عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم November 11, 2014, 05:44 PM
 
رجل تعود على الحلال

قال لي :
كنا في بداية السبعينيات ، عندما مر بنا رجل كبير في السن ، و كان دوما يمر بجوار منزلنا في ذهابه و ايابه ، دعوناه إلى وجبة كانت أمامنا ، لم يبخل علينا ، جلس و أكل ، و لما حاول أن نهض ، دعوناه كعادتنا في السودان للطعام ثانية .
( يا عمي صلي علي النبي ) و هي عبارة مألوفة عندما يهم إنسان بالتوقف عن الأكل ، لأنه قد شبعه ، و لكننا نصر على أن يستزيد من طعاما ، و لكن هذا الرجل فاجأنا جميعا بالبكاء ، و كان بكاءا حارا ، عجزنا عن اسكاته ، و تأسفنا غاية الأسف لتلك العبارة التي نطقناها .
و تمر السنوات ، إذا بذاك الرجل يمنعه الكبر ، و سنوات العمر عن الحركة ، فقد تجاوز عمره المئة عام ، فقال له احفاده : نحن قد حددنا لك أحمد هذا لرعايتك ، و خدمتك ، و خصصنا لك بقرة للبن ،
فقال لهم : بارك الله فيكم يا أبنائي ، و لكن ارجو منكم أن تربطوا هذه البقرة عندي في المنزل ، و تأتوا لها بعلفها .
فقالوا له : حبا و كرامة ، إنك لم تطلب مستحيلا ، و هذا حقك علينا .
فما زالوا كذلك ، حتى أتى يوما و قطعت البقرة حبلها ، و نطلقت ، في حين غفلة من أحمد ، و خرج أحمد سريعا ورائها ، فلم يستطع اللحاق بها إلا بالمزارع ، و الحقول القريبة من القرية . فرجع بها و لم يخبر جده بذلك .
و في المساء حلب أحمد البقرة ، و ناول جده اللبن ، فاستفرغه الجد ، فسأل حفيده :
هل قطعت البقرة اليوم حبلها ؟
فلم يخبره بالحقيقة ، و حاول ، أن يكذب عليه .
فقال له الجد :
يا ولدي الليلة اللبن ابى يقعد في بطني ما لو ؟
ففهم الحفيد ، فقال له و الله يا جدي قطعت ، و لحقت بها في زرع ناس ابوي محمد ود التوم .
فتبسم الجد ، و قال له يا أبني ، إذا قظعت ثانية ، فلا تحلبها لي ، و لكن وزع لبنها على الأطفال ، و أسأل العفو من أهل الزرع ، فهم لا يغرموك في القندول ، و الثلاثة ، و لكن لا يحل لنا أكله . فتصدق لهم به ، عسى أن ينفعهم ، و يغفر الله لنا ، و لهم .
رد مع اقتباس