عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم January 6, 2007, 02:54 PM
 
يا قدس لـ الشاعر عبدالرحمن العشماوي

ما كلُ مَنْ نطقوا الحروف أبانوا

فلقد يَذوبُ بما يقولُ لسانُ
لغة الوفاءِ شريفةٌ كلماتُها

فيها عن الحب الأصيل بَيانُ
يسمو بها صدقُ الشعور إلى الذُّرا

ويزُفُ عِطْرَ حروفها الوجدانُ
لغةٌ تَرَقرَقَ في النفوس جمالُها

وتألّقَتْ بجلالها الأذهانُ
يجري بها شعري إليكم مثلما

يجري إلى المتفضِّل العِرْفانُ
لغة الوفاء، ومَنْ يجيد حروفها

إلا الخبير الحاذق الفنَّانُ؟
أرسلتُها شعراً يُحاط بموكبٍ

من لهفتي، وتزفُّه الألحانُ
ويزفُّه صدقُ الشعور وإنَّما

بالصدق يرفع نفسَه الإنسانُ
أرسلتُ شعري والسَّفينة لم تزلْ

في البحر، حار بأمرها الرُّبَّانُ
والقدس أرملةٌ يلفِّعها الأسى

وتُميت بهجة قلبها الأحزانُ
شلالُ أدْمُعِها على دفقاته

ثار البخار فغامت الأجفانُ
حسناءُ صبَّحها العدوُّ بمدفعٍ

تَهوي على طلقاته الأركانُ
أدمى مَحاجرها الرَّصاص ولم تزلْ

شمَّاءَ ضاق بصبرها العُدوانُ
لقى إليها السَّامريُّ بعجله

وبذاتِ أنواطٍ زَهَا الشيطانُ
نَسي المكابرُ أنَّ عِجْلَ ضلالِه

سيذوب حين تَمَسُّه النيرانُ
حسناءُ، داهمَها الشتاءُ، ودارُها

مهدومةٌ، ورضيعُها عُريانُ
وضَجيج غاراتِ العدوِّ يَزيدها

فزَعاً تَضاعف عنده الخَفقانُ
بالأمس ودَّعها ابنُها وحَليلها

وابنُ أختها وصديقه حسّانُ
واليوم صبَّحتِ المدافعُ حَيَّها

بلهيبها، فتفرَّق الجيرانُ
باتت بلا زوجٍ ولا ابنٍ ولا

جارٍ يَصون جوارَها ويُصانُ
يا ويحَها مَلكتْ كنوزاً جَمَّة

وتبيت يعصر قلبَها الحِرْمانُ
تَستطعم الجارَ الفقير عشاءَها

ومتى سيُطعم غيرَه الجوْعانُ
صارتْ محطَّمة الرَّجاء، وإنما

برجائه يتقوَّت الإنسانُ
يا قدسُ يا حسناءُ طال فراقُنا

وتلاعبتْ بقلوبنا الأشجانُ
من أين نأتي، والحواجزُ بيننا:

ضَعْفٌ وفُرْقةُ أمَّةٍ وهَوانُ؟
من أين نأتي، والعدوُّ بخيله

وبرَجْلهِ، متحفّزٌ يَقظانُ؟
ويَدُ العُروبةِ رَجْفةٌ ممدودةٌ

للمعتدي وإشارةٌ وبَنانُ؟
ودُعاةُ كل تقدمٍ قد أصبحوا

متأخرين، ثيابُهم أدرانُ
متحدِّثون يُثرْثِرون أشدُّهم

وعياً صريعٌ للهوى حَيْرانُ
رفعوا شعارَ تقدُّمٍ، ودليلُهم

لينينُ أو مِيشيلُ أو كاهانُ
ومن التقدُّم ما يكون تخلفاً

لمّا يكون شعارَه العصيانُ
أين الذين تلثموا بوعودهم

أين الذين تودَّدوا وألانوا؟
لما تزاحمت الحوائجُ أصبحوا

كرؤى السَّراب تضمَّها القيعانُ
كرؤى السرابِ، فما يؤمِّل تائهٌ

منها، وماذا يطلب الظمآنُ؟
يا قدس، وانتفض الخليلُ وغَزَّةٌ

والضِّفتان وتاقت الجولانُ
وتلفَّت الأقصى، وفي نظراته

ألمٌ وفي ساحاته غَليانُ
يا قدس، وانبهر النّداءُ ولم يزلْ

للجرح فيها جَذْوةٌ ودُخانُ
يا قدس، وانكسرت على أهدابها

نظراتُها وتراخت الأجفانُ
ياقُدسُ، وانحسر اللثام فلاحَ لي

قمرٌ يدنّس وجهَه استيطانُ
__________________
يمكنك الكتابه في قسم الملاحظات , عن اي شكوى, انتقاد , استفسار , او اقتراح

او بمراسله الادارة عبر صفحة اتصل بنا .
لا تُعتبر الرسائل الخاصة " رسمية "
رد مع اقتباس