عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم September 11, 2009, 03:03 AM
 
رد: "عيون الثعالب" لليلى الأحيدب

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ست الحُسن مشاهدة المشاركة
اذا كان متوفر نسخه الكترونيه من الروايه لاتبخلو علينا ..

ولكم جزيل الشكر ..

لا توجد نسخة الكترونية في الوقت الحاضر لهذه الرواية.




رواية انثى الثقافة قراءة في رواية « عيون الثعالب » لليلى الأحيدب
الوكالة-الرياض
د. عالي سرحان القرشي

تدخلهذه الرواية بحركة جسور ما بين النص الحداثي وكاتبيه وفعل ذلك النص في التلقي ،ورسم مسار الوعي ، لتكشف عن نمطية مغلقة في التلقي الثقافي ، وبنية مسدودة الأفق فيالوعي لا تجاوز أحلاما وطموحات منكسرة للوعي ، وما بين السلطة الثقافية المتسربةبين صانعي الوعي المفترضين ، لم يشأ النص أن يغادر انكسار الحلم ، وكشف الوعيالزائف برصد ممارسات ثقافية آلت إلى طقوس كونت سلطة غير مكتوبة للفعل الثقافي ؛فجاء ركض الأحلام ونشدان الحرية الذي يؤول إلى تماه مع طقوس تلك السلطة الثقافية ،لينتزع حق الساردة في رسم هويتها ومسار حركتها ؛ فيكون جهد السرد في ذلك : إصرارهعثراته مناوراته نسيجا للعالم السردي لهذه الرواية .

لم يشأ السرد أن يكونحركة منبتة عن حراك أشمل للنسيج الثقافي والاجتماعي ، فظل استكناه السرد لما يفضيبه ذلك الحراك من وعي ، وقبول ورفض حاديا لحركة السرد ، دون استسلام لتوجيهايديولوجي ، وإن كان ذلك السرد قد رفع من حدود السلطة الثقافية التي رسم مسارها ،وجعل منها بنية ذهنية مهيمنة على النص ، وجدل الفعل ، وطريقة التلقي ،فشخصية ( علي ) عراب الحداثة خضع في السرد إلى تنميط من هذه البنية ، تماهيا مع السلطة الثقافيةالتي كونها النص ، من تأملات لواقع مشهود ليس كل أفراده بمثل الخضوع لهذه الهيمنة ؛ولهذا نستطيع أن نقول : إن رواية (عيون الثعالب ) انطلقت من بنية ذهنية جسدتالارتياب فاتكأت عليه ، فجاء العنوان هكذا مشيرا إلى ما تثيره كلمة الثعالب منالاحتيال ، والإصرار على ذلك ، وتجسيد كلمة ( عيون ) ، لتكون منطلق النظر محيلا علىما تشير إليه كلمة ( عين ) من اقتحام النظر ، والتجاوز به ، ذلك الأمر الذي تحملهمدلولات النهي عن مد العين ، والأمر بغض البصر عن الأنثى خاصة ، فكأن الرواية حينتبتدئ بذلك وتجعله مسمى النص وعنوانه تشير إلى التأذي والضجر من عيون نهمة وأبصارمتجاوزة .واختصار للعقل الأنثوي تفكيرا وإبداعا في الجسد ومتعة الحس ، في منظور هذهالسلطة الثقافية التي كونها النص ، تلك السلطة التي صنعتها الكاتبة ، فآمنت بالنصإذ تكون ، فرأت في عوالمها جحيما من الرجل ، انتزعت رجلها القريب منه ، فجعلت من ( حزام ) كما تشير عبارة الإهداء ، معبرا عن جحيم الآخرين .

جاءت هذه الروايةمتحركة في إطار بنيتها الذهنية التي سيطرت على السرد ؛فتماهت حركة الساردةوحواراتها ونزاعاتها مع هذه السلطة التي تكونت فسار بها السرد مرتابة بعالم الإبداعوالثقافة ، فكانت تعرية لأفق الكتابة والإبداع ؛ حين قرن ذلك الأفق بسلوكيات ،واستثمار لمواقع الكتابة النقدية والنشر ، فكشف عالم كتابة هذا السرد عن ارتماءأحلام الكتابة ، وتذوق الجمال ، واستدناء آفاق الوعي والتعبير .. في أحضان اللهوومتعة الجسد ، لنتأمل رمزية هذا التوظيف النصي في السرد ، إذ وضعت الساردة بداخلسيارة على ورقة ملفوفة ، تحمل نصا للشاعرسامي مهدي وتوقيعا للشاعر كاظم الحجاج ،يقول النص :

"
معا في الزمان

معا في المكان

ولكننا حيننكتب أحلامنا ونقلب أوجاعنا

عالمان

عالم من رماد قديم

وآخرمن لهب ودخان "

وأما التوقيع فهو نص يقول :

"
رجل في الأربعين

وفتاة مسرعة !!

عبرا من أول الجسر إلى آخره "

ليلتقط عليمن النصين التوقيع فيقول لها حين يهاتفها " أهلين بالفتاة المسرعة " ، وهنا نرى كيفآل النص الشعري في هذا العالم إلى رسائل غرامية وتوقيعات ، هبطت بالنص من آفاقهوأصبح في توظيف علاقة غير معلنة، اتساقا مع البنية التي هيأها النص لهذا العالمالثقافي ، وتحرك بها في السرد .

تبدأ العلاقة بإعجاب ثقافي ، وتنتهي بماآلت إليه وفق الحركة التي أراد السرد أن يضعها .. اختصارا لأفق الكتابة ، وأحلامالثقافة والإبداع في الجسد والمتعة .

لكن الأنثى التي أبدعت هذا النص ورسمتخطوطه وبطولته أرادت أن تتمرد على هذا العالم الثقافي ، ليس كما فعلت سرديات قبلها، بالتشكي ورسم الوجع والضجر ، وإنما بالفعل الذي يحضر أولا في خلقه لعوالم السرد ،وثانيا في وجوده داخل السرد ؛ ففي هذه الرواية تجسد الصراع بين العالم الأنثويوالعالم الذكوري في عالم حي نشهد أحداثه ، مجليا إرادة المرأة التي غابت في سردياتكثيرة من هذا النمط قبلها ، إذ كثيرا ما كنا نشهد ضجر المرأة وترنحها تحت وقوعالجور ، ثم لجوءها إلى ما يزيحه عنه عبر ما تستجديه من بوابات ، لكنها هنا تفرضوجودها ، فتقرر وتجبر الرجل على قرارها ، وتبرر انتقامها .في إحدى مغامراتها تجبرهعلى أن يصعد بها شقته ، وتجعل عائق الفضيحة والعار عائقا أمام عودتها لبيت أهلها فيالوقت الذي تقول فيه " أعي تماما أن صعود البنت لبيت رجل عازب يعني أنها خطت أولىالخطوات المحرمة . . ." ومع ذلك تصر على أن تشيد بهذا التدبير الأنثوي " وأنا الآنبين يديه وفي بيته وبتدبير مني ! " ص19 فما أدخلنا فيه النص من مواجهة الفضيحةبالفضيحة يتشكل من محاولة النص كشف المتناقض ، والمواجهة الأنثوية المتمردة ، وكأنالنص يشكل التمرد بسبب وجود عالم غير نقي ، وعالم متناقض . ويمضي السرد فارضاالوجود الأنثوي حين أرغمت البطل على الغواية لتستر تلك الغواية بالزواج االقسري ( زواج الستر ) ، لتكون مساحات الانتقام ، حتى تختم الرواية بالحمل القسري ، لتتعلقبذلك الطفل الذي سيشير إلى عالم جديد .وكأن الفشل مع التماهي مع عالم إبداعي جديديوازي الفشل في علاقة واعية مع عالم الرجال ، ليؤول كل ذلك إلى علاقات تنتزعكانتزاع هذا الطفل .ولعلي في ختام هذا التأمل السريع اتفق مع مقولة محمد النجيميالذي تفاعل مبكرا مع هذه الرواية التي قدم لها برؤية واعية الأستاذ : عبداللهباخشوين ، في كلمات دونت على الغلاف ، حين يقول النجيمي :" نحن أمام إدانة لذاكرةجماعية ، لمرحلة ، ولمشهد "

في حدود القدر الذي تنطلق منه البنية الذهنيةللنص ، وإلا نحن كما أسلفت أمام عالم روائي ، تشكله كما أشار النجيمي فتنة السرد ،ذلك العالم الذي أبدعته الأنثى ، وغاصت في عوالم ثقافته ، ورسمت مصائر شخصياتهسلوكا سرديا .
__________________