عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم January 24, 2010, 06:01 PM
 
Sad أمية بن أبي الصلت "آمن لسانه وكفر قلبه"

أمية بن أبي الصلت "آمن لسانه وكفر قلبه"



شاعر من العصر الجاهلي أدرك الإسلام ولكن لم يسلم، هذا على الرغم من أنه كان يعمل بالعديد من الأمور التي جاء بها الإسلام ويحرم على نفسه ما جاء الإسلام ليحرمه، فنبذ عبادة الأوثان وحرم على نفسه الخمر،
قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
" آمن لسانه وكفر قلبه".

اسمه كاملاً أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي،
وأمه هي رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف من شريفات قريش، ينتسب إلى قبيلة ثقيف من أهل الطائف، ولد في بيت عز وشرف فكان والده من سادة قومه، وعرف عن أهله الفصاحة وحب الشعر، هذه الفصاحة التي انتقلت لأمية فأشتهر بحكمته وإطلاعه على الكتب القديمة، لبس المسوح تعبداً، ونبذ عبادة الأوثان، وحرم الخمر على نفسه.
رحل أمية إلى البحرين، فأقام بها ثماني سنوات، وخلال ذلك ظهر الإسلام، فعاد مرة أخرى إلى الطائف فسأل عن الإسلام، وعن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، كما قدم مكة وسمع آيات من القرآن الكريم، وعندما سألته قريش عن رأيه قال: أشهد أنه على الحق، فقالوا هل تتبعه؟، قال: حتى انظر في آمره.

خرج أمية إلى الشام ، وفي هذه الأثناء هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وحدثت موقعة بدر، وعندما عاد أمية وقد قرر الدخول في الإسلام علم بمقتل أهل بدر وفيهم ابن خال له فأمتنع وأقام في الطائف حتى وفاته، مما قاله في رثاء من أصيب من قريش يوم بدر:



أَلاّ بَكَيتَ عَلى الكِرامِ بَني الكِرامِ أولي المَمادِح

كَبُكا الحَمامِ عَلى فُروعِ الأَيكِ في الغُصُنِ الصَوادِح
يَبكينَ حَزنى مُستَكيناتٍ يَرُحنَ مَع iiالرَوائِح
أَمثالُهُنَّ الباكِياتُ المُعوِلاتِ مِنَ النَوائِح
مَن يَبكِهِم يَبكِ عَلى حُزنٍ وَيَصدُقُ كُلُّ iiمادِح
كَم بَينَ بَدرٍ وَالعَقَنقَلِ مِن مَرازبَةٍ iiجَحاجِح

فَمُدافِعِ البَرقَينِ فَالحَنّانِ مِن طَرفِ الأَواشِح


يعد أمية من شعراء الطبقة الأولى، له الكثير من الأخبار والقصص الفريدة، وإن كان علماء اللغة لا يحتجون به لورود ألفاظ فيه لا تعرفها العرب، حيث أدخل في قصائده بعض الألفاظ الأعجمية المنقولة أو المقتبسة أو التي تم تعريبها، ومع ذلك تميزت معانيه بالبساطة والوضوح والبعد عن المبالغة.

وكان أمية هو أول من جعل في مطالع الكتب باسمك اللهم، فكتبتها قريش، وكان يأتي في شعره كثيراً بقصص الأنبياء، واطلع على الكتب السماوية، وتناول في أشعاره الموضوعات الدينية والحكمة، ويقال انه كان حنيفياً.
قَد كانَ ذو القَرنَينِ قَبلي مُسلِماً
مَلِكاً عَلا في الأَرضَ غَيرَ iiمُعَبَّدُ
بَلَغَ المَشارِقَ وَالمَغارِبَ iiيَبتَغي
أَسبابَ مُلكٍ مِن كَريمٍ iiسَيِّدِ
فَرَأى مَغيبَ الشَمسِ عِندَ مَآبِها
في عَينِ ذي خُلُبٍ وَيأطِ حَرمَدِ
مِن قَبلِهِ بَلقيسُ كانَت iiعَمَّتي
حَتى تَقَضّى مُلكُها بِالهُدهُدِ

يقال أنه عندما سمع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بأبيات أمية بن أبي الصلت التي قال فيها:

الحَمدُ للَّهِ مَمسانا iiوَمَصبَحَنا


رَبُّ الحَنيفَةِ لَم تَنفَد خَزائِنُها

أَلا نَبِيَّ لَنا مِنّا فَيُخبِرُنا

بِالخَيرِ صَبَّحنا رَبي iiوَمَسَّانا

مَملؤَةٌ طَبَّقُ الآَفاقَ iiسُلطانا

ما بُعدَ غايَتِنا مِن رأَسِ مَجرانا





قال: إن كاد أمية ليُسلم.

وعلى الرغم من عدم دخول أمية بن أبي الصلت في الإسلام إلا أنه نسبت إليه قصائد عديدة يحمد فيها الله، ويثني على الرسول، ويرى البعض أن هناك تناقض بين ما تدل عليه القصائد من إيمان قوي لصاحبها يظهر في معانيها، وبين التردد الذي كان فيه أمية تجاه الإسلام فيشككوا في نسبها إليها، أما البعض الأخر فيرى أنها تنسب لأمية لأنه كان تام الاقتناع بالإسلام وكاد أن يدخل به إلا أنه بعد واقعة بدر شق جيوبه وعقر ناقته على عادة الجاهلية وقرر عدم الدخول فيه، ورواية أخرى ذكرت أن أمية كان يطمع في النبوة لنفسه فلم يدخل فيها حسداً منه.

مما قاله:

لَكَ الحَمدُ والمَنُّ ربَّ العِبادِ أَنتَ المَليكُ وأَنتَ iiالحَكَم
وَدِن دينَ رَبِّكَ حَتّى اليَقِينِ واجتَنِبَنَّ الهَوى iiوالضَجَم
مُحَمداً أَرسَلَهُ بالهُدى فَعاشَ غَنِياً وَلم iiيُهتَضَمُ
عَطاءٌ مِنَ اللَهِ iiأُعطيتَه وخَصَّ بِهِ اللَهُ أَهلَ الحَرَم
وقَد عَلِموا أَنَّهُ خَيرُهم وفي بَيتِهِم ذِي النَدى والَكرَم


وقال أيضاً:

إِنَّ آياتِ رَبِّنا iiباقياتٌ
ما يُماري فيهِنَّ إِلا الكَفورُ
خَلَقَ الَليلَ وَالنَهارَ iiفَكُلٌ
مُستَبينٌ حِسابَهُ iiمَقدورُ
ثُمَ يَجلو النَهارَ رَبٌ iiكَريم
بِمَهاةٍ شُعاعُها iiمَنشورُ



تناول شعر أمية العديد من الموضوعات التي نلحظ فيها ملامح إيمانية مثل التوحيد ونبذ الأصنام، وفكرة خلود الله وفناء البشر، والبحث والحساب وتحريم الخمر، كما دخلت في أشعاره الحكمة والتي بدأ بها عدد من قصائده على عكس ما كان سائد بين الشعراء الجاهليين.
أما باقي شعره فتنوع بين المدح والرثاء والعتاب والنسيب والفخر والوصف، وكان مدحه بعيداً عن الاستجداء والرغبة في التكسب، وكان مقلاً في الهجاء، فنادراً أن يهجو، أما الوصف فقد استحوذ على كثير من شعره وأبدع فيه.
توفي أمية في العام الخامس للهجرة عام 626 م.
رد مع اقتباس