عرض مشاركة واحدة
  #103  
قديم May 19, 2020, 09:21 PM
 
رد: مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ( متجدد)

مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##########
مباحث الإمامة في الصلاة

يتعلق بها مباحث:
الأول: تعريفها، و بيان العدد الذي تتحقق به.
الثاني: حكمها، و دليله.
الثالث: شروطها، و يتعلق بالشروط أمور:
منها حكم إمامة النساء.
و منها حكم إمامه الصبي المميز.
و منها حكم إمامة الأميّ الذي لا يقرأ و لا يكتب.
و منها حكم إمامة المحدث الذي نسي حدثه.
و منها حكم إمامة الألثغ و نحوه.
و منها نية المأموم الاقتداء.
و منها نية الإمام الإمامة.
و منها اقتداء الذي يصلي فرضاً بإمام يصلي نفلاً.
و منها متابعة المأموم لإمامه.
و منها اتحاد فرض المأموم و الإمام، فلا تصح صلاة الظهر خلف عصر مثلاً؛ فكل هذه المباحث تتعلق بمبحث واحد من مباحث الإمامة، و هو المبحث الثالث، و بقي من مباحثها المبحث الرابع: أعني الأعذار التي تسقط بها صلاة الجماعة.
الخامس: مبحث من له حَق التقدم في الإمامة.
السادس: مبحث مكروهات الإمامة.
السابع: مبحث كيف يقف المأموم مع إمامه،؟ و كيف يقف الإمام مع المأمومين،؟ و من أحق بالوقوف في الصف الأول.
الثامن: تراص الصفوف و تسويتها.
التاسع: يصح لمن صلى فرضاً جماعة أن يصلي مع جماعة أخرى.
العاشر: تكرار الجماعة في المسجد الواحد.
الحادي عشر: مبحث بيان القدر الذي تدرك به الجماعة.
الثاني عشر: مبحث إذا فات المقتدي أداء بعض الركعات أو كلها مع إمامه لعذر، كزحمة و نحوها.
الثالث عشر: مبحث الاستخلاف. و إليك بيانها بالعناوين الآتية.

تعريف الإمامة في الصلاة، و بيان العدد الذي تتحقق به.
الإمامة في الصلاة معروفة، و هي أن يربط الإنسان صلاته بصلاة إمام مستكمل للشروط الآتي بيانها، فيتبعه في قيامه و ركوعه و سجوده و جلوسه و نحو ذلك، مما تقدم بيانه في "أحكام الصلاة" فهذا الربط يقال له: إمامة، و لا يخفى أن هذا الربط واقع من المأموم:
لأنه كناية عن اتباع المأموم الإمام في أفعال الصلاة. بحيث لو بطلت صلاة المأموم لا تبطل صلاة الإمام، أما إذا بطلت صلاة الإمام فإن صلاة المأموم تبطل، لأنه قد ربط صلاته بصلاة الإمام، و تتحقق الإمامة في الصلاة بواحد مع الإمام فأكثر، لا فرق بين أن يكون الواحد المذكور رجلاً أو امرأة، باتفاق، فإن كان صبياً مميزاً فإن الإمامة تتحقق به عند الحنفية، و الشافعية، و خالف المالكية، و الحنابلة، فقالوا:
لا تتحقق صلاة الجماعة بصبي مميز مع الإمام وحدهما. حكم الإمامة في الصلوات الخمس، و دليله
اتفقت المذاهب على أن الإمامة مطلوبة في الصلوات المفروضة فلا ينبغي للمكلف أن يصلي منفرداً بدون عذر من الأعذار الآتي بيانها؛ على أن الحنابلة قالوا:
إنها فرض عين في كل صلاة من الصلوات الخمس المفروضة، و لم يوافقهم على ذلك أحد من الأئمة الثلاثة، كما ستعرفه في التفصيل الآتي؛ و قد استدل الحنابلة، و من وافقهم من العلماء على ذلك بما رواه البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم، قال:
" و الذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب. ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، و الذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجدب عرقاً سميناً، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء "
"العرق" - بفتح العين، و سكون الراء - قطعة لحم على عظم، "و المرماتين" بكسر الميم - تثنية مرماة: و هي سهم دقيق يتعلم عليه الرمي ليصطاد به ما يملأ به بطنه.
فهذا الحديث يدل على أن الجماعة فرض، لأن عقوبة التحريق بالنار لا تكون إلا على ترك الفرض، و ارتكاب المحرم الغليظ، و لا يلزم في الدلالة على ذلك أن يحرقهم بالفعل، بل يكفي أن يعلم الناس عظيم قدر الجماعة، و اهتمام النبي صلى الله عليه و سلم بشأنها، و هذا وجيه، و لكن مما لا شك فيه أن هذا الحديث لم تذكر فيه سوى صلاة العشاء، فإذا كان للحنابلة و من معهم وجه في الاستدلال به، فإنما يكون في صلاة العشاء وحدها، أما باقي الصلوات الخمس فلا تؤخذ من هذا الحديث؛ على أن علماء المذاهب الأخرى قد أجابوا عن هذا بأجوبة كثيرة:
منها أن هذا الحديث كان في بدء الإسلام، حيث كان المسلمون في قلة، و كانت الجماعة لازمة في صلاة العشاء بخصوصها، لأنها وقت الفراغ من الأعمال، فلما كثر المسلمون نسخ بقوله صلى الله عليه و سلم:
"صلاة الجماع تفضل صلاة الفذ بسبع و عشرين درجة".
فإن الأفضلية تقتضي الاشتراك في الفضل، و يلزم من كون صلاة الفذ فاضلة أنها جائزة، و أيضاً فقد ثبت نسخ التحريق بالنار في الحنفية قالوا:
المتخلفين باتفاق؛ فالاستدلال به على الفرضية ضعيف، و قد استدل الحنابلة على فرضية الصلاة جماعة أيضاً بقوله تعالى:
{وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة، فلتقم طائفة منهم معك، وليأخذوا أسلحتهم، فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم، ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم} .
و وجه الإستدلال أن الله تعالى قد كلفهم بصلاة الجماعة في وقت الشدة و الحرج، فلو لم تكن الجماعة واجبة لما كلفهم بأن يصلوها على هذا الوجه، و لكن علماء المذاهب الأخرى قالوا:
إن الآية تدل على أن الإمامة مشروعة، لا على أنها فرض عين.
أما قولهم:
إن هذا الوقت وقت خوف و شدة فذلك صحيح، و لكن تعليمهم للصلاة بهذه الكيفية قد يكون فيه حذر أكثر من صلاتهم فرادى، لأن الفئة الواقفة إزاء العدو حارسة للأخرين، فإذا وجدت فرصة للعدو للهجوم عليهم بغتة نبهتهم الفرقة الحارسة ليقطعوا صلاتهم، و يقاوموا عدوهم، و ذلك منتهى الدقة و الحذر؛ نعم تدل الآية على عظم قدر الصلاة جماعة عند المسلمين الأولين الذين كانوا يشعرون بعظمة خالف الكائنات الحي الدائم الذي لا يفنى حقاً، و يعرفون أن الصلاة تذلل لخالقهم، و خضوع لا ينبغي إهماله حتى في أحرج المواقف و أخطرها، و مما لا شك فيه أن صلاة الجماعة مطلوبة باتفاق، إنما الكلام في أنها فرض عين في جميع الصلوات الخمس، و جمهور أئمة المسلمين على أنها ليست كذلك.
و بعد فحكم صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة مبين في كل مذهب من المذاهب الأربعة ( ١ ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ١ ) المالكية قالوا:
في حكم الجماعة في الصلوات الخمس قولان:
أحدهما مشهور، و الثاني أقرب إلى التحقيق.
فأما الأول فهو أنها سنة مؤكدة بالنسبة لكل مصل، و في كل مسجد، و في البلد الذي يقيم به المكلف، على أنه إن قام بها بعض أهل البلد لا يقاتل الباقون على تركها، و إلا قوتلوا لاستهانتهم بالسنة.
و أما الثاني فهو أنه فرض كفاية في البلد، فإن تركها جميع أهل البلد قوتلوا؛ و إن قام بها بعضهم سقط الفرض عن الباقين.
و سنة في كل مسجد للرجال، و مندوبة لكل مصل في خاصة نفسه، و للمالكي أن يعمل بأحد الرأيين، فإذا قال: إنها سنة عين مؤكدة يطلب اداؤها من كل مصل و في كل مسجد؛ فقوله صحيح عندهم، على أنها و إن كانت سنة عين مؤكدة بالنسبة لكل مصل. و لكن إن قام بها بعض أهل البلد لا يقاتل الباقون على تركها، فالبلد الذي فيها مسجد تقام فيه الجماعة يكفي في رفع القتال عن الباقين، و من قال إنها فرض كفاية فإنه يقول إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، و قد وافقهم الشافعية في هذا القول، و إن خالفوهم في التفصيل الذي بعده.
الحنفية قالوا:
صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة سنة عين مؤكدة، و إن شئت قلت هي واجبة، لأن السنة المؤكدة هي الواجب على الأصح؛ و قد عرفت أن الواجب عند الحنفية أقل من الفرض، و أن تارك الواجب يأثم إثماً أقل من إثم تارك الفرض، و هذا القول متفق مع الرأي الأول للمالكية الذين يقولون:
إنها سنة عين مؤكدة: و لكنهم يخالفونهم في مسألة قتال أهل البلدة من أجل تركها، و إنما تسن في الصلاة المفروضة للرجال العقلاء الأحرار، غير المعذورين بعذر من الأعذار الآتية. إذا لم يكونوا عراة، و سيأتي بيان الجماعة في حَق النساء و الصبيان، و باقي شروط الإمامة.
الشافعية قالوا:
في حكم صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة أقوال عندهم: الراجح منها أنها فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، فإذا أقيمت الجماعة في مسجد من مساجد البلدة سقطت عن باقي سكان البلدة، و كذا إذا أقامها جماعة في جهة من الجهات، فإنها تسقط عن باقي أهل الجهة. و بعض الشافعية يقول:
إنها سنة عين مؤكدة، و هو مشهور عندهم، و مثل الصلوات الخمس في ذلك الحكم صلاة الجنازة، على أنهم قالوا:
إن صلاة الجنازة تسقط إذا صلاها رجل واحد أو صبي مميز، بخلاف ما إذا صلتها امرأة واحدة، كما سيأتي في مباحث "صلاة الجنازة".
الحنابلة قالوا:
الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة، فرض عين بالشرائط الآتي بيانها، و قد عرفت استدلالهم .
__________________
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إنهم عبيدك و أبناء عبيدك
أهلي في سوريا خذ بيدهم و ارحمهم من هذه الفتن ، و انشر السلام و الأمن في ديارهم
يا رب نصرك ، يا رب نصرك ، يا رب نصرك
رد مع اقتباس