عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم November 8, 2009, 05:04 PM
 
رد: أركان تطوير الذات المهمة

وراء الرئجة
يعيب الفكر العربي أنه غالبا ما يطلق إلى الحياة دون أن تكون لدية أهداف محددة، أو حتى خطوط عريضة توضح لصاحبها معالم الطريق، وهو ما يد ل على عشوائية عامة تطمس معالم أي فكر مستقبلي.
ووسط هذه الهمجية قد تضيع الكثير من الأفكار وتخبت الكثير من الطموحات التي كان الممكن أن يقدر لها النجاح لو أنها نفذت بناء على دراسات موضوعية واستقراء مهني لمستقبل المجال المزمع العمل به.
المؤسف أن العقيلة العربية غالبا ما تسير وراء ما يسمونه ( الجري وراء الرائجة) بمعنى أن فكر التقليد الأعمى يسيطر على عقلية معظم الناس، فعندما يرون أن العمل في مجال ما يدر على صاحبه دخلا مجزيا فإن الناس كل الناس لا يترددون في تقليده والجري ورائه دون أن يعرفوا أسراره وخباياه وخلفياته، فإذا بهم يندفعون كالذي سلم نفسه للرياح تحركه وفق هواها إلى أن تلقي به حيث لا يدري ولا يحتسب.
الفرق في هذا الموضوع بين العقلية العربية والعقلية الغربية، أن العرب غالبا ما يندفعون إما وراء عواطفهم أو نظرتهم الظاهرية للأشياء، مما يزج بهم إلى أماكن ليسوا مؤهلين للولوج فيها، أما العقلية الغربية، فإنها عادة ما تتأنى كثيرا قبل أن تقحم نفسها في مشروع ما، لأنها ببساطة لا تخطو خطوة قبل أن تقيم لها دراسة جدوى، تتعرف من خلالها على نقاط الضعف والقوة التي تؤهل المشروع للنجاح من عدمه.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة في هذا المقام ولا أجد له إجابة شافية، هو لما يستمر هذا الفارق في التفكير؟، رغم أنه يفترض أننا نستفيد من دروس الماضي، لكن يبدو أن الطبع يغلب التطبع، فحن رغم قسوة الدروس التي نعاينها مباشرة ورغم أننا نعاين على أرض الواقع ما يجنيه البعض من جراء التهور والاندفاع وراء تقليد الآخرين، إلا أننا نقع في نفس هذه الأخطاء أو أكبر منها، ربما بدافع الطمع وربما بدافع الطموح وربما بسبب قلة الخبرة أو انعدامها، ولا ندري إلا ونحن بعض المضافين على قائمة الفشل والإخفاق، ثم نلوم الظروف ونندب حظنا، و لا ندري أننا من صنع هذه الظروف ومن نسج خيوط هذا الحظ حول رقبته.
لا أدري سببا لإصرارنا على إقحام أنفسنا في طرق لا نعرف شيئا عن دروبها ولا مسالكها، وليس معنى ذلك أن نبقى من غير طموح و ألا نفكر في تحسين أوضاعنا أو التخطيط لمستقبلنا، لكن على الأقل إن لم نخطط وندرس نوكل الأمر لأهله يخططون ويدرسون.
لا أجد وصفا لطبيعة عقليتنا إلا أن تكون عقلية غير ناضجة، غير قادرة على تحديد إمكانيتها وغير مؤهلة لمعرفة موضع أقدامها، مما يوقعها في كثير من المهالك التي كان يفترض أن تكون في غنى عنها.
أظن أن ما مر علينا من تجارب جدير بأن يؤهلنا للنضوج والتفكير مليا قبل الإقدام على تجربة قد تقودنا إلى مجاهل ما كان لنا أن نتردى فيها لو أننا أعملنا عقولنا ولم ندع الطمع يقودنا ونحن معصوبي العين.
al_shirshaby@************
رد مع اقتباس