عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم March 20, 2018, 03:59 PM
 
مقالة نقدية/مسرحيات ايمان الكبيسي

المسرح وتشكل الوعي الجمعي
عالية طالب
هذا هو المسرح، هكذا قلت لنفسي حين انتهيت من قراءة مسرحية "ايمان الكبيسي" الموسومة " وأد على الشريعة " ، ومسرحية " ترانزيت " في الاولى كانت صوت كل النساء العربيات او نساء الانسانية في بلدان تفتقد المعنى الحقيقي للإنسانية ، صرخة حواء التي يكيل لها المجتمع كل التهم منذ الخليقة الى اليوم والى مستقبل لا نعرف مداه، متهمة لأنها امرأة ، وخانعة لهذه الصفة لكونها تعرف كينونتها التي نمت عبر نساء ولدن من ذات الرحم الذي ما رحب به الرجل حين اخرج انثى لا بد من تضييق الخناق عليها قبل ان تتسبب بعار يلحق بسمعته وعشيرته وقبيلته.
وفي الثانية كانت الانثى " الدمية" هي المرأة التي تجيد مسخ نفسها لترضي رجلا يقف قاب قوسين او ادنى من روحها التي احبته يوما واكتشفت جلادا يعرف كيف يلوح بسوطه اينما تلفتت بعيدا عن صوته الذي يطالبها بالرضوخ دائما.
هذه المرأة هي صورة الواقع الممسرح الذي وقفت "ايمان" في منتصفه لتنزع عن النساء اكذوبة " الانثى" ولتجعل صدق المرأة موجودا في كل المسامات.. بذات المسامات التي نضحت قيحا على مر سنوات بدء الخليقة الى اليوم ، لنصغي جيدا الى صوت الكاتبة التي دربت نسائها جيدا واضاءت لهن دربا لا يعترف بخشبة مسرح تطوقه الجدران بل هو امتد ليشغل مكانا بلا اسيجة ولا سقف ولا اتجاهات مغلقة بافق تمتد اليه الابصار.
المسرح هو الثورة المجتمعية ضد كل اشكال الاستلاب ، وان صمت فأن الامر يعود لخلل جسيم في جسد الثقافة التي عليها دائما احداث التغيير في البرك الساكنة ، وها هي "ايمان" ترمي حجرها الخاص لتبعث في السكون دفق حياة تتجدد عبر صرخات اصوات لا تعرف الاختناق بقدر ما تفتح حنجرة الصمت لمزيد من اصوات العالم المتفرج على سكون الاشباح.
هذا المسرح الذي نحن بحاجة اليه الان ومجتمعنا يعاني من وأد نساء لا حصر لهن وهو يرجمهن على يد من يرتكب كل الخطايا مستترة ومعلنة ، ليست المرأة لوحدها من تعاني اشكالية الوجود بل الرجل ياخذ حيزا مضافا لكنه يغلفه برجولة زائفة ليرضي غرورا اجوفا يقول له ان الذكورة تلتصق بشرف الانوثة فان خرجت من شرنقة الوأد فأن الثلمة ستصيبه بعارها اينما تقادمت عليه الازمان!!
هذا هو المسرح الذي عليه ان يقف بوجه كل السلوكيات والموروثات البالية التي توزع "صكوك غفرانها" على سين او صاد وتنزعها من شريحة وتسبغها على اخرى فقط لتثبت ان هؤلاء يليق بهم العيش واولئك لا يحق لهم
هذا هو مجتمع مسرح ايمان وهو صورة عاكسة لمجتمع لا يحمل جنسية واحدة بل هو صالح لحمل كل جنسيات مدن المسافات القاحلة بانسانيتها الحقيقية.
المسرح الرصين هو صورة الواقع الملتبس بازمات ومفاهيم وسلوكيات ومناهج وتوجهات متعددة ، فأن استطاع ان ينقل كل المسكوت عنه لسبب او لاخر ويجعله على السطح السليم وليس النتوء المتثلم .. هذا السطح الذي نزعت الكبيسي ارديته التي تناوب جمع كبير على رميها على وضوحه ليغطي مساحات الحقيقة ويجعلها لا ترى ما يحصل حقا ، يحق له ان ينتقل من الورق الى خشبة العرض وتتولى المؤسسة المعنية بالوعي تبنيه والاهتمام بتفاصيله وتلك مسؤوليتها الحقيقية والجمالية والتربوية
نساء الكبيسي ينتظرن مسرحا بخشبة مفتوحة يجمعن حولها كل الاصوات لتهتف .. هذا هو المسرح الذي نريد.. بوركت ياايمان .
رد مع اقتباس