الموضوع: أبواب تونس
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم October 22, 2007, 10:23 PM
 
Icon1 أبواب تونس

أبواب تونس


للبلدان أبوابها، و للمدن أبوابها، وللبيوت أبوابها، وللكتب أبوابها، وللنفوس أبوابها، وللشخصية أبوابها، كما للجنة وللنار أبوابهما أيضاً. وفي المحصلة لا تدخل بلدا أو مدينة أو بيتا أو نفسا إلا من أبوابها المعلنة. وفي الأحاديث والسنة \" لا تدخلوا البيوت إلا من أبوابها\" والبيت بمعناه الشامل هو العش والهناء الأولى. هو التكوين الرحمي الذي يحتوي نوى الماضي والحاضر والمستقبل، هو جدل المكان وتكوينه المعلن_ المبهم، فيه تنمو أحاسيس المرء وتتشكل شخصيته ومكوناته وفيه يتطلع الكائن منه وإلى العالم لذا فهو ذلك البناء المكاني _ الروحي وذلك العالم الصغير _ الكبير الذي يمكن أن يكون كونا حاويا على سديمات مختلفة. ولأنه يواجه العالم، العالم الذي يحيطه والعالم الذي خارجة فهو منتم لذاته، قار بما هو فيه، متطلع للسعة ومتجدد بالموجود فيه، وعندما يجعل سكنته من كل أجزائه جزء من هويتهم، يوطنونه ذواتهم، ويحمّلونه تطلعاتهم وأسرارهم وأشياءهم ، عندئذ يكون الباب الذي يطل على الخارج حارسا وحاميا لهذه الأسرار، ووجها معلنا للخارج لكل لوجوه ساكنيه، ولما كان كذلك، وطنه الفنان والنجار شيئا من أسرار مهنته، وشيئا من أسرار ساكنيه.
في الرموز يكون الباب مفتاحا وقفلاً للبيت، ولا يفتح، الباب وقفله من الخارج إلا بمفتاح يدوي واحد داخلا فيه. في حين يفتح من الداخل بفعل خارج منه. لذا فالباب ذكر وأنثى، مفتاح وقفل، هوية لكل ساكني البيت نساء ورجالا. يحمي من في داخل البيت من خارج مبهم. وعلامة يستدل بها من في الخارج على بعض من هوية داخله. ولأنه كذلك أصبحت الرسوم والنقوش التي توضع عليه لافتة مواجهة للخارج، وجزء معلناً من ثقافة ورغبات وتطلعات أصحابه، تحمل أرثهم وهويتهم ورؤيتهم المستقبلية. بعض هذه الهوية تتلاءم ومنطق الجماعة التي ينتمي إليها صاحب البيت، والبعض الآخر تتلاءم ومنطق الفنان والنجار، فإذا كانت إسلامية حملت نقوشا إسلامية، وإذا كانت معاصرة ولبرالية حملت زخارف حديثة، وإذا كانت غير ذلك حملت تجديدات في التصميم وفي التخريم. ولأن التعدد سمة جماعية، تعددت مواد الأبواب وهويتها وصناعاتها. كما تعدد أغراض البيت نفسه. فقد أكتسب البيت في المفهوم الإسلامي، إضافة إلى السكن، صفة الجامع، وفي عصور الإسلام الأولى كان يصلى جماعة في البيت. قبل أن يصار إلى بناء المسجد.ويطلق على المسجد الحرام بيت الله. لذا فأبواب البيوت تحمل دلالة البيوت ورموزها.
لا توضع الأبواب إلا إذا كان هناك داخل وخارج. داخل خاص مسكون ومحدد، وخارج عام مطلق الحرية..وفي الفلسفة والنقد جُعِلتْ العتبةُ التي هي لا داخل فيها ولا خارج، فاصلا معرفيا بين موقعين. الخارج، والداخل وقد أقيم عليها الباب. وقيل في الميثولوجيا الشعبية لمن يدخل بيتا لا تتجاوز عتبة الباب، إلا بعد أن تقول بسم الله الرحمن الرحيم . معتقدين أن الملائكة تسكن في العتبة، بين عالم الدخل الخاص ، وعالم الخارج العام. وكأن الملائكة تحرس هذا من هذا... وقد درست فكرة العتبة في نقد النصوص الشعرية عند السياب فوجدت أن ما يتعلق بقضايا العالم ومشكلات المجتمعات يطلق عليه الخارج- خارج البيت-،فكانت قصائد مثل المغرب العربي- جميلة بوحيرد-الأسلحة والأطفال- ..ألخ وما يتعلق بمشكلات الوطن والأسرة والمحيط الذي تعيش فيه الشخصية قصد به الداخل- داخل البيت-. منها فجر السلام وحفار القبور والمومس العمياء وأنشودة المطر، في حين تكون العتبة خاصة بالذات والجسد والأنا. منها جيكور وجيكور أمي والمعبد الغريق والنهر والموت وغيرها. فهي فاصل بين عالم خارجي كبير، وعالم داخلي كبير. في مثل هذا الإطار التكويني، يتحول الباب إلى قيمة بحد ذاته، لا يدل على هويته فقط كجزء معلن من هوية صاحب البيت – كوحدة من أجزاء البيت يحمل أسم مالك الدار-، بل ويصبح هوية بحد ذاته. عندما تزين أجزاؤه ، وتعلم بعلامات فنية دالة.

2
[COLOR=red]أبواب تونس

تونس مدينة منفتحة معاصرة، كمدينة استنبول ودمشق. فيها من ألق الروح ما يجعل سماءها مثل أرضها ونفوس أبنائها، خضراء مفرحة، وبيضاء مضيئة.. وأول ما يلفت النظر فيهما هو أبواب بيوتهما، وجوامعها، و محلاته. زخرفة وتكوينا وبناءً، ففيها من لغة معلنة ما تنبئ عن أسرار محتجبة. وعندما تمعن النظر- في تركيبة المدينة الشرقية الطراز- أوربية البناء، تجد أن الأبواب فيها جمع بين ثقافتين، ثقافة شرقية قديمة ،متمثلة بطرز الأبواب ونقوشها، الشطران والقوس والارتفاع والضخامة من أسس شكلها- وثقافة أوربية حديثة متمثلة بمواد البناء، وبهيكلية التكوين العام. أن هذه دالة على بنية خفية – معلنة عن ثبات وتحول المجتمعات.. وكأن البناء كله ملخص في الأبواب. - في استنبول، حيث كنت أحط رحالي في بداية صيف كل عام أتياً إليها من بغداد بالسيارة، ثم ننطلق إلى أوربا مختصرين الطريق من خلال بقاءنا في استنبول مدة أطول، ومن هناك كان بحر مرمرا يودعنا إلى البحر الأبيض المتوسط، ومنهما إلى الجزر الإحدى عشرة. في رحلة يوم كامل ترى فيها البحر المجزأ، والبحر الناتئ بجزره، والبحر المطاعم، والبحر الجنس، والبحر النورس، والبحر المجهول، ذلك الذي يعيد عليك حكايات وتراجيديا وحروب اليونان القديمة وتراثها وثقافتها، كما يعيد عليك في كل لحظة قصة وجوده الأزلي. وفي لحظات اقتراب السفينة من جدران الجزر المطلة على البحر تجد البيوت متدلية على البحر كعناقيد التمر في نخل بلادي، تصافح مسنات الماء، ورؤى المسافرين وتمد إليهم أيديها محناة بماء الروح. ومنها تواجهك أبوابها الملونة المزخرفة، وكأنها آتية إلينا من حكايات شهرزاد التركية – اليونانية ، والوثنية – المسيحية – الإسلامية. تلك التي توارثت أبواب دجلة في حكايات شهرزاد، وأبواب أثينا في حرب طروادة وأبواب الدولة العثمانية في سعتها الشرقية – الغربية ، من شمال أفريقيا حتى الشرق العربي. ، أبواب استنبول البحرية حكايات لم تكتمل، ما تزال تقص في كل ليلة حكاياتها على السواح والزوار وحوريات البحر، وعلى دجلة تواصل شهرزاد قص حكاياتها كل ليلة على شريار معاصر لتكشف عن مدينة جديدة بناسها وزمنها ومكانها الذي لم تعرفه- كل البشر الموجودين فيها من جنس آدم، ولكنهم يعيشون كما أرادتهم الحكاية أن يعيشوا، في عالم أرضي، غير عالمنا الذي نعيش فيه.،وبعادات غير عاداتنا ، وبتقاليد يمكن احتذاؤها ، وبطريقة شعرية تجعل فن السرد يلبس لباسا معاصراً-.
نبهني ونحن نركب سفينة صغيرة تقترب بين حين وآخر من جدران الجزر التركية سائح أوربي إلى القيمة الفنية التي تحتويها أبواب البيوت في هذه الجزر.، وكان ذلك عام 1976 عندما قال: نحن في الغرب لا نملك نقوشا مثل هذه ولكننا نملك أبوابا لقلاع كبيرة، قلاع القرن الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر تلك التي كانت تقترن بالقمع والمنع والجريمة فلخلفها كانت النفوس المتمردة والوجوه التي صنعت تاريخ أوربا. في استنبول نأتي والقول للسائح الأوربي إلى البلد القريب منا والكيفية التي كان الإسلام عليها. وفي لحظات تشبه الوجد يلتقط السائح صورا لزخرفة على باب أو جدار أتى إليها وهو يعرفها، واتى إليها وهو على دراية بقيمتها، ومن يومها بدأت أتنبه لتلك النقوش التي تطل علينا مبتسمة عبر التاريخ، ومتوجه إلينا بما تحمله من أرث الخطاطين والنجارين والفنانين والملونين والحرفيين، أبواب لا تعرف ما خلفها ولكنها تدلك على أنها تحجب الأقمار والشموس والنفوس المتألقة المختزنة لحكايات لم تر النور بعد-
في تونس ترى شبيها لذلك التاريخ، إن لم يكن أعرق منه وأدق تفاصيل، فالصور تحجب عنك ما خلف الأبواب من أسرار ومكونات، بل لا تريك حركة إلا اليد على خشب لم يبل، وعلى خشب اختير بدقة، وعلى واجهات بيوت تملك أسوارها. وأنت معلق ما بين سماء الروح، وأفق المكان، يمكنك أن تعيد تكوين التاريخ مجددا دون أن تخسرك أو تجبرك المعلومات. وأمامك باب فقط، يدلك ويتوهك، يقرأ معك تفاصيل المكان ويزرع فيك الجهل ، لا تطمئن إلى أنك قد وصلت إلى بغيتك عندما تعاشر بابا بالرؤية أو باللمس، أو حتى بقراءة تفاصيله بالكاميرا، فثمت مجهول ما يقبع دائما في الذي ترى وفي خلف ما تراى.

3


ثمت خمسة أشكال رئيسة لأبواب تونس.
الشكل الأول هو الأبواب المقوسة من الأعلى ، وغالبا ما تكون مواجهة للشارع. ليس أمامها فسحة ولها تكوين خاص هو أنها بمقدمة مقوسة أيضا. وقد تصعد بدرجات إليها كما لو كانت تستقبلك من بعيد. ميزة هذه الأبواب أنها تحتوي على باب ثانوي فيها، لا تفتح كلها بل جزء منها، كما في الصورة رقم (1). ويسمونه التونسيون " الخوخة" ( ومما يذكر عنه أن أول من استحدثه أميرة إسبانية اقترنت بعبد العزيز موسى بن نصير والي الأندلس ولم يقنعها تواضعه مع رعاياه فابتغت من هذه الباب الصغيرة إرغام كل داخل على الوالي على الانحناء) في حين أن الباب حاليا وفي الوقت الحاضر كله من شطرين كبيرين، وخصصت هذه الفتحة فيه لمرور الأشخاص وبعض الحاجات ولا يفتح الباب كله أو شطر منه إلا وفق حجم وهوية الداخل إليه. وغالبا ما تكون هذه الباب الكبيرة مقدمة لمجاز – ممر – طويل يفصل البيت الداخلي عن العالم الخارجي. وفي بيوت بغداد القديمة الكثير من هذا التكوين للباب الخارجي.
الشكل الثاني من أبواب تونس تكون مستطيلة ولكنها أقل شأنا من سابقتها، لقصر قامتها، وتكون للبيوت الشعبية، وغالبا ما تصعد إليها بدرجات من الشارع العام أو الفرعي. وتتألف من شطرين كبيرين، ومرسوم عليها باب ملون ، مقوس لتوحي أنها بشكلين مختلفين. فاللون فيها هو الذي يوحي بذلك شكل رقم (2). ويوحي هذا الباب بأنه لبيت شعبي وتكوينه العادي جعل فيه فسحة لأن يزين بغير أن تكون الزينة دالة إلا على تنويع بصري.
الشكل الثالث أبواب مستطيلة، وبشطرين كبيرين أيضاً ولكن دون فتحات كبيرة فيها، وأعلاها غير مقوس، و تحمل فوقها نافذة صغيرة مستطيلة- وباللون نفسه.مشكلة رأسا للباب الذي يتحول عند الرؤية إلى إنسان يستقبلك. الصورة رقم (3). في هذا الباب يكتسب الباب صفة رجولية، لا يرفض ولا يستقبل إلا متى ما كان هناك تصور بالتكافؤ بين القادم والمستقبل.
الشكل الرابع أبواب كبيرة مقوسة، أو مستطيلة، يتقدمها تقويس من الحجر، وتفتح فيها نوافذ صغيرة لرؤية القادم ، وتكون مقدمتها واسعة وممتدة إلى أمام، وكأنها تعلن عن ترحيبها بالقادم إليها قبل وصوله. الصورة رقم (4). تشعر في هذا النموذج أنها باب لبيت، فيه من خصوصية الحنو والمحافظة الشيء الذي لا يتعدى به إلى وظيفة أخرى.
الشكل الخامس لأبواب تونس، باب كبيرة، عالية وعريضة، مقوسة ومواجهة للشارع، فيها باب ثانية للدخول وللرؤية، ولها شطران كبيران. وكأنها تعلن بحضورها البارز عن هيبة ومكانة صاحبها. ثقلها هو في تكوينها الحاضر بصريا.، فالأشكال الكبيرة تعطي هاجسا بالقوة والمنعة كما لو إن شخصا يعلن عن حضوره الدائم أمام الناس، خاصة إذا كانت أعلى من القامة، ويلاحظ أن المصور قد تعمد وقوف الفتاة كي يوضح ضخامة الباب. وغالبا ما تكون مباشرة مع الشارع. ميزتها هي أنها هوية بحد ذاتها الصورة رقم (5).


4
في إطار الفنية التي احتوتها أبواب تونس، نجد ثلاثة نماذج من الزخرفة الفنية واللونية - في الأقل فيما هو أمامنا من نماذج للأبواب.-
النموذج الأول هو النجمة، وهي نجمة سداسية في الباب رقم (5) في حين أنها ثمانية في الباب رقم (1) . وخلت نقوش الأبواب الأخرى منها. النجمتان متكررتان على الباب.توحي النجمة السداسية بنجمة داوود( لكن أهل تونس يفهمونك أنها " خاتم سليمان الحكيم". وقد تكون النجمة الثمانية بابلية الأصل.
النموذج الثاني أن البابين (1)و(5) يحتويان على نقوش فينيقية"( يذكرك بقرطاج أنه شديد الصلة برمز تأنيث إلهة الخصب عند الفينقيين) وعربية –الزخارف الإسلامية- وعثمانية- الهلال- وكل النقوش تكون على هيئة أفقية وعمودية. وأول ملاحظة أن شطري الباب مفصولان بنقش عمودي يكون ملصقا على الشطر الأيمن الذي يحتوي القفل. والنقش في كلا البابين عبارة عن دوائر صغيرة متساوية الأحجام، وغالبا ما تكون بالعدد الفردي 9 في رقم (1) و15 في رقم (5) رغم أنها في الباب رقم ( 3) بعدد زوجي8 . وفي الميثيولوجيا نجد أن العدد الفردي هو الأكثر حضورا في بناء البيوت وفي عدد النوافذ وفي عدد المتكئات والأعمدة، وهو بقايا اعتقاد أن العدد الفردي يقي الساكنين شرور الآخرين.
توزعت على شطري الباب نقوش إسلامية في بنية عرضية- أفقية، وكأنها تقاطع بنية الباب العمودية. كل نقش له شكله وتكوينه الخاص. كان سبعة أسطر متساوية العرض في رقم (5) وستة أسطر غير متساوية في رقم (1) وخمسة أسطر غير متساوية أيضاً في رقم (3)– العدد الفردي هو الغالب- وكلها تجمع بين أشكال النبات والنجموم والمقرنصات والأهلة،واليد بأصابع، كتكوينات زخرفية نصف دائرية مطعمة بنقوش على هيئة كتل عرضية مستطيلة وأفقية، متصاعدة بخطوط كل خط منها مختلف الزخرفة عن الآخر. مما يعني أن تركيبة النقوش تجمع بين أشكال عدة وفق سياق فني واحد. تعارض بها تركيبة الباب العمودية. الزخرفة والخطوط التي تحملها هذه الأبواب يتداول الناس فنها اعتباطيا وقصدا كما لو كانت إرثا ، هذه النقوش التي تحمل تراثا عربيا قديما، تأتي هنا لتذكرنا بمجد الصناعات الحرفية المتقنة لفنانين مجهولين أصبحت آثارهم دالة على عصورهم، وليست عليهم فقط . فقد اختفى الفنان الشعبي خلف التواريخ، تاركا الوعي الجمعي ينقل إلينا تلك البقايا المتحاورة مع غيرها من الفنون والمتجاورة لغيرها من الفنون الحديثة. لأنها اختزلت بأشكالها ممارسات بشرية طويلة الزمن. مما يعني إن الفن يواكب التاريخ ويتجاوزه، ولا يقف عند رغبات حاكم أو ملك. بل سنجد أنفسنا باستمرار أمام عودة للأصول، برغم ما يلاقيه الحاضر من اهتمام ومعاينة وتخصيص أموال. ، فالفنان العربي القديم كان يختفي وراء الأحداث ولا يضع بصماته على مادة، إلا متى ما حملت تلك المادة التاريخ، هكذا كان الو اسطي في رسوماته . مثلها مثل كتابات الجوامع وفن الخطاطين.
والملاحظة الفنية أن الأبواب (5) و(3) و(1) تحتوي على ثلاثة مطارق المطرقتان – الدقاقتان- العلويتان تنتهيان بدائرة ، وهما أشبه بالعينين البارزتين أو بثديي المرأة- الباب في اللغة " موضع" كما في اللسان- والكرتان ال بارزتان فيه هما عينا الموضع على الخارج، تراقب القادم والطريق، بينما تكون الثالثة على جزء من شطر الباب الأيسر. في حين أن البابين الآخرين يحتويان على مطرقة- دقاقة- واحدة.

النموذج الفني الثالث لأشكال الأبواب، هو اللون الأزرق والأصفر- لون الرمال-( اللون الأصفر يسر الناظرين كما يعتقد التونسيون) كما توجد أبواب باللون الأخضر والأبيض . اللون الأزرق يكاد يكون قاسما مشتركا بين أبواب كل المدن التي تطل على البحار والأنهار الكبيرة. أبواب تونس وسوسة وسيدي أبو سعيد وقرطاج، ودمشق واستنبول، والبصرة.- يرافق الأزرق اللون الأخضر في بعض بيوت دمشق والبصرة، الحس الديني وأنه " يرمز إلى الجنة " وقد عمد مهندس البيت البغدادي في العصور العباسية إلى جعل وسط البيت حديقة ونافورة مياه وفسحة مفتوحة على السماء دالا بها على أحتواء البيت على قطعة من الجنان. ولذلك كانت ثقافة البستان ودلالته الميثيولوجية واحدة من ثيم بناء البيوت القديمة. قبل أن تتحول المدينة الحديثة في عرف ماركس إلى "المدينة الحديقة" فاللون الأخضر ذو طابع ديني - واللون البني الخفيف في بلدان تطل على الصحراء. ذو طابع تراثي عريق. لا تغادر مدينة إلا وتجد الأبواب الزرق تهيمن على نظرك. وأبواب تونس من الجودة والمتانة ما تجعلك تستعيد القيروان وثقافة المسلمين وتمزجها بثقافة عمارة مدينة أشبيلية،- عمارة غاودي على وجه الخصوص- وثقافة الفاطميين،- في المغرب العربي وثقافة البربر- وثقافة حوض البحر الأبيض المتوسط- ثقافة اليونان والفينيقيين- وتراث الأندلس- الجوامع الإسلامية وعمارة الأعمدة المتميزة- ومدنه العربية– الغربية. - المدن الشرقية الحديثة-. وهناك تركيبة خارجية تتقدم كل الأبواب تقريبا وهي القوس أبواب (1، 4،5) أو المستقيم أبواب ( 2،3). ويعكس الطرازان نموذجين من البناء، البناء المقوس وهو طراز عربي قديم، يعتمد على تركيبة الحجر وربطه بمادة تشده إلى بعضه، وهو طراز معروف قبل أن يكتشف الحديد والأسمنت ، مما يعني أن ثقافة الناس ما زالت تعايش القديم لجماله وتواكب الجديد في البناء لمتانته. تلون بعض الأقواس، وتفرق لتبرز منها نتوءات .
رد مع اقتباس