عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم June 12, 2009, 12:37 AM
 
كيفية وضع خطة لحياتك

كيفية وضع خطة لحياتك في خطوات ثلاث، ونسأل الله تعالى أن تقطع تلك الخطوات بمنتهى النجاح، وتصل إلى ذروة المجد والتميز.
أولًا ضع الخطة السنوية:
بمعنى أن تحدد الأهداف المرحلية التي يمكنك إنجازها خلال سنة واحدة في جميع جوانب رؤيتك، ثم تحدد الإجراءات والخطوات التنفيذية التي يتعين عليك اتخاذها للاقتراب من تحقيق أهدافك المرحلية خلال تلك السنة.
فمثلًا إذا كنت قد انتهيت هذا العام من الحصول على بكالوريوس الطب والجراحة، فإن أول هدف مرحلي لك يكون هو (الحصول على درجة الماجستير في الأمراض الباطنة).
وأول إجراء مرحلي في هذا العام هو التسجيل في إحدى الجامعات لتحضير الماجستير في الأمراض الباطنة، وليكن في جامعة هامبورج مثلاً بألمانيا، وهذا الإجراء قد يتم على خطوتين:
1. مراسلة الجامعة للحصول على الإذن بالتسجيل في درجة الماجستير، ويستلزم أن يكون ذلك قبل بدء الدراسة بدرجة كافية، فليكن مثلًا في شهر مارس، وتاريخ انتهاء هذا الإجراء يكون في شهر مايو.
2. بدء الدراسة في الجامعة وتاريخ البدء هنا قد يكون في شهر أكتوبر، وهكذا.
ولابد أن تتكرر هذه العملية مع بداية كل عام؛ لتضع خطة سنوية لتحديد الإجراءات التي يتطلبها تحقيق أهدافك المرحلية في كل جوانب حياتك، مما يجعلك بفضل الله تقترب عامًا بعد عام من تحقيق رؤيتك ورسالتك.
ويكون إتمام هذه الخطوة عن طريق الجوانب التاليه :-

الجانب الإيماني

الجانب المادي

الجانب الاجتماعي


الجانب التطويري


ثانيًا المتابعة الشهرية لسير الخطة السنوية:
فعليك أن تضع بعد ذلك خطة شهرية للسير في تنفيذ تلك الإجراءات المرحلية التي وضعتها في خطتك السنوية، بحيث تتابع يوميًّا مدى تقدمك نحو هدفك.
ولذلك يحكي الدكتور صلاح صالح الراشد عن براين تريسي أحد أكبر المختصين في التخطيط التسويقي والإنتاجي، وأحد أفراد ملاك شركة نايتنيجيل أند كونانت، فينقل عنه قوله: (أن مجرد كتابة القائمة الأسبوعية لتنفيذ بعض الأشياء يزيد من الإنجاز إلى حد 30%، تصور فقط قائمة تأخذ منك 15 دقيقة تزيد 30% من إنجازاتك).
وفي مثالنا السابق حددنا أن أول إجراء مرحلي هو: مراسلة جامعة هامبورج للتسجيل في درجة الماجستير، فيكون هدف هذا الأسبوع في الجانب المهني:
(1) الاتصال بالسفارة الألمانية لمعرفة عنوان الجامعة.
(2) البحث عن مواقع للجامعة على الإنترنت، ومعرفة كيفية مراسلتها، ونظم الدراسة فيها، والقيام بالتسجيل فيها.
ويكون إتمام هذه الخطوة عن طريق الجوانب التاليه
الإيماني - المادي - الاجتماعي - التطويري


ثالثًا ضع خطة الأسبوع:
فالأسبوع هو الوحدة الأساسية للتخطيط للحياة وليس اليوم، فكما يقول ستيفن كوفي: (إن التخطيط اليومي يعطينا رؤية محدودة ليوم واحد أو لقطة مكبرة مقربة تجعلنا مشغولين بما هو قريب جدًا من أعيننا لدرجة أن الطوارئ تشغلنا عن الأهمية، أما التخطيط الأسبوعي فيقدم لنا المنظور الأوسع والشامل لما نقوم به، إنها تعطينا صورة أوسع تمكننا من أن نرى الجبال بحجمها الحقيقي).
وبالتالي فلابد من جلسة أسبوعية لك مع نفسك تستغرق حوالي ساعتين، وحبذا أن تكون يوم العطلة الأسبوعية، وتضع خلال هذه الجلسة جدول الأسبوع القادم وخطتك فيه لتنفيذ أهدافك.
رابعًا لا تنس ضوابط وضع الخطة:
هناك أمور يمكنك القيام بها عند بداية كل يوم تساعدك على وضع الأمور الهامة أولًا:
1. ميزان النجاح:
ربما كانت المعاناة الشائعة والعميقة التي نواجهها دائما في إدارة الحياة هي المعاناة الصادرة من عدم التوازن؛ فأدوار الحياة متداخلة إلى حد كبير، حيث يؤثر كل دور في الآخر تلقائيًا؛ لأنها معًا تشكل حياتنا، فالحياة كلٌّ لا يمكن تجزئته، ولنا الأسوة في سيدنا سلمان الفارسي t حين قال لأخيه أبي الدرداء t: (إن لنفسك عليك حقًا، ولربك عليك حقًا، ولضيفك عليك حقًا، وإن لأهلك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه)، ولما بلغ ذلك القول رسول الله e قال: ((صدق سلمان)).
ولكن تكمن المشكلة في كثير من الإرساءات السلبية الناتجة عن التربية في بيوتنا ومدارسنا، والتي أورثت عقلية تنظر لهذه الأدوار كلها كأجزاء منفصلة عن بعضها البعض، ففي المدرسة مثلاً ندرس موضوعات منفصلة تتناولها كتب منفصلة، فيحصل أحدنا على تقدير ممتاز في الرياضيات، وجيد في الفيزياء، ولا نرى أن هناك أي علاقة بين المادتين، وبنفس العقلية نرى دورنا في العمل منفصلاً عن دورنا في المنزل، ولا نرى أي صلة بينهما وبين أدوارنا في المجتمع أو في تطوير الذات.
فالمشكلة إذًا في الطريقة التي ننظر بها إلى المشكلة، فلابد أن ندرك أولاً أن مهمتنا ليست الجري ما بين الأدوار في تنازع بينها على ما نملك من وقت وطاقة، وإنما التوازن أن تعمل كل الأدوار متداخلة متزامنة في تناغم يحقق الكل.
2. ذروة التحكم:
يحكى عن أحد صيادي السمك الذي كان يصطاد، وكلما خرجت له سمكة صغيرة احتفظ بها، وفي كل مرة خرجت سمكة كبيرة، ألقى بها في البحر مرة أخرى، فاقترب منه أحد الأشخاص، وسأله وقد غلب عليه الفضول: (هل يمكن أن تشرح لي السر في أنك تلقي بالسمك الكبير مرة أخرى في البحر، وتتحفظ فقط بالسمك الصغير؟)، فرد عليه الصياد قائلًا: (أنا حزين جدًا على هذا الفعل، ولكني مضطر إلى ذلك، ولا توجد أمامي أية طريقة أخرى، حيث أن القدر الذي أطهي في السمك صغير جدًا، ولا أستطيع طهي السمك الكبير فيه لذلك ألقي به إلى الماء مرة أخرى).
قد يمتلك الواحد منا مهارات عديدة، ويحوز أمكانات مديدة، وقد يكون ذا رغبة مشتعلة، وهمة متقدة، ولكن سرعان ما يقف في وجه العقبات، وحتمًا ستقف، وحينها لا يصبح للمهارة معنى، ولا للرغبة مكان، إذا لم يتحل هذا الإنسان بالمرونة الكافية، والتي تجعله يجتاز العقبات، ويقفز فوق الحواجز.
وهناك وهم خاطئ عند الكثير من الناس، الذين يرون أن المرونة ما هي إلا رضوخ للظروف، وأن التصلب والجمود على القرارات أو الآراء حتى لو كانت خاطئة هو قمة الفضيلة، وذروة القوة، وهذا ليس بالصحيح، فكما يقول الدكتور إبراهيم الفقي: (إن المرونة هي التحكم؛ فالشخص الأكثر مرونة في أسلوبه يكون تحكمه في الأشياء أكبر).
ولذا فإن الديناصورات العملاقة التي تفوق الخرتيت في حجمها ووزنها وطولها وقوة جسمها، لم تنفعها كل تلك الإمكانات، ولم يشفع لها تصلبها وفقدانها للمرونة وقوة التكييف مع الواقع، فلم تستطع أن تتأقلم مع التغيرات التي تطرأ على بيئتها، فانقرض الديناصور غير المرن، وبقي الخرتيت المرن.
وحينما تنظر في سيرة النبي r، تجد أنه كان يتمتع بقدر كبير من المرونة، وتجد أثر هذه المرونة واضحًا حين قبل رسول الله r بسهولة تغيير خطة المعركة في غزوة بدر، حينما أشار عليه الحباب بن المنذر t بذلك، وكذلك حينما قبل بفكرة حفر الخندق من سلمان على الرغم أنها كانت خطة جديدة لا تألفها العرب.
بل تأمل في موقف النبي r في صلح الحديبية، فحينما بعث المشركون سهيلًا بن عمرو لمفاوضة النبي r، اقترح علي بن أبي طالب t، أن تفتتح المعاهدة بكلمة: بسم الله الرحمن الرحيم، (وهنا اعترض رئيس الوفد القرشي سهيل بن عمرو قائلا: (لا أعرف الرحمن، اكتب باسمك اللهم)، فضج الصحابة على هذا الاعتراض، ولكن النبي r تمشيًّا مع سياسة الحكمة والمرونة والحلم، قال للكاتب: (اكتب باسمك اللهم)، واستمر في إملاء صيغة المعاهدة هذه)، ولم يتوقف مبعوث قريش عند هذا الحد، إنما رفض أن يكتب محمد رسول الله وأصر أن يكتب محمد بن عبد الله، فوافق النبي r.
ولذا فحتى تتمتع بقدر من المرونة، يجب أن يحوي جدول أعمال اليومية مساحة احتياطية للأمور المفاجئة وغير المتوقعة؛ فقد تسنح لك فرص عديدة خلال اليوم ما كنت لتستطيع استغلالها بدون المرونة.
وختامًا:
اسمح لي أن أعرض لك سريعًا ما مررنا به معًا حتى الآن للتخطيط لحياتك,
ففي البداية أخترت رسالتك في الحياة,
ثم وضعت رؤيتك المرتكزة على رسالتك,
ثم حددت خطة سنوية تسير عليها على مدار العام,
واستخرجت منها خطة شهرية مرحلية تعينك على بلوغ ما تريده خلال العام, ثم وضعت خطة أسبوعية حتى تكون الخطة أكثر دقة, ويكون من السهل مراقبة مدى التزامك بالهدف.
وبعد كل ذلك لا يبقى إلى أهم خطوة لتحقيق أهدافك, وهي أن تكون من الرجال الذين يترجمون الأمال, وتذكر قول الشاعر :

قد شيدوك لأمر لو فطنت له فاربأ لنفسك أن تكون مع الهَملِكيفية وضع خطة لحياتك في خطوات ثلاث، ونسأل الله تعالى أن تقطع تلك الخطوات بمنتهى النجاح، وتصل إلى ذروة المجد والتميز.
رد مع اقتباس