عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم March 12, 2014, 03:36 PM
 
قصة والد شادي بها عبر وعظة للاطفال

دار هذا الحوار بين شادي ووالده:
الأب: لابد لك يا شادي أن تكون صادقًا في حديثك.

شادي: لماذا يا أبي؟
الأب: لأن الذي يصدق يحبه الله تعالى، ولابد للمسلم أن يكون صادقًا في حديثه، فالكذب صفة ذميمة.
شادي: معنى ذلك أن الذي يكذب يدخل النار.
الأب: نعم، فالنبي صلى الله عليه وسلم، حذر من صفة الكذب، وذكر أنها من صفات المنافق.
شادي: إنني سألتزم الصدق بعد ذلك أبدًا.
وبينما شادي يُكلم والده، إذا بجرس الهاتف يرن.
الأب: قم بالرد على الهاتف يا شادي.
شادي: حسنًا يا أبي.
ما زال جرس الهاتف يرن حتى جاء شادي ورد على الهاتف....
شادي: السلام عليكم.
المتصل: وعليكم السلام.
شادي: من معي؟
المتصل: معك الأستاذ سامي صديق والدك، أأنت شادي؟
شادي: نعم، أهلًا بك يا عماه؟
المتصل: أهلًا يا شادي، هل والدك عندك؟
شادي: نعم، لحظات معي سأذهب وأخبره حتى يأتي ويكلمك يا عماه.
ذهب شادي ليخبر والده بالمتصل.
الأب: من على الهاتف؟
شادي: إنه الأستاذ سامي صديقك.
الأب: اذهب وقل له أنني خارج المنزل.
شادي: أأكذب عليه؟
الأب: نعم، اذهب وأخبره بما أمرتك به، فلا أريد أن أكلمه الآن.
شادي: حسنًا....
ذهب شادي وأخبر الأستاذ سامي أن أباه خارج المنزل، وأخبره الأستاذ سامي أنه سيتصل به في وقت لاحق، وبعدها ذهب شادي إلى حلقة تحفيظ القرآن في المسجد المجاور لبيته، فهو يحفظ القرآن مع أصدقائه مع الشيخ محمد إمام المسجد.
الشيخ محمد: أهلًا شادي، كيف حالك اليوم؟
شادي: بخير يا شيخ محمد، والحمد لله.
الشيخ محمد: أريدك اليوم أن تُسمِّع من غير أخطاء.
شادي: بإذن الله يا شيخ محمد، ولكن أريدك في أمر بعد أن ننهي التسميع.
وبعد أن أنهى الأطفال تسميعهم، ذهب شادي إلى الشيخ محمد، ليحدثه بالأمر الذي يريده.
شادي: لقد حدث اليوم موقف غريب يا شيخ محمد.
الشيخ محمد: ماذا حدث؟
شادي: لقد كان والدي يُحدثني عن أهمية الصدق، وأن الكذب من صفات المنافقين، ثم جاء اتصال من أحد أصدقائه، وأمرني والدي أن أخبر المتصل بأنه خارج المنزل، فماذا أفعل يا شيخ؟
الشيخ محمد: هل قلت له شيئًا؟
شادي: لا، لأني أخاف أن يضربني.
الشيخ محمد: إنك إن تكلمت معه بأدب، لاشك أنه سيقدر ذلك.
شادي: أنت ترى ذلك يا شيخي؟
الشيخ محمد: نعم، اذهب وتكلم معه عن الأمر الذي حدث، ولا تنسى أن تكون مؤدبًا وأنت تكلمه.
شادي: حسنًا، ألقاك يا شيخنا على الخير، السلام عليكم.
الشيخ محمد: وعليكم السلام.
رجع شادي إلى بيته، واستأذن والده ليكلمه في أمر من الأمور.
شادي: أبي، أريدك أن أحدثك بأمر رأيته.
الأب: تفضل.
شادي: لطالما رأيت فيك القدوة الحسنة، فإني أحبك كثيرًا لأنك دائمًا تحثني على الخير، ولكني أحببت أن أسألك عن أمر رأيته منك اليوم؟
الأب: ما هو؟
شادي: عندما أمرتني أن أخبر الأستاذ سامي أنك خارج المنزل، وقبلها كنت تأمرني بالصدق، فلماذا أمرتني أن أكذب عليه؟
الأب: إن جئت للحق، لقد جلست مع نفسي بعد هذا الموقف وأحسست أن أخطأت، وكنتُ سأخبرك بهذا الأمر عندما ترجع من حفظ القرآن، فما فعلته معك كان خطئًا ولن يتكرر بعد ذلك.
شادي: لا عليك يا والدي، فها أنت تقدم لي نموذج المسلم في الاعتراف بالخطأ، فأنت أحسنت والد رأيته في حياتي.
الأب: وأنت أحسن ابن حريص على مصلحة والده.
وقام شادي بتقبيل يد والده، وعلى الفور احتضن الأب ولده وقبَّل رأسه.
الأفعال أولًا:
إن المتأمل في كتاب الله تعالى، سيجد أن الله تعالى قد أمر بأهمية القدوة، فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2-3]،أي (لم تقولون الخير وتحثون عليه، وربما تمدحتم به وأنتم لا تفعلونه، وتنهون عن الشر وربما نزهتم أنفسكم عنه، وأنتم متلوثون به ومتصفون به.
فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة؟ أم من أكبر المقت عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل؟ ولهذا ينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس إليه مبادرة، وللناهي عن الشر أن يكون أبعد الناس منه، قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44]، وقال شعيب عليه الصلاة والسلام لقومه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88]) [تفسير السعدي، (1/858)].
الأسوة الحسنة:
لاشك أن من أهم الأشياء تأثيرًا في الأولاد القدوة الحسنة، فالأسرة هي المنبع الأول الذي يشرب منه الطفل القيم والعادات والتقاليد، فالابن يريد في صغره أن يكون تحت راية تحميه ويفتخر بها (فيحس الطفل بالحاجة إلى الانضواء تحت راية كائن مرموق، فيتجه إلى الاقتداء بالوالدين أو الإخوة أو المعلمين أو الأصدقاء، ثم يتحول الاقتداء إلى عملية فكرية يمتزج فيها الوعي والانتماء بالمحاكاة والاعتزاز، ويظل محتاجاً إلى القدوة في كل مراحل حياته) [أصول التربية الإسلامية، عبد الرحمن النحلاوي، ص (257)].
(فالاقتداء من أعظم عوامل الإصلاح إضافة إلى أنه يشبع الحاجة الغريزية المذكورة آنفًا؛ لأن الطفل لديه قدرة عجيبة على المحاكاة بوعي أو بغير وعي) [منهج التربية الإسلامية، محمد قطب، ص (353)].
وكلما كبر الطفل تعدد الأشخاص الذين ينالون إعجابه ويقتدي بهم كالرفقة والمعلم والجار، (وقد تكون بيئة الطفل واسعة، فيها الجد والجدة واللذين يؤثران في سلوك الطفل لعلاقتهما الحميمة به، كما أن وجود الخدم والمربيات واهتمامهم بالطفل يجعله مقتدياً بهم، يقتبس من سلوكهم حسب محبته لهم واختلاطه بهم) [دور البيت المسلم في تربية الطفل المسلم، خالد الشنتوت، ص (42-43)].
الدواء الشافي:
إن القدوة الحسنة للأولاد هي خير دواء للأبناء لكي يتربوا على الصلاح والتقوى، (القدوة في التربية هي من أنجع الوسائل المؤثرة في إعداد الولد خُلقياً ، وتكوينه نفسياً واجتماعياً ، ذلك لأن المربي هو المثل الأعلى في نظر الطفل ، والأسوة الصالحة في عين الولد ، يقلده سلوكياً ويحاكيه خلقياً من حيث يشعر أو لا يشعر ، بل تنطبع في نفسه وإحساسه صورته القولية والفعلية والحسية والمعنوية من حيث يدري أو لا يدري) [عبد الله ناصح علوان، تربية الأولاد في الإسلام، (2/607)].
فمثل القدوة مثل البناء الذي له قواعد يبنى عليها، فالقدوة هي (أول ركائز هذه التربية وأُسها التي لا غنى لها عنه (القدوة الحسنة) بأن يكون الأب قدوة حسنة في سلوكه وأقواله وأعماله كلها أمام أبناءه قبل كل شيء، فقبل أن يربيهم على التخلق بالخلق الحسن، يجب عليه أن يتصف هو بمكارم الأخلاق، وهذا هو حال قدوتنا الأول عليه الصلاة والسلام، فإنه كان إذا أمر بشيء عمل به أولاً ثم تأسى به الناس من بعده، وهذا بلا شك أقوى وأوقع في النفس) [الآباء مدرسة الأبناء، فهد محمد الحميزي، ص(6)].
فارس القدوات:
أول هؤلاء الفرسان القدوة الأول محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد كان المثل الأعلى للسلف الصالح رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما، وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل صلى الله عليه وسلم فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله عز وجل: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما) [صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (3774)].
وكان صلى الله عليه وسلم، إذا أراد تعليم أحد شيئًا كان يعلمه بالتربية العملية لا النظرية، (فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف الطهور؟ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء في أناء فغسل كفيه ثلاثاً ، ثم غسل وجهه ثلاثاً ، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ، ثم مسح برأسه، فأدخل إصبعيه السباحتين –أي: السبابتين- في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً ثم قال: هكذا الوضوء ،فمن زاد أو نقص فقد أساء وظلم ، أو ظلم وأساء) [صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (135)].
ماذا بعد الكلام؟
ـ احرص إذا أردت أن تغرس خُلقًا في طفلك أن تطبقه على نفسك أولًا، ويراك تفعله أمامه.
ـ احذر من أن تقول ما لا تفعل، وإذا أمرت ابنك بشيء وأتيت عكسه، عليك أن تكون مثل والد شادي، فتعترف بخطئك وتبين له ذلك.
المصادر:
· الآباء مدرسة الأبناء، فهد محمد الحميزي.
· عبد الله ناصح علوان، تربية الأولاد في الإسلام.
· دور البيت المسلم في تربية الطفل المسلم، خالد الشنتوت.
· أصول التربية الإسلامية، عبد الرحمن النحلاوي.
· منهج التربية الإسلامية، سيد قطب.
· تفسير السعدي.
رد مع اقتباس