عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم September 21, 2010, 09:32 AM
 
رد: أم*ة الوس*ط: مفهوم لحقه التضليل والتلبيس

فهذه أمور تتناسب مع معنى الوسط الشرعي، وتتناسب مع معنى الشهادة على الناس الوارد في قوله تعالى: ﴿ لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ فتبين جوهر علاقة الشهادة مع الوسط بمعنى العدل.

يقول صاحب التيسير في أصول التفسير: "هذا من وجه أن الأمة الإسلامية شاهدُ عدلٍ على الأمم الأخرى بعد الإسلام من حيث تبليغها الإسلام لهم، ومن وجه آخر فهي شاهدُ عدلٍ على الأمم الأخرى قبل الإسلام من حيث تبليغ الرسل السابقين رسالات ربهم لأقوامهم كما جاء في الحديث الذي أخرجه البُخَارِيُّ وأَحْمَد: «يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان وأكثر من ذلك، فيُدعى قومه فيقال لهم: هل بلَّغكم هذا؟ فيقولون: لا. فيقال له: هل بلَّغتَ قومك؟ فيقول: نعم. فيقال له: ومن يشهد لك؟ فيقول: محمدٌ وأمته. فيُدعى محمد وأمته فيقال لهم: هل بلَّغَ هذا قومه؟ فيقولون: نعم. فيُقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبرنا أن الرسل قد بلّغوا فذلك قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾» وفي رواية: «فيؤتى بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فيُسأل حال أمته فيزكيهم ويشهد بعدالتهم، وذلك قوله عز وجل: ﴿ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾».

وكذلك أخرج البُخَارِيُّ ومُسْلِمُ عن أَنَسٍ قال: مرّوا بجنازة فأُثني عليها خيراً فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «وجبت وجبت وجبت» ومرّوا بجنازة فأثني عليها شراً فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «وجبت وجبت وجبت» فسأله عمر (رضي الله عنه) فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض» وزاد التِّرْمِذِيُّ: «ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾».

ويتناسب أيضاً مع أمة الوسط المعنى الثالث في نفس النص القرآني ﴿ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ وهذا يشمل أيضاً حاضر الأمة وماضيها ومستقبلها. وقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «اللهم هل بلَّغت؟ اللهم فاشهد» يُقرِنُ الشهادة بالتبليغ، فالتبليغ هو موضوع الشهادة وهو قائم ومستمر إلى يوم الدين.

ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [الحج 78].

ومن هنا كانت محاولة تلبيس معنى الوسط الوارد في الآية الكريمة بمصطلحات غربية وضعية تتعلق بالتطرف والاعتدال والوسطية محاولة مرفوضة؛ لأنها تُفضي إلى تقسيم الأمة إلى تيارات متنازعة، وتؤدي إلى اقتتال هذه التيارات، ووقوع الفتنة ونشوب الحرب الأهلية. فمعنى الوسط الوارد في الآية يخص كل المسلمين بكل تياراتهم، ولا يجوز أن ينفرد به أي تيار أو حزب أو مذهب، فهو ثابت من الثوابت الإسلامية، ويجب أن يُعمل ليكون وصفاً للأمة بكليتها، وأما إلصاق هذا الوصف بمجموعة، ونزعه عن مجموعة أخرى، فهذا معناه ضرب الأمة ببعضها، وخضوعها لأعدائها؛ ولذلك كان الواجب على فئات الأمة وعلمائها ومذاهبها أن يقتصر في تعريف الوسط على العدل فقط كما فسَّره الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وكما فسَّره كبار المفسرين، وأن لا ينجر البعض بحسن نيةٍ أو بسوئها إلى من*زلق اقتباس المعاني الغربية وتن*زيلها على المصطلحات الإسلامية بليِّ أعناقها والتأول المصطنع في تفسيرها.

وقد بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين سمع صحابياً يتلو على مسامعه قوله تعالى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء 41] قال: حسبك، والدموع تترقرق من عينيه، وكأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتوقع ما ستؤول إليه أحوال المسلمين، وما أحدثوا من بعده، وما فرَّطوا في جنب الله، وما أضاعوا من حرمات، وما تسببوا في إضعاف المسلمين وإفقادهم المكانة المرموقة التي تليق بهم وذلك بعد أن أُسقطت دولتهم الحقيقية دولة الخلافة، وتمزقت أقطارهم أشلاء في دويلات هزيلة لا تقوى أن تدفع عن نفسها أية أخطار خارجية، ولا تملك مسوغات نشر الهدى والإسلام إلى العالمين.

لذلك كان أقصر طريق لعودة الأمة الإسلامية إلى تطبيق مفهوم الوسط هو عودتها إلى الحكم بما أنزل الله واستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الإسلام الحقيقية دولة الخلافة، عندها تستحق هذه الأمة الكريمة أن توصف بالخيرية وبأمة الوسط، أمة العدل، حاملة الرسالة الربانية الحقة إلى العالمين.


ثمّ تكون خلافة على منهاج النبوّة

روى الإمام مسلم فى صحيحة عن ابن عمر رضى الله عنهما حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يقول (( من مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية )


رد مع اقتباس