فيسبوك تويتر RSS


  #7  
قديم March 13, 2017, 01:11 AM
 
رد: رواية الخائن 79 - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة )


3-ابقي معي
تلالات المدينه الرماديه الناعمه بالانوار . تقدمت اورسولا الي حاجز الشرفه وهي تسمع فرنسيه فيدل الرائعه وهو يتحدث علي الهاتف.انه رجل كامل حقا،وهو بدون شك يملك مركزا هاما في الشركه والا لما سمح له باستخدام هذه الشقه..
سالها عندما عاد الي الشرفه ووقف قربها:
- اتستطيعين تناول الطعام الان؟ ولكنه سيكون طعاما خفيفا . بيضا مقليا؟
هزت رأسها ايجابا بيد انها لم تستطع الجلوس في الخارج بعيده عنه . دقت الساعه العاشره.ساعتان قصيرتان تفصلانها عن يوم الجمعه..
وهكذا اعد الطعام مما هو موجود في البراد .. وامتلات طاوله الطعام بالسلطه والجبن والفاكهه والبيض المقلي السميك. تناولا الطعام بهدوء.
سألها وهو يقطع خوخه:
-امن الضروري ان تذهبي الي كليه الفنون؟
-لا اريد ذلك من اجل الوظيفه بل من اجل تنميه موهبتي .. والرد اجل قطعا ولكنني استطيع الدراسه بشكل جزئي وسيكون ذلك سببا في اطاله الدراسه ليس الا.
-ومن الضروري البقاء في باريس؟هل هناك استاذ معين ،ربما؟
ابتسمت اورسولا له, وبشرتها الناعمه التي لوحتها الشمس تكاد ان تكون شفافه امام نور مصباح الطاوله ..وقالت:
ان الحياه في باريس تكلف كثيرا، ومن الافضل ان ادرس في لندن.
-ولكنك لا ترغبين في العوده الي شقه زوجه ابيك؟
-اه
ساد صمت متوتر . ثم لم يلبث فيدل تناول القهوه علي الشرفه. وفي هذه المره ،لم يضع سوي ملعقه سكر واحده في فنجانه..غريب.
كان الظلام في الخارج قد اسدل ستارته السودا الحالكه التي لن تدوم سوي ساعات قصيره في مثل هذا الوقت من السنه ..كانت انوار المدينه تحتهما تتلالا وكانها سجاده من الاضواء. وقفا يحتسيان القهوه بصمت يراقبان المنظر ..ثم جلسا علي الارجوحه المزدوجه المقعد .اخذ يتلاعب بأنملها بلطف.ويرفعها الي شفتيه.
اغمضت اورسولا عينهيا ،تحس بالم داخلي.. ارادت ان يعانقها بشكل ملائم .. انها بحاجه يائسه الي حبه.فبيس امامهما سوي ساعات قليلات .لم يقل شيئا عن رويتها ثانيه.. في الواقع بدا وكأنه يختفي داخل نفسه .. هل ندم علي اصطحابها الي هنا؟هل وجد انه لايرغب في التورط؟ تأرجحت بهما الارجوحه بلطف متزامنه مع دقات الحياه النابضه في اعماقها.. بدأت الساعات حولهما تعلن عن منتصف الليل ،فحبست اورسولا انفاسها . لقد بدأ يوم الجمعه.
قال فيدل بهدوء :
-عشت يوما كئيبا ضاغطا وانت بدون شك متعبه .. يجب ان اعيدك الي منزلك.
لم ترد ولكنها ادارت راسها تنظر اليه .بعينين متسائلتين.
-اورسولا .. صغيرتي..لا تنظري الي هكذا..انا احاول..
ارتفعت يده تلامس خدها..فهمست:
-لا اريد الذهاب
-ولا اريد انا ايضا ان تذهبي
-حسن.. اذا؟
-نحن بحاجه الي الكلام .. لم نناقش شيئا حتي الان كما انك لا تعرفين شيئا عني.
سألت بصوت ضعيف:هل انت متزوج؟
بدأ و كأن السوأل ادهشه وسلاه في ان واحد
-لا .. اورسولا ..لا ..لست متزوجا.. اليس الامر عجيبا؟ ..
اجل ..فكيف استطاع الهرب من حبال العديدات ..فجأه غني قلبها فرحا
اردف يقول : لكن .. انظري الي .. كم عمرك ؟واحد وعشرين ؟اثنان وعشرون؟
همست تنظر اليه بسرعه:
-تسعه عشر
شاهدته يغمض عينيه رعبا فأردفت:لكنني سابلغ العشرين بعد اسابيع
-اه
فتح عينيه ثانيه، وعلي شفتيه طيف ابتسامه .
-وهل لهذا فرق؟
انه يضحك منها، واحست بالارتباك .. بدأت الساعات تعلنانها الثانيه عشره وربع ،انها فعلا ساعات غير متزامنه .. فهي تريد من كل ساعات العالم ان تتوقف .. تريد ان تبقي هنا ، في هذه الحديقه مع فيدل الي الابد .. احني رأسه يعانقها ، وتمتم علي شعرها:
- انا في الثالثه و الثلاثين .. الفرق بيننا كبير.
- اتقول اني صغيره؟
لا بل انا اكبر منك بكثير
مررت يدها علي صدره ، فشعرت بقلبه يخفق محاكيا قلبها .. شعرت بالصدمه لانه متأثر عاطفيا ..وهذا ما عطاها الشجاعه لتقول ، بشئ من الاغراء:
- علي ان احكم ان كنت كبيرا ام لا ، في الواقع لا اظنك كبيرا ابدا..
امسك يدها ورفعها الي فمه :الا تظنين هذا؟ حقا؟
ثم احتوتها ذراعاه وتمتمت شفتاه بلطف وهما متعانقان:
-لقد اردتك كثيرا .. اورسولا ..لكنني الان .. الان..
وتلفظ بكلمات المانيه لم تستطع فهما ،ثم ابعدها قليلا عنه ، متنهد تنهيده عميقه ،سألها وهو يمسد شعرها:
-اتريدين البقاء هنا؟
همست تخفي وجهها في كتفه: اجل ارجوك
-اتعرفين ماذا سيحدث ان بقيت هنا؟
هزت رأسها ايجابا.
قوليها لي.
-اجل فيدل .. انا واثقه انني اريد قضاء الليل معك.
ضمها بشغف اليه ثم راح يعانقها ويعانقها بجوع وهيام ولكنه لم يلبث ان تراجع عنها قائلا :
لا ,يجب الا يحدث ذلك.
ثم ابتعد عنها قائلا:اورسولا نامي هنا الليله ولكن لاتتوقعي مني شيئا فانا لااستطيع القضاء علي طهارتك.
وحملها بين ذراعيه الي الداخل.
-لماذا؟ اتخشي ان اطلب منك بعد ذلك الزواج؟ نحن في القرن العشرين وانا راشده.
-ماذا تقصدين؟
لااريد ان تظن انني اتوقع ..
-تتوقعين مني ان اطلب منك الزواج؟
-اجل .. اتري .. لست بحاجه الي هذا حتي وان حدث بيننا شئ.
-بل هناك حاجه ملحه لانني اريد فعلا الزواج بك ورغبتي هذه بدأت منذ الاسبوع الماضي.انت اجمل من الموناليزا .. هل تحبينني؟
شهقت, واطرقت الرأس مغروقه العينين بالدموع فضمها اليه.
-وهل الزواج بي سئ الي هذا الحد؟
-سخيف
-اذن .. ابتسمي لي .. هذا يكفي .. نامي الان وغدا لكل حادث حديث.

استيقظت في الصباح التالي تنظر الي ما حولها بدهشه ولكنها لم تلبث ان تذكرت ما حدث البارحه . نهضت من الفراش واسرعت ترتدي ملابسها ،ثم توجهت الي غرفه الطعام فوجدت فيدل قد اكل حصته. جلست الي المائده تتناول الطعام ثم لما انهت وجبتها قصدت غرفه الجلوس وهناك لفتت انتباهها من جديد اللوحه . انها فعلا تحب فن موندرايان .. وهذه فعلا نسخه رائعه .. ولكن عندما اقتربت منها ادركت مجفله ان اللوحه اصليه لا ولكنها اصليه دخل فيدل الي الغرفه ،فراها مهتمه باللوحه .
قالت له بعينين متعبتين عجبا: انها اصليه.
ضحك: انها احدي نقاط ضعفي.
-ولكنها تساوي..
رد بهدوء جاد وراح يراقبها مفكرا:اعتقد هذا
سحبت نفسا عميقا.
-اخبرني بالظبط لمن تعمل؟ وماهو نوع الشركه التي يمكنه شراء ديكور فاخر كهذا؟ ماهو هذا المكان بالظبط؟ من انت فيدل؟
-انا .. مصرفي
-اه. تعني انك تعمل بالمال ، هذا يفسر الكثير.
-انا اعمل جاهدا.
-اجل
-جاهدا الي درجه اضطراري الي مغادره باريس بعد الظهر ..ولا سبيل للهرب من السفر حبيبتي.
نظرت اليه من بين اهدابها:اعرف.
مد يده الي جيب سترته واخرج ورقه:- يجب ان اكون في بروكسل .. هذا رقم هاتفي هناك ،ثم هذا رقمي في لندن.
-وهذا رقم روما علي ما اظن.
-صحيح.
دنا منها يضمها مجددا ،واصابعه تعبث بشعرها، ثم همس:
-احبك .. واتمني لك يوما رائعا.
دفنت راسها في قميصه الازرق وردت هامسه ايضا: وهذا ماتمناه لك ايضا.
ابعدها عنه بحزم:
- سأتصل بك يوميا. سأغيب اسبوعا او عشره ايام بعد ذلك سنكون معا..
ثم، وكأنه تذكر شيئا ، فأخرج محفظته : سأترك لك بعض المال.
ارتدت الي الوراء ،وقد راعتها الفكره:لا.
-لكنك قلت ان ايما حبست عنك المال .. ستحتاجين الي المال حبيبتي.
-لا..لا.. انا بخير ..علي ما يرام .. حقا لدي بعض المدخرات ، والشقه مدفوع ايجارها عده اسابيع اخري.
قرر فيدل الا يلح عليها. ثم فجأه قرع جرس الباب وكانت السياره قد زصلت لتقله الي مكان الاجتماع في روان . عانقها بسرعه،ثم تمتم شيئا بالالمانيه..
احست بالخجل وهي ترتدي ثوب السهره في التاسعه صابحا. خاصه وانه السائق نفسه الذي اقلها ليله امس . ولكن وجهه لم يتحرك وهما يخطوان من المصعد في الطابق الارضي ، وقال فيدل بالفرنسيه :
- اود ان اقدم لك السيده زاراكوتشي العتيده.
ارتجفت يد اورسولا ، وتلقت التهنئه من السائق .. وظل فيدل ينظر اليها بفخر .في تلك اللحظات احست انها قريبه منه ولم تكن قادره علي الانتظار لتخبر العالم كله.
ضحكت ايما تريمان بصوت حاقد:
-تتزوجين ؟ انت؟ هذا امر مفاجئ عزيزيتي اورسولا ..؟
-اعتقد هذا
مضي عليهايومان قبل ان تجمع مالديها من شجاعه لتعود الي الفندق.
-منذ متي تعرفينه؟
- منذ وقت غير بعيد.
- اتظنينه ينوي الخير ؟
تحجر وجه اورسولا: ماذا تعنين بكلامك؟
-ايخال نفسه قد وجد وريثه غنيه ،ارسلها دادي الي كليه الفنون في باريس ، لتستمتع قليلا ...؟
كانت اورسولا ترسم طول اليوم في اللوفر وهاهي ماتزال بالجينز نفسه فقالت: اابدو كوريثه؟
سحبت ايما نفسا عميقا من سيكارتها،وجلست في مقعد .. ثم قالت اورسولا:
-ظننتك ستكونين راضيه.. اقصد انكبذلك تتحررين من مسوليتك تجاهي.

-حسنا .. قررت ان يكون لي ركود اقتصادي خاص ..لقد بعت كل شئ بعت الشركه او ما تبقي منها
__________________
محن الحياة تنضج الإنسان علي نار الألم.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم March 13, 2017, 01:15 AM
 
رد: رواية الخائن 79 - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة )

-انا غير مسووله عنك سوءتزوجت ام بقيت عزباء.الم اوضح ذلك؟
-اوضحته كل الوضوح.
-جيد.. ولكن هذا لايعني انني سأدعك تتزوجينمن شخصك لا يناسبك ابدا . من هو هذا الشاب؟ ماسمه ؟ ما عمله؟ ومن اين هو ؟
-انه ايطالي.
-يالهي . لاتقولي انه عامل ماقهي ايطالي وضيع .. العالم يعج بهم .
لا ، ليس عامل مقهي .. مع العلم انني لا اكترث وان كان كذلك.
ان سحر فيدل لايكمن في مركزه او غناه بل في جرأته وثقته بنفسه وغروره الرجولي الذي يدفعه الي النجاح .. وتابعت في سرعه:
انه رجل اعمال . اسمه فيدل
برقت عينا ايما بخبث ، وكأنها تقوم الموقف من وجهه نظرها . وسألت بصوت ملوه السخريه : فيدل ماذا؟
لماذا التردد
-فيدل زاراكوتشي.
جمد وجهه ايما : زاراكوتشي . اهو من عائله زاراكوتشي؟
ابتلعت ريقا :لا ادري
-ماذا تعنينب لا ادري؟
توجهت ايما الي النافذه،ثم عادت وعلي وجهها العداء، الحقد والذهول والتردد:
-اذا كنت ستتزوجين به فأنت تعرفين.
-اعرف انه يعمل في مصرف ...
قاطعتها زوجه ابيها:
-لا اصدق .. ها انا ذا افتش اوروبا كلها عمن يوفر لي وجبه في مطعم فخم .. وها هو احدهم يهبط في حجرك انت .. لاتقولي لي انك لم تسمعي بعائله زاراكوتشي . انها عائله من اقوي عائلات فيينا في عالم المصارف في اوروبا .كانت كلير صديقتي تتحدث عنهم منذ ايام فهي تملك اسهما في شركه ملاحه في روان ترغب ببناء حوض ضخم لبناء السفن. انه مشروع يحتاج الي ملايين لاحصر لها ، وطلبو من عائله زاركوتشي التمويل. ولقد نشرت الصحف كلها الخبر. الم تقرئيه؟ هناك صوره ايضا ..
تمتمت اورسولا : لا لم اقرأه بل انا لا اقراء الصحف . كان فيدل في روان الاسبوع الماضي
بدأت ايما تضحك بهستيريا وقالت:
-انها مزحه ..لا شك انه شخص يحاول التغرير بك .. يظنك تملكين مالا او يحاول معاشرتك .. اين هو الان ؟ اريد رويته .. اريده ان يعرف انه لن يتزوج ابنه زوجي بهذه السهوله . ثمه شروط محدده.
انها تفكر في مال تجنيه من الامر، ولم تستطع اورسولا ان تصدق .
-لقد تجاوزت الثامنه عشر وهذا يعني انني لا احتاج الي موافقتك.
-ثمه اعتبارت اخري .. قد اخبره عن افلاس والدك وعن اعالتي لك قائله اني انفقت كل ماملكه عليك ..ثم ها انت تكبرين وتنبذينني .. لا اضن ان عائله زاراكوتشي يحبون هذا النوع من الفضائح.
شهقت اورسولا :لن تجروي
-بدأت تقلقين وتخافين ان تخسري تأثيرك فيه ؟
عادت الي الطاوله حيث تركت سيكارتها تشتعل:
-حسن جدا .. ربما انت محقه .. ربما سأنتظر حتي تتزوجي بسلام .. ولكنني سأمهلك سنه واحده فقط .. انت حمقاء اذا ظننت ان فتاه لا شأن لها مثلك قد تسعد اي رجل .
التوي فمها بسخريه حاقده ،ثم اردفت :
-لكن الله وحده يعرف سبب رغبته في الزواج بك .. هل انت حامل منه ؟ ولكن هذا لايشكل فرقا .. فبامكانه بسهوله ان يدبر لك ..
صاحت اورسولا :لست حاملا
لم تظهر الدهشه علي ايما التي طالما اوضحت انها تعتبر اورسولا غبيه وغير جذابه . سألت فجأه :
-كم عمر فيدل زاراكوتشي هذا ؟انه كبير بالنسبه لك؟ولكن يبدو ان لديه شغفا بالفتيات الصغيرات؟
وكان هذا اكثر من ان تطيقه اعصاب اورسولا التي التقطت حقيبتها وهرعت الي الخارج بسرعه.
عادت الي شقتها سيرا ، غاضبه من ايما لحظه، مرتبكه ومششوشه اخري. اخيرا دخلت الي الشقه .. ربما ليس فيدل هو الشخص نفسه اين هو دليل الهاتف ؟ وجدته تحت المقعد ،وفتشت صفحاته ز .. فيينا .. هاهو زاركوتشي .. فيينا .. انه الاسم نفسه.
تنهدت تنهيده عميقه وقعدت علي وساده فوق الارض والشك يسكن قلبها ..اذن هو بالفعل فيدل زاراكوتشي ..فجأه شعرت بالعجز .. فان كان لايمكنها حتي التفكير بكلمه مليونير فاكتفت بكلمه ثري فلماذا يزعج نفسه بها ؟
اتراه يريد الزواج لسبب اخر .. ففي هذا الرجل ماهو خطير . حين كانا معا احست انه رجل متكبر ، وعدواني ، مسيطر ومميز . فكيف تحب شخصا ، وتريد الزواج به ثم في الوقت نفسه تخافه وتحار بأمره ؟
هل ينذرها حدسها ثانيه او ما تشعر به هة التوتر الذي يسبق الزواج عاده .
__________________
محن الحياة تنضج الإنسان علي نار الألم.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم March 13, 2017, 01:16 AM
 
رد: رواية الخائن 79 - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة )

4- اليوم الذهبي


غاب فيدل اسبوعين كان المناخ خلالهما قد تغير قليلا فتلبد الجو بالغيوم . قضت ايامها في حيره واضطراب اما ليلها فقضته ساهره تحاول معرفه ما اذا كان ما جري حلما . هل طلب رجل كفيدل يدها ؟ايريد حقا الزواج بها؟
اغمضت عينها بشده وتقلبت فوق الوسائد .. ارادت ان تحضنه بقوه . ارادت ان تحس به بين ذراعيها .. ارادت ان تحس بقوته تسيطر عليها وان تحس به يقمع نفسه بقوه ارادته .
كان يتصل معظم الايام . في المره الاولي اتصل من بروكسل ثم من لندن ،وفي الاسبوع التالي اتصل من روما وكان الوقت منتصف الليل تقريبا وقد استطاعت اورسولا سماع صوت موسيقي اتيه من مكان قريب . شعرت انه لايتصل من فندقه .
سألها بهدوء : انت في الفراش ؟
-لا.
لم تستطع ان تقول انها لم تتمكن من النوم قبل ان يتصل .. وقالت:كيف حالك؟
-اشتقت اليك.
كان صوته منخفضا مثيرا منكسرا .. ثم تكلم معه شخص ما ، وكان رده جمله طويله باللغه الايطاليه . فسألته وهي تحاول الا تظهر تطفلها ،فالصوت لانثي:
-اتقيم عند اصدقاء؟
-اتعشي مع اصدقاء .. ولم الحظ الوقت .. كنت انوي ان اتصل بك من شقتي .
ايعني هذا انه لن يعود الليله الي شقته ؟
-امازلت معي اورسولا ؟
-اجل.
-أبك شئ؟
-انا .. متعبه ، هذا كل شئ.
ثم بدا غاضبا من نفسه , وشرح لها انه مسافر الي فيينا في اليوم التالي ثم قال انه لن يتمكن من العوده الي باريس حتي مساء الثلاثاء.
حتي ذلك الوقت الطويل ؟ ثم انخفض صوته متمتما بدعوه حميمه :
-هل ستطهين عشائي؟
نضحت راحتا اورسولا عرقا واخد نبض كليل مخدر يضرب ضرباته المألوفهفي عروقها .
يوم الثلاثاء .. انه بعيد ،بعيد . ودعته متمنيه له ليله سعيده . احتبت اورسولا فوق الاريكه ،منهكه ، تحس تقلصا غريبا في معدتها ..لماذا لم يقل لها من تكون المرأه؟
ثم ، غمرها نوع اخر من القلق وهي تتامل ذلك التغيير الهائل الذي جري في حياتها في الاسابيع القليله الماضيه .. الان هي .. اورسولا التي تنتقد دائما صديقاتها وحياتهن العاطفيه . هل اصبحت ، صدقا ،مختلفه كثيرا ؟
اتصل بها من المطار ليقول لها انه عاد الي باريس ، وان السياره ستصل لتقلها بعد السابعه .. بدا لها علي عجله من امره . صوته ملكا لغريب الذي في داخله والذي لم تلتق به حتي الان . اهي مفرطه الاحساس اكثر من الللازم ؟ ام انه بدأ يغير رأيه ؟
زجرت اورسولا نفسها وكانت تبتسم ابتسامه مشرقه عندما انفتحتابواب المصعد ودخلت الي الشقه.
لكنه لم يكن في الردهه بانتظارها .. بل كان هناك شخص اخر .. شاب في مثل سنها ، يرتدي بذله انيقه ويتحدث هاتفيا باللغه الفرنسيه . التفت ما ان خطت اورسولا الي الردهه ، وابتسم لها ابتسامه سريعه.
لكنه في الواقع كان يصغي الي من يتكلم معه،هز رأسه ، قال اجل ، اجل ، ثم رد مجددا ، وكان غاضبا ، مصرا .. في صوته اكثر من لمسه سلطه .. ثم تكلم عن ستوكهولم وعن بعض الاسهم ... فرفرفت اورسولا عينيها ثم سارت الي غرفه الجلوس المتصاعده منها اصوات كثيره.
كان فيدل هناك ، يستخدم الهاتف الاخر وحول عنقه ربطه غير مستويه . كان حاله كحال الاخر . كان يدلك موخره عنقه ،ويهز رأسه .. لم يشاهدها .. في الغرفه بضع رجال وعلي الطاوله مستندات كثيره وجهاز تسجيل ،اما الجو فمثقل بدخان السكائر .. لم تعرف اورسولا لبرهه ماتفعل ،ثم رفع فيدل رأسه فجأه وشهادها .
ابتسم فخفق قلبها .. ثم اخذ يتحدث بالامانيه ،كان صوته فاترا باردا وخطيرا ولكنه حرك اصبعه يشير اليها ان تتقدم، فجأه وقف الرجال المنكبين علي الاوراق .
همست اورسولا وقد اصبحت قربه :لم اكن اعلم
لف ذراعه حولها واكمل حجيثه هاتفيا ،ثم توقف ليعانقها مشيرا اليها ان تجلس .
قدم لها شخص ما كوب عصير ،وجلست في احد المقاعد الجلديه البيضاء الفاخره ، محاوله الابتعاد عن الطريق .. الان ، وبعد ان عرف زملاوه عن انفسهم رسميا عادوا الي اجتماعهم .
ظهر الرجل الذي كان في الردهه ، ونادي فيدل الذي قطع حديثه وخرج الي الغرفه الاخري ،حيث سمعت نبرته القويه المفعمه بالسلطه.
مضت نصف ساعه ،تلقي خلالها فيدل مكالمات هاتفيه عديده.سمعته يقول ردا علي طلب ما :
-قل لهم اننا لن ندفع اكثر من عشرين مليونا.
انتفضت اورسولا وظلت هادئه ..فالعشرين مليونا .. مبلغ ضخم في جميع العملات.
هذا هو عالم فيدل . ولكنها عندما نظرت الي تنورتها البسيطه والي سترتها القطنيه تساءلت للمره الالف ،لماذا انا ؟
اخيرا غادر الجميع الغرفه ،وعاد فيدل الي غرفه الجلوس ،يمد يده الي اورسولا يقودها الي المكتب كان يجلس اليه. سحب وثيقه امامه والتقط قلما ..
-لم ارغب ان تكتشفي امري بهذه الطريقه ..لكن حدثت مشاكل لم نكن نتوقعها ..
-هذا مافهمته ..ولكن لا يهم لقد عرفت.
-عرفت ؟
وبدا ..ماذا ؟ يشك؟
-من ايما
-اهاه
-ليتك اخبرتني بنفسك.
ترك يدها ودلك موخره عنقه.
-اردت اطلاعك علي الامر ،لكن الامور خرجت عن ارادتنا .
حاول ان يبتسم ،ولكنه لم يفلح ..فتوتر وجهها :
-قلت لك لا حاجه الي ان تطلب يدي . وكنت مستعده لاعطيك ماتريد بدون زواج .
بدا علي فيدل التعب و سأل : اتحاولين قول شئ ما لي؟
ارتدت عنه متوجهه الي ابواب الشرفه ،تفتحها .. فدخان السكائر العابق يشعرها بالضيق.
احست بكل شكوك الايام والمها تضغط عليها :انا لا اعي ما اقول .
-لماذا لاتدخلين الي المطبخ لتطهي لنا العشاء ؟ الم تأت لهذا الغرض .. سأنظف المكان هنا .وبعد ذلك سأستحم.
وقفت اورسولا في المطبخ تفكر ماذا دهاها ؟ هل اساءت التصرف لانها توقعت منه الكثير في لقائهما الثاني . انه حتي الان ورغم رحيل الجميع لم يعانقها . اهو واثق منها الي هذه الدرجه ؟اكان يعامل نساءه جميعهم المعامله ذاتها ؟وماذا عن تلك المرأه في روما؟ ..
تنهدت غاضبه من نفسها ومنه في ان . ثم فتحت البراد ،فارتاعت. ثم راحت تبحث في خزانه المطبخ المليئه بأدوات الطعام ،وفناجين القهوه والشاي ..ولكنها لم تجد طعام .فليس في الخزانه او البراد سوي بيضه واحده وبعض حبوب القهوه .اهذه حياه مليونير مثله ؟ ايعجز حتي عن تنظيم مطبخه؟
عادت غاضبه الي غرفه الجلوس فوجدته هناك جالسا يكتب شيئا ما .اما تنظيف المكان فتركه غير عابئ ،من الواضح انه مازال مشغول البال بشأن الازمه الماليه . الا يعني الطعام له شئا ؟ اليس لديه وقت للتفكير فيه ؟ربما لهذا السبب يريد الزواج بها .. ربما تعب من العوده الي المنزل الذي لا يجده الا خاويا ..رفع رأسه عندما احس بها ، فقالت :
-ليس هناك طعام
مرر يده ببطء علي وجهه : ساطلب طعاما صينيا . اتحبين الطعام الصيني ؟
ثم ضحك بقلق ،ووضع القلم من يده ، ينظر اليها بعينيه الزرقاوين الساحرتين .. كان اسمراره قد ازداد ، وهذا يناسبه اكثر فقالت : الا تريد متابعه العمل ؟
دفع الاوراق جانبا : ليس الان فلينتظر العمل
-كيف كانت لندن ؟فانا لم اذهب الي هناك منذ الميلاد الماضي .
بدا فيدل متكتما وكانه لا يريد التحدث عن لندن.
-عظيمه .. بت هناك ليله واحده ..لقد امطرت.
ابتسم لها كأنه يغير موضوع الحديث
-وامطرت هنا كذلك.
-وفي بروكسل ايضا.
-اذن ، من اين اتيت بهذا الاسمرار ؟
-الاحظت هذا ؟
ضحكت :بالطبع لاحظت.
بدت السعاده عليه :لوحتني شمس روما .
اضفت لكنته الايطاليه علي اللفظ بعدا عذبا ، واحست اورسولا بالاضطراب لانها تذكرت تلك المرأه.
وقف فيدل يداعب ذراعها قليلا .. ثم تمطي قائلا انه بحاجه الي حمام ..خرجت الي الشرفه وهي لا تدري مرغوبا فيها ام لا .
ثم تذكرت زيارتها الاولي الي الشقه ، ولاحظت انها تجلس امام لوحه موندريان بدون ان تلاحظها . اهكذا تجري الامور ؟ ايصبح المرء معتادا علي الترف والثراء ؟ وهل ستعتاد علي سمعه فيدل العالميه ،وكل ما يتعلق به بالطريق ذاتها؟
نزعت سترتها ثم توجهت الي المطبخ وهناك رأته يضع الاكواب في غساله الصحون .. وقفت في الباب تنظر اليه .. تبتسم له ..وعرف . عرف مخاوفها ، وحيرتها .كان كمن يستطيع رويه كل شئ في اعماق نفسها .. وكان هذا مبهجا ،ومخيفا في ان . ابتلعت ريقها وهو يجفف يديه ويرمي المنشفه علي الرف .
تقدم ليمسك بكلتا يديها ،يضمها اليه ويطبع قبله علي شعرها :
-لست جائعا .. وانت ؟ اتريدين ان اطلب الطعام ؟
همست مغمضه عينيها ،تحس بجسدها يستيقظ امام اثاره خطيره :لست جائعه في الواقع
تمتم :انتظرت هذا اليوم بفارغ الصبر.
مالت اليه ،تغرق في ظلمه احاسيسها .. تعقد ذراعيها وراء عنقه ..
__________________
محن الحياة تنضج الإنسان علي نار الألم.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية الاعمى والحب - أن جيبكوفسكى - روايات عبير الجديدة المركز الدولى (كتابة/كاملة هلا 78 سلاسل روائية ( عبير- أحلام- زهور ) 34 February 28, 2017 01:36 AM
رواية اميلي برونتي مرتفعات ويذرنج ، اعظم رواية انجليزية مترجمة كاملة jalil sama الروايات والقصص المترجمة 7 October 30, 2016 09:36 PM
رواية عفتك وعفت قلوب ممشاك كامله- رواية حزينه ورمنسية كاملة 2011 ألاء ياقوت روايات و قصص منشورة ومنقولة 2 August 24, 2011 03:48 AM
رواية اوعدك تشوف موتي قبل لا انوي اخونك كاملة رواية رومنسية حزينة ألاء ياقوت كتب الادب العربي و الغربي 0 November 2, 2010 06:55 PM
رواية ( ذاكرة الجسد ) .رواية رائعة للكاتبه أحلام مستغانمي ...كاملة !! قلب حائر روايات و قصص منشورة ومنقولة 101 August 13, 2010 04:31 PM


الساعة الآن 09:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر