عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم October 23, 2008, 07:33 PM
 
Rose نبضات قلب ميت ( قصة واقعية من حلب )

سأحكي لكم قصة واقعية تحاكي الخيال بغرابته و الحياة بقسوتها و الانسان بظلمه
قصة جعلت من الانسان عظيما في شيئين العدل و الظلم , الحب و الكره , الشوق و النسيان , الصمود و الانقهار , العزة و الذل .
قصة جعلت من بطلتها رمزا لا يفهمها سوى البشر , لا يفقهها سوى البشر , لا تروى سوى البشر .
قصة ابكت الجميع و ابكتنا , و لكنها و لسخرية القدر اسعدت الطغاة منا , اسعدت البلهاء فينا , اسعدت الذليلون بيننا .
قصة تحاكي الواقع و كم تمنيتها لو انها خيال , كم تمنيتها لو انها حدثت في زمن غير ز مني , و مكان غير مكاني , و لشخص غير تلك الفتاة .
جرت احداث القصة في احدى قرى حلب البعيدة , حيث الجهل اعمت الباصرين , و الفقر اذلت قاطنيها
في بيت سكنتها فتاة مع ابيها و امها و اخيها , كانت تدرس على امل ان تنجح و ترفع راس ابيها عاليا و تعز امها بشهادتها و تجاري اخاها في الجامعة .
كانت تجهل و هي فتاة من تلك القرية مدى جهل اهلها , و دناءة نفوسهم , و حقد قلوبهم , و قسوة طباعهم على البنات ( كل بناتهم ) . كانت تجهل ان اهالي القرى لا تسمح للبنات بالدراسة , و لا تفخر بالفتاة الناجحة , و لا تعتز بالفتاة ذات الشهادة .
فالدراسة مضيعة للوقت لفتاة حياتها لا تكتمل اذا لم تتزوج , فالدراسة عيب لا يجب ان تتقربه الفتيات ,
فالدراسة نجس حرم ان يلمس قلوب الفتيات , فالدراسة طعن في الشرف , و ما ابعد الشرف عن ظمائر اولئك الجهلة , فالدين اوصاهم ان لا تخرج الفتاة و تتعلم , و هو الذي ( سبحانه و تعالى ) اولى آياته كانت أقرأ .
المهم اكملت الفتاة دراستها الابتدائية و الاعدادية و الثانوية بفضل الله و هي لا تتدري كيف , و عند صدور النتائج المبشرة بنجاحهها , زفت لاهلها نبأ نجاحها , سعيدة بتفوقها , معتزة بجهدها . نظرت الى الاب فوجدته سعيدا , نظرت الى الام فوجدتها سعيدة , نظرت الى الاخ فوجدته يسألها بنظراته لما فرحك الى هذا الحد يا أختاه ؟
أجابته دون ان يسألها لم لا تفرح معي ؟ لما لا تشاركني سعادتي ؟ يا أخي ؟!!!!!!!!
أجابها : و الان ماذا ؟
سألته : ماذا ؟
نظر الى الاب و سأله ألن تخبرها ؟
أجاب الاب و الفرحة لم تفارق شفتاه : بلا أسمعي يا بنت لقد خطبك مني الاستاذ *** البارحة
و انا وافقت يلا سعادتي بك يا بنيا خطبك لعلمك و ادبك و لانك الفتاة الوحيدة التي لها شهادة بكلوريا .
كانت الصاعقة على رأس الفتاة بل كارثة و اخذت تردد كلام ابيها خطبني و وافقت متى ؟ و كيف ؟
لماذا و لمن ؟
و عندما عادت الى رشدها استجمعت قواها و نفظت قطرات الدمع من على عينيها و قالت لابيها : ابي اريد ان اكمل الدراسة في الجامعة مع أخي
أمي اريد ان اصنع قدري بنفسي لا ان تصنعوها لي , اريد ان ارسم حياتي على و رقي لا اوراقكم
اخي اريد ان اكون انسانا حر لا صورة لانسان
فكان الجواب ان صفعها الاب و شتمها الاخ و بكت عليها الام
تركوها مذلولة في المطبخ في غرفتها مكسورة الجناح , مذلولة النفس و هيهات ان تذل , مجروحة الفؤاد , و لكنها لم تستسلم . بقيت صامدة .
و في اليوم التالي ذهبت الى بيت عمها لعله يساعدها في محنتها , بقيت هناك ظناً منها ان المشكلة ستحل
مرت الايام و الاسابيع دون رد و بعد شهر من الفراق بعث الاب لها رسالة مفادها انه متبري منها ليوم الدين و ان كل من يحويها او يساعدها فستحل عليه اللعنة ايظا .
و هكذا ساند العم اخاه لانه الاقوى , الاولى , الاعدل .................... و طرد الفتاة من البيت
طرد ابنة اخيه لانه شريف , طرد الكلب الذي دنس شرف العائلة .
الى اين ستذهب ............. سألت نفسها
غير نادمة و لكن حزينة على قسوة الاهل , على جهل الاب , و ظلم الاخ , و ضعف الام .
ذهبت الى قرية مجاورة لقريتهم و هناك مكثت في بيت خراب لا يصلح حتى مأوى لكلاب الطرق ان تسكنها , عملت في البيوت و سجلت في الجامعة .
و لسخرية القدر مرة أخرى ( و اكثر ما يسخر القدر منا ) كانت بجوار اخيها في المحاظرات , تراه و يراها , تتدنو منه فيتجاهلها , تنظر اليه فيصدها .
تنظر اليه و هي تريد لو انها تستطيع ظمه و السؤال عن اخبار ابيها و امها و هو ينظر اليها و هو يريد لو ان في استطاعته قتلها و التبري منها .
لم يكن يساعدها في الجامعة فهي في نظره الفتاة داعرة و هو الشريف , فهي الفتاة النجسة و هو الطاهر , و لدنأة نفسه كان يخبر الاب و الام بان اخته تصادق الشباب من كل صنف و لون حتى ان العميد يحاول ان يفصلها من الجامعة لاعمالها المشبوهة .
زاد الحقد في قلب الاب , و الحسرة في قلب الام , ماذا سيفعلان ...............................؟
المهم اكملت الفتاة نجاحها أمام أخفاقات اخيها ليزداد الكره منها و هي لا تدري
كان الكل يعرف قصة الفتاة و انا واحدة منهم , كان الجميع يساعدها في الجامعة و السكن الجامعي
محاولين بذلك التعويض و لو بقليل عن ما لحق بها من اذى و كم بات محاولاتنا بالفشل
في السنة الثالثة اصيبت الفتاة بازمة قلبية بسبب نفسي هذا ما اخبره الاطباء لمشرفي السكن الذين اسعفوها من احدى المحاظرات امام ناظري اخيها , الجميع دعا لها بالشفاء و هو دعا لها بالموت
ظلت صحة الفتاة في تارجح مستمر مابين الحياة و الموت , ما بين الشقاء و النجاة .
حاول المشرفون و الاصدقاء حل الموضوع و مصالحة الاهل و لكن هيهات كيف لهم ان يعترفوا بمجرمة قتلت شرف العائلة , سحقت كبرياء عائلة , باعت دين امة .
في اي عالم هم , من اي عالم هم , سؤال راود كل صديق و مشرف ..................ز
باءت جميع المحاولات بالفشل و بقيت الفتاة اسيرة احزانها , سجينا دموعها , ارادت ان ترى ابيها فأبى , اردات ان تحظن امها فأبت , أرادت ان تشكو لاخيها فابى .
ارادت ان تعود لاهل قريتها فأبوا .
ظلمها الاب و الام و الاخ و الاهل .
و بعد سنة بعد طول عذاب و شقاء جاء الفرج
بعد سنة من الياس و البؤس جاء الفرج
بعد سنة من القهر جاء الفرج
ماتت الفتاة ........................
ماتت بعد ان كتبت قصة الحب و الكره
ماتت و هي تحكي قصة الحياة و الموت
خرج الجميع في جنازتها ............................ و خرج أهلها معنا في عرسهم
دفنت في بقعة بعيدة عن الديار كشجرة نبذتها الغابة , كطير نبذه السماء , كقطرة ماء تبرء منه البحر و هيهات ان يكونوا البحر
حزنا عليها ...........حزن الجميع .................. سكت الاب ......تنهدت الام ........فرح الاخ..........

النهاية
أرجو أن تفهموا القصد من وراء كتابة هذه القصة و تدعوا لها و لروحها الطاهر بالرحمة

Kaffy

التعديل الأخير تم بواسطة kaffy ; October 24, 2008 الساعة 10:25 AM
رد مع اقتباس