فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم August 10, 2008, 02:49 PM
 
الشاعرة الايرانية فروغ فرخزاد - تشرق الشمس



الشاعرة الايرانية فروغ فرخزاد - تشرق الشمس

لتحميل الكتاب اضغط هنا



أستمتع كثيرًا بقراءة الشعر الفارسي والنثر أيضًا ، وإن كان البعض أشار عليّ بأن التذوق الحسن لا يكون الا في لغته الأصيلة ..

عن الشاعرة فروغ فرخزاد نور الله ضريحها ..


مسرد حياة بالصور ، وربما بصوتها من خلال استماعي لافتتاحية موقعها ، واستماعي للمقطع أتكهن بأنه صوتها الحنون العذب !

.. ..

موقعها ..


احتفاء بها


فرخزاد (يناير 5,1935_فبراير 14,1967) تعتبر من أشهر الشاعرات الإيرانيات


ولدت في عائلة عسكرية فى طهران سنة 1935 ولها ستة أشقاء. أستكملت دراستها حتى الصف التاسع وحين أتمت عامها السادس عشر تزوجت من برويز شابور . أكملت فروغ دراستها عبر دروس الرسم والخياطة ثم إنتقلت مع زوجها إلى الأهواز وبعد عام رزقت بولدها الوحيد (كتبت فيه قصيدة "قصيدة لك").

بعد أقل من عامين حدث الطلاق بينها وبين زوجها وحصل الزوج على حضانة الإبن مما دفع فروخ لإكمال مسيرتها الأدبية. وعادت إلى طهران لكتابة الشعر وأصدرت أول ديوان لها فى عام 1955 بعنوان الأسير.

جذبت فروخ الإنتباه والرفض من مجتمعها كمطلقة تحمل أفكار نسوية جدلية.في عام 1958 قضت تسعة شهور فى أوروبا قابلت فيهم المنتج والكاتب الإيراني إبراهيم جولستان. نشرت ديوانين آخرين بعنوان الجدار والثورة وذلك قبل ذهابها إلى تبريز سنة 1962 لتصوير فيلماً عن الإيرانيين المصابين بالجذام بعنون "البيت أسود" وفاز بجوائز عالمية.وفى العام التالي 1963 نشرت ديوان "ميلاد جديد" والذى كان علامة فى تاريخ الشعر الحديث بإيران.

فى 14 فبراير 1967 توفت فروغ فى حادث سيارة فى عمر الثانية والثلاثين ونشر لها بعد وفاتها قصيدة بعنوان "لنؤمن ببداية موسم البرد" وتعد أقوى القصائد فى الشعر الفارسي الحديث.

نزار آغري - الحياة


فروغ فرخزاد ولدت بعد الشاعرة سيمين بهبهاني بحوالى عقد من الزمن ولكن الموت خطفها باكراً. هي قضت في حادث سير عام 1967 وهي بعد في سن الثالثة والثلاثين. ولكن على رغم قصر عمرها فإنها ما زالت بمثابة نجمة مضيئة ليس للشعر النسائي وحده بل للشعر الفارسي في عموم القول.

جاءت فروغ فرخزاد إلى الشعر حاملة رقة العواطف وقوة الموهبة وثقافة عالية أخذتها من جهات عدة في الشرق والغرب. واتسمت كتابتها منذ البدء بنبرة جديدة, مغايرة, تكتنز رؤية ذاتية فريدة. بدأت بالتمرد والعصيان على ما هو قائم فأصدرت على التوالي, وفي شكل سريع, كما لو كانت في عجلة من أمرها, دواوين: "الأسير" (اسير), "الجدار" (ديوار), "العصيان" (عصيان). ثم صدر ديوانها الشهير "تولدي ديكر" (ولادة أخرى), فكان بمثابة ولادة جديدة للشعر الفارسي عامة والشعر النسائي على وجه الخصوص. كانت قصائد الديوان مثل أناشيد صارخة تصور السلوك الإنساني الحائر وسط كومة من الحصارات. وفي ما بعد أصدرت ديوانها الأخير, قبل موتها, بعنوان "إيمان بياوريم به آغاز فصل سرد" (فلنؤمن بشروع الفصل البارد), وفيه وضعت نفسها وسط اللجة وبدت مثل طائر صغير يرفرف عالياً بعيداً قليلاً عن اسراب الطير. هذا الديوان يعد واحداً من أكثر كتابات فروغ فرخزاد حزناً, حيث تمتلئ القصائد بصور وتعابير مغلفة بثوب المأساة. مأساة الإنسان, الوحيد, الضعيف في هذا العالم المخيف:

"سلام اى غرابت تنهايي/ اتاق رابه تو تسليم مى كنم"

(مرحباً أيتها العزلة الغريبة, إني أسلم غرفتي إليك).

تركت فروغ فرخزاد أثراً عميقاً في الشعر الفارسي (إلى جانب نيما يوشيج وسهراب سبهري وأحمد شاملو) وانتشرت نبرة شعرها وسط مجايليها ومن أتوا من بعدها. وما زالت لمساتها المبدعة, في الأفكار وأشكال القول, تبرز في كتابات الشعراء الإيرانيين الجدد ولا سيما النساء.

شاعرات كثيرات يملأن باحة الشعر النسائي الفارسي اليوم. زهرة خالقي, بهارة رضايي, سبيده ساماني, مريم ساوجي, آفاق شوهاني, بتول عزيزبور......الخ. شاعرات لهن أصوات متميزة وتجارب كتابية مبتكرة. وفي كل يوم تنضم إلى القافلة شاعرة أخرى تحمل معها هواجسها ومشاغلها ونزوعها إلى فتح النوافذ المغلقة من أجل أن ينتشر ضوء الشعر ويغمر الفضاء في إيران وخارجها.


الشاعرة الايرانية فروغ فرخ زاد.. الطفولة الساذجة والنهاية المفجعة

مهدي محمد علي .


النهاية الفاجعة.. المفاجئة والمبكرة التي انهت حياة الشاعرة الايرانية المختلفة (فروغ فرخ زاد) لم تكن مفاجئة ولا مبكرة، اذ ان اشعارها ومنذ بدايتها، كانت تنبئ وتوحي وتهيئ كل من قرأها ويقرأها لمثل ما انتهت به حياتها، وفي الوقت شبه المعلوم ويكاد ذلك ان يكون معلوما لديها، الى درجة اننا نقرأ سطورا في واحدة من رسائلها الى صديقها القاص الايراني (ابراهيم كلستاني) تقول فيها: «سعيدة انا، لأن شعري صار ابيض وجبيني تغضن وانعقدت بين حاجبي تجعيدتان كبيرتان رسختا على بشرتي سعادتي هي اني لم اعد حالمة. قريبا سأبلغ الثانية والثلاثين، صحيح ان ال 32 عاما هي حياتي التي تركتها خلفي واتممتها، لكن ما يشفع لي هو انني وجدت فيها نفسي».. اذن فهي تنبأت، بل وكأنها قررت ان حياتها لن تزيد على هذا الرقم، وبالفعل فقد انتحرت أو هو «حادث سير» في السابع من مارس (آذار) 1967، وهي المولودة عام 1935. نتذكر الشاعرة، هنا، معتمدين اول كتاب صدر لها باللغة العربية، عن (اتحاد الكتاب العرب في دمشق) بترجمة واعداد: ناطق عزيز وأحمد عبد الحسين.. فمنذ موتها حتى صدور هذا الكتاب لم نقرأ لها سوى ترجمات متناثرة هنا وهناك، لذا فقد جاء كتابها (عمدني بنبيذ الامواج) الصادر ليسد الفراغ الذي نشأ انتظارا لصدور هذه المجموعة الطيبة من اشعارها المميزة، وبحجم يشبع الانتظار الذي طال، وهو 123 صفحة، تضم اختيارات واسعة من اشعارها وبترجمة موفقة الى حد معقول. ان اشعار (فروغ) تقع في برزخها الخاص.. تقع بين دنى الطفولة البريئة الساذجة البسيطة الوضاءة ودنى الحاضر الواعي الملغوم بالاوجاع والشرور والتشوه.. وما دامت الطفولة، بكل اوصافها، لم تعد مقدورا عليها في السلوك الحاضر الناضج، فإن الممكن ازاءها هو الاستغراق في التذكر لمواجهة القسوة الحاضرة الشاخصة، فإن لم يدم هذا الاستغراق، فإن امام الشاعرة مزية الاستغراق في الطبيعة، تمرر من خلالها شحنات روحها المتأزمة، بحثا عن التوازن المستحيل.. فلقد وجدت الشاعرة (فروغ) نفسها او اكتشفت نفسها فجأة بعد زواجها المبكر.. وجدت روحها محاصرة بالاوجاع والشرور والتشوه، فكان طلاقها وكانت رحلتها المحمومة والخطرة على برزخ البراءة الماضية/ القسوة الحاضرة. ان مجرد استعراض عناوين دواوينها او افلامها القصيرة يمكن ان يعطي فكرة عن عالمها المتوتر المتراكم بين الوجع والتأمل والحنين: (اسير حائط عصيان نار ما البيت الاسود).. ان فروغ وكما يقول الناقد الايراني (عبد العلي دستغيب) «دائما تفرش ذكريات الطفولة امام عينيها على خط مليء بالهيجان، قلقة ازاء لحظة الحاضر وخائفة من الغد المجهول الذي يجبرها على اللجوء الى ذكريات الطفولة». ذهبت تلك الأيام أيام الانجذاب والحيرة أيام النوم والصحو أيام كل ظل له سر وكل علبة مغلقة تخفي كنزا وكل زاوية من الصندوق في سكوت الظهيرة، كأنها العالم. وكل من لا يخاف من الظلمة كان في عيني هو البطل أجل، فلقد اخترقت تلك الايام، وانعزلت النفوس وجاءت الاوجاع وعم التشوه: باحة بيتنا منعزلة الأب يقول: «فات أواني فات أواني لقد حملت أوزاري وأتممت عملي» أما الأم فهي: مذنبة بالفطرة. كل يوم تقرأ الدعاء وتعزم على كل الازهار وتعزم على كل الاسماك وتعزم على نفسها الأم في انتظار (يوم الظهور) وحلول المغفرة. اما الاخ فهو «يسمي الحديقة مقبرة» و«يسخر من شغب الحشائش» وهو يرى ان شفاء الحديقة في ازالتها.. اما الاخت التي كانت صديقة الزهور، فهي اليوم في «داخل بيتها الاصطناعي/ مع اسماكها الاصطناعية/ وفي حماية زوجها الاصطناعي/ وتحت اغصان اشجار تفاحها الاصطناعية. تغني اغاني اصطناعية. وتضع اطفالا طبيعيين»! ان (فروغ) ترسم وحشة الحاضر وأساه، من فقدان الطفولة وعذوبتها. وهي تستعير الحديقة المهملة المنسية والمستباحة للطفولة الغاربة دون رجعة او امل بالرجوع الا في قلبها.. هي التي تعتقد «ان من الممكن اخذ الحديقة الى المستشفى» لأن «قلب الحديقة تورم تحت الشمس/ قلب الحديقة ينزف، بهدوء، ذكريات خضراء». وفي قصيدة اخرى تلخص الشاعرة الماضي والحاضر في قولها بأن: البنت التي لونت خديها يوما بأوراق الشمعدان هي الآن امرأة وحيدة! لقد صار شعورها بالوحدة والوحشة يلازمها، بل هو يتضخم في ذاتها كلما استعادت صور طفولتها الموغلة في البعد، وكلما شعرت بقسوة المحيط، ابتداء من تجربة زواجها الفاشلة، حتى فشلها في الانسجام مع كل ما تحبه في الناس وفي الطبيعة، بسبب الاوجاع والقسوة والتشوه، ففي قصيدة عنوانها (زوج): يأتي الليل ومن بعد الليل ظلام ومن بعد الظلام عينان يدان، وأنفاس وأنفاس وأنفاس وصوت الماء المنسكب قطرة قطرة من الصنبور بعد قطرتي دم من سيجارتين مشتعلتين تكتكات ساعة وقلبان وعزلتان ان العودة التذكرية للطفولة لم تكن حلا كافيا لأزمتها الدائمة التي سببها هو الحاضر المليء بالتشوه، فكانت تلجأ الى سمو آخر غير سمو الطفولة، فكان لها ان تجول في الطبيعة وتخترق جزئياتها القادرة على احتضانها وحمايتها من قسوة ما آلت اليه وما آلت اليه الحياة بمعناه الفردي والجماعي.. تلجأ الى دراما الطبيعة حتى ولو كانت تنطوي على حزن او فجيعة، فهي ارحم من قسوة الحياة المباشرة: في السماء الملول نجمة تحترق نجمة تذهب نجمة تموت ان هذا يعني ان (فروغ) الشاعرة تمهد لغيابها عن هذه الحياة، هذا الغياب المبكر والمؤكد.. تمهد لذلك بمظاهر الطبيعة الخالدة، وهي تنطفئ او توشك، كأنها تريد ان تقنع نفسها بالمصير الذي لا بد منه، فتلتحم بأسمى الاشياء وأكثرها جمالا وقدسية، وهي كذلك عرضة للفناء، فيكون ذلك شفاء للحظتها.. لحظاتها قبل الرحيل او قبيل الرحيل. منذ وعيها لحالتها هذه، وحتى لحظة انتحارها، لم تستسلم (فروغ فرخ زاد) للعدمية، رغم الوجع الذي صار اغنيتها الدائمة، ولكنها اغنية لها مساحات واسعة وعميقة من دنى الطفولة ودنى الاشياء السامية: السماء والنجوم والافكار ذات النقاء النادر.. تلك التي كانت تلجأ اليها من اجل التوازن، لا بل من اجل ان تثبت لنفسها، قبل اي احد آخر، بأنها محبة للحياة ومتشبثة بها، فهي لا تلجأ للتغني بالطفولة التي توغل في البعد ولا للتلاحم مع الاشياء السامية والسماوية من اجل ان تنسى الناس والحياة، بل هي تنحو هذا المنحى لتؤكد حبها للناس والحياة: أبدا ما تمنيت ان اكون نجمة في سراب السماء ولا شبيهة بأرواح المصطفين أو جليسة للملائكة.. أبدا.. لم أكن منفصلة عن الأرض لم أتعرف إلى النجمة. على التراب وقفت بقامتي مثل ساق نبتة تمتص الهواء والشمس والماء لتحيا. بل هي تخاطب من يعطف عليها: اذا ما جئت الى بيتي أيها العطوف فهات مصباحا ونافذة لأرى ازدحام الزقاق السعيد. انها مشدودة الى الناس والحياة، ولكنها غير قادرة على تحمل هذا الكم الهائل من الاوجاع والقسوة والتشوه التي تتخلل هذه الحياة وهؤلاء الناس، انها تعيش حالة من اللاتوازن، هي، في الوقت ذاته، حالة توازنها الخاصة: مغروسة في الارض تتغذى بالطفولة، ومستجيرة بالسماء من واقع الفكر الذي آلت اليه، والنقاء الذي تخاف عليه من الوجع والقسوة والتشوه. انها مشدودة الى الثرى والثريا.!


***


أرغب في تعليق قلبي على الأغصان كفاكهة طازجة "
- فروغ فرخزاد -


أحسّ أني خسرت عمري كله ، كان عليَّ أن أعرف أقل بكثير من خبرة السبعة والعشرين عاما ً، لعلّ السبب يكمن في أن حياتي لم تكن مضيئة ، فالحب ، وزواجي المضحك في السادسة عشرة زلزلا أركان حياتي. على الدوام لم يكن لي مرشد ، لم يربّني أحد فكرياً وروحيا ً. كل ما لدي هو مني ، وكل ما لم أحصل عليه كان بمقدوري امتلاكه لولا انحرافي وعدم معرفتي لنفسي . عراقيل الحياة منعتني من الوصول
أريد أن‏ أبدأ ..‏

سيئاتي لم تكن لسوء في صميمي ، لكن بسبب إحساسي اللامتناهي بعمل الخير.‏
‏ أشعر تحت جلدي بانقباض وغثيان ..
أريد تمزيق كل شيء .. أريد أن أتقوقع في ذاتي ما أمكنني . أريد الانطواء في أعماق الأرض ، فهناك حبي ، هناك عندما تخضر البذور وتتواشج الجذور يلتقي التفسخ والانبعاث ، وجود ما قبل الولادة وما بعد الولادة ، كأنما جسدي شكل مؤقت سرعان ما سيزول . أريد الوصول إلى‏ الأصل ، أرغب في تعليق قلبي على الأغصان مثل‏ فاكهة طازجة ..‏

سعيت دائماً لأكون بوابة موصدة لئلا يطلع أحد على حياتي الباطنية الموحشة ،
لئلا يعرف أحد حياتي ... سعيت إلى أن أكون آدمية .. ولكن كان في داخلي على الدوام كائن حي ..‏
قد ندحرج إحساسنا بأقدامنا .. لكننا لا نستطيع أن نرفضه أبداً .‏
لا أعرف الوصول .. لكني أعتقد أن هناك هدفاً ولابد ّ، هدف ينساب من وجودي كله إليه ، آه .. لو أموت وأبعث ثانية لأرى الدنيا شكلاً آخر .‏
العالم ليس ظلماً بكليته ، والناس ، الناس المتعبون ينسون أنفسهم دائماً فلا يسيج أحد منهم بيته .‏
الإدمان على عادات الحياة المضحكة ، والإذعان للمحدودية والعوائق ، كلها أعمال مخالفة للطبيعة .‏
إن حرماناتي ، وإن تكنْ قد منحتني الحزن ، فهي على العكس من ذلك أيضاً أعطتني هذه الميزة :‏
لقد أنجتني من فخاخ التهتك المخادع في العلاقات المحتملة . فالحرمانات تقرب العلاقة إلى مركز الاضطرابات والتحولات الأصلية .‏
لا أريد أن أشبع ، أريد الوصول إلى فضيلة الشبع .‏

سيئاتي؟
أية سيئات لي سوى خجلي وعجز حسناتي عن الإفصاح ، سوى أنين حسناتي الأسيرة في هذه الدنيا المليئة بالجدران على مد البصر ، جداراً تلو جدار ، التقشف بالشمس ، وقحط الفرص ، والخوف والاختناق والاحتقار ...‏

أمس الأول ، في الغرفة اللصيقة بغرفتي ( في الفندق ) انتحرت امرأة ، قبيل الصبح انفجر صوت صراخ ظننته عواء كلب ، خرجت لأستمع ، الآخرون خرجوا أيضًا.. وأخيراً كسروا الباب .. كانت المرأة قد أصبحت رمادية ، كانت قبيحة قصيرة ، فقيرة ، ترقد على سريرها فاقدة وعيها .‏
يبدو أنها قد ضُربت أولاً ، وقام ضاربوها بسحبها من الطابق الرابع إلى الطابق الأول . كانت قبل انتحارها ميتة تقريباً ، والآن ماتت تمامًا . من حقيبتها المفتوحة وسط الغرفة ومن بين ثيابها تبرز أشياء مضحكة ، وعجيبة : حمالات صدر لا عدد لها ، ألبسة داخلية قذرة ، جوارب ممزقة ، أوراق ملونة ودمى ملفوفة بالأوراق الملونة ، كتب قصصية للأطفال ، أقراص مختلفة ، صورة المسيح وعين اصطناعية .‏
لا أعرف ، لقد جاء هذا الموت بلا شفقة . تمنيت أن أذهب وراءها إلى المستشفى . لكني أمام كل الناس الذين تعاملوا مع جسدها الرمادي بهذا القدر من الفظاظة ، لم أتجرأ على إظهار رأفتي ومواساتي نحوها ...‏

سعيدة أنا ،
لأن شعري صار أبيض ، وجبيني تغضن ، وانعقدت بين حاجبي تجعيدتان كبيرتان رسختا على بشرتي . سعادتي أني لم أعد حالمة . قريباً سأبلغ الثانية والثلاثين ، صحيح أن ال الثانية والثلاثين عاماً هي حياتي التي تركتها خلفي وأتممتها . لكن ما يشفع لي أنني وجدت فيها نفسي .‏

فمي مضطرب ، وقلبي منقبض . تعبت من كوني متفرجة . .
ما إن أعود إلى البيت وأتوحد مع نفسي أحس أني قضيت يومي كله بالتشرد والضياع بين أشياء ليست مني ! ، أشياء زائلة .

****

النافذة


شعر : فروغ فرخزاد
ترجمة: حميد كشكولي من الفارسية



نافذة للرؤية،
نافذة للاستماع،
ونافذة مثل فوهة بئر تلمس نهايتها قلب الأرض،
و تشرع في وجه اتساع هذا الحنان المكرر ذي اللون الازرق المائي .

نافذة تملأ أيادي التوحد الناعمة
بالعطايا الليلية لعطور النجوم الكريمة،
و يمكن من هناك استضافة الشمس في غربة الأزهار الشمعدانية.
نافذة واحدة تكفيني،
أنا آتية من ديار الدمى،
من ظلال الأشجار الورقية في بستان كتاب مصوّر،
من المواسم اليابسة لتجارب الحب ّ والصداقة العقيمة في أزقة البراءة الترابية.
أنا قادمة من سنوات نضوج ّ حروف الأبجدية الكالحة وراء طاولات المدرسة المسلولة،
من لحظة استطاع فيها الأولاد أن يخطّوا على اللوح كلامَ الصخر،
و رفرفت الزرازير مغادرة ً الشجرة المعمّرة.

أنا آتي من بين جذور النباتات آكلة اللحوم،
و لا يزال دماغي تملؤه أصوات وحشة فراشة ٍ كانوا صلبوها بدبوس في دفتر.

حين كانت ثقتي تتدلى من حبل العدالة الواهن،
وكانوا ينهشون قلب قناديلي في كل أنحاء المدينة،
عندما كانوا يعصبون عيون عشقي الطفولية بمنديل القانون الداكن،
و من صدغي رغباتي المضطربتين تتدفق نافورات الدم،
و حينما لم تعد حياتي شيئا سوى دقات الساعة الجدارية،
أدركت ُ أنه يجب و يجب و يجب أن أعشق بجنون.
نافذة واحدة تكفيني،
نافذة في لحظة الوعي و الرؤية و السكينة.
و الآن فقد بسقت شتلة الجوز حيث تشرح الجدار َ لأوراقها اليانعة.
سل المرآة من هو منقذك،
أليست الأرض التي ترتعش تحت قدميك ، أكثر توحدا منك؟
هل جاء الرسل برسالة الخراب إلى عصرنا؟
وهل أن هذه التفجيرات المتعاقبة، و الغيوم السامّة، هي دويّ الآيات المقدسة؟
فيا صديقي!
ويا أخي !
ويا قريبي!
عندما تصل القمر، دوّن تاريخ مجزرة الورود!
إن ّ الأحلام دوما تسقط من علو ّ سذاجتها ، وتموت.
إنني أشم ّ الشبذر رباعي الأوراق النامي على قبر المفاهيم القديمة،
فهل ترى أن امرأة استحالت إلى تراب في كفن الانتظار و البراءة، كانت شبابي؟
وهل سوف أتسلق ثانية مدرجات فضولي إلى الأعالي،
لكي ألقي سلاما على الإله الطيّب الذي يتمشى على سطح البيت؟

أشعر أن الزمن قد مضى،
أشعر أن اللحظة هي حظي من أوراق التاريخ.
أشعر أن الطاولة َ هي تناء ٍ زائف بين ضفائري و أيادي هذا الغريب الكئيب.
قل ْ لي ،
وما الذي يبتغيه منك شخص يهبك حنان جسد مفعم بالحيوية, سوى إدراك الشعور بالحياة؟

قل ْ شيئا !
إنني بجنب النافذة،
تربطني صلة بالشمس.


لنؤمن ببداية فصل البرد
****


قصيدة : النافذة / بترجمة أخرى للشاعر أحمد عبد الحسين ؛ ونبذة عن حياتها .



النافذة

نافذة واحدة للرؤية
نافذة واحدة للاستماع
نافذة مثل فم بئر تنتهي الى قلب الارض


ومشرعة ملء هذا المنفتح العطوف المكرر الازرق
نافذة تجعل ايادي العزلة الصغيرة مملوءة بالتدفق الليلي لعطر النجوم الكريمة
ومن هناك
يمكن للشمس ان تكون ضيفة اغتراب زهور الشمعدان
تكفيني نافذة واحدة
من بلاد الدمى اتيت
من فيء الاشجار الورقية
في حديقة كتاب مصور
من فصول الجفاف لتجارب الصداقة والحب العقيمين
في الازقة الترابية المعصومة
من سنوات بلوغ حروف الالفباء باهتة اللون
وراء الطاولات المدرسية المسلولة
من اللحظة التي حفرت فيها الاطفال على السبورة حروف كلمة(حجر)
فهربت العصافير من الشجرة العجوز
من بين جذور النباتات اكلة اللحوم ، اتيت
وعقلي لم يزل مترعا برفيف موحش لفراشة صلبت في الدفتر بدبوس
عندما ربطت اعتمادي بحبل العدالة الهزيل
عندما قلوب القناديل مزقتني اربا في كل المدينة
عندما عيناي الطفلتان العاشقتان
عصبوهما بخرقة العدالة المظلمة
عندما من جباه املي المضطرب تفجرت نوافير الدم
عندما اصبحت حياتي لا شيء سوى ساعة جدارية
احسست اني يجب
يجب
يجب
ان اعشق بجنون
تكفيني نافذة واحدة
نافذة وحيدة في لحظة صفاء ورؤيا وسكوت
والان
شجرة الجوز تسامقت
الى الحد الذي صار بمقدورها ان تعلم اوراقها ما معنى (حائط)
انظر في المرآة لتعرف اسم منقذك
اتكون الارض التي تزلزلها قدماك
اكثر عزلة منك؟
الانبياء جاءوا برسائل التلف الى قرننا
اتكون هذه الانفجارات المتوالية
هذه السحب السامة
هزيم آيات مقدسة؟
صديقي
اخي
يا شبيهي في الخلقة
اذا وصلت القمر يوما
فاكتب تاريخ المجزرة الجماعية للازهار
كل الاحلام
يتساقطن من اعلى الواح سذاجتهن
ويهلكن
انا شممت عطر الليل فوق قبر المفاهيم الشائخة
تلك المراة المدفونة المكفنة بالانتظار والعصمة
هل هي شبابي؟
ايكون لي ان اصعد السلالم ثانية
لاحيي الهي الجميل السائر على سطح البيت
احس ان الاوان فات
احس ان لحظة هي كل نصيبي من اوراق التاريخ
احس ان الطاولة حاجز زائف بين خصلة شعري وبين ايادي هذا الغريب الكئيب
قل لي
تلك التي تمنحك رحمة جسدها الحي
ماذا تبغي منك
سوى ان تشعر بالحياة؟
قل لي شيئا
انا لي في نافذتي
ارتباط مع الشمس

عنوان القصيدة الاصلي ( بنجرة ) panjareh

نبذة عن حياة الشاعرة
فروغ فرخ زاد شاعرة إيرانيّة مجدّدة ، مخرجة سينمائية وكاتبة سيناريو وفنانة تشكيلية، توفيتْ في العام 1968 في أوج نضجها عن عمر ناهز 32 عاماً عاشتْ خلالها احباطاتٍ أوصلتها إلى حدود اليأس بدءاً من زواجها المبكر وطلاقها المبكر أيضاً وانتهاءً بالعداوة التي جرّها إليها نجاحها المتلاحق في الشعر والسينما. حصلتْ أفلامها على عدّة جوائز كبرى. لها عدّة مجاميع شعرية: عصيان، جدار، ولادة أخرى. ومن أفلامها: نار، وفيلم البيت الأسود الذي حاز على جائزة في مهرجان البندقية السينمائيّ. أنجز المخرج الإيطاليّ الشهير بتوليشي فيلماً عنها قبل وفاتها. لها ابن وحيد اسمه كاميار، وتبنتْ ابناً آخر اسمه عليّ أهدته قصيدتها (عليّ الصغير). كانتْ وفاتها في حادث سيّارة في التاسع من آذار وفي الساعة الرابعة عصراً كما تنبأتْ بذلك في قصيدتها (لنؤمن بحلول الفصل البارد).




****
[IMG]https://i10.************/53a8021.jpg[/IMG]

فروغ فرخزاد

ترجمة : محمد الأمين

من أين آتية أنا
من أين آتية أنا
مضمخة هكذا برائحة الليل
مازال تراب مثواها طرياً
أقصد مزار اليدين الخضراوين الشابتين..
كم كنتَ عطوفاً يا صاحبي، يا صاحبي الأوحد
كم كنتَ حينما كنتَ تكذب
حينما كنت تغلق أحداق المرايا
وحينما تقتطف الثريات
من السيقان النحاسية
وكنتَ تصطحبني في الظلمة المستبدة الى مرتع الحب
ليستقر ذاك البخار الدائخ المكمّل للهيب الظمأ
علي أحراش النوم.

وتلك النجوم الورقية
كانت تطوف حول اللانهايات
لماذا قالوا للصوت، كلاماً
لماذا استضافوا النظر في بيت اللقاء
لماذا اقتادوا الحنان لحجب ضفائر البكارة؟
انظر!
كيف صلبتْ، هنا، علي أعمدة الوهم
روح من نطقت بالكلام
وعزفت بالنظر
وتخلّصت بالرأفة من شغب الموت
وكيف بقي علي خدّها إثر أغصان كفك، الخمسة
الشبيهة بأحرف الحقيقة الخمسة.
ما الصمت.. ما الصمت.. ما الصمت يا صاحبي الأوحد؟
ما الصمت إلا أحاديث لم تقل
عاجزة أنا عن الكلام.. لكن لغة العصافير
لغة حياة الجُمل السارية لاحتفاء الطبيعة
لغة العصافير تعني: الربيع.. الأوراق.. الربيع
لغة العصافير تعني: النسيم.. الذي.. النسيم
لغة العصافير تموت في المصانع.

مَن هذه.. مَن هذه السائرة علي مسير الأبدية
صوب لحظة توحدٍ
من هذه التي تُملي ساعتها الأبدية
بمنطق الرياضيات ذي التفرقة والتفريق
من هذه التي لا تعتبر صياح الديكة
بداية قلب النهار
إنما بدء رائحة الإفطار
من هذه المتوجة بالعشق
المتفسخة بين فساتين العرائس؟

لم تسطع الشمس، إذن، في آن واحد
علي قُطبي اليأس.
لقد فرغتَ من نداء البلاط الأزرق
ولكثر ما مفعمة به أنا
تراهم يصلون علي صوتي.

جثث سعيدة
جثث ضجرة
جثث صامتة متأصلة
جثث لطيفة، أنيقة، حسنة المأكل.
في محطات الأوقات المقررة
في المدار القلق للأنوار المؤقتة
وشهوة شراء فواكه العبث الفاسدة..
آه يا للأناس القلقين من الحوادث في التقاطعات
وهذا صوت صافرات الوقوف
في اللحظة التي يجب، يجب، يجب
رجلٌ يدهس تحت عجلات الزمن
رجلٌ يدهس تحت عجلات الزمن
رجل، كان يمر من جنب الأشجار المبتلة..

من أين آتية أنا؟

قلتُ لأمي: لقد انتهي قلتُ: يحدث دوماً قبيل ان تفكري
علينا ان نرسل التعازي للصحف.

سلاما يا غربة العزلة.
أسلمُكَ الغرفة
لان السحب الداكنة هي دائماً رسلُ آيات الطهارة الطرية
وفي استشهاد شمعةٍ،
ثمة سرّ منوّرٍ، تعرفه جيداً أطول وآخر شعلة.

لنؤمن!
لنؤمن ببداية فصل البرد
لنؤمن بخرائب بساتين التخيّل
بالمناجل المقلوبة العاطلة
وبالبذور الحبيسة.
انظر، يا له من ثلج يهطل..

الحقيقة ربما، تلك اليدان اللتان دفنتا
تحت الهطول المتواصل للثلج
وفي سنة قادمة أخرى
حين يضطجع الربيع مع السماء وراء النافذة
سيفوران في جسدها
ستخضوضر النافورات الخضر للسيقان الرشيقة
يا صاحبي.. يا صاحبي الأوحد.

لنؤمن ببداية فصل البرد.

****

• وردة حمراء

ترجمة : محمد الأمين

وردة حمراء
وردة حمراء
وردة حمراء
هو اقتادني الى مزرعة الورود الحمر
في الظلمة علق على جدائلي المضطربة وردة حمراء
ثم ضاجعني على وريقة وردة حمراء.

ايتها الحمائم الكسيحة
ايتها الاشجار اليائسة المقفرة التجارب
ايتها النوافذ العمياء
تحت قلبي،
بين حنايا خصري
ثمة وردة حمراء تنمو
حمراء كبيرق سامق يوم قيامة
اه، حبلى انا حبلى،
حبلى

****


رد مع اقتباس
  #2  
قديم March 26, 2009, 09:05 AM
 
رد: الشاعرة الايرانية فروغ فرخزاد - تشرق الشمس

اخي هل انت من المهتمين بالشعر الجديد ام ان لك جولات في الشعر القديم الايراني؟

و دمتم بود
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الايرانية, الشمس, الشاعرة, تسرق, فرخزاد, فروع

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ماهي فروع اداره الذات ؟ متفائلة دوماً علم البرمجة اللغوية والعصبية NLP وإدارة الذات 4 November 25, 2009 11:45 AM
بدء استقبال طلبات الوظائف الشاغرة بمعهد الإدارة ناجم وظائف شاغرة 4 April 27, 2008 02:10 PM
عندما الشمس تشرق من الغرب محمود أسماعيل الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة 12 February 28, 2008 03:42 PM
الشاعرة والجني كلنا محمد روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 December 27, 2007 04:07 PM


الساعة الآن 12:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر