بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه ، اما بعد (ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله ) . ان كنت من الذين لم يصلوا في حياتهم ولم يدخلوا المسجد اطلاقا ، وكنت من الغافلين عن الطاعات ، وكنت من مرتكبي جميع انواع الفواحش وكنت من الذين بلغت ذنوبهم عنان السماء وزبد البحر ، واتيت ربك بقراب الارض خطايا .

آن لك ان تصطلح مع ربك وتعود تائبا نادما مستغفرا . فالحياة قصيرة جدا وستلاقي ربك بعد ذلك فيحاسبك على ما فعلت في حياتك ، ولكنك اذا رجعت وتبت اليه صادقا ، فوالذي رفع السماء بغير عمد وبسط الارض على ماء جمد ليغفرن الله لك وقد يبدل سيئاتك حسنات ويدخلك الجنة بغير حساب . الم تسمعوا قوله تعالى ( يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا ) لا اله الا الله رب غفور غفار غافر الذنب وقابل التوب عفو كريم رحمان رحيم رؤوف ودود يغمر عباده بمحبته ورحمته وعنايته ورعايته ورزقه ونعمه ومننه الا يستحق من عباده الحمد والشكر والطاعة والعمل بما امر وترك ما نهى عنه وزجر وكل ذلك لصالح عباده فلا طاعتنا تنفعه ولا معصيتنا تضره .



من منن الله علينا ان سمح لنا بالوقوف خمسة مرات بين يديه . نسأله من خيري الدنيا والآخرة ، وعلمنا بالصلاة كيف نسأله وكيف نطلب منه وكيف نناجيه . وان سورة الفاتحة التي نرددها في جميع الصلوات هي اعظم سور القرآن . قال رسول الله لاحد اصحابه ، سأعلمك سورة ما انزل في القرآن ولا في الانجيل ولا في التوراة افضل منها ، الا وهي سورة الفاتحة .

اسهب العلماء والمفسرون بشرح هذه السورة العظيمة ، وحق لهم ذلك ، فانها السورة الكاملة الوافية الحاوية لجميع محتويات القرآن ولكن باختصار لذلك لن يتمكن الناس من استحضار جميع معانيها خلال وقت الصلاة القصير ، وبناء عليه ، فقد اتيت ادلي بدلوي لعلي ابسط الامور واختصر قدر الامكان لتوجيه المصلي كيف يتفكر ويتمعن بكل كلمة من كلمات هذه السورة العظيمة اثناء الصلاة .



نبدأ الصلاة بالتكبير ( الله اكبر ) اي ان الله اكبر من كل شيء كبرا مطلقا لا يقارن به شيء ولا يشابهه شيء . هو كل شيء وما سواه لا شيء . هو القوي القادر الجبار المتكبر الخالق البارىء المتصرف بخلقه كما يشاء ولا يسئل عما يفعل وهم يسئلون . بهذا الشعور بين يدي من تقف وجب عليك نسيان الدنيا وما فيها والتوجه بعقلك وقلبك الى الواحد الاحد الفرد الصمد.



ثم نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ونقول ( اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) اي انك تقر وتعترف بضعفك وعجزك عن مقاومة الشيطان الرجيم . نستعيذ ونستعين ونستجير بالله ونطلب منه ان ينصرك عليه ويصرفه عنك . ان الشيطان يجري من بني آدم مجرى الدم . واشد ما يوسوس الشيطان لابن آدم وقت الصلاة . كلنا نحس بذلك اذ يحاول ان يجعلك تفكر بكل امور الدنيا ليفسد عليك صلاتك ولا طاقة لنا به الا بعون الله وقوته . نعوذ بالله من شره ونفثه ووسوسته ونعوذ بك ربي ان يحضرون ( اللهم اصرف عني وسوسته في صلاتي ).



اي ان الله واسع الرحمة ، شملت رحمته جميع خلقه ، وشديد الرحمة وخاصة بالمؤمنين .قال تعالى ( وكان بالمؤمنين رحيما ) نقول ، اللهم اجعلنا منهم ... نفتتح قرآننا بالبسملة كما نفتتح جميع اقوالنا واعمالنا الهامة تيمنا وطلبا لتوفيق فيها كما يحب الله ويرضى .


الحمد ، هو الشكر لله على وجه التعظيم والتبجيل ولا يجوز الا لله . اللهم انت رب كل شيء ومالك كل شيء والقادر على كل شيء . غمرتني بنعمك ومننك وافضالك . ( اللهم زدني حمدا وشكرا لك كما تحب وترضى ).



تقول : اللهم اغفر لي بمغفرتك وارحمني برحمتك لاني مهما حمدتك وشكرتك فلن اوفيك حق نعمة من نعمك ولا منه من مننك.



نستشعر اهوال ومصائب وعذاب ذلك اليوم ، حيث تدنو الشمس من الرؤوس ولا ظل الا لمن اظله الله بظله . نقول : اللهم نجنا من عذاب ذلك اليوم واحشرنا تحت لواء حبيبك المصطفى فيه .



اي نعبدك ولا نعبد احدا سواك ونعود بك من الشرك الخفي ، كأن نعبد المال او الزعيم او المنجمين .. الخ . فانا عبدك وابن عبدك وابن امتك ناصيتي بيدك ولا حول ولا قوة الا بحولك وقوتك . لذلك ، استعين بك ولا استعين باحد سواك في كل صغيرة او كبيرة من امور الدين او الدنيا . انت فقط الضار بيدك مقاليد الامور وانت على كل شيء قدير.



اللهم اني ضال الا ان هديتني . اللهم اهدنا واستهد بنا وزدنا هداية واجعلنا سببا لمن اهتدى . اللهم اهدني الى كل ما تحبه وترضاه واصرفني عن كل ما يغضبك يا ارحم الراحمين .



اللهم كما انعمت على عبادك الصالحين بالهداية الى صراطك المستقيم اهدني كذلك وزدني من نعمك ومننك الى ما تحبه وترضاه.



ان اي صراط غير صراطك يؤدي الى الضلال والى غضبك . اللهم ابعدني عن اي صراط غير صراطك واعصمني بعصمتك وابعدني عن معصيتك وزدني بفضلك الى كل ما تحبه وترضاه الى يوم القاك وانت راض عني يا ارحم الراحمين .

واخيرا اقول انه مهما طال العمر فان الحياة قصيرة ولا بد من النهاية فكيف بي وقد بلغت من الكبر عتيا ولا اعلم فقد يأتيني الموت بين ليلة او ضحاها ولا ينفعني عندها الا ما قدمت لنفسي من عمل او قول صالح فسارعوا عباد الله الى اغتنام ما بقي من حياتكم بطاعة رب العالمين ، واستغفروا الله وتوبوا اليه فان الله يفرح بتوبة عبده اكثر من اعرابي وجد ناقته في الصحراء بعد ان اضاعها وكاد يموت جوعا وعطشا .

هذا جهد المستطيع اقدمه لكم عسى ان اكون قد وفقت الى ما اردت تبيانه |، وارجو منكم آذانا صاغية وتطبيقا عمليا لما قلت في صلاتكم . لا تسرعوا في الصلاة . تفكروا وتمعنوا بكل كلمة تنطقون بها ولتكن صلاتكم مناجاة وتضرعا بين يدي رب العالمين . وفقني الله واياكم الى كل ما يحبه ويرضاه .

__________________
سلام الحاج
كاتبة واعلامية وعاملة اجتماعية من لبنان
صاحبة العديد من المؤلفات في الصحة والحياة
متأهلة من الدكتور محمد علي الموسوي