عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم June 5, 2009, 10:59 AM
 
الطريقة الصحيحة في بدء عملك الجديد وترك القديم...

الطريقة الصحيحة في بدء عملك الجديد وترك القديم...


الطريقة الصحيحة في بدء عملك الجديد و ترك القديم

الافتتاح المشرق والاختتام المشرّف



تامي إريكسون


أيامك الأولى عنوانك:
في يوم من الأيام استخدمت موظفاً جديداً كي يساعدني في التخلّص من أكداس الأعمال التي كانت تتراكم أمامي. آنئذٍ، كنت مديرة أكبر قسم في الشركة، و وجدت نفسي مثقلةً بأعباء هائلة من المشكلات البشرية التي لم تترك لي وقتاً للتركيز على دراساتي أو على عملائي.

مباشرةً بعد توقيعه أوراق التوظيف اللازمة مرّ الشاب على مكتبي ليسألني: "ما هي أهم ثلاث قضايا لديك الآن؟"


بداية غريبة... و لكن لا بأس! فلنسر معه كما يريد و لنرتقب. بينت له مصادر صداعي الثلاثة الكبرى بكل ما فيها من تفصيلات ينبغي استيعابها و تعقيداتٍ متشعبة ينبغي تمييزها. و بينما كنت أتحدث كان يدون ملاحظاتٍ سريعة.

عندما انتهيت لم يبدِ أي تعليق و لم يطرح أيّ سؤال و اكتفى بإيماءة موافقة و وداع، ثم خرج.

رائع! هذا ما كان ينقصني -قلت لنفسي- يبدو أن توظيف هذا الشاب المتأنّق كان غلطة كبرى و مضيعة للوقت. إنّ المهمّات المرعبة الثلاث التي افتتحت بها عمله ستدفعه -غالباً- إلى الهرب من هذه الشركة. تنهدت و تابعت التفكير: أهلاً و سهلاً بالهمّ الرابع على القائمة!

مضت الساعات... و قبيل نهاية يوم العمل وجدت المهذّب المتأنّق يقترب من مكتبي و يلقي عبارته التي أذهلتني: "المهمات الثلاث أنجزت، سيدتي. ما الثلاث التالية؟"


أخبرني من أنت و ماذا تصنع و قد أتذكرك

أدهشني بعملك و لا يمكن أن أنساك!



إنني لا أزكّي طريقة ذلك الشاب تزكيةً مطلقة و لا أدّعي أنّها الطريقة المثلى للبدء في وظيفة جديدة –فهي على الأقل تثير بعض الذعر لدى رئيسك الجديد- و لكنني أقول إنّه من ناحية توليد الانطباع، ليس الانطباع الحسن وحسب، بل الانطباع المنقوش نقشاً يخلد أعواماً بعد أعواماً، فإنّ هذا الشاب كان معلّماً حقاً. كان أفضل من مرّوا عليّ، على الإطلاق!

نعم رأيت من يقتربون منه. في أحد الأيام جاءني مديرٌ رفيع المستوى و وضع على مكتبي رزمةً من الوثائق... كانت مسودة اقتراح، وعليها بطاقة أنيقة كتب عليها:
(رأيتُ اهتمامكم بهذا المشروع، وأرجو أن تفيد عملكم فيه مساهمتي هذه -روس-) قارئي العزيز، هل تعرف من هو روس هذا؟


إنّه موظف جديد استخدمته قبل أيام، و يبدو أنّه أخذ زمام المبادرة ليتعرّف على الشخصيات الرئيسية في المشاريع التي ننفذها. ودون أن ينتظر إشارةً منّي، قضى ليالي في إعداد مسودات مفيدة حافلة بالأفكار الجديدة و طرق العمل الممكنة، ثمّ وضع تلك المسودات على مكتب ذلك المدير كهدية مفاجئة. كان الانطباع الذي ولّده رائعاً حقاً.

و على النقيض ممّا سبق رأيت أيضاً كثيرين يفتتحون عملهم بطرقٍ لا تكاد تولّد أي انطباع، ثم رأيتهم ينسحبون بصمت دون أن يشعر بهم أحد مثلما لم يشعر بدخولهم أحد.

و الأسوء من حالة هؤلاء، أولئك الذين لا يتجاوز أقصى إنجازهم جعلَ كل من يراهم يعملون يتعجّب مذهولاً "من تراه وافق على توظيف هؤلاء في هذا المكان؟!"

و أيامك الأخيرة عنوانك الدائم:
و مثل نماذج الدخول إلى العمل الجديد المستهلّة بأسوء الافتتاحيات، رأيت أيضاً كثيرين يختتمون عملهم بأسوء النهايات. إلى الآن، ما أزال أجفل كلما تذكّرت تلك الموظفة التي تركت العمل متجاهلةً لكل ما أبرم بيننا من عهود الاستمرار الصريحة المؤكدة، لتخلّف وراءها مشاريع نصف منجزةٍ يصعب على من بعدها متابعتها، و مواعيد تسليم وشيكة، و مساهماتٍ مجدولة ليس لها من يتابعها. وبعد رمي كل هذه المسائل خلف ظهرها لم تتكلّم إلاّ عن مصلحتها و اهتمامها الملحّ في التقدم و اغتنام الفرص المتاحة لها!

لو أنّها افتتحت رحيلها باقتراح ما يمكنها تقديمه في سبيل التأكد من متابعة القضايا المعلّقة في المشاريع متابعةً صحيحة سلسة، لكانت اكتسبت تقدير زملائها و رؤسائها و إعجابهم بتعقّلها و إنصافها. و أنا واثقة من أنّهم كانوا سيبادرون إلى التعاون معها في التوصّل إلى ترتيبات خروج كريمة و ليس عادلة و حسب.


أخرج بمعروف كما دخلت بمعروف...
على الأقل، لأن باب الخروج من وظيفة هو باب الدخول إلى كلّ ما بعدها:


إن ترك العمل، دون الاهتمام بترتيب الالتزامات السائبة سيؤكّد أنّ الانطباع الأخير و المستمرَ الذي يتركه المرء لدى زملاء العمل السابقين هو انطباع سلبي قاتم. و أكبر غلطةٍ يقع فيها الناس عند ترك وظائفهم هي التركيز على مصالحهم و ترك من وراءهم من البشر معلّقين يعانون ما يعانون.

و أمّا من يحسنون الخروج كما أحسنوا الدخول و يتأكدون من أنّهم سلّموا دفة السفينة لمن يجيد إمساكها قبل مغادرتها، فإنّهم يجعلون من يتركونه يشعر بأنّهم بالرغم من مغادرة الشركة فإنّهم ما يزالون صادقين في رجاء نجاحها و نجاح كل من فيها.

في اقتصاد اليوم، بات التحوّل بين الوظائف و الشركات – طوعاً أو كرهاً- أقرب إلى الناس جميعاً. و إذاً، تذكّر حيثما تنقّلت أنّ الايام والأسابيع القليلة في افتتاح عملك و في نهايته أيام حاسمة. في هذه الأيام يتحدّد اتجاه الصعود أو الهبوط لمسيرة الأشهر أو الأعوام القادمة. و في تشكيل سمعتك يلعب سلوكك في هذه الأيام القليلة الحاسمة دوراً لا يدانيه دور أي مؤثر آخر.

باختصار، فلسفتي الأساسية هي:
في فترتي افتتاح الدخول إلى الوظائف و تمهيد الخروج منها ينبغي أن يكون –أو يبدو- اهتمامك الأكبر منصرفاً إلى مصلحة الشركة وزملاء العمل. في هاتين الفترتين ينبغي أن تكون هاتان العبارتان هما العبارتان اللتان يسمعهما منك الجميع "ماذا تحتاجون؟" "كيف يمكنني أن أساعدكم؟"

ليست أي من الفترتين بالملائمة لتركيز الأضواء على مصالحك و احتياجاتك. إنّهما فترتان للبذل أو ردّ الجميل من جانبك. و سوف يعوّض ذلك عليك أضعافاً مضاعفة في بناء سمعتك الحسنة التي لا تقدّر بثمن.


عزيزي القارئ، ترى ما هي الدروس التي مررت بها أنت في استهلال الوظائف استهلالاً مشرقاً و تركها تركاً جميلاً؟ نرجو أن تشاركنا تجاربك!


شكر لمجلة عالم الابداع
رد مع اقتباس