق أو البراز (من خلال الكبد). فإذا كان الحيوان مريضا فإن الميك*روبات تتكاثر عادة في دمه، لأنها تستعمله كوسيلة للانتقال من عضو إلى آخر، كما أن إفرازات الميكروب و سمومه تنتقل عن طريق الدم أيضا، وهنا يكمن الخطر..لأنه إذا تناول الإنس*ان الدم فستنتقل إليه كل هذه الميكروبات وإفرازاتها، وتتسب*ب في أمراض كثيرة مثل ارتفاع البولينا في الدم، مما يهدد بحدوث فشل كلوي أو ارتفاع نسبة الأمونيا في الدم وحدوث غيبوبة كبدية.. وكثير من الجراثيم التي يحملها الدم تحدث في المعدة والأمعاء تهيجا في الأغشية، مما يسبب أمراضا كثيرة. لذا حتم الإسلام الذبح الشرعي الذي يقتضي تصفية دم الحيوان بعد ذبحه, وكذا حرم الله شرب الدم أو دخوله بأي شكل من الأشكال إلى الغذاء الآدمي، وهذا قبل أن يُخترع الميكروسكوب، وقبل أن يعرف الإنس*ان أي شئ عن الجراثيم والميكروبات. و للاستفاضة حول هذه النقطة يرجي مراجعة بحثي السابق عن " الإعجاز العلمي في الذبح الإسلامي وصحة الإنسان", لمعرفة الفوارق بين طريقة الذبح الحلال وطرق الذبح المتبعة في الغرب, و البحث موجود على أكثر من موقع علمي عالمي.

و هذه النتائج هي غاية في الأهمية وقد تشير إلى أن زيادة استهلاك اللحوم الحمراء أو البيضاء قد لا تكون السبب المباشر لارتفاع نسبة الوفيات و الإصابات السرطانية التي أشارت إليهما التجربتان الأمريكية والبريطانية ولكن هو ما ترافق معها من استخدام اللحوم المذبوحة علي غير الطريقة الإسلامية و التي تحتوى علي نسبة كبيرة من الدماء بما لها من أثر سيء معلوم علي صحة الإنسان.

و لمزيد من المعلومات عن الذبح الإسلامي يرجي مراجعة بحث د. جواد (الإعجاز العلمي في التخدير بالذبح و وجوب عدم نخع الذبائح) علي الرابط التالي (https://e3jaz.way2allah.com/modules.php?name=News&file=article&sid=143).

سادسا: الآثار السلبية لمعالجة اللحوم " إشعاعيا" من أجل التعقيم وقتل مسببات الأمراض

لقد أصبح استخدام الإشعاع الوقائي في اللحوم والمنتجات الغذائية شائع الاستعمال على الرغم من معارضة بعض مؤسسات حماية المستهلك خوفا من آثاره المضرة على الصحة الإنسانية.

ففي بحث مثير للاهتمام وجد أن القطط التي غذيت لمدة 3-4 شهور على مصادر لحوم أو أطعمة سبق وخضعت للعلاج بالأشعة قد تعرضت لمرض نادر أدى إلى حدوث خلل وظيفي كبير في الجهاز العصبي شملت أعراضه عدم القدرة على الحركة وفقد في الرؤية وشلل.

جاء ذلك في في تقارير حديثة ظهرت في الدورية الصحية (Health Bulletin News) الصادرة في 30 مارس 2009 , وكذلك في تقرير الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences ) في 2 ابريل 2009.

هذه التقارير والنتائج الحديثة جاءت لترفع الراية الحمراء لتحذير المستهلك من خطر الأطعمة والخضار واللحوم المعرضة للأشعة بهدف التعقيم وقتل أنواع البكتيريا المختلفة مثل الاي كولاي والليستيريا والسلمونيلا والجراثيم الأخرى المتواجدة بها. ويمكن للمستهلك التعرف على الأغذية واللحوم المعالجة إشعاعيا من خلال البحث عن الرمز الدولي للإشعاع على المنتج وهو ( Redura ). و هذه النتائج قد تشير إلى أن زيادة استهلاك اللحوم الحمراء أو البيضاء قد لا تكون السبب المباشر لارتفاع نسبة الوفيات و الإصابات السرطانية التي أشارت إليهما التجربتان الأمريكية والبريطانية ولكن هو ما ترافق معها من استخدام للأشعة كأحد الأسباب.

* الخلاصة النهائية والتوصيات:

ثبت من خلال السرد السابق وتحليل النتائج العلمية أن هناك مفاهيم علمية جديدة قد غيرت المفاهيم السابقة المتعارف عليها في الوسطين العلمي والعام, منها :

· ما يتعلق بالزيوت النباتية المهدرجة وزبدة المرجرين والسمن النباتي وثبت من خلال التحليل العلمي آثارها ومضارها السيئة على صحة الإنسان وحياته.

· ما يتعلق بالمفهوم العام للأحماض الدهنية المشبعة ذات المصدر الحيواني ومدى أهميتها للإنسان وكيف اعتمد عليها الإنسان منذ الخليقة بالفطرة.

· ما يتعلق بطريقة الذبح وأهميتها في التخلص من الدم الفاسد في الذبيحة.

· ما يتعلق باستخدام الأشعة لتعقيم وقتل البكتريا ومسببات الأمراض المختلفة.

لم تستثني نتائج البحثين الأمريكي والبريطاني اللحوم البيضاء من إحداثهما نفس الضرر على الإنسان ولكن بصورة أقل خطرا مما تسببه اللحوم الحمراء, مع العلم بأن اللحوم الحمراء و البيضاء تخضع لنفس طريقة الطهي وسلوكيات الأكل المتبعة في الغرب, و بالتالي فهي تتعرض لنفس المخاطر التي تتعرض لها اللحوم الحمراء أثناء الذبح و التعقيم و التجهيز للأكل, و لكن بنسب متفاوتة, فمثلا كمية الدم الكلية في الطيور اقل بكثير من كميتة في الأبقار وبالتالي فالمتبقي منه بعد الذبح مع اختلاف الطريقة هي حتما كمية أقل وبالتالي فضرره النسبي أقل.

ونضيف إلى ما سبق أعلاه ما تناقلته الأوساط العلمية حديثا من نتائج متعلقة باستخدام الهرمونات ومنشطات النمو في الأعلاف وأثرهما السيئ على الصحة العامة مما يضيف لتحليلنا سببا آخر وهذا الموضوع يطول شرحه علميا وقد يحتاج لبحث وتحليل مكمل لقراءتنا العلمية هذه.

وحينما ندرك حقيقة التغيير الحادث في النمط الغذائي وسلوكيات الأكل في عصر النهضة الصناعية في أمريكا وأوروبا والاعتماد الكبير على الوجبات الغذائية الجاهزة, وحينما يتم الربط بين هذه العوامل سابقة الذكر جميعها ندرك مدى المأساة الحقيقية التي يحياها البشر, حيث أن هذه الأمور المذكورة أعلاه منفردة أو مجتمعة كلها أمور وعوامل ضارة جدا وهي عوامل أساسية لزيادة الوفيات و الإصابات السرطانية وأمراض القلب وتصلب الشرايين وتدمير لخلايا المخ و إحداث خلل وظيفي حاد في الجهاز العصبي في الإنسان.

و عليه فإنني أري أن كمية ال 160 جرام من اللحوم الحمراء التي اعتبرت عالية ولا بد من تخفيضها هي ليست بالكمية الكبيرة التي تتجاوز التوصيات, و أن الأمر قد لا يكون متعلقا باللحوم الحمراء أو البيضاء وكمية الاستهلاك ولكن بما يترافق معهما من الأسباب التي ذكرناها سابقا. لذا فليطمئن المستهلك ولا داعي للقلق الكبير طالما أنه لم يسرف في الطعام أو الشراب, و لم يخالف هدي الإسلام في طريقة الذبح الحلال, أو التلاعب بخلق الله, كالتحويلات الضارة للزيوت النباتية لإنتاج السمن الصناعي, مع الحفاظ علي الطهي الآمن للأطعمة, و تناول الدهون المشبعة الحيوانية بالنسبة الآمنة, و البعد عن الوجبات السريعة بما تحويه من مخاطر عالية كالدهون المتحولة.

* ما هو الحل الأمثل إذا ؟

الحل الأمثل هو في إتباع آداب التغذية في القرآن و السنة علي النحو التالي:

1. أمرنا رب العالمين باختيار الطيب من كل شيء و البعد عن الفاسد, قال تعالي {وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون} 88 المائدة, وفي الربط بين التقوى والأكل من رزق الله دليل واضح على ضرورة الالتزام بمنهج الله، فيما يتعلق بالحصول على الغذاء وتناوله، لما لذلك من تأثير كبير على حياة الإنسان وسلوكه ومعاشه.

2. بين لنا رب العزة أهمية بعض أنواع الأغذية المفيدة في القرآن و السنة, و هي كثيرة و أكتفي بالإشارة إلي اللحم و الدهون الحيوانية, و الزيوت النباتية:

قال تعالي (و أمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون) 22 الطور، وقال " أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون، وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون) 72 يسن, و ذكر ابن ماجة من حديث أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (سيد طعام أه*ل الدنيا وأهل الجنة اللحم)، و كان صلي الله عليه و سلم يحب أكل الثريد و هو مصنوع من اللحم.

أما عن الدهون الحيوانية المشتقة من ألبان الأنعام كالسمن البلدي, فقد عرف عنه صلي الله عليه و سلم في الحديث المتفق عليه (أنه كان يأكل الخبز و السمن), و كذا كان صحابته كعمر بن الخطاب يفعلون ذلك, و النبي صلي الله عليه و سلم ما فعل شيء الا و فيه الخير و لو كان في السمن الحيواني ضرر لما أكله و لنهي عنه.

أما عن أهمية الزيوت النباتية, فقد قال تعالي مشيرا الي أهمية زيت الزيتون {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ }المؤمنون20, و قال صلي الله عليه و سلم (كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة) رواه الترمذي و صححه الألباني. فتناول الزيوت في صورتها الطبيعية أصح و أولى, أما تحويلها إلي سمن نباتي من خلال بعض التفاعلات الكيميائية ففيه تغيير لخلق الله, و كما أثبتنا في هذا البحث أن للسمن النباتي و الدهون المتحولة مخاطر كبيرة علي صحة الإنسان.

3. حرم الله سبحانه وتعالى بعض الأطعمة لضررها .. منها الخمر و منها لحم الخنزير والميتة والدم – فقال تعالي " حرمت عليكم الميتة والدم وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم .. وما ذبح على النصب" 3 المائدة، و قال "إنما الخمر والميسر و الأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " 90 المائدة.

4. كما حرم ربنا علينا الإسراف "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين " وفاتورة الإسراف لابد من دفعها ولو بعد سنوات .. ولمدة سنوات أيضا .

5. وقضية الذبح الحلال قال فيها تعالي " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق ", و لمزيد من المعلومات عن الذبح الإسلامي يرجي مراجعة بحث د. جواد (الإعجاز العلمي في التخدير بالذبح و وجوب عدم نخع الذبائح) علي الرابط التالي (https://e3jaz.way2allah.com/modules.php?name=News&file=article&sid=143).

6. وحذرنا الله سبحانه وتعالى من التلوث وأثره على الطعام والصحة فقال تعالي "والبلد الطيب يخرج نباته بأذن ربه-والذي خبث لا يخرج إلا نكدا "(الاعراف57) .

و في هذه التعاليم السامية و غيرها الكثير مما لم يتسع المقام لذكره النفع العميم, لأنها تجلب له مرضاة الله لالتزامه بسنن الإسلام, كما تجلب له الصحة و العافية و تكفيه العديد من الأمراض التي أصابت العالم الغربي بسبب بعده عن تعاليم الإسلام.

للتواصل مع الكاتب: د. جواد الهدمي (PhD)

دكتوراه علوم الدواجن التطبيقية وأمراضها/ لندن

عضو هيئة علوم الدواجن العالمية WPSA/ لندن – لاهاي(هولندا) - عضو وباحث مشارك/ الجمعية العلمية الطبية – هارفارد (USA) - عضو هيئة علوم اللحوم الأمريكية AMSA/(USA)

البريد الاليكتروني: jawadhidmi@************, [email protected]

امبراطورة الابتسامة September 23, 2010 02:02 AM

رد: اللحوم الحمراء بين نمط الغذاء الإسلامي و النمط الغربي
 
موضوع يستحق القراءة

"فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين"

الله يعطيك العافية

لك تشكراتي واحتراماتي ibtesama12

امال جداي September 23, 2010 09:24 AM

رد: اللحوم الحمراء بين نمط الغذاء الإسلامي و النمط الغربي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امبرآطورة الابتسآمة (المشاركة 1703835)
موضوع يستحق القراءة

"فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين"

الله يعطيك العافية

لك تشكراتي واحتراماتي ibtesama12

شكر على مرورك تاكريم


الساعة الآن 04:49 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر