مجلة الإبتسامة

مجلة الإبتسامة (https://www.ibtesamah.com/)
-   امومة و طفولة (https://www.ibtesamah.com/forumdisplay-f_111.html)
-   -   كيف اقنع ابنائي؟ (https://www.ibtesamah.com/showthread-t_549640.html)

عبد الحميد ابراهيم May 2, 2018 07:51 AM

كيف اقنع ابنائي؟
 
كيف اقنع ابنائي؟


كثير من الاباء يشكون عقوق اولادهم وعدم طاعتهم لهم، واذا ما قاموا بتنفيذ الامر الصادر لهم من والديهم ينفذونه وهم متبرمون غاضبون، يتهمون آباءهم بالظلم والقهر، فكيف يستطيع الوالدان اقناع ابنائهم بما يريدون؟ وان يوجدوا لديهم الدافع لتنفيذ الامر برغبة وحب ودون اجبار واكراه.

1- القدوة

القدوة في التربية هي من انجح الاساليب المؤثرة في اعداد الولد سلبا او ايجابا، فاذا كان المربي صادقا امينا كريما عفيفا، نشأ الولد على الصدق والامانة والعفة والكرم.

واذا كان المربي كاذبا خائنا بخيلا نشأ الولد على الكذب والخيانة والبخل والجبن والنذالة.
لذا وجب على الوالدين ان يتصفا بالصفات التي يريدان غرسها في الابناء، وان يراعيا القواعد السلوكية التي يريدان تنشئة الاولاد عليها، فلا يمكن ان يطلب الوالدان من الولد ان يكون هادئا او متسامحا وهما عصبيان او حقودان، ولا يمكن لهما ان يطلبا من الولد ان يراعي القواعد الصحية في طعامه وشرابه وهما يخالفا كل القواعد.

والولد الذي يسمع من والديه كلمات الكفر والسب والشتيمة من الصعب ان يتعلم حلاوة اللسان، والولد الذي يرى من ابويه القسوة والجفاء من الصعب ان يتعلم الرحمة والمودة، والولد الذي يرى من ابويه الغضب والعصبية من الصعب ان يتعلم الاتزان.

روى الجاحظ ان عقبة بن ابي العاص لما دفع ولده الى المؤدب قال له: ليكن
اول ما تبدأ به اصلاح بني اصلاح نفسك، فان اعينهم معقودة بعينيك، فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبح عندهم ما استقبحت، وعلمهم سير الحكماء واخلاق الادباء وتهددهم بي وادبهم دوني، وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل الدواء حتى يعرف الداء، ولا تتكلف على عذر مني فاني قد اتكلت على كفاية منك.

على الوالدين التركيز على تربية الولد الاكبر وان يبذلا كل مجهودهما معه لان اخوته سيتخذوه قدوة.



2- استخدام القصة في اقناع الاولاد

هذا الاسلوب له تأثيراته النفسية وانطباعاته الذهنية وحججه العقلية، وقد استخدم القرآن القصة على نطاق واسع لانها اسلوب هام لزرع مفاهيم الاعماق في النفوس.
والقصة القرآنية لها ثلاث مهما:

- اثارة التفكير
- اخذ العظة والعبرة
- التسلية



اثارة التفكير

قال تعالى( فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) الاعراف 176

وردت في القرآن الكريم قصص كثيرة تبين السير في خطوات التفكير خطوة خطوة منها تلك القصص التي تتحدث عن المناقشات التي دارت بين الرسل واقوامهم في امور العقيدة ، قال تعالى على لسان فرعون (قال الم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وانت من الكافرين) الشعراء18- 19

فرد عليه موسى عليه السلام، قال تعالى على لسانه( قال فعلتها اذا وانا من الضالين ففرت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين وتلك نعمة تمنها علي ان عبدت بني اسرائيل) الشعراء20-22

رد هليه فرعون، قال تعالى على لسانه( قال فرعون وما رب العالمين)الشعراء 23
رد موسى عليه السلام( قال رب السماوات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين) الشعراء 24
قال تعالى على لسان فرعون(قال لمن حوله الا تستمعون)الشعراء 25
رد موسى عليه(قال ربكم ورب آبائكم الاولين) الشعراء 26
رد فرعون( قال ان رسولكم الذي ارسل اليكم لمجنون) الشعراء 27
رد موسى( قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون) الشعراء 28
رد فرعون(قال لئن اتخذت الها غيري لاجعلنك من المسجونين) الشعراء 29
قال موسى( قال اولو جئتك بشيء مبين) الشعراء 30
قال فرعون( قال فأت به ان كنت من الصادقين) الشعراء 31 الى آخر الحوار.

وهناك الكثير من قصص الانبياء والتي تجد فيها هذا الحوار المثير للتفكير.
ومن التفكير اسلوب حل المشكلات كما في قصة يوسف عليه السلام.
قال تعالى( واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر والفيا سيدها لدا الباب قالت ما جزاء من اراد باهلك سوءا الا ان يسجن او عذاب اليم) يوسف 25

هرب سيدنا يوسف عليه السلام من زوجة العزيز التي تريد منه الزنا ولحقت به، فلما وصلا الباب ومزقت قميصة من ظهرة ، اذا بزوجها على الباب ، فما كان منها الا ان قلبت الحقائق واتهمت يوسف بانه راودها عن نفسها، وطالبت بانزال العقوبة به، فماذا فعل يوسف عليه السلام، فورا دافع عن نفسه ونفى التهمة الموجة اليه، قال تعالى على لسانه( قال هي راودتني عن نفسي) يوسف 26، وكان لا بد من حل المشكلة، فتقدم لحلها رجل من قوم امرأة العزيز، فما الحل الذي اقترحه؟

اقترح ان يفحص القميص لتحديد البقعة الممزقة، فان كانت من الخلف فهو صادق لانه في هذه الحالة هو هرب منها حفاظا على عفته، وان كان التمزيق من الامام فهي صادقة في دعواها وهو المعتدي عليها.
فماذا وجدوا؟ وجدوا ان القميص مزق من الخلف. وهذا هو الحل لهذه المشكة وبهذا ثبتت براءة سيدنا يوسف عليه السلام، واتهمت زوجة العزيز.
وكذلك يدرب الولد على حل المشاكل التي تعترضه في حياته ، وذلك بالاستماع اليه باهتمام لمعرفة المشاكل التي يعاني منها، والتناقش معه على حلها.
حتى عندما يتشاجر الاولاد لا بد من محاورتهم لمعرفة سبب المشكلة وتشجيعهم على حلها بانفسهم.


اخذ العظة والعبرة

قال تعالى( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الالباب) يوسف 111.

والعبرة من عبر اذا فسر، والعابر هو الناظر في الشيء، والمستعبر هو الذي يقيس الشيء على الشيء، وفي التنزيل(فاعتبروا يا اولي الابصار) الحشر 2، أي تدبروا وانظروا فيما نزل بالنضير وقريظة من العذاب، وقيسوا فعالكم الى فعالهم، واتعظوا بالعذاب الذي نزل بهم.
فالقصص الذي ورد في القرآن من اجل ان ينظر الانسان فيها ويتعظ بها بان يعقد مقارنة بين افعاله وافعال شخوص القصة. ويتخذ القرار الصحيح.

ولذا على الآباء ذكر القصص لاودلاهم وحثهم عقد مقارنة بين سلوكهم وسلوك شخوص القصة ليحكم بنفسه على سلوكه.

فمثلا عندما يذكر المربي قصة ابراهيم عليه السلام وامر الله له بذبح ابنه اسماعيل عليه السلام ومسارعتهما في تنفيذ الامر الالهي، فعلى الابناء ان يقيسوا افعالهم الى فعلي ابراهيم واسماعيل عليهما السلام، ويسألون انفسهم : هل يسارعون في تنفيذ الاوامر الالهية مهما كانت شاقة وصعبة ام يتهاونون في ذلك متعللين بان الله غفور رحيم؟

واذا ذكر الاباء قصة يوسف عليه السلام لابنائهم، فعليهم جميعا قياس سلوكهم الى سلوك سيدنا يوسف عليه السلام، ويسألوا انفسهم: هل يقاومون كل الاغراءات التي تدعو الى الحرام؟
هل يحملون الدعوة الى الاسلام ويأمرون بالمعروف وينهو عن المنكر في جميع الاحوال والظروف؟

هل تسامح عن اخيك ولا تحقد عليه ولا تنتقم منه عند القدرة على الانتقام مهما كان حجم الاساءة كبيرا؟
وهل تمتلك القدرة على التخطيط والادارة واتقان العمل؟
ويدخل في معنى العبرة العظة والذكرى، قال تعالى( ولقد انزلنا اليكم آيات مبينات مثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين) النور 34

والموعظة هي تذكير الانسان بعواقب الامور، أي تذكيرك بما يلين قلبه من ثواب وعقاب.
قال ابن سيدة: الموعظة هي تذكيرك للانسان بما يلين قلبه من ثواب وعقاب .
فالموعظة هي التذكير والتخويف،أي الكلام المؤثر في النفس، وهي ان تخاطب مشاعر الانسان عند اعطائه الفكر،بان تخاطب المشاعر الناجمة عن الطاقة الحيوية فيه، مما يساعد على تحويل الفكر الى مفهوم مؤثر بالسلوك، من اجل ذلك استخدمت القصة على نطاق واسع لمعالجة مفاهيم الاعماق.
وخير مثال على ذلك ، مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جاء يطلب منه ان يبيح له الزنا، فخاطب فيه مشاعر الغيرة على عرضه وشرفه، فقال له: اتحب هذا لامك؟ فقال الرجل: لا يا رسول الله، فقال له صلى الله عليه وسلم: وكذلك الناس لا يحبونه لامهاتهم، اتحب هذا لاختك؟ لا يا رسول الله ، وكذلك الناس لا يحبونه لاخواتهم، فظل يعدد له من النساء خاصته، وهو يقول لا يا رسول الله، ثم مسح على صدره ودعا له، فخرج الرجل وهو يكره الزنا بعد ان كان احب شيء له.
وهذا اسلوب القرآن الكريم فبعد ان يبين الحكم الشرعي في قضية ما يخاطب مشاعرهم بذكر الثواب والعقاب والجنة والنار بكافة الوانها من نعيم وعذاب من حيث رسم الصور والاصوات والمشاعر.
خذ مثلا قوله تعالى:
الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما امر الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب، والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة والسيئة.(الرعد 20-22)
بعد ان بين الاحكام الشرعية المطلوبة منهم ، خاطب فكرهم
خاطب مشاعرهم الناتجة عن غرائزهم فقال:
لهم عقبى الدار، جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار.( الرعد 22-24)
ويستطيع الوالدان مخاطبة مشاعر الاولاد عند تكليفهم بالتكاليف، فعندما تحثهم على احترامك وطاعتك حدثهم عن ثواب البار بوالديه المحسن اليهما واستعن بالقصص المأثورة في هذا المجال.
وعندما تطلب منه الصلاة او الصوم، حدثه عن عظيم ثوابهما في الاخرة ورضى الله عنه ورضى والديه عنه ، واهمية ذلك في نجاحه وتوفيقه في حياته.







الساعة الآن 01:38 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر