فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم January 21, 2018, 01:40 AM
 
Smile مصر في المصلحة بقلم عمر طاهر

مصر في المصلحة بقلم عمر طاهر

مصر في المصلحة
عمر طاهر

الخميس 18-01-2018

عزيزى توم هانكس..يومك جميل، بخصوص سؤالك: «ما العلاقة بين منصب رئيس الجمهورية ومصلحة الشهر العقارى؟»، فالحقيقة أنا مش عارف أجيبهالك إزاى؟ البلد «عهدة»، والعهدة فكرة لها مكانتها فى وجداننا كمصريين، وتسليمها يحتاج ترتيبات مقدسة، ومنصب الرئيس يبدأ من مكتب مدام فايزة فى الدور الثانى، بالضبط مثل كهنة المعابد فى مصر القديمة، حيث كان مستحيلا أن يمر الفرعون إلى كرسى الحكم بدون ختم الكاهن وتقديم القرابين للإله فى هيئة 25 ألف استمارة بردى.
فى مصر القديمة كان الكهنة هم الذين يحكمون البلد، وكان سهلا أن يثور المصريون على الفرعون ويزيحوه، لكن من المستحيل التخلص من «مدام فايزة»، حكام الظل هم «بلوة» هذا البلد، وقانون «العهدة» هو الحاكم، والتحرك بالورق المختوم هو طريقة حياة عندنا تبدأ من صرف السكر والزيت وتمر بحضور ماتشات الزمالك ولا تنتهى عند قصر الاتحادية، فاعلية القصر نفسه مرهونة برضا الكهنة، وهم فى الأصل سحرة اخترعوا فكرة اسمها «الروتين» تستطيع أن تكسر بها مجاديف التيتانيك أو تطفش من البلد أشجارا ضخمة فى عرض ظلها تستأصلها ببراعة، وكله بالورق، حكام الظل لديهم وسائل إعدام أرق من المشنقة والمقصلة، فهم يعدمون أفكارا قادرة على التغيير بوسائل من نوعية اللجان والمذكرات، وبناء على تعليمات الأمن، سلطتهم عميقة الأثر لكنها سطحية الذهن. يعنى مثلا عندنا فريق غنائى اسمه «كايروكى» رفضت الرقابة منحه الموافقة على طبع وتوزيع ألبوم، لأن حسه النقدى مزعج، فتنازل الفريق عن السوق والمبيعات، وطرح أعضاؤه أغنياتهم مجانا على يوتيوب، فوضع الكهنة الموضوع فى دماغهم، وعلى مدى الشهرين السابقين كلما أعلن أعضاء الفريق عن حفلة تركوهم يبيعون كل التذاكر، ثم يلغون الحفل، فيتورط الفريق فى الاعتذار ومشقة إرجاع الفلوس للناس وما يصاحب ذلك من امتعاض يُفقد الفريق جزءا من جمهوره، كرر الكهنة الأمر نفسه مع «كايروكى» خمس مرات حتى هذه اللحظة، العقاب بفكرة «استمارة الموافقة الأمنية على الحفل لم تصل».
لا يتحرك هذا البلد بحيوية لأن شرايينه مثقلة بالكهنة وقوانينهم ورغبتهم الدفينة فى تربية كل مَن يفكر أن يخرج من الدائرة. زمان كان عندنا محافظ للبحيرة، اسمه وجيه أباظة، كان جريئا ثوريا لا يخضع للكهنة، وكان يرى القانون هو كل ما يخدم الناس فقط، وكانت قراراته عظيمة، وعندما حان وقت مغادرته البحيرة كان يعرف أن الكهنة على الأبواب و«هيطربقوها» على صغار الموظفين، فكتب وسجل فى الشهر العقارى مذكرة يقول فيها إن كل القرارات الإدارية والمالية كانت على مسؤوليته الخاصة، فبُهت الكهنة، وعاشت دمنهور فى نعيم لفترة.
عزيزى «توم» اطرد من ذهنك أن فكرة مشوار الشهر العقارى هذا لا معنى له، فهذه الأوراق هى «مينيم تشارج» شرعى، وهى مصدر رزق للدولة مع كل طابع تمغة، وتأديب و«تقطيم» لكل مَن يفكر فى مرشح لا يحبه الكهنة، وهى «لايكات» موثقة تساعد الأمن مبكرا على عمل «بلوك» لكثيرين، وفرصة للكهنة أن يتباهوا بـ«نقلة ديمقراطية» بعد سنوات لم يكن فيها أحد يمتلك «أكاونت» إلا الفرعون.. قال يعنى.
محبتى.. عمر


نقلا عن جريدة المصري اليوم
__________________
الحمد لله في السراء والضراء .. الحمد لله في المنع والعطاء .. الحمد لله في اليسر والبلاء


Save
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مصر في المصلحة ، عمر طاهر

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المَرِح بقلم عمر طاهر معرفتي مقالات الكُتّاب 0 January 21, 2018 01:34 AM
شخصية العام بقلم عمر طاهر معرفتي مقالات الكُتّاب 0 December 25, 2017 09:51 PM
لا يوجد فول بـ«جنيه» بقلم عمر طاهر معرفتي مقالات الكُتّاب 0 December 21, 2017 04:23 PM
فلوس المصريين بقلم عمر طاهر معرفتي مقالات الكُتّاب 0 December 13, 2017 02:11 PM
ما أفسده الإصلاح بقلم عمر طاهر معرفتي مقالات الكُتّاب 0 November 22, 2017 07:52 PM


الساعة الآن 01:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر