عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم February 3, 2012, 01:49 PM
 
رد: صفحة من تاريخنا المضىء دولـة المـرابطين

صفحة من تاريخنا المضىء ___ دولة ___ المرابطين

أبو عمران الفاسي
مهندس الخطوط العريضة
لدولة المرابطين (368 هـ - 430 هـ)

ذكر القاضى عياض فى «ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك» ترجمة أبى عمران الفاسى فقال: «هو موسى بن عيسى بن أبى حاج بن وليم بن الخير الغَفَجُومي، وغَفَجُوم فخذ من زناتة من هوارة, وأصله من فاس، وبيته بها بيت مشهور، يعرفون ببنى أبى حاج، ولهم عقب، وفيهم نباهة إلى الآن».

شيوخه

تفقَّه بالقيروان عند أبى الحسن القابسي، وسمع بها من أبى بكر الدويلي، وعلى بن أحمد اللواتى السوسي، ورحل إلى قُرْطُبَة، فتفقَّه بها عند أبى محمد الأصيلي، وسمع الحديث من أبى عثمان سعيد بن نصر، وعبد الوارث بن سفيان، وأحمد بن قاسم، وغيرهم، ثم رحل إلى المشرق، فحج ودخل العراق، فسمع من أبى الفتح ابن أبى الفوارس، وأبى الحسن على بن إبراهيم المستملي، وأبى الحسن الخضر، وغيرهم من العراقيين، ودرس الأصول على القاضى أبى بكر الباقلاني، وسمع بالحجاز من أبى الحسن بن أبى فراس، وأبى القاسم السقطي، وبمصر من أبى الحسن ابن أبى جدار، وأحمد بن نور القاضي، ثم رجع إلى القيروان، وسكنها، وأصبح سيدها المطاع، وأقبل عليه طلاب العلم من كل صوب.

أثره وتلاميذه

ابتدأ نشاطه العلمى سنة 402هـ، حين عاد من المشرق، فقد جلس للطلبة فى المسجد، وفى داره أيضًا، وسرعان ما عُرف قدره، واشتهرت إمامته، وطار ذكره فى الآفاق، وقد خلف الإمام القابسى المتوفى سنة 403هـ، فى نشر علوم السنة فى إفريقية ورئاسة العلم بها, ورحل إليه النَّاس من الأقطار لسماع مروياته واستجازه من لم يستطع الاجتماع به.
وكان يجلس فى حلقته العِلمِيَّة من بعد صلاة الصبح إلى صلاة الظهر، يحدثهم ويملى عليهم، ويقرأ لهم، «فلا يتكلم بشيء إلا كُتب عنه إلى أن مات».
وكان يحدثُ بصحيح البُخارى و «التَّارِيخ الكبير» له أيضًا، و«تصحيف المُحَدِّثِين» للدارقطني، وكان يحدّث كذلك بمصنفاته فى الحديث والرجال والفقه، وقد انتشرت روايتها فى الأَنْدَلُس أيضًا عن طريق تلاميذه من أهلها.
وكان متضلعًا فى كلام الرواة جرحًا وتعديلاً، ومعرفة سيرهم ووفياتهم وغير ذلك.
وكان العامة من أهل القيروان خصوصًا يرجعون إليه فيما يلم بهم ويستفتونه.
كما كان الموفدون فى مهمات سياسية إلى القيروان يسألونه ويستفتونه ويستفيدون من علمه.
وكان له اهتمام بالبلاد البعيدة ويرسل إليها من يقَوم بنشر العلم كما حدث فى اهتمامه بصحراء المغرب، وما نتج عن ذلك الاهتمام من قيام دولة المرابطين فى تلك المناطق النائية.
وقد تتلمذ عليه عدد كبير من النَّاس من أهل إفريقية والمغرب، والأَنْدَلُس، وصقلية، قال الذهبي: «تخرَّج بهذا الإمام خلق من الفقهاء والعلماء».

شعره

عندما كتب محمد بن على الطبنى أبياتًا من الشعر وأرسلها إلى أبى عمران الفاسى بمناسبة العزم على الذهاب إلى بيت الله الحرام، أجاب أبو عمران الفاسى بهذه الأبيات:

حيَّاك ربُّك مِن خلٍّ أخى ثقة
وصان نفسك بالتكريم مولاها

مِن كلِّ غم وشان لا يوفقها
فهو العليم بما يبديه مولاها

ولا أضاع لها الرَّحمن حرمتها
وقولها إن تسر ودعتك الله

الله يجمعنا من بعد أوبتنا
ويؤتنا من وجوه البر أسناها

هذه ترجمة موجزة لواضع الخطوط العريضة لدولة المرابطين.
وتُوفى - رحمه الله - سنة ثلاثين وأربعمائة من الهجرة.

الزعيم الدينى لدولة المرابطين
عبد الله بن ياسين

هو عبد الله بن ياسين بن مكوك بن سير بن على الجزولي, أصله من قرية «تماماناوت» فى طرف صحراء غانة.
درس على فقيه السوس وجاج بن زلوا، رحل إلى الأَنْدَلُس فى عهد ملوك الطوائف وأقام بها سبع سنين, واجتهد فى تحصيل العلوم الإسلامية, ثم أصبح مِن خيرة طلاب الفقيه وجاج بن زلوا فعندما طلب أبو عمران الفاسى مِن تلميذه وجاج ابن زلوا أن يرسل مع يحيى بن إبراهيم فقيهًا عالمًا دينًا تقيًا مربيًا فاضلاً وقع الاختيار على عبد الله بن ياسين الصنهاجى الذى كان عالمًا بتقاليد قَومه وأعرافهم وبيئتهم وأحوالهم.

ودخل عبدُ الله بن ياسين مع يحيى بن إبراهيم فى مضارب ومواطن ومساكن المُلَثَّمين من قبيلة جدالة فى عام 430 هـ/ 1038م فاستقبله أهلُها واستمعوا له، وأخذ يعلمهم، فكان تعليمُه باللغة العربية لطلبة العلم، والإرشاد الدينى للعامة بلهجة أهل الصحراء البربرية.
لاقى عبد الله بن ياسين كثيرًا من الصعوبات، فقد وجد أكثر المُلَثَّمين لا يصلون ولا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، وعم الجهل عليهم، وانحرفوا عن معالم العقيدة الصحيحة وتلوثت أخلاقُهم وأحكام دينهم، واصطدمت تعاليمه بمصالح الأمراء والأشراف، فثاروا عليه، وكادوا يقتلوه، إلا أنه ترك قبيلة جدالة، وانتقل إلى قبيلة لمتونة، ومِن ثمَّ اختار رباطه المشهور على مصب نهر السنغال، بعد انتشار صيته، وتعلُّق النَّاس به، فهرعوا إليه ليربيهم وينظمهم ويعلمهم.

ومِن خلال كُتب التَّارِيخ نستطيع أن نقول: إن عبد الله بن ياسين – رحمه الله- نجح فى رسالته الدعوية لأسباب مُهمَّة يجب أن يعرفَها الدعاةُ إلى الله, ألا وهى ما وهبه الله مِن صفات فطرية, وما اكتسبه فى حياته من صفات عقلية, وصفات حركية.
__________________



رد مع اقتباس