فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم March 10, 2009, 11:48 PM
 
Thumbs Up رسالة الغفران لأبى علاء المعرى

كتب أبو العلاء "رسالة الغفران" جواباً عن كتاب ورده من علي بن منصور الحلبي المعروف بابن القارح؛ وكان قد كتب إليه رسالةً افتتحها بتمجيد الله والثناء عليه ، ثم ذكر شوقه إلى أبي العلاء وأكثر من مدحه ، ثم ذكر رسالة الزهرجي التي حملّه إياها إلى أبي العلاء وضياعَها ، ثم ذكر المتنبي وما رمي به واسترسل في ذكر الزنادقة ، ثم شكا أهل زمانه ، ثم ذكر توبته وعزوفه عن الملذات وكِبَر سنه ، ثم ذكر خبره مع الوزير أبي الحسن المغربي صديقِ أبي العلاء وترجم أثناء ذلك لنفسه ، وقد أودع رسالته مِن لطائف الشعر والأدب واللغة والأخبار ما أراد أن يَعلمه عنه أبو العلاء الذي لم يكن يعرف عنه إلا أنه الذي هجا الوزير المغربي.
فجاء رد أبي العلاء على جزئين:
الجزء الأول:
افتتحه بذكر ما يكنه لابن القارح في نفسه ، ثم ذكر رسالتَه ورجى له الثواب بما سطره فيها من تمجيد وثناء على الله وتوبة إليه ، وبكل سطر من سطورها .. وساقه الاستطراد في ذكر الثواب إلى ذكر الجنة وتخيَّلَ تنعمَ ابن القارح فيها ، وطوفانه برياضها ، فذكر أباريقَ خمرها وأنهارَ عسلها ومائها وسمكَها وفضله على ما تغنى به الشعراء من خمر الفانية وعسلها ..
ثم تخيَّلَ منادمته لأدباء الفردوس ، وذكر بعض أهل اللغة والأدب وأشار إلى شيء مما كان بينهم ، وتحسر على غياب الأعشى عنهم لأنه لم يُسلم بل آثر الخمر على الهداية ، ولكنه رآه بعدَ ذلك في الجنة حيثُ شفع له مديحه النبيَّ r فدخلها محرماً عليه خمرها.
ورأى من الجاهليين: زهيراً وعَبيدَ بن الأبرص وعَدِيّ بن زيد ، وخرج للقنص مع عدي والتقى أبا ذؤيب وهو يحتلب ناقه ، ثم أكمل نزهته فالتقى النابغتين ، وكان يستوقف كل شاعر على شيء من شعره يستحسنه ، أو يسأل عنه ، أو يتثبت من نسبته إليه ، ويسأل أهل الجاهلية كيف غُفر لهم ودخلوا الجنة؟
ثم تمر بهم إوزاتٌ فيشتهون الغناء ، فينقلبن بقدرة الله جواري يغنين أحسن غناءٍ سُمع قط ، ويذكر هنا أنواع الألحان ومشاهير المغنين من أهل الدنيا
..
ثم يمر بهم حسان وبعد حديث ينفض مجلسهم ، ثم يسير فيلقى عوران قيس الخمسة ويصنع معهم صنيعه مع من قبلهم ، فمنهم من يجيبه ، ومنهم من يَعجب لبقاء حفظه على ما رأى الناس من هول أنساهم كل محفوظ ، فيذكر لهم ماعاناه هو من أهوال وكيف صار إلى الجنة ، واستجداءه رضوان بمديحه بالشعر الذي لا ينفق عنده كما كان ينفق عند ملوك الدنيا ، ثم استشفاعَه بحمزة ثم علي رضي الله عنهما ، وكيف أضاع صحيفة توبته وهو يصرف خصوم أبي علي عنه في زحام المحشر ، فيشهد له قاضي حلب بتوبته إلا أن أمير المؤمنين يُعرض عنه ، فيستشفع بآل البيت وصلاتِه عليهم أن يسألوا فاطمة رضي الله عنها أن تشفع فيه إلى أبيها r ، فتوكل به أخاها إبراهيم t فيردفه خلفه ، فتقبل توبته وينصرف إلى الصراط ، فتجوز به إحدى جواري فاطمة وتهديها رضي الله عنها إليه خادمةً في الجنة ، ثم يجوز به إبراهيم t مرة أخرى باب الجنة ... حتى إذا استكمل حديثه مع العوران دعاهم لَبيد بن ربيعة إلى داره.
ثم يخطر ببال ابن القارح أن يصنع مأدبة يدعو إليها كل من في الجنة من شعراء الخضرمة والإسلام ، ويصف أبو العلاء إعداد الطعام ، وتلبية الدعوة ، وحضور من تاب من المغنين ومجلسهم وحديثهم .. فإذا طعم القوم ينفرد ابن القارح بجاريتين من الحور ، فيصف الحور ممن دخل الجنة من نساء الدنيا ومن ينشئهن الله من أثمار شجر الحور إنشاءً ، فيقطف ابن القارح ثمرة تتفتق عن حورية يحار لجمالها الواصفون ...
ثم يقصد طرف الجنة ليطلع على أهل النار، فيمر في طريقه بجنة العفاريت، فيلقى أبا هدرش ويسأله عن شعر الجن وأخبارهم، وبينا هو يسير إذ به يرى الأسد الذي سلطه الله على عتبة بدعوة النبي r عليه ، ويرى الذئب الذي كلم الأسلمي .
ثم يلقى في أقصى الجنة الحطيئة، كاد أن لا يدخلها لسوء صنيعه .
فإذا أشرف على النار لقي الخنساء جاءت تنظر إلى أخيها صخر ، فيطلع على النار فيرى إبليس ويجري بينهما كلام ، فيذكران بشاراً وتفضيله إبليس على آدم عليه السلام ، فإذا هما به يتقلب في النار فيسأله ابنُ القارح عن شعره ، فلا يجيبه لما هو فيه ، ويسأل عن امرىء القيس فيحضر عنده ، ويطول كلامهما حول شعره ، ثم يرى عنترة العبسي ويُحدثه عن أبي تمام وينشده بعض شعره ، ثم يرى علقمة بن عبدة ثم عمرو بن كلثوم ثم الحارث البشكري ثم طرفة ثم أوس بن حجر ثم أبا كبير فصخراً الهذليان ثم الأخطل فالمهلهل التغلبيان ثم المرقشان ثم الشنفرى وتأبط شراً .
وكان بعض هؤلاء لا يطيل معه الكلام ، إن منّ عليه بجوابٍ مقتضب لما هو فيه من العذاب ، فيتركهم ويعود إلى محله من الجبة.
وفي عودته يقابل آدم عليه السلام ويسأله عمّا نسب إليه من شعر ، ثم يمر بروضة الحيات ، ويجد بينهن ذات الصفا ، التي ذكرها النابغة الذبياني ، وحية أخرى سكنت دار الحسن البصري ثم جدار أبي عمرو بن العلاء ثم ارتحلت إلى الكوفة فاستفادت علما وفقها وأدبا ، وتَعرض عليه أن تنتفض على التو حورية ، يقيم عندها ويرشف من رُضابها ، لكنه يذعر منها ويفر عنها ، ويعود إلى حوريته التي تركها عند شجر الحور ، ثم يصير إلى جنة الرجز ويرى من غُفر له من الرجاز ويكلم رُؤْبة ويشتد بينهما الجدل ، فيتركه ويقبل على مدام الجنة ونعيمها.

الجزء الثاني:
أما الجزء الثاني فيتتبع فيه رسالة ابن القارح مجيباً عنها ، ومعلقاً على ما فيها ، ولأنه جواب مفصل عن رسالة ابن القارح على نفس ترتيب الأفكار والمسائل ، فلست أرى لسرد مفرداتها في هذا المقام حاجة ، لكنني أنوه إلى أبرز القضايا التي عالجها ، فمن ذلك: حرقة الأدباء وتشاكيهم ، والدفاع عن المتنبي ، وتقرير أن نطق اللسان لا ينبئ عن اعتقاد الجنان ، ثم ذكر حدّ الزمان ومذهب الدهرية ، ثم أفاض في ذكر الزنادقة والملحدين وبعض العقائد الفاسدة ، ثم ذكّره بمن أسرفوا في اللهو ثم تابوا ، وذكر توبة ابن القارح وتمثل وعظه وحِجَجَهُ الخمس ، ثم علق على ما ورد في ترجمته لنفسه ، وأثنى على مشايخه ، وختم كتابه بالاعتذار عن تأخر الإجابة
.
ولعل أبرز ما أودعه أبو العلاء كتابَه هذا:
1. آراءه النقدية في الشعر والرجز والمعاني والرواية ونحل الأبيات وأخبار الشعراء وما استحسن لهم وما أخذ عليهم، وآراء النحاة ...
2.
معجمَه اللغوي الثري ومحفوظَه من الغريب فصيحِا وشاذّا ، والمترادفاتِ والمسجوعاتِ ومجازاتِ القول وأحكامَ الإعراب .
3.
علمَه بأوجه القراءة وتوجيهها ، والأحاديث ، وتاريخ الإسلام ومعتقدات الفرق .
4.
كلَّ ما عرض له - ولو من بعيدٍ - مِن أعلامِ الشعراء والعلماء وأصحاب المقالات ، والقبائل والأماكن .
حمل ذلك كلَّه أسلوبٌ استعراضي استطرادي ، أشار بعض النقاد إلى روحه الساخرة سخرية كنائية تعريضية ، مطردةً من أول الكتاب إلى آخره . وتجاوز بعضهم السخرية ولم يلتفت إلا إلى المحتوى المعرفي والأسلوب الأدبي والخيال البعيد . ولم يحفل المتقدمون برسالة الغفران أكثر من غيرها من رسائل أبي العلاء ، بل عدها الذهبيُّ من أردإ تآليفه لما فيها من استخفاف وجرأة ، وإن كان فيها أدب كثير (
[1]). وعلى هذا درج أكثر المتقدمين ممن ترجموا لأبي العلاء أو عرفوا برسالة الغفران .
وازدادت حفاوة النقاد المعاصرين بالرسالة بعد أن نشر المستشرق الأسباني الأب ميجول أسين بلاثيوس عام 1919م في مدريد كتابه "المصادر الإسلامية للكوميديا الإلهية" ذكر فيه أن دانتي اقتبس من مما كتبه ابن عربي عن المعراج ، وأشار إلى الشبه بين الكوميديا ورسالة الغفران ، وأن المعري متقدم تاريخيا وعلى ذلك افترض تأثر دانتي به . ثم تبعه المستشرق الإيطالي تشيروللي الذي نشر دراسة عام 1949م أقام فيه البرهان على دعوى بلاثيوس وذكر تفاصيل قصة اطلاع دانتي على رسالة الغفران .
لكن أول إشارة إلى الشبه الكبير بين العملين وسبق المعري ، كانت على يد باحث عربي يدعى عبد الرحيم أحمد قدم بحثاً لمؤتمر المستشرقين في باريس عام 1897م بعنوان "لمحة عن أبي العلاء وآثاره" ، تبعه الكاتب الفلسطيني روحي الخالدي الذي نشر في عام 1902م في مجلة الهلال بالقاهرة سلسلة مقالات تحت عنوان "علم الأدب عند الإفرنج والعرب".
وأجمل الملاحظات على الرسالة فيما يلي:
1. أظهر أبو العلاء في رسالته مستوى رفيعا في لغته وأدبه، طبعا وكسبا (الموهبة والثقافة)، خيالا وتأملا (إبداع ونقد) وهو يجيب على رسالة أدبية تفنن منشئها في كتابتها فأطفأ نورَها في وهج الجواب ..
2.
أنطق بآرائه النقدية وترجيحاته اللغوية أصحاب القريض أنفسهم وفي هذا ما فيه !!
3.
أظهر كلفه بالأدب والشعر وحبه له وللمسامرة والتغني به حتى كان دعوة ابن القارح عقب كل صلاة أن يُمتع به في الدارين، وفي المقابل أزرى على التكسب به تعريضا
4.
خلع على سياقه صبغة خيالية فيها اقتدار فني وجرأة غير محمودة
5. خلط الجد بالهزل، وأورد الوهم موارد الحق، فهو يذكر بنعيم الجنة ويقارنه بأرفع ما وصف الشعراء من اللذات، ويلتفت إلى فضل الباقية على الفانية كثيرا، ويعظ أهل الأدب في ما يقولون وما يفعلون بصورة مباشرة وأخرى غير مباشرة، وكل هذا اقتضاه قالب الجزء الأول من الرسالة "رحلة الغفران"، لكنه خلط ذلك كله باسترسالات الخيال المبنية على المضمون النقدي الذي أدخل وأخرج من الجنة، ورفع وخفض في درجات الشعراء فيها بمعايير نقدية فنية وأخرى أخلاقية .. ثم اعتذر لنفسه عن هذه التجاوزات بما قاله عند ذكر بشار في الجزء الثاني من الرسالة "جواب ابن القارح" قال "وإنما ذكرت ما ذكرت فيما تقدم لأني عقدته بمشيئة الله، وإن الله لحليم وهاب".
6.
بنى تصوره عن الجنة في الرسالة على مزيج من صحيح المنقول وأوهام وأغاليط لا تصح عقلا ولا نقلا، كالذي ذكره في الحور ومنزلة آل البيت والحساب ...
7.
أودع الرسالة مختاراته الأدبية من عيون الشعر


__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم March 11, 2009, 09:39 PM
 
رد: رسالة الغفران لأبى علاء المعرى

يعطيك الف عافيه
رد مع اقتباس
  #3  
قديم July 18, 2009, 02:15 AM
 
رد: رسالة الغفران لأبى علاء المعرى

thanks
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أمتي, المعري, الغفران, رسالة, عمال

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أبو العلاء المعري admin شخصيات عربية 10 August 25, 2012 09:24 PM
روايه ل / واسيني الأعرج مطر الله أرشيف طلبات الكتب 10 July 25, 2010 09:31 PM
هل تبحث عن موظفين ؟ اطباء ؟ مهندسين ؟ عمال بناء ؟ عمال في مجل فندقي ؟ سائقين ؟ ahmad.alaas وظائف شاغرة 0 October 13, 2008 04:56 PM
الغفران لا يعني النسيان......! nassima كلام من القلب للقلب 6 June 25, 2007 10:46 PM


الساعة الآن 02:43 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر