الموضوع
:
غزوة الاحزاب
عرض مشاركة واحدة
#
1
October 5, 2009, 12:11 AM
مغرور كيفي
غزوة الاحزاب
وفي هذه السنة - وهي سنة خمس - كانت وقعة
الخندق
في شوال . وسببها : أن
اليهود
لما رأوا انتصار المشركين يوم
أحد
، خرج أشرافهم - كسلام بن أبي الحقيق - وغيره إلى
قريش
بمكة يحرضونهم على غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدهم من أنفسهم النصر لهم . فأجابتهم
قريش
. ثم خرجوا إلى
غطفان
: فاستجابوا لهم ثم طافوا في قبائل
العرب
يدعونهم إلى ذلك فاستجاب لهم من استجاب .
فخرجت
قريش
- وقائدهم أبو سفيان - في أربعة آلاف . ووافقهم
بنو سليم
بمر
الظهران
،
وبنو
أسد
، وفزارة وأشجع وغيرهم . وكان من وافى
الخندق
من المشركين عشرة آلاف .
فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم إليه استشار أصحابه . فأشار عليه
سلمان الفارسي
بحفر خندق يحول بين العدو وبين
المدينة
. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبادر إليه المسلمون . وعمل فيه بنفسه . وكان في حفره من آيات نبوته ما قد تواتر
الخبر
به .
وخرج صلى الله عليه وسلم وهم يحفرون في غداة باردة . فلما رأى ما بهم من الشدة والجوع . قال
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
فاغفر للأنصار والمهاجرة</SPAN>
فقالوا مجيبين له
نحن الذين بايعوا محمدا
على الجهاد ما بقينا أبدا</SPAN>
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين . فتحصن بالجبل من خلفه -
جبل سلع
- وبالخندق أمامه . وأمر بالنساء والذراري فجعلوا في آطام
المدينة
.
وانطلق
حيي بن أخطب
إلى
بني قريظة
، فدنا من حصنهم فأبى
كعب بن أسد
أن يفتح له . فلم يزل يكلمه حتى فتح له . فلما دخل الحصن قال جئتك بعز الدهر . جئتك بقريش
وغطفان
وأسد
، على قادتها لحرب محمد قال بل جئتني والله بذل الدهر جئتني بجهام قد أراق ماءه . فهو يرعد ويبرق ليس فية شيء .
فلم يزل حتى نقض العهد الذي بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل مع المشركين . وسر بذلك المشركون وشرط كعب على حيي أنهم إن لم يظفروا بمحمد أن يجيء حتى يدخل معهم في حصنهم فيصيبه ما يصيبهم فشرط ذلك ووفى له .
وبلغ رسول الله
الخبر
. فبعث إليهم السعدين -
سعد بن معاذ
،
وسعد بن عبادة
-
وخوات بن جبير
.
وعبد الله بن رواحة
ليتعرفوا
الخبر
. فلما دنوا معهم وجدوهم على أخبث ما يكون . وجاهروهم بالسب . ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فانصرفوا ولحنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحنا .
فعظم ذلك على المسلمين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
الله أكبر أبشروا ، يا معشر المسلمين
" .
واشتد البلاء ونجم النفاق . واستأذن بعض بني حارثة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى
المدينة
. وقالوا ( 33 : 13)
إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا
وأقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا . ولم يكن بينهم قتال لأجل
الخندق
، إلا أن فوارس من
قريش
- منهم
عمرو بن عبد ود
- أقبلوا نحو
الخندق
. فلما وقفوا عليه قالوا : إن هذه مكيدة ما كانت
العرب
تعرفها . ثم تيمموا مكانا ضيقا منه وجالت بهم خيلهم في السبخة ودعوا إلى البراز . فانتدب لعمرو :
علي بن أبي طالب
، فبارزه . فقتله الله على يدي علي . وكان من أبطال المشركين .
وانهزم أصحابه . ولما طالت هذه الحال على المسلمين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح عيينة بن حصن
والحارث بن عوف
- رئيسي
غطفان
- على ثلث ثمار
المدينة
وينصرفا بقومهما . وجرت المفاوضة على ذلك . واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدين . فقالا : إن كان الله أمرك : فسمعا وطاعة . وإن كان شيئا تحب أن تصنعه صنعناه . وإن كان شيئا تصنعه لنا ، فلا . لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك وعبادة الأوثان وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعا . أفحين أكرمنا الله بالإسلام وأعزنا بك ، نعطيهم أموالنا ؟ والله لا نعطيهم إلا السيف . فصوب رأيهما .
وقال "
إنما هو شيء أصنعه لكم
، لما رأيت
العرب
قد رمتكم عن قوس واحدة " .
ثم إن الله عز وجل - وله الحمد - صنع أمرا من عنده خذل به العدو .
فمن ذلك أن رجلا من
غطفان
- يقال له نعيم بن مسعود - جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال قد أسلمت ، فمر بي بما شئت . فقال "
إنما أنت رجل واحد . فخذل عنا
ما استطعت . فإن
الحرب خدعة
" . فذهب إلى بني قريظة - وكان عشيرا لهم - فدخل عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه . فقال إنكم قد حاربتم محمدا . وإن قريشا إن أصابوا فرصة انتهزوها ، وإلا انشمروا قالوا : فما العمل ؟ قال لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن . فقالوا : قد أشرت بالرأي . ثم مضى إلى
قريش
فقال هل تعلمون ودي لكم ونصحي ؟ قالوا : نعم . قال إن
اليهود
قد ندموا على ما كان منهم وإنهم قد أرسلوا إلى محمد أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ثم يمالئونه عليكم فإن سألوكم فلا تعطوهم . ثم ذهب إلى
غطفان
. فقال لهم مثل ذلك .
فلما كانت ليلة السبت من شوال بعثوا إلى يهود إنا لسنا معكم بأرض مقام وقد هلك الكراع والخف . فاغدوا بنا إلى محمد حتى نناجزه فأرسلوا إليهم إن اليوم يوم السبت وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه . ومع هذا فلا نقاتل معكم حتى تبعثوا لنا رهائن .
فلما جاءهم رسلهم قالوا : قد صدقكم والله نعيم . فبعثوا إليهم إنا والله لا نبعث إليكم أحدا . فقالت قريظة قد صدقكم والله نعيم . فتخاذل الفريقان .
وأرسل الله على المشركين جندا من الريح فجعلت تقوض خيامهم ولا تدع لهم قدرا إلا كفأتها ، ولا طنبا إلا قلعته وجندا من الملائكة يزلزلون بهم ويلقون في قلوبهم الرعب كما قال الله ( 33 : 9 )
يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها
. وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم
حذيفة بن اليمان
} يأتيه بخبرهم . فوجدهم على هذه الحال وقد تهيئوا للرحيل . فرجع إليه فأخبره برحيلهم .
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن
الخندق
، راجعا والمسلمون إلى
المدينة
. فوضعوا السلاح . فجاءه جبريل وقت الظهر فقال أقد وضعتم السلاح ؟ إن الملائكة لم تضع أسلحتها ، انهض إلى هؤلاء - يعني بني قريظة - فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم "
من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر
إلا في بني قريظة " .
فخرج المسلمون سراعا ، حتى إذا دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم قال
يا إخوان القردة هل أخزاكم الله
وأنزل بكم نقمته ؟ وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار . وقذف الله في قلوبهم الرعب . فقال لهم رئيسهم
كعب بن أسد
: إني عارض عليكم خلالا ثلاثا ، خذوا أيها شئتم نصدق هذا الرجل ونتبعه . فإنكم تعلمون أنه النبي الذي تجدونه مكتوبا عندكم في
التوراة
.
قالوا لا نفارق حكم
التوراة
أبدا .
قال فاقتلوا أبناءكم ونساءكم واخرجوا إليه مصلتي سيوفكم حتى يحكم الله بينكم وبينه .
قالوا : فما ضر العيش بعد أبنائنا ونسائنا ؟
قال فانزلوا الليلة . فعسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوكم فيها لأنها ليلة السبت - لعلنا نصيب منهم غرة . قالوا : لا نفسد سبتنا . وقد علمت ما أصاب من اعتدوا في السبت . قال ما بات رجل منكم - منذ ولدته أمه ليلة من الدهر حازما . ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فحكم فيهم
سعد بن معاذ
فحكم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء . وأنزل الله في
غزوة الخندق
صدر سورة
الأحزاب
. وذكر قصتهم في قوله ( 33 : 9 - 27 )
يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم
- إلى قوله -
وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم
ثم دخلت السنة السادسة .
مغرور كيفي
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات مغرور كيفي