عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم March 4, 2009, 10:17 PM
 
المعاني الجميلة

أولاً :
لا شئ يؤسف علية إذا انتحرت كل المعاني الجميلة … وأصبحنا نسوق عواطفنا في دروب أعمتها القسوة … والجحود بتنا نأخذ اللون الأسود .. ونلف به أيامنا الخضر .. ما عدنا نعبأ بالانطلاقات الطفولية … والإحساس بمن حولنا إحساس يولد مع الصدق مرة ومرة .. أنت رومانسية محلقة في العالم الذي أفلت شموسه .. كيف أتعايش مع العالمية التي تدعونني لها وأنا أجد خناجر تنغرس في قلبي وروحي من بشاعة هذه العالمية .. كيف وأنا أجد كل شئ أمسى لا شئ .. هنا .. باتوا يجلجلون بالضحكات مع وجع الغير .. ويزمجرون بالأصوات وفي المقابل هناك قلوب خبت أصواتها وأزهق نبضها .. كيف لي أن أقبل مجرد فكرة التعايش بواقعية والفكرة نفسها يمقتها إحساسي لست خيالية أو مبحرة فيه .. أنا أجده حلا وسطاً بين عالمي المملوء وجعاً وحيرة وألماً .. وبين عالم آخر سحقت فيه المعاني الحلوة بأيد جبارة لا ترحم .. ها أنا قد خرجت من عالمهم إلي عالمي تركتهم .. خاصمتهم .. أعلنت عليهم القطيعة .. لم أحصد الراحة والطمأنينة في انعزالي ... وربما هم يعايشون كل الطمأنينة والراحة في بعدي عنهم .

ثانياً :
أحس أني هامشية .. لا أحد يريدني .. وجودي وعدمه واحد .. أتمازج مع الألوان الجميلة لأني تعودت عليها ما عادت تستهويني قزحية التلون … أنا يا سيدتي مثخنة بأوجاع كبيرة .. نداءات الحب باتت تضيق بها القلوب .. تعبت … تعبت … من التحديق في وجوه متجمدة .. ماذا عسي أعطيهم .. كلهم يغرسون نظراتهم كالمسامير .. تخترق قلبي ولا تلوميه فقد تخشب .. تبعثر من واقع كلمتهم وهجومهم .. ولأنني متسامحة وعطوف أجد أن من حولي يدهسونني بأقدام قوية وأظل شامخة بحبي وعطائي … وترمقني عيونهم بالضعف ..!!
عاطفتي الصادقة محاصرة باحتناقات الظروف .. لكنها أبداً ستظل في أضلعي ..

ثالثاً :
يكتمل البرق في عيني .. تزهو النجوم والمطر يتدفق يعلن مقدم زمن الابتسامة أحمل الحلم الأبيض وآتي إليك .. دليني بربك .. على حلول جدوائية ..
نعم متعبة … لا بل مثقلة … وابقي في زمن يخلو من الأفكار والتهميشات والاحلام المجدولة في الغيب .. لا تقولي .. الدنيا حلوة وتريد ابتسامتك إنهم يصادرون هذى المحاولة … الآثمة ؟!!!
يقتلونها .. كلما مددت يداً للقاء والصفاء … يوافوني بحناجر سامة تخترقني … حتى الحوارات جفت سواقيها بيني وبينهم .. كيف أستطيع أواجه الدنيا الصعبة بقلي أبيض .. أمام قلوب كالحة لا تهبني إلا إحباطات .. وسقوط ..
رابعاً :
(( يا صاحبة الصوت المكسور … أقلقني حديثك الموجوع … ثقي يا صغيرتي أنك بالحب .. والعطاء … وقلبك العشبي … لن تهزمي أبداً ..))
ويأخذه انتهاء الطريق إلى منزله الطيني هناك .. مضت ثلاثة عشرة .. هناك رسم أبعاد الأماني .. اصطاد من بحر الطفولة انتماء لهذه المساكن الطينية لهه البقعة المباركة من وطنه العريض .. حدوده هنا تبدأ من القلب ..
يستند "خالد" على الباب الخشبي يضع كتبه على عتبات المنزل .. يفكر كثيرا تدق الأجراس في تكوينه ويلتصق بجسده ثوبه .. هناك في مدرستي علم .. خط عليه "لا اله إلا الله محمد رسول الله " هناك في منزل هيثم وكذا فيصل وأيضا عبد الله .. يرفع رأسه في مدرستي علم وفي منزلي الطيني لا يوجد علم .
يدخل يجتاز خريكة بيته يتعالى صوته العذب .. تتطاير عبارات توسل لامه بأن تخيط له علم يتكلم مع الأشجار .. الممتدة جذورها في بيته .. يصرخ لجذورها الضاربة اليوم سأرفع العلم ..
تستجيب الام الكفيفة .. تخيط علما .. تصفق له النخيل يتمايل مع السعف .. يمطره التمر ترقص له الجذوع .. يراقبها وهي تخيط العلم هنا أمي .. احكمي ذا يا أمي .. ثبتي الخيط هنا يا أمي .. وكأنها تشد كل موضع بقلبه الصغير .. تنتهي و تبدأ ضحكاته الجميلة على مسمع الوطن .. هنا الطين .. هذا الماء .. وهذه العصا وذا رمز بلادي .. وذا الضوء .. " لا اله إلا الله محمد رسول الله " .
يصعد للسطح .. يثبته .. يبحث عن اتجاه الريح ..
يرى أن كل هبة هواء تبعث ملامسة جميلة حنونة بين أطراف العلم وأطراف ثوبه وتسري في جسده تتضائل أمامه عتبات السطح يأخذها اثنتين اثنتين .. ينادي آيا أمي .. يجب أن تفتحي عيونك التي لم ترني .. لتري بها العلم ..
خرج يتعثر بكتبه التي تركها على عتبة منزله .. ينادي .. ينطلق في الشوارع الطينية "هيثم" .."عبد الله" آيا"سعد" .. و"أحمد" .. أقبلوا ؟؟ انظروا إلى علمي .. تجتمع القرية الصغيرة على صرخاته العميقة و يقبل الصغار يتمتمون ثبته جيدا يا خالد .. انه ينيل قليلا إلى الخلف ، يصعد .. يصر على أن يكون شامخا خفاقا لا يميل أبدا .. يتسلق الجدار .. تزل قدمه .. يتماسك كالعلم .. يمسكه بيده .. تنكسر العصا .. يهوي من فوق .. فوق .. تساقط تماسك الحارة الشعبية بجموعها أمام منزل خالد بلون واحد لون يقف إعظاما لحب وولاء الصغير .. لعلم.. تدوي صرخة من عروقه ودموعه و ظحكاته .. وحتى دمه المنثور .. ويموت ..
ويظل جزء مكسور من العلم على السطح .. يهتز سكون القرية .. دموع كثيرة من الام الكفيفة ويظل كل شيء .. بقايا علم .
ضوء..
يا خالد الصغير .. روحك الطاهرة ماتت على الشارع الترابي موتا في خارطة الوطن الكبير .. وأنت بدرة جميلة أرادت العلو .. الشموخ .. فهبطت إلى الموت .. إرادة الله ولا اعتراض .. رحمك الله .. يا نبتة جميلة فارقت حديقة الوطن .. رحمك الله .
رد مع اقتباس