عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم August 13, 2008, 05:43 PM
 
كيف انضمت الجزائر المكافحة إلى ''اتفاقيات جنيف''؟

شهادة محمد بجاوي
كيف انضمت الجزائر المكافحة إلى ''اتفاقيات جنيف''؟
دأبت الحكومة الفرنسية على نكران طابع الحرب منذ إعلان الثورة في الفاتح نوفمبر 1954، واستمرت على موقفها
هذا عقودا بعد استقلال الجزائر! ومعنى ذلك إعفاء جيش الاحتلال من احترام قواعد الحرب مع عناصر
جيش التحرير الوطني، كما نصت عليها اتفاقيات جنيف المبرمة في 12 أوت .1949
بناء على ذلك، وجهت تعليمات صارمة لجيش الاحتلال، بقتل أسرى جيش التحرير الوطني باعتبارهم ''خارجين عن القانون''، وبالتالي لا يمكن أن ينطبق عليهم!
وكان الجنرال ماسو يرد على منتقدي تجاوزات جيش الاحتلال تقتيلا وتعذيبا باستهتار قائلا: ''أعلنوا حالة الحرب أولا، ثم طالبونا باحترام قواعدها بعد ذلك''.
وعلى عكس جيش الاحتلال، ''كان جيش التحرير الوطني يحاول جهده احترام قوانين الحرب بدافع من المثل العليا من جهة، والحفاظ على سمعته الدولية من جهة ثانية، وكان يحرص على إبراز ذلك عبر المعاملة الحسنة للأسرى الفرنسيين'' (*).
وتأكيدا لمذهب جيش التحرير في الحرب، بادرت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية أسبوعا بعد تأسيسها في 19 سبتمبر 1958 بإصدار مرسوم، يتضمن الإفراج عن عدد من أسرى الحرب دون قيد أو شرط. وقد استفاد من هذا الإجراء 51 أسيرا خلال عامي 58 و59، أطلق سراحهم بواسطة الصليب الأحمر الدولي.
وإلى جانب ذلك، ساعد جيش التحرير المئات من عناصر اللفيف الأجنبي الفارين من جيش الاحتلال على العودة إلى أوطانهم، وقد بلغ عددهم حتى يوليو 1960 زهاء 3300 جندي.
وفي ربيع ,1958 اقترحت لجنة الصليب الأحمر الدولي على طرفي النزاع الالتزام على الأقل بالمادة الثالثة من اتفاقيات جنيف (المتعلقة بحماية الجرحى والمرضى)، غير أن الجانب الفرنسي رفض ذلك.
وغداة تشكيل الحكومة المؤقتة، سارعت بإخطار اللجنة برغبتها في الانضمام إلى مجموع الاتفاقيات، وليس إلى مادة منها فقط.
وتبلورت هذه الرغبة في دورة المجلس الوطني للثورة الجزائرية المنعقدة بطرابلس في ديسمبر 59 يناير 60 في المصادقة على مبدأ الانضمام إلى اتفاقيات جنيف، مع تكليف الحكومة المؤقتة بالسعي لتجسيد هذا القرار في أحسن الآجال، بهدف إجبار الحكومة الفرنسية على حقوق الإنسان في الحرب الدائرة رحاها منذ أكثر من خمس سنوات.
وقد شهد الفصل الأول من عام 1960 أحداثا جعلت الحكومة الجزائرية تحث الخطى لوضع القرار موضع التنفيذ.
من هذه الأحداث:
إصدار اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقريرا عنيفا، كشف أمام العالم مرة أخرى فظائع الحرب الاستعمارية في الجزائر.
تصريح الرئيس دوغول أثناء ''جولة المطابخ'' الثانية في 7 مارس 1960 ''بأن استفتاء تقرير المصير (الذي أعلنه في 16/09/1959) يستلزم القضاء أولا على جيش وجبهة التحرير''.
وقد كلف عبد الحميد مهري، وزير الشؤون الاجتماعية والثقافية، بوضع ملف الانضمام إلى اتفاقيات جنيف، وقد استعان في ذلك ببعض الخبراء في مقدمتهم محمد بجاوي.
وفي اجتماع الحكومة بطرابلس في أبريل الموالي اتخذ القرار النهائي، بناء على تقرير وزير الشؤون الاجتماعية. وقد تلا ذلك توقيع فرحات عباس رئيس الحكومة على:
المرسوم المتضمن قرار الانضمام وذلك في 6 أبريل.
وثائق المصادقة في 11 أبريل.
(*) طالع نص الشهادة في كتاب ''الدبلوماسية الجزائرية من 1830 إلى ''1962 الصادر عن مركز البحث في الحركة الوطنية والثورة، الجزائر .1998
المصدر محمد عباس
__________________
Helen Keller
I do not want the peace that passeth understanding. I want the understanding which bringeth peace


لا أريد السلام الذي يُمرر الفهم. ولكنني أريد الفهم الذي يجلب السلام.
رد مع اقتباس