عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم January 11, 2015, 08:51 PM
 
Rose ( قصــــــــة ) القلـــــــــب الصغيــــــــــــــر !!!

بسم الله الرحمن الرحيم





( قصــة ) القــلــــب الصغيــــــر !
( القصة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( القصة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
الأرض تغلف ضمن أستارها أفئدة حائرة .. في أحضانها قلوب تحتفظ بأسرارها .. تلك القلوب التي تأخذ أشكالاَ وألواناَ في مسارها تحت قبة السماء .. هي محيرة غير مسيرة في مشيئتها .. درجات في أمزجتها .. ولا تلام في خطواتها إذا شابها الوجد والهيام .. تلك الأمزجة التي تجلب الكثير من علامات السؤال .. والسؤال يكون محيراَ قاتلاَ إذا تعلق بسلوك البراعم .. تلك العملة النقية النادرة .. وهي التي تمثل النعمة والسلامة في متاهات الأرجاء .. وعادة تحتفظ تلك البراعم بأسرارها البريئة في أعماقها الصغيرة .. وهذه قصة محيرة لفرد من براعم الملائكة .. حين تعلق قلب يافع نضر في شراك الحيرة والأسرار .. قلب صغير تواجد بالصدفة في مدار عند حافة الزمن .. ارتباك قدري لذلك القلب الصغير حين أختار قلباَ بمواصفات ومسافات مستحيلة .. والأسرار نمت ونشأت ذات يوم حين تلاقت أعين بعين صغيرة .. كانت لمحة عاجلة متعجلة رمتها شيمة المصادفة العجيبة .. نظرات تلاحقت مقرونة بالحيرة والدهشة العميقة .. والفوارق في المدى والمقدار تفقد المعيار والقياس .. حيث الند للند غير المتكافئ .. فكامل مكتمل يملك القرار ويافعة صغيرة في مهد المشوار .. والمصادفة كانت بريئة غير مسبوقة بمآرب أو مخطط .. مجرد أعين تلاقت وتداخلت إشاراتها وكان للأقدار فيها الرأي .. جرت المعطيات البينية بنهج يفقد السوابق والنوايا .. إلا أنها أبرمت عهداَ وميثاقاَ بين قلبين .. قلب يملك التجارب .. وقلب عفيف كصفحة ماء الغدير لم تعكر .. ليس بينهما سابق معرفة أو لقاء .. والإشارات كانت محيرة بدرجة عالية تحير الألباب .. حيث الوهلة الأولى التي تمكنت من أسر قلب البريئة الصغيرة .. نادرة لا تخطر في عقول تجاري العادة والطبيعة .. حين أحدقت عيونها في عيون بجرأة وتمعن لأول مرة .. ثم شابتها الحيرة في سريرتها الطيبة وقرارها فالتزمت الصمت دون حرف .. قلب صغير وجد نفسه معلقاَ بشوق نحو أستار المجهول .. واصلت النظرة مجبورة دون إرادتها ثم أمسكت على وجل حين أحست بنوع من الغرابة في نفسها .. ومالت بوجهها نحو الثرى وهي تلبس ثوب الحياء .. لكنها لم تتمادى في صمودها طويلاَ .. بل عاودت التحديق من جديد بنظرة جميلة جذابة أخاذة بعيون مثل عيون المها !!.. والنظرة المعادة كانت مقرونة بالتحدي المشوب بالإرباك .. ذلك الإرباك الذي كان يجادل صفحة وجهها دون أن تعني وتقصد .. عجباَ ما الذي يحير تلك الصغيرة ؟! .. وما الذي كان يجري في ساحة عقلها ؟؟ .. وهي تلك الطفلة الصغيرة النابضة البريئة ؟؟ .. وكل الدلائل تلمح بأنها نالت شيئاَ في أعماقها حين أحدقت ونظرت بتعمق !! .. ولأول مرة تراودها أحاسيس غير مسبوقة في قاموس حياتها .. فهي تعترف وتقر في قراره نفسها بأنها تمر بتجربة عجيبة فريدة .. وتسأل نفسها وهي حائرة ما هو ذلك الطارئ المتسلط الذي طغى على عقلها وكيانها ؟؟.. وما هو ذلك الجديد المباغت من الأحاسيس والشعور الذي بدأ يطرق بابها .. ولأول مرة تحس في عمقها بأن أموراَ تسري في بدنها لترجف أوصالها .. وهناك علامات تربك وتحير عقلها وشعورها !! .. وبدأت تتذوق مذاقاَ جديداَ من أسرار الحياة في داخل وجدانها وكيانها !! .. تلك الهواجس التي أجبرتها أن تعيد في ذاكرتها سيرة حياتها ( تلك القصيرة ) .. كانت في الماضي نظرات العيون من الآخرين لا تهمها كثيراَ .. كما أن نظرات عيونها للآخرين كانت عادية لا تترك الآثار في نفسها .. ولكن هنا أختلف الأمر كثيراَ فتلك النظرات والتحديق أوجدت آثارها العميقة .. وطبعت ووشمت صورة غريبة محمودة محبوبة فوق صفحة قلبها الصغير .. عاشت تلك لحظات الحيرة والدهشة ثم أمسكت عن حالة الأضغاث .. وغادرت الساحة دون أن تتبادل حرفاَ واحداَ مع ذلك الغامض الذي أصابها بالنظرات والتحديق .. ذلك المجهول الذي أسر قلبها الصغير في غفلة من الزمن .. ثم تناست الحدث تعمداَ .. وقررت أن تحتفظ لنفسها بتلك المسافات الصارمة المستحيلة .. تلك المسافة التي علمتها النشأة من قبل في عمرها القصير .. غادرت وهي تجهل أسرار ذلك الشخص .. الذي تواجد في ساحة عينها لأول مرة في حياتها .. وهي التي تجهل كل شئ عنه .. وحكمها وقرارها الأخير كان التوقف عند ذاك الحد .. حيث اعتبرت ذلك الحدث قبس من أعمال الشيطان .. وصاحب النظرات إليها هو عاقل مكتمل .. وهو مثله ومثل الآخرين مجرد إنسان ضمن من يتواجدون فوق هذه الأرض .. له حياته الخاصة وله أهدافه وخصوصياته التي تعني شأنه .. فله اسمه ولقبه وأهله وعشيرته .. والأمر في المحصلة لا يخصها لا من قريب ولا من بعيد .. فاعتبرت الحدث أمراَ طارئاَ يستحق النسيان في كل الأحوال .. وهي تلك الطفلة اليافعة الصغيرة التي لا يجوز لها الخوض في تلك التجارب والأسرار .. والسيرة برمتها لا تليق مع عمرها وعصرها الصغير .. أما هو فقد كان حريصاً لبقاَ عندما جرى الحدث صدفة في ذلك اليوم ََ.. فعند تصادم النظرات الأولى لم يتجرأ بالمزيد من الخطوات .. ولم يبادرها بغير تلك النظرة العابرة .. الواشمة إلى الأبد .. والتزم بالمسافة التزاماَ يعني الوقار والحكمة .. وبعد مرور ذلك الحدث العابر مضى الكل في حال سبيله .. ولكن لم تسكت الأقدار عند ذاك الحد .. بل الصدف أوجدت المزيد من مجريات اللقاء الطارئ من حين لآخر .. والتقت تلك العيون مرات بعد مسافات من الأزمان .. وكلها كانت تجري في عجالة سريعة .. في أوقات متباعدة ومسافات التزمت بالخطوط الحمراء .. وعند كل لقاء كانت العيون تكتفي بنظرات متعجلة مضطربة .. ورويداَ رويداَ بدأت تلك النظرات تأخذ نوعاَ من الجرأة في التحديق والإطالة .. فبرغم المسافة والحواجز كانت العيون تتجرأ وتتعمد التحديق والتواصل .. وطوال تلك المراسيم من النظرات والتحديق لم يخرج الحدث عن الإطار بالمزيد من الإقدام .. بل كانت المراسيم تجري دون أية حروف تتداول بين أصحاب العيون .. دون المزيد من الخطوات التي تعني الدعم لإثراء ذلك الرابط المبهم العجيب .. حيث التعلق العميق الغير متكافئ بين قلب عامر وبين قلب صغير بالمعنى البريء .. سر مقدس يدخل في متاهة الغرائب .. فما الذي يغري تلك البرعمة الغضة أن تلتزم بالوفاء لقلب غريب بعيد يملك الفوارق والأبعاد ؟!! .. وهي التي أمامها ساحة الحياة مفروشة كالبساط العجمي .. وحيث المستقبل الزاهر الذي يبسط لها ما تريد من الخيارات !!.. ويمنحها الآمال العريضة ويمنحها الند المتاح في العمر وفي القياس !! .. حتى ولو كان الفارق لم يكن بذلك المهول .. فهو ذاك الشاب المكتمل في مقتبل العمر .. وهي تلك الطفلة اليافعة في بداية المشوار .. والتي تعلقت بحبائله بحكمة تجلب الدهشة .. وقد كانت نابغة حكيمة حين كتمت أسرارها في قلبها الصغير .. وما باحت لأحد بأسرارها َ .. فهي بالفطرة ما زالت خارج السيرة ولم تدخل بعد تلك المرحلة المزعجة في مسار عمرها .
............ ثم مضت الأيام والشهور والسنون في مسار حياتها .. وطوال تلك الفترة التي مضت من عمرها وهي يافعة واصلت نمطاَ مستمراَ من تلك السيرة في النظرة والتحديق .. إذا جادت الصدف بالتواجد معاَ في ساحة من الساحات .. على البعد والمسافات .. وعندما مضت في سنوات عمرها بعد مراحل الطفولة وأصبحت مكتملة لم تتجرأ أيضاَ بخطوة غير النظرة والتحديق .. فالسيرة أخذت بينهما صفة العادة المحببة .. علاقة غريبة ربطت بين قلبين غير متكافئين برباط في حدود الحشمة والأدب .. دون الاجتهاد بالمزيد من عوامل الرباط .. فهناك قوة مجهولة أوجدت سيرة إنسانة يافعة بإنسان مكتمل .. تلك العلاقة التي أكتفت بالنظرات والتحديق دون المزيد من الخطوات .. وطوال تلك السنوات لم تفكر يوماَ أن تعرف اسمه .. أو أن تعرف سيرته وعشيرته .. فبالنسبة لها فالأمر مجرد قدر أحدث حكماَ واكب سيرة حياتها صغيرة وكبيرةَ .. فتركت أمرها للظروف تحت غطاء الأسرار التي تكون عادة لمثيلاتها من البنات .. وكتمت تلك السيرة التي كانت تجيش في نفسها .. وفي النهاية ظنت في داخلها أن الأمر مجرد طيش يقع فيه أمثالها عند مرحلة من مراحل العمر .. فلزمت الصبر طويلاَ والأمل يحدوها أن تنسى السيرة كلياَ ذات يوم .. وهي الآن أصبحت شابة مكتملة ناضجة .. وأهلها يرغبون في تأهيلها إتباعاَ لسنة الحياة .. وذات يوم جاءت إليها أمها تبشرها بأن هناك من تقدم لخطبتها .. وأن القوم يتواجدون عند والدها في صالة الرجال .. تعجبت من الأمر لأن الحدث جرى فجأة دون مقدمات أو تلميحات من قبل .. ولم تفكر لحظة أن الأمور سوف تجري بذلك السياق والنمط السريع في شأن يخص حياتها الخاصة .. فانزعجت كثيراَ واضطربت .. لأنها تجهل كلياَ سيرة المتقدم الجديد إليها .. والذي جاء ليكون شريك حياتها .. في دقائق فقدت التركيز والمقدرة في اتخاذ القرار الذي يعني المصير .. ويعني حياتها القادمة في مشوار مع رفيق الدرب .. فأصبرتها الأم بروية وطمأنتها بأن القرار في النهاية في يدها ومن شأنها .. فتراجعت قليلاَ من هولها ومن فزعها ثم تريثت .. حتى دخل عليها والدها وهو يريد رأيها في الأمر .. والوالد كان بذلك القدر الواعي فحدثها أولاَ بخبر القوم الذين قدموا بشأن الخطوبة .. ثم أعطاها نبذة أولية عن سيرة المتقدم لخطبتها .. وأخيراَ ناولها صورة شخصية للمتقدم الذي يرغب الزواج بها .. فأمسكت الصورة بيدها بعجالة ثم نظرت فيها وهي متلهفة ومتشوقة لمعرفة ذلك المجهول الذي جاء يطلب يدها .. فإذا بتلك المفاجأة الكبرى العجيبة السعيدة .. فالصورة كانت لذلك الإنسان صاحب النظرات والتحديق .. لم تصدق عينها في بادئ الأمر .. فنظرت في الصورة من جديد مرات ومرات وهي في استغراب ودهشة كبير .. ووالدها ينظر إليها في حيرة وتعجب .. وهو يجهل العلامات والإشارات .. ويسأل نفسه ما الذي يجري هناك ؟؟ .. وأخيراَ سألها عن رأيها في قبول أو رفض ذلك الشخص المتقدم إليها .. فإذا هي تلتزم الصمت بحياء شديد ثم تغطي وجهها بكفوف يدها أمام أبيها وأمها .. والصمت هو علامة القبول .. عندها ابتسمت أمها وضمتها في صدرها وهي ترجو لها التوفيق والسعادة الزوجية .. بينما خرج والدها ليبشر القوم بالنبأ السعيد .. وفي صالة الرجال تلقى القوم النبأ بسعادة فائقة .. ثم جرى الاتفاق مع الوالد في تحديد موعد ومراسيم القران والزواج .. وبعد ذلك قرروا مغادرة الدار .. وعندها كانت لديها هواجسها الخاصة .. فركضت للدور الثاني لتقف في الغرفة العليا التي تطل على الباب الخارجي .. وهناك انتظرت بالقرب من الشباك تنظر للخارج من خلف الستار .. وقفت هناك تترقب وهي تريد المزيد من التأكيدات عن شخصية المتقدم .. وفجأة كان هناك ضمن المغادرين للدار يتوسط جماعته . وهو ذلك الإنسان بعينه صاحب النظرات والتحديق .. كان كالقمر المنير يتوسط قومه .. والسر العجيب الذي فات على الجميع أن ذلك المتقدم اللبيب كان يدرك عمق الخواطر في نفسها فنظر خلسة لشباك للدور الثاني .. فرآها تقف هناك خلف الستار .. وهي عندما رأته تنظر لناحيتها أزاحت الستار قليلاَ ثم التقت الأعين كالعادة كما كان يجري منذ زمان .. ولكن هذه المرة التحديق والنظرات كانت مقرونة بدموع الفرحة العارمة السعيدة التي كانت تغطي عيون الساحلين .. تلك العيون التي صبرت في ساحة الفضائل طويلاَ .. وبعد ذلك عادت لغرفتها وهي تبكي بدموع الفرح التي غطت كيانها .. ثم بدأت تسأل نفسها بجدية عن ذلك الإنسان الذي حكم الأقدار أن يكون لها .. ويكون معها في مشوار الحياة .. هل كان يخطط لذلك الأمر منذ طفولتها ؟؟ .. ولماذا تعلق قلبه بها وهي ما زالت يافعة نضرة صغيرة لا تعرف الأسرار .. وهل كان يراقبها خلسة ويتعقب أخبارها وسيرتها .. فكيف عرف أهلها ودارها واسمها من بين أخواتها ؟؟ .. فذلك الإنسان صاحب النظرات والتحديق كان يعلم الكثير عنها .. وكان يحبها كثيراَ بدرجة الجنون .. في الوقت الذي فيه كانت هي تجهل الكثير عنه !! .. ثم تنبهت فجأة وأدركت أنها ما زالت تجهل اسم شريك حياتها .. فهي حتى تلك اللحظة تجهل اسم ذلك الإنسان صاحب النظرات والتحديق .. رفيق العمر والحياة !! .. وفي غمرة الأحداث والمجريات نسيت أن تسأل أباها عن أسمه وأهله !!! . وتلك نادرة تدخل ضمن مجريات الغرائب في هذه القصة ! .

( القصة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
رد مع اقتباس