فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم June 17, 2008, 06:55 PM
 
أخلاق بالا إسلام

أخلاق بالا إسلام
يجري البحث هنا في منزل كيغالوس , وهذا أرستقراطي ثري , و تضم مجموعة المتحاورين غلاكون و إدمانتوس , شقيقي أفلاطون , كما و تضم أيضاً ثراثيماخوس , و هذا سفسطائي فظ عبوس , قابل للاستثارة بسرعة . و هنا يبادر سقراط الذي ينطلق في الحوار بلسان أفلاطون , سائلاً كيغالوس :
ما الذي تعتبره أعظم بركة , أو نعمة جنيتها من الثروة ؟
فيجيب كيغالوس بأن الثروة هي نعمة بالنسبة إليه , و خاصة لأنها تمكنه من أن يكون جواداً مستقيماً و عادلاً . و هنا يسأله سقراط , وفقاً لعادته الماكرة , عما يعنيه تماماً بكلمة (( عدالة )) , و بهذا يطلق سراح كلاب الحرب الفلسفية . و ذلك لأنه لا يجود هناك من أمر محفوف بالمصاعب , على ذاك الشكل , كالتعريف , كما و ليس هناك من امتحان على تلك الحال من القسوة و تمرين للصفاء الذهني و المهارة مثله . و يجد سقراط من السهل عليه أن يدمر تعريفاً بعد آخر من التعاريف التي تقدم إليه , و يتابع سقراط ناسجاً على هذا المنوال إلى أن ينفجر , أخيراً ثراثيماخوس , الذي كان أقل من الآخرين صبراً , صارخاً هداراً : (( أية حماقة قد ركبتك يا سقراط ؟ و أنتم أيها الآخرون ماذا دهاكم لتتراموا على أقدام بعضكم بعضاً بهذه الطريقة البليدة الغبية ؟ إنني أقول بأنكم إذا أردتم أن تعرفوا ما العدالة , فيتوجب عليك يا سقراط أن تجيب لا أن تسأل , و أن لا تفاخر بنفسك بدحضك لأقوال الآخرين .. وذلك لأن هناك الكثيرين الذين بمقدورهم أن يسألوا , لكنهم يكونون عاجزين عن الإجابة )) .
لكن سقراط لم يرتب , فاسترسل يسأل أكثر مما يجيب , و بعد هنيهة من مجانبة ووخز , استثار تراثيماخوس القليل الحيطة , وورطه في تقديم تعريف إذ إن السفسطائي الغاضب صاح قائلاً :
(( إذن فلتسمعوا , إنني أجاهر بأن القوة هي الحق , وبأن العدالة هي مصلحة الأقوى .. و إن الأشكال المختلفة من الحكومات , وسواء كانت ديمقراطية أو أرستقراطية أو أتوقراطية , تشْترع القوانين , وكل واحدة من هذه تستهدف من وراء التشريع , تأمين مصالحها , وهذه القوانين التي اشْترعتها على تلك الصورة لتأخذ مصالحها , تقدمها إلى رعاياها (( كعدالة )) و تعاقب , (( كظلم )) أي امرئ يتجاوزها .. و إنني أتحدث عن (( الظلم )) بمعنى واسع , و بإمكانكم أن تروا ما أعنيه بأوضح صورة , في الأتوقراطية , التي تغتصب بالتدليس و القوة , أملاك الآخرين , و اغتصابها هذا لا يكون بالقطاعي بل بالجملة . و الآن فعندما يقوم أحد الناس و يصادر أموال المواطنين و يجعل منهم عبيداً , فبدلاً من أن ينعت باللص المختلس المدلس , نرى الجميع يصفونه بالسعيد و المبارك , لأن الظلم مُعاب و مذموم , و بسبب أن أولئك الذين يذمونه يخافون من معاناته , و لا يذمونه بسبب من ضمير حي قد يكون لهم , و يتحسس بأنهم هم بأنفسهم يقترفون المظالم )) .
وهذا القول يمثل طبعاً , النظرية , التي يربطها عصرنا هذا , بصورة صحيحة , باسم نيتشه : ((الحق أقول لكم بأنني ضحكت مراراً كثيرة من أولئك الضعفاء الذين اعتقدوا بأنهم أخيار , بسبب أن لهم براثن واهنة ضعيفة )) ولقد عبر شترنر عن هذه الفكرة تعبيراً وجيزاً حينما قال (( إن حفنة من القوة لأفضل من حقيبة مليئة بالحق )) . و لربما لا توجد في تاريخ الفلسفة بأكمله صياغة لهذه النظرية أفضل من صياغة أفلاطون لها في حوار آخر , (( جورجياس )) حيث يقوم السفسطائي كاليكلس بالتشهير بالأخلاق , و يعتبرها على أنها بدعة الضعفاء , لإبطال قوة القوي . (( إنهم يوزعون المدح و القدح وفقاً لما تقتضيه مصالحهم الخاصة , و هم يقولون بأن الغبن , عدم الاستقامة , لأمر مخجل و معيب , وهم يعنون بالغبن , الرغبة في أن يمتلكوا أكثر مما يملك جيرانهم , و نظراً لأنهم يعملون بدونيتهم الخاصة , لذلك فإنهم سيكونون فقط جد مسرورين للحصول على المساواة .. ولكن إذا كان يوجد هناك رجل له من القوة مقدار كاف ( وهنا يدخل السوبرمان المترجم ) , فعندئذ سينفض عنه كل هذا و يخالفه و ينجو منه , وسيدوس بقدمه كل صيغنا و تعاويذنا و أسحارنا و قوانيننا , هذه الخطيئة في حق الطبيعة .. إن ذاك الذي يرغب في حياة صحيحة ينبغي عليه أن يسمح لرغباته بأن تقوى و تشتد إلى أقصى حد ممكن , و لكن عندما تبلغ رغباته أشد ما تطيقه من مبلغ , فيتوجب عليه أن يعضدها بالشجاعة و الذكاء كي يشبع كل ماله من توق وشوق , و هذا هو ما أؤكد على أنه عدالة طبيعية و نبالة . ولكن الكثيرين لا يستطيعون أن يقوموا بمثل هذا الأمر , ولذلك فهم يلمون أشخاصاً كأولئك , و ذلك لأنهم خجلون من عجزهم الذي يرغبون في ستره و إخفائه .. و هم يستعبدون الطبائع الأنبل , ويمتدحون العدالة , فقط لأنهم جبناء رعاديد )) .
إن هذه العدالة ليست أخلاقاً للرجال , بل إنها أخلاق الخدم و السعاة , إنها أخلاق العبيد , و ليست أخلاق الأبطال , وإن فضيلتي الرجل الصحيحتين , هما الشجاعة و الذكاء .
ولربما كانت هذه (( اللا أخلاقية )) القاسية , تعكس صورة تطور الاستعمار في السياسة الخارجية لدولة أثينا , و علاجها العديم من كل رحمة للدول التي كانت دونها قوة . لقد قال بيركليس في خطبة ابتدعها له توسيديدس ما يلي :
(( إن إمبراطوريتكم ترتكز على قوتكم أكثر من ارتكازها على نوايا رعاياكم الطيبة )) ويورد المؤرخ نفسه قولاً لمبعوث أثينا إلى ميلوس كي يقنعه بالانضمام إلى قومه في حربهم ضد إسبرطة :
(( إنك لتعلم بأن الحق , كما هي حال العالم , هو أمر يتعلق فقط بالمتساوين في القوة , فالأقوياء يفعلون ما يستطيعون و الضعفاء يعانون ما يجب معاناته )) . وهنا تطالعنا القضية الأساسية للأخلاق الوضعية , و لغز نظرية السلوك الأخلاقي . ما هي العدالة ؟ هل ينبغي علينا أن ننشد البر و الإقساط , أو أن نطلب القوة ؟ و هل من الأفضل أن نكون أخياراً أو أقوياء ؟ .
كيف يقابل سقراط , أي أفلاطون , تحدي هذه النظرية ؟ .
إنه بادئ ذي بدء , لا يقابله إطلاقاً , فهو يشير إلى أن العدالة هي علاقة بين الأفراد , تعتمد على التنظيم الاجتماعي , و إنها نتيجة لذلك , يمكن دراستها كجزء من تركيب المجتمع , بشكل أفضل من دراستها كصفة من صفات السلوك الشخصي . و هو يقترح قائلاً : بأنه إذا استطعنا تصوير دولة عادلة , فعندئذ ستكون في مركز أفضل لوصف الفرد العادل .
وأفلاطون يعذر نفسه عن هذا الانحراف و الزيغ , مبرراً ذلك بقوله بأننا , حين فحص بصر المرء, نجعله يقرأ أولاً حروفاً كبيرة , و من ثم نطلب إليه قراءة حروف أصغر من تلك , وهكذا ينطلق محاجاً بقوله بأن تحليل العدالة على نطاق واسع , لهو أسهل علينا من تحليلها على نطاق ضيق يتمثل في سلوك الفرد . لكن علينا ألا نُخدع , فالحقيقة هي أن المعلم يرفأ كتابين معاً , ويستخدم التعليل كخط للالتحام . فهو لا يرغب فقط في بحث قضايا الأخلاقية الشخصية , بل أيضاً في بحث قضايا إعادة البناء الاجتماعي و السياسي . فطوباه هي في ردنه , و هو عازم على إخراجها , و من السهل علينا أن نغفر له, وذلك لأن الزيغ يشكل لب كتابه وقيمته .
ويقول سبينوزا : (( إن كل شيء , تكون لب كينونته و جوهرها . يسعى ليتشبث بكينونته الخاصة , و إن السعي الذي به ينشد التشبث بكينونته الخاصة ليس سوى الماهية الواقعية لذاك الشيء)) .
فالقوة التي بواسطتها يبقى الشيء , تكون لب كينونته وجوهرها . فكل غريزة هي حيلة أو تدبير أوجدته الطبيعة وطورته للحفاظ على الفرد ( أو للحفاظ على النوع أو العشيرة الأمر الذي ينسى العازبين منا إضافته ) .
وإن اللذة و الألم هما رضا الغريزة أو العقبة في طريقها , و هما ليسا بعلتي رغبتنا , بل إنهما نتائج هذه الرغبات , فنحن لا نرغب في الأشياء لأنها تعطينا لذة , بل إنها تعطينا لذة لأننا نرغب فيها , و نحن نرغب فيها لأنه يجب علينا ذلك .
و بحكم ذلك لا توجد إرادة حرة , فضرورات البقاء تعين الغريزة , و الغريزة تعين الرغبة , و الرغبة تعين الفكر و الفعل . (( فقرارات الذهن ليست سوى الرغبات التي تتنوع وفقاً للفطر المختلفة )) . (( و لا توجد في الذهن إرادة مطلقة أو حرة , بل إن الذهن مقرر له أن يريد هذا الشيء أو ذاك , و تقرر هذا الأمر علة تعينها بدورها علة أخرى , و تعين هذه ثالثة و هكذا دواليك حتى اللانهاية )) . (( و الناس يعتقدون بأنهم أحرار , و سبب ذلك عائد إلى كونهم يعون إيرادات أفعالهم ورغباتهم , لكنهم يجهلون بالعلل والأسباب التي تدفع بهم إلى التمني أو الرغبة )) . و يقارن سبينوزا شعور الإرادة بحجر يفكر , و هو مندفع في الفضاء , بأنه هو الذي يعين مساره و مكان سقوطه ووقت هبوطه .
ولما كانت الأفعال البشرية تطيع قوانين ثابتة ثبات قوانين الهندسة , لذلك ينبغي أن ندرس على النفس بشكل هندسي و بموضوعية رياضية .
وبهذا الصدد يقول سبينوزا : (( إنني سأكتب عن الكائنات البشرية كما لو أن همي كان منصباً على الخطوط و السطوح و المكعبات )) . (( لقد كدحت بحرص و حذر كي لا أسخر أو أتفجع أو ألعن الأفعال البشرية بل كي أفهمها , و على ضوء هذه الغايات نظرت إلى الانفعالات لا بوصفها رذائل الطبيعة البشرية , بل كخصائص لائقة بها تماماً كلياقة الحرارة و البرودة و العاصفة و الرعد , و ما شابه ذلك بالطبيعة و الجو )) .
(( إن هذه المواجهة اللامتحيزة للموضوع ترتفع بدراسة سبينوزا للطبيعة البشرية إلى تلك الذرى الشامخة , و تعطيها هكذا أولوية حيث وصفها (( فرودي )) (( بأنها دراسة هي ببعيد أكثر اكتمالاً من أية دراسة أخرى سبق لأي فيلسوف أخلاقي أن خطها أبداً )) . كما و أن (( تين )) لم يعرف من أية طريقة أخرى لامتداح تحليل (( بايسل )) سوى تشبيهه له بتحليل سبينوزا , بينما أن يوهانيس مللر عندما بلغ في دراسته موضوع الغرائز و العواطف كتب قائلاً :
(( إنه فيما يتعلق بعلاقات العواطف بعضها ببعض , و مع صرف النظر عن الحالات السيكولوجية , فإنه لمن المستحيل على المرء أن يقدم أية دراسة أفضل من الدراسة التي و ضعها سبينوزا بتفوق أستاذ لا يعلى عليه . و بالتواضع الذي عادة يرافق العظمة الحقيقية اقتبس هذا العالم النفساني السفر الثالث من كتاب الأخلاق الوضعية حرفاً حرفاً )) .
وإنه من خلال هذا التحليل للسلوك البشري يبلغ سبينوزا أخيراً القضايا التي تعطي رائعته عنوانها .
وأخيراً فإن هناك ثلاثة مناهج لأخلاق الوضعية , أي ثلاثة مفاهيم للخلق المثالي و للحياة الأخلاقية . فهناك منهاج بوذا و المسيح , الذي يشدد على الفضائل الأنثوية , و يعتبر أن للناس , جميعاً قيمة و اعتباراً , ويقاوم الشر فقط بالرد عليه بالخير , و يعرف بأن الفضيلة هي المحبة , ويميل في السياسة إلى الديمقراطية غير المحدودة . أما المنهاج الثاني فهو منهاج ميكيافيللي و نيتشه , الذي يشدد على فضائل الرجولة ويقبل بعدم المساواة بين البشر , و يستذوق مخاطر الصراع و الفتح , و يعرف بأن الفضيلة هي القوة , و يمجد الأرستقراطية الوراثية . و أخيراً فإن المنهاج الثالث هو منهاج سقراط و أفلاطون و أرسطو , و هذا ينكر قابلية التطبيق الشامل لكل من الفضائل الأنثوية و فضائل الرجولة , و يعتبر أن الناس المطلعين و الناضجين هم وحدهم قادرون على أن يحكموا متى ينبغي للمحبة أن تسود , و متى ينبغي للقوة أن تسيطر , وذلك وفقاً لتفاوت الظروف و اختلافها . و هذا المنهاج يعرف لذلك بأن الفضيلة هي العقل و يطالب بحكومة تكون مزيجاً متفاوتاً من الأرستقراطية و الديمقراطية . و أنه و الحق لامتياز لسبينوزا كون أخلاقه الوضعية توفق , بصورة لا واعية , بين هذه الفلسفات الثلاث المتعادية ظاهرياً , و تنسج منها وحدة متناغمة منسجمة , و تعطينا في النهاية منهاجاً للأخلاق هو أسمى إنجاز عرفه الفكر الحديث .
ويبدأ سبينوزا بجعله السعادة هدفاً للسلوك و هو يعرف السعادة ببساطة , إذ يقول بأنها وجود اللذة و غياب الألم . لكن اللذة و الألم هما أمران نسبيان وليسا مطلقين , وهما ليسا حالين بل إنهما انتقالان . (( فاللذة هي انتقال المرء من حال كمال أقل , ( و يعني بكمال هنا اكتمال أو إتمام ) , إلى كمال أضخم . أما اللذة فإنها تتوقف على هذا , ألا وهو تزايد قوة المرء . و ما الألم سوى انتقال المرء من حال كمال أضخم إلى كمال أقل .. )) .
و إنني أقول بالانتقال , و ذلك لأن اللذة ليست الكمال بذاته : (( فلو أن المرء كان قد ولد مع الكمال الذي ينتقل إليه فعندئذ سيكون مجرداً من عاطفة اللذة , و عكس هذا القول يجعل , مع ذلك , الكمال أشد بروزاً و ظهوراً )) وجميع الانفعالات هي ممرات , أما العواطف فهي حركات نحو أو من الاكتمال و القوة . ويقول سبينوزا :
(( إنني أفهم بالعواطف تكيفات الجسد التي بواسطتها تتزايد قوة الفعل في الجسم أو تنقص , تُعاضد و تُنشط أو تُلجم و تكبح , كما و يتم هذا الأمر في الوقت ذاته بالنسبة لفكر هذه التكيفات )) . (لقد جرت العادة أن تنسب نظرية العاطفة إلى جيمس (( ولانغي )) , لكنها هنا و عند سبينوزا , قد صيغت بصورة أصح و أدق من صياغة أي من هذان العالمين النفسانيين لها , و تتفق , بصورة مذهلة , ونتائج أبحاث البروفيسور ( كانون ) . فالعاطفة أو الانفعال ليس طالحاً أو صالحاً في ذاته , بل فقط من حيث ينتقص أو يزيد في قوتنا . (( و إنني أعني بالفضيلة و القوة الشيء ذاته , فالفضيلة هي قوة الفاعلية , إنها صورة للآبلية , فكلما ازدادت قدرة الإنسان على الحفاظ على كينونته و طلب ما يكون نافعاً له , تكن فضيلته أقوى و أشد )) و سبينوزا لا يطالب المرء بأن يضحي بنفسه من أجل صالح إنسان آخر , فهو أرفق من الطبيعة , وهو يعتقد بأن الأنانية هي فرع ضروري من الغريزة العليا للحفاظ على الذات . وهو يقول بهذا الصدد :
(( ليس هناك من إنسان يهمل أي شيء يراه صالحاً , ما عدا إذا أمل بأن يكسب من وراء إهماله هذا , شيئاً يكون أصلح من ذاك )) . وهذا الأمر يبدو لسبينوزا معقولاً تماماً , (( فنظراً لأن العقل لا يطالب بأي شيء ضد الطبيعة , لذلك فهو يسلم بأنه يتوجب على كل إنسان أن يحب ذاته , و أن ينشد ما يكون نافعاً له , و أن يرغب في أي شيء يقوده فعلاً إلى حال من كمال أشد . و أنه ينبغي على كل إنسان أن يسعى للحفاظ على كينونته من حيث أنها تكمن فيه . و هكذا نراه لا يبني أخلاقه الوضعية على الإثارية أو الغيرية , و على صلاح الإنسان الطبيعي كالمحافظين الأوغاد , بل يرسيها على ما يعتقد بأنها أنانية محتومة و لها ما يبررها .
و إن منهاجاً أخلاقياً يعلم الإنسان بأن يكون ضعيفاً لهو منهاج لا قيمة له أو وزن , فأساس الفضيلة هو ليس أي شيء آخر ما عدا المجهود الرامي إلى حفاظ المرء على كينونته , كما وأن سعادة الإنسان تتوقف على القوة للقيام بعمل كهذا .
و سبينوزا , كنيتشه , لا يجد في الاتضاع أية فائدة , فالاتضاع هو إما رياء مدبر أو جبن عبد , وهو يدل على عدم وجود القوة بينما أن جميع الفضائل بالنسبة لسبينوزا هي صورة الآبلية و القوة . و هكذا فإن الندم هو مثلبة أكثر من كونه فضيلة . و بهذا يقول :
(( إن من يندم يكن تعيساً مرتين و ضعيفاً ضعفاً مزدوجاً )) . ولكنه لا يصرف من الوقت مقدار ما يصرفه نيتشه على الطعن بالا تضاع , (( و ذلك لأن الاتضاع نادراً جداً )) , وهو كما يقول شيشرون , بأن حتى الفلاسفة الذين يضعون الكتب في تمجيد الاتضاع يضعون أسماءهم على صفحات عناوين كتبهم. (( فذاك الذي يحتقر نفسه هو أقرب الناس إلى الإنسان الفخور بها )) . هذا ما يقوله سبينوزا ( واضعاً بجملة واحدة نظرية محبوبة لدى المحللين النفسانيين , هذه النظرية القائلة بأن كل فضيلة مدركة هي مجهود يرمي إلى إخفاء أو تصحيح رذيلة خفية ) . وبينما نرى سبينوزا يكره الضعة نراه معجباً بالتواضع . وهو يعترض على الفخار أو الكبر , الذي لا يكون منقوشاً بالأفعال نقشاً . و يرى أن الغرور يدفع بالناس إلى كراهية بعضهم بعضاً : (( فالرجل المغرور يروي فقط أفعاله العظيمة , ويقصر فقط عن أفعال الآخرين الشريرة )) . وهو يغتبط ويسر عندما يجالس من هم دون منه , حيث أن مثل هؤلاء سيفرغون أفواههم دهشة لما أتاه من أفعال و أعمال , وأخيراً يصبح ضحية أولئك , الذين يكونون أكثر الناس مدحاً له وإطراءُ , (( إذ ليس هناك من إنسان ينخدع بالملق و المداهنة كما ينخدع بهما المتكبر الغطريس )) .
الصديق بويل1
__________________
وش فيك تركض وش بلاك وش اللي تتزاحم عليه ليش اللي فيدك ما كفاك ليش اللي مو فيدك تبيه ناسي أن هالدنيا نصيب غريب يا ابن أدم غريب لوكل احد راضي وقنوع لو ما في شيء اسمه طمع مكان في الدنيا جوع ما كان مركبنا طبع بس منهوه يسمع أو يجيك غريب يا أبن أدم غريب شيئين من دون العقل تحيى بهم بس ما تشوف الصحة وناس تحبك موت وانته غافل عنهم ماتشوف غريب يا أبن ادم غريب . بويل1
رد مع اقتباس
  #2  
قديم June 18, 2008, 04:21 AM
 
رد: أخلاق بالا إسلام


مشكور أخى

الله يعطيك العافية

ننتظر جديدك المتميز
اسمح لى بنقله إلى القسم المناسب
__________________


رد مع اقتباس
  #3  
قديم June 18, 2009, 09:04 AM
 
رد: أخلاق بالا إسلام

مشكور اخى
__________________
لا تسأليني..
كيف ضاع الحب منا في الطريق؟
يأتي إلينا الحب لا ندري لماذا جاء
قد يمضي ويتركنا رمادا من حريق..
فالحب أمواج.. وشطآن وأعشاب..
ورائحة تفوح من الغريق




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أخلاق, بالا, إسلام

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفراسة .. دليلك إلى معرفة أخلاق الناس وطبائعهم كأنهم كتاب مفتوح سـمــوري كتب الادارة و تطوير الذات 669 September 25, 2012 02:36 AM
أخلاق الملك عبد العزي كادي يوسف أرشيف طلبات الكتب 0 March 13, 2008 03:21 PM
إسلام طبيب أمريكي MKS044 روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 March 3, 2008 11:01 PM


الساعة الآن 04:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر