الموضوع: كيف نقرأ؟
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم December 17, 2013, 11:16 PM
 
كيف نقرأ؟

'كيف نقرأ'!

في إحدى القرى ...

طرَق "ساعي البريد" الباب، خرج الأبُ، فسلَّمهُ الساعي رسالةً، وقال: إنَّها لابنتـك!

لم يكن الأب يعرفُ القراءة، وبدأ الفأرُ يلعب بِعبه ـ كما يقال في العامية ـ، مِن أين أتت الرسالة؟ وهل تكون البنت ...؟! وما مضمونها؟ خرج مسرعاً إلى الطريق لعلَّه يجد مَن يقرأ له الرسالة لتطمئنَّ نفسُه.

وجد مُعلمةَ المدرسة في الطريق، فقال هذا هو المطلوب، أتقرئين لي هذه الرسالة التي وصلت لابنتي؟ سأل الأبُ ... بالطبع، أجابت المعلمةُ، فضَّت الرسالةَ وبدأت بالقراءة ... قرأت له رسالةَ غزلٍ موجهةً لابنته من أحدهم! حَمل الأبُ الرسالةَ ومضى غاضباً، في الطريق لقي ابنَ صاحبِ البيت الذي يسكن فيه، فطلب منه أن يقرأ له الرسالة، يريد أن يتأكد!

فقرأ الشاب، فإذا هي رجاءٌ من صاحب البيت للبنت أن تُذكِّر أباها بضرورة دفعِ أُجرة البيت المُتراكمة عليه، عارضاً لها سوءَ الأحوال، وضيقَ ذات اليد! ما هذا أصبح عندنا قراءتان لرسالةٍ واحدة! صاحَ الأبُ، فما هي حقيقة الرسالة؟! لا بدُّ من ثالث ليُبيِّنَ لي ما في الرسالة.

فإذا بأحد الشباب الذي ينتظرُ فرصتَه للعمل أو السفر، أعطاهُ الرسالة بعد أن شرحَ له الحال، قرأ الشاب، فتحدَّث عن صعوبة العيش في القرية، وقِـلِّة فُرص العمل، وأنَّ من يُهاجر يجد فرصته في بلاد الخواجات ! شـدَّ الرجلُ شعرَ رأسه، وصرخ: ولكن، أين هي الحقيقة؟! فلم يسمع إلاَّ صدى صوته، مع ضحكات من حوله من قُـرَّاء الرسالة !! لقد رأى كلُّ منهم في الرسالة ما يُحبُّ أن يرى، وما في نفسه، لا ما هو موجود فيها فعلاً ! لقد انعكست آمـالُ كلٍّ منهم، ورغباته، وطبائعه على الرسالة فلم يعُـد يرى غيرها ! وهكذا ضاعت الحقيقة بين هذه الآمال والرغبات والطبائع .
رد مع اقتباس