الموضوع: بر ابنك ليبرك
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم April 18, 2018, 04:40 PM
 
رد: بر ابنك ليبرك

النمو الاجتماعي

يبدأ الطفل منذ الاشهر الاولى من حياته بالاستجابة للمؤثرات الاجتماعية حوله مثل كلام البالغين وضحكهم معه وتقديمهم الغذاء له وبذلك يكتشف تدريجيا صبغة نشاطهم ومعناه ، وتتخذ استجاباته صبغة اجتماعية.

وقد اثبتت الدراسات ان الطفل في الشهر الاول يستجيب لصوت الانسان ويميز بينه وبين الاصوات الاخرى ، وفي الشهر الثاني يضحك لمن حوله، ويكف عن البكاء ، ويبتسم عند اقتراب امه منه ، وفي الشهر الثالث يكف عن البكاء بمجرد سماعه صوت امه. وفي الشهر السادس يميز تعابير الوجوه التي تنم عن الرضا او التوبيخ او عدم الرضا.

وفي السنة الثانية من عمره يكون الطفل صورة خاصة جدا لعالمه الاجتماعي واصدقائه، واكبر صفة يتصف بها في هذا العمر هي تمركزه حول نفسه ، وهذه الصفة تمنعه من اللعب مع اطفال آخرين بالمعنى الاجتماعي الحقيقي، وانما يلعب بجوارهم.ويتنافس معهم على الدمى وغيرها ، وهو ينسجم بشكل افضل بصحبة شخصين ولكن بين الفينة والاخرى يخطف الالعاب منهم، وغالبا ما ينتهي صراعه معهم بانفجار يعبر عنه بالضرب او بانهمار الدموع.

وحتى تخفف الام من المنافسة بين اطفالها او بين طفلها واي طفل آخر زائر لهم، ينبغي ان تقدم قدرا وافيا من الدمى لكل واحد منهم. وان تكون على اهبة الاستعداد للفصل بينهم حال نشوب أي صراع، ولكن عليها ان لا تتدخل بسرعة ما دام الخلاف بينهم ليس خطيرا ولا يؤذي احدا منهم، وذلك لاتاحة الفرصة لهم لحل مشاكلهم بانفسهم.

وفي هذا السن ينزع الاطفال الى تملك الاشياء بشكل شديد، ويدافعون عما يمتلمون ، فلا يسمحون لغيرهم باستعمال اشيائهم اذا كانوا لا يريدونها في تلك اللحظة.

وعلى الام ان تحاول التأكيد لطفلها ان صديقه لا يريد امتلاك أشيائه وحرمانه منها، وانما هو فقط يريد ان يلعب بها ثم يتركها له، وعليه ان يكون لطيفا مع اصدقائه.وان يسمح لهم باللعب بأشيائه لوقت قصير، كما يمكن له ان يلعب بأشيائهم لوقت قصير ثم عليه ان يتركها لهم.

وهذا يساعد على تخفيف حدة حب التملك لدى الطفل وعدم الطمع في ممتلكات الاخرين.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يولد المرء على الخصال كلها عدا الخيانة والكذب، فكما يوجد حب التملك لدى الطفل ايضا لديه البخل والكرم ولديه الاثرة والايثار وهذه مظاهر لغريزة البقاء عند الانسان، وهذه المظاهر يمكن احلال الواحدة مكان الاخرى، ويمكن تقوية واحدة واضعاف اخرى، او يمكن استخدامها جميعا في مواقف متنوعه، وهذه تتبع مفاهيم الانسان وميوله،وبامكان المربي ان يقلل من صفة البخل الناتجة عن الرغبة في التملك، وان يقوي صفة الكرم، ولكن لا يمكن ابراز هذه الصفة بالقوة ، وانما على الام او المربي ان يساعد الطفل على ابراز هذه الصفة في سلوكه بالممارسة العملية. وبتشيع الطفل على السماح لاصدقائه واخوانه باللعب بالعابه.

على الام ان تتأكد ان الاطفال لا يمكنهم اللعب معا فترة طويلة ، ولكن اذا ترك الطفل على طبيعته ولم يجبر على التخلي عن ممتلكاته فسوف يكتشف متعة ان يشاركه غيره في اللعب، ويزداد التعاون فيما بينهم كلما زارت ثقة الطفل بالاطفال الاخرين، وكلما زادت قدرته على تبادل الافكار معهم عن طريق الكلام.

والطفل في هذه السن لا يعرف مشاعر الاخرين واحساسهم فاذا ما ضرب طفلا وسبب له الما وبكى الطفل الاخر لن يدرك انه السبب في ذلك.

لذا على الام ان تعرفه ما حدث، وما نتج عن اعتدائه على اخيه دون ايقاع عقوبة به، فاذا عض طفلا تقول له امه: اسنانك هي التي سببت له الاذى والالم وهو يبكي بسبب العضة.

ان ما يدفع الطفل لضرب طفل آخر هو اشباع حب الاستطلاع، ولكن قد تكون هناك دوافع اخرى على الام ان تعرفها وتعالجها ، قد يكون سبب عدوانه انه لا ينال دعما كافيا من والديه او قد يغار من اخيه الأصغر، او ان طفلا اكبر منه يعتدي عليه باستمرار وهو لا يستطيع مقاومته، لذا على الام محاولة معرفة الاسباب ومعالجتها اولا بأول.

وفي هذا السن يكون الطفل مقلدا بارعا لاعمال الاخرين، فهو يميل الى تقليد امه في اعمالها، ويصر ان يجلي الصحون معها او يقف بجانب الغسالة ليغسل، وعلى الام ان تحول هذه المساعدة الى لعبة من اجل اشباع رغبته الا اذا كانت في عجلة من امرها او كان عملها خطرا لا يمكنه مساعدتها فتمنعه، لكن في فيما عدا ذلك يجب ان لا تثبط مثل هذه الدوافع بل تعمل على تنميتها واستمرارها.

يكون الطفل سعيدا اذا قام بزيارة مع امه الى منازل الاصحاب والاقارب، خاصة اذا كانوا يسكنون على مقربة منه، فعن طريقهم يستطيع التعلم من الاجيال المتعاقبة العادات المنزلية المختلفة، ويشعر بالاستقرار العاطفي نتيجة ملاحظة الاخرين له بالاساليب السلمية.

واذا زار المنزل ضيوف على الام ان تشرك ابنها معها في استقبال الضيوف والترحيب بهم وتقديم واجبات الضيافة لهم.

عندما يتقدم الطفل في السن ويصبح بين 3-4 سنوات، تقل انانية الطفل ويقل اعتماده على امه مما يدل على احساسه بذاته وشعوره بالامن، وتزداد رغبته باللعب مع الاطفال، ويدرك من خلال لعبه معهم انهم يفكرون بشكل مختلف عما يفكر فيه، وان لكل طفل منهم خصائصه الفرديه التي لا يشاركه فيها غيره، فبعضهم اكثر جاذبية مع اطفال آخرين، ويكتشف ان له خصائص خاصة به تجعله محبوبا من قبل الاخرين وذلك دعم حيوي لاحترامه لذاته. ويتوقف عن منافستهم والنفور منهم ويقترب منهم ويتقبل ان يشاركهم في العابه، ولكن هذه ليست حالة دائمة، ومع ذلك لا يلجأ الى الصراع او البكاء من اجل الحصول على شيء، وانما يطلبه بادب ، فيقل سلوكه العدواني، وتزداد فترات لعبه مع الاطفال ويلجأ الى ايجاد حلول للنزاع القائم بينه وبين الاطفال، وعلى الام ان تشجع هذا النوع من التعاون.

واذا حدث صراع بينه وبين الاطفال عليها ان تساعده في التعبير عن مشاعره وانفعالاته وتحدد له سبب انزعاجه وتبين له انها تفهم مشاعره، ولكن عليها ان توضح له ان الاعتداء على الطفل الاخر ليس طريقة صحيحة للتعبير عن هذه المشاعر.

وعلى الام ان تساعده ان يرى الموقف من وجهة نظر الطفل الاخر وتذكره بمشاعره عندما اعتدى عليه شخص بالضرب او الصراخ عليه، وان تقترح عليه طرقا اخرى لحل النزاعات، وعندما يفهم ان ما فعله خطأ تطلب منه الاعتذار عن خطئه.

واهتمامات الطفل في هذه السن تؤدي الى انخفاض مستوى صراعه مع الاطفال لانه يقضي وقته في اللعب الخيالي الذي يقلد فيه دور الكبار كدور الام او الاب او الغني او الفقير، او القوي او الضعيف مما يساعده في فهم المشاعر المختلفة مثل الحب والكراهية والقسوة والرحمة والتعاطف ، وفهم الافكار المتعلقة بهذه المشاعر.

وفي اللعب الخيالي يبدأ الطفل في تحديد دور الجنس الذي ينتمي اليه ، فالاولاد يتبنون دور الاب او الجد، بينما البنات يتبنون دور الام او الجدة. وفي هذا العمر يتأثر الولد بأبيه واخوته الذكور، بينما تنجذب البنت الى امها واخواتها الاناث.

والولد في هذا السن يكون اكثر عدوانية من البنت، وتكون البنت اكثر ميلا للكلام من الولد، كما تميل البنت الى اللعب بالدمى واستخدام مواد التجميل وارتداء الفساتين وتلميع الاظافر، بينما يميل الولد الى التباهي مثلا بحمل مسدس او بندقية، ويرتدي ازياء الرجال ، وعلى الوالدين تشجيع ذلك واستحسانه ومكافأة الاولاد عليه.

في عمر 4 سنوات يعيش الطفل حياة اجتماعية نشيطة حافلة بالاصدقاء، وقد يتخذ صديقا مفضلا على غيره، وغالبا ما يكون من جنسه.ويقدر قدراته وقدرات زملائه بامانة الى حد كبير، ويقل الشجار بينه وبينهم ليستطيعوا التعبير عما في نفوسهم لغويا، ويحبون من يتفق معهم في الرأي.

كما يستجيب الاطفال للقائد الذي يدير خطتهم، ويمكن ان يتحقق الانسجام بين ثلاثة اطفال بسهولة تبلغ اعمارهم 5 سنوات ، وعلى الام ان تشجعهم على ذلك.فاذا كان الطفل يعيش في بيت لا يوجد فيه اطفال من سنه ، على الام ان ترتب له فترات لعب مع اطفال من سنه كأن تأخذه الى المتنزهات والحدائق العامة، وعلى الام ان تشجع طفلها على دعوة احد اقرانه لزيارة منزله، لان هذا يغذي فيه اعتزازه بنفسه واسرته خاصة اذا رحب افراد اسرته باصدقائه واكرموهم مما يزيد من اهتمام الاطفال به.

ولا يهم الاطفال شكل المنزل ومحتوياته ولا اثر له في ازدياد اهتمامهم بالطفل الذي يزورون منزله.

والاصدقاء في هذه السن لهم تأثير على الطفل في تفكيره ومشاعره وسلوكه، وهو يبذل جهده في تقليدهم.حتى انه يقلدهم في انتهاك المعايير السلوكية التي تربى عليها، لانه يتعلم معايير اخرى غير موجودة في منزله، ويحاول اختبار هذا الاكتشاف الجديد بالقيام بالاعمال التي لم يكن مسموحا له القيام بها، كأن يلبس ملابس او يتناول اطعمه ممنوعه، وعلى الام ان لا تيأس اذا تغيرت علاقة ابنها معها نتيجة اختلاطه باصدقائه، فقد يتعامل معها بفظاظة، وقد يشتمها ويخالف امرها، وعلى الام ان لا تستغرب ذلك، لان ذلك فيه علامة ايجابية على انه يتعلم تحدي السلطة ويختبر حدود التحدي، ولكن ماذا تفعل بهذه الحالة؟

افضل طريقة هي استهجان سلوكه مع مناقشته فيما يعنيه حقيقة او يحس به، وكلما زادت شدة انفعالات الام عند استهجانها لسلوك طفلها كلما زاد استمرارية في سلوكه السيء، لذا على الام ان تواجه مخالفاته بهدوء، دون ان تشجعه على الاستمرار فيها، بل تذمها وتحذره من الاستمرار فيها، والا فانها يتعاقبه على ذلك وتنفذ بالفعل نهديدها له. بان تضعه في مكان ما بعيدا عنها لا يزيد ذلك عن خمس دقائق، وان تمدحه عندما يقلع عن اية مخالفة سلوكية من تلقاء نفسه، وسيأتي شرح ذلك في الحديث عن الاوامر الفعالة والاقصاء.

على الام ان تعلم ان ادراك ابنها لمفاهيم الخير والشر لا يزال ضعيفا، وهو عندما يطيع اوامرها يطيعها لا لانه يدرك صحتها، بل خوفا من العقاب، وهو لا يدرك الفرق بين سلوك سيء تعمده وبين سلوك سيء لم يقصد فعله، وهو بحاجة الى تعلم الفرق .

وحتى يفهم الفرق لا بد ان يدرك انه منفصل عن سلوكه فاذا عاقبته امه على سلوك سيء يجب ان تفهمه انها عاقبته من اجل سلوكه السيء ، وانه تحيه كشخص . واذا تخلى عن سلوكه تبقى تحبه. فبدلا من ان تقول له (انت سيء) تقول له ( ازعاجك لي عمل سيء)، وعندما يقع منه خطأ دون قصد وشعر بالذنب، على امه ان تخفف عنه وتقول له: انت تعرف ان هذا الخطأ لم يكن مقصودا منك...( انك لم تتعمد ان ترتكب هذا العمل الشيء).

وفي الوقت نفسه على الام ان لا تبدو منزعجة من فعله حتى لا يظن ان امه غاضبة عليه بسبب ما صدر منه.

من المهم ان تطلب الام من طفلها اداء مهام يستطيع ان ينجزها بنجاح ثم تثني عليه بعد ان ينتهي بنجاح.حتى يستطيع ان يتحمل مسؤوليات بسيطة، مثل تقديم مساعدة في اعداد المائدة، او تنظيف غرفته.

وعند زيارة المعارف على امه ان تخبره انها تتوقع منه ان يحسن التصرف وعليها ان تهنئه وتمدحه كلما صدر منه سلوك حسن.

في الطفولة المتأخرة

في هذه المرحلة يصبح الطفل قادرا على المشاركة الوجدانية، اذ يشارك الاخرين افراحهم واحزانهم، وهذا يتوقف على فهم الولد وخبراته والتربية الاسرية. ودرجة التعاون او التنافس التي يشجعها المجتمع.

ويستطيع المربي ان يشتغل المشاركة الوجدانية في تكوين الاتجاهات الخلقية والاجتماعية عند الاطفال.

وفي هذه المرحلة يهتم الاطفال بالتنافس حيث يتسابقون على انجاز بعض الاعمال او الاسهام في بعض الفعاليات الفردية او الجماعية للحصول على الدرجات الجيدة والجوائز.

وتختلف درجة المنافسة باختلاف الاطفال والظروف البيئية والتوجيه الذي يتلقونه، وواجب المربي ان يحول المنافسة الى نواح مثمرة حتى يتذوق الطفل لذة النجاح والتفوق وهذه المشاعر تفيده حيث تبعث فيه الحماس والاندفاع في الانتاج.

ومن الامور الاجتماعية البارزة في هذه المرحلة: الصراع والقتال بين الاطفال. وفسرها بعض المربين بانها تفريغ للطاقة، او وسيلة من وسائل توكيد الذات ، لهذا يلجأ الاطفال الذكور خاصة الى تشكيل جماعة يضعون على رأسها زعيما يسنون له دستورا للقتال ويحددون طريقته، ويستطيع المربي ان يوجه هذه الفعالية بتنظيمها في نشاط اجتماعي كالرياضة والرحلات وتعلم فنون القتال والدفاع عن النفس، وربطها بمفهوم الجهاد في سبيل الله لرفع كلمة الله، والقتال دفاعا عن المسلمين ورفع الظلم عنهم.







رد مع اقتباس