عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم August 21, 2018, 04:03 PM
 
Smile الحلم الثوري عند نجيب محفوظ و «سانج سوب» والواقعية قاسم مشترك بين الرواية المصرية والكورية

الحلم الثوري عند نجيب محفوظ والكوري «سانج سوب» والواقعية قاسم مشترك بين الرواية المصرية والكورية





كتب – خالد بيومى

لا شك أن الآداب العالمية وما تحمله من سمات متشابهة، من شأنها أن تقرب الصفات والملامح الإنسانية فى مختلف بقاع الأرض. ومن هذا المنطلق قدم الباحث الدكتور محمد طلعت الجندى دراسة مقارنة مهمة بين ثلاثية أديبنا نجيب محفوظ « 1911- 2006» من خلاله رائعته الثلاثية التى تعطى لنا مفاتيح فهم الشخصية المصرية، وفك طلاسم واقعها، خاصة المرتبط بالمفهوم الثورى، وهذا يعكس رؤية الأدب المحلى ومدى اشتراكه مع الآداب الأخرى التى تنهل من نفس الروح الإنسانية للشعوب المتعطشة لثورة التقدم والفكر والعمل، وعلى صعيد التشابه الأدبى والمجتمعى يأتى الأديب الكورى «يوم سانغ سوب» ( 1897 – 1963) والمولود فى سيول العاصمة الكورية ومات فيها أيضا، وهو قيمة لا تقل مكانة عن نجيب محفوظ فى إنتاجه الروائى، حيث جمع بينهما الحلم الثورى لمجتمع يرضخ تحت جملة من الاحتلال سواء العسكرى أو العادات والأعراف البالية، والبحث عن طرائق بديلة لتحرر المجتمع بشكل سلمى قائما على الإخلاص والعلم والعمل وحرية الاختيار وحب الوطن دون ادعاء أو طنطنة.وقد صدرت الدراسة مؤخرا عن هيئة الكتاب تحت عنوان: «الرؤية الثورية فى الرواية المصرية والكورية».
فى عام 1912 سافر «سوب» إلى اليابان لدراسة الآداب فى جامعة « كايو» اليابانية ،وعاد بعدها إلى سيول ليشترك فى مظاهرات الشباب فى حركة الاستقلال الكورية ضد اليابانيين فى عام 1919 والتى اعتقل على أثرها ؛ حيث ظهرت تجربة السجن والاعتقال بوضوح فى روايته «الأجيال الثلاثة»، من خلال رصده لحالات التعذيب القاسية التى كان يمارسها اليابانيون ضد المعتقلين والمسجونين من الكوريين خاصة مع نشطاء حركة الاستقلال كما ترصد الرواية حراك أجيال عدة ونضالهم للنهوض بالأمة الكورية، كما تقدم زخما جماليا قائما على خلفية أيديولوجية حيث تعد نوعا من أنواع تقييم الحياة والمجتمع. وفى عام 1921 نال شهرة كبيرة عقب صدور روايته «الضفدع الأخضر فى المختبر» وفى أواخر حياته كتب كثيرا من الروايات القصيرة التى تتناول الشئون الحياتية لعامة الناس.
أما ثلاثية نجيب محفوظ» بين القصرين – قصر الشوق – السكرية» فقدمت نقدا جريئا للمجتمع، ودقت ناقوس خطر التنافر بين الأجيال، كما تعرضت للحركة النضالية بالقاهرة، وخط مسارها العام لدى طبقات المجتمع المصرى كما ترصد ملامح المصريين بدقة متناهية بداية من مزاعم التدين الفطرى إلى الإيمان بالعلم وتغلغل الأفكار الشيوعية.
فالملمح الأساسى بين الروايتين «الأجيال الثلاثة / الثلاثية» هو اعتمادهما على البناء الروائى الذى يعنى بتعاقب الأجيال، ويبرز أثر الزمن التاريخى والحضارى فى التغير الثقافى والحضارى على مستوى الأجيال المتعاقبة، ومن هذا الملمح تتجلى قيمة التطور الزمنى فى الأبعاد النفسية والسياسية والاجتماعية والحضارية للأجيال المختلفة وكل هذا يغلفه البعد الإنسانى من أجل التصدى لاستيعاب آلاف الصفحات المطوية من ذاكرة الأمة والمجتمع.
كما اختلفت طريقة النقد المجتمعى للروايتين، فغلب النقد الساخر عند نجيب محفوظ، والنقد التراجيدى المأساوى عند «سوب». واعتمادهما على المصدر التاريخى للأحداث السياسية ووقائعها المريرة على المجتمعين تحت الاحتلال .كما أن تعاقب الأجيال يقوم على نشوء الأسرة من أصل واحد ومتغلغلة بسمات تعكس سمات المجتمع بشكل ملحوظ وخاصة الطبقة الوسطى. والتركيز على البيئة والواقع النفسى للشخصيات
إن معالجة محفوظ وسوب لرواية الأجيال ينصب على عنصر الزمن المتصل بالمكان. ففى ثلاثية نجيب محفوظ ليس المكان بمعزل عن الزمان؛ فتصورات محفوظ عن الزمن مبثوث فى الثلاثية بوضوح من حيث هشاشة الوجود الإنسانى، وتطلع شخصياته إلى الخلود . بينما فى الأجيال الثلاثة عن سوب، بقى عنصر الزمن المتصل بالمكان ديناميكيا، فالزمن هو محرك المكان والشخصيات أيضا، فالوقائع هى التى تحرك بنية الكتل البشرية، حيث إن سوب لا يعنيه فكرة الخلود أكثر من فكرة البقاء الحالى والتعايش معه والاستفادة منه بأقصى الإمكانيات.
وكل كاتب له فلسفته الخاصة فى رسم صورة المحتل ، فليس بالضرورة أن يكون المحتل عدوا من الخارج جاء ينهب ثروات البلاد، بل ربما يكون المحتل من الداخل متمثلا فى عدة أشكال كالفقر والجهل والمرض والسلوك البغيض والنزوات الشريرة.. إلخ، وهذا ما أكدت عليه الروايتان ثمة محتل آخر خفى يعيش داخل المجتمع ويستغل ثرواته مستحوذا عليها دون مراعاة التقسيم العادل لثروات المجتمع بين طبقاته المختلفة، فهذا هو المحتل والعدو الواجب مقاومته.



__________________
الحمد لله في السراء والضراء .. الحمد لله في المنع والعطاء .. الحمد لله في اليسر والبلاء


Save
رد مع اقتباس