عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم October 17, 2009, 02:43 AM
 
جريمه الفصول الاربعه






لا أجد مُبرراً لإصرار الربيع وأد أزهاره
وقتل رذاذ المطر على أطراف أغصانه
واجتلاب الأحزان مناقضاً بجرمه الطبيعة
عندما جاءني يحمل القُبح في سلة ليست سلته
ليقذفه وسط الغيوم ويتركني مذهولاً !!
أهذا الربيع !! أين مطره أين فراشاته وأزهاره
أين جماله ، وأين بهاءه . . أين أنا لم أعد أدري
تعطلت كل حواسي
وفجأة إخترق أُذني صوتٌ قوي أجبرها أن تسمع
وإذ به صوت الشتاء يقول :
ليس ثمة رادعٍ للربيع حين يتمرد ليخرق قوانين الكون
و يخترق الأبواب والنوافذ
ليس ثمة شيء أفضل مني
دع الربيع يتبختر ويختال وتعال اليّ تعال
فمات حلمي بأحضان ربيعة وكان موته أقسى
حين رأيته أمام عيني يُنحر




تسلقت الهواء . . وصعدت السماء
هارباً من ذاك الربيع الى الشتاء
فوصلت إليه قبل وصوله . . صافحته وإحتضنته
أبحث عن لجوءٍ آمن
فتجمدت الدماء في عروقي . . مع أول لقاء
أين سابق كلامك أيها الشتاء
هل خدعتني . . هل سيبقى العناء
أرى ذلك على جليد أرضك المتجمدة
دون استيعاب



أيها الشتاء . . أيها الشتاء
بُح صوتي من ندائي وغصت الحنجرة بالنداء
رد أيتها الشتاء . . وبعد عناء
رد ببرودة فوق برودة أجواءة
وكأن الروح فارقته إلى العدم
عندها أيقنت بأنه موجود . . ولكنه لن يكون معي
غدر الربيع . . وكذب الشتاء
فمات حلمي مرة أخرى وكان موته أقسى
حين إنصلب جسده والدماء متجمدة في عروقه




مشيت أهرول منهكاً أتبع سراباً بعيداً رأيته
فأوصلتني خطواتي المتعثرة
حيث السراب . . حيث الصيف
شعرت ببصيص أمل
وسط جدب قيعانه وإنصهار رمله
فرأيت وميضاً يبرق
لعله يعيد ألوان الحياة المفقودة
بعد أن اصطبغت بأقبح لون ، واكتست أقذر الثياب
إقتربت أكثر . . وفي عيني حلم يبرق كبريق عينية
ورجاءاً يأخذني إلى مكانٍ غامض
فوقعت عيني على عيناه المملوءتان غموضاً
فصرت أتخبط بين غموضي وغموضه
فكانت كل محاولاتي بائسة . . وكل أراضيه من حولي يابسة
ولكن الأمل باق والحال تواق
لأن يفئ بظلٍ عن الشموس الحارقة
دنوت إليه . . فصدتني يداه القاسية
وبرقت عيناه شراً . . وأصبح ناراً تلظى
يحاصرني فيها من كل إتجاه
ثارت الثوائر وأنا باق تحت الشموس بلا ظل
يحرقني الصيف فوق نكران الفصول من قبله
فمات حلمي مرة أخرى وكان موته أقسى
حين أحرق جثته الصيف ورمي برمادها
في أرضٍ لم تعد ملكي





ذهب يومي وأمسي مع فصول أربعة
وبقى غداً بما فيه بقايا حلم دون فصول
ماذا أفعل ؟ أأقف شاهداً على دورة الزمن ؟
أم أندب حظي ؟
أأنسحب كسهولة الأيام التي قررت هجراني وهي الجاني
أم أدافع بشراسة ؟
عن فصول سنة لم تعد تريدني
وأرض لا ترغب مكوثي عليها
مللت كل شئ . . لا أريد ان أُصدم بالخريف الذابل
لانه سيتركني . . لانه لم يحتفظ بأوراق شجره
وسأتساقطت كما تتساقط
عذراً أيها الخريف لن آتي اليك لتمثل
بجثة حلمي المقتول




ووسط كل هذه المتاهات . . ماذا أفعل ببقايا حلم مات
رفضته كل الفصول
هل أنتظر فصلاً خامس ؟
بعد خذلان الربيع . .وخداع الشتاء
بعد صيف أضرم نيرانه . . وخريف متربص هنا وهناك
أيا بقايا حلم قُتل وأُبيد
لا تنتظري غير تلك الأربعة . . ولا تظني بأن
الحياة التي تنتهي قد تعود
فالميت لا يصنع الذكريات من جديد .






...
رد مع اقتباس