فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > ديوان الاُدباء العرب

ديوان الاُدباء العرب مقتطفات من قصائد الادب العربي الفصيح, و دوواوين الشعراء في الجزيره العربيه,والمغرب العربي, العصر الاسلامي, الجاهلي , العباسي, الاندلسي, مصر, الشام, السودان,العراق



 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم August 7, 2016, 05:02 PM
 
بلند الحيدري

إنه من الشعراء القلائل، شعراء البصمة والسمة الخاصتين. شاعر رائد نافس أقرانه من دون ضجيج وادّعاء. بهدوء، كتب ونشر وعمل وعاش. صنع حياته المثالية كما يريد. لم ينل تعليماً منظماً مثل نظرائه من الشعراء الرواد، أمثال بدر شاكر السيّاب والبياتي ونازك الملائكة، تلك المجموعة التي تخرجت من «دار المعلمين العالية « أو ما تعرف حالياً بـ «كلية الآداب». إنما جاءهم من الشوارع الخلفية، من خلف أسوار الجامعة.
إنه شاعر القصائد القصار، في زمن المطوّلات مثل «الأسلحة والأطفال» و»المومس العمياء». لقد كانت القصيدة القصيرة المقتضبة هاجسه الجمالي وخياره الإبداعي وسبيله الخاص الذي نهجه وسار عليه، فعُرِف بها وعَرّف بمدنيّتها، في وقت كان الشعراء يكتبون عن القرى والحقول والمزارع والحنين اليها، وإلى مرابعها وبساتينها وطبيعتها الريفية، بينما كان بلند الحيدري يكتب عن «ساعي البريد» و«الحارس المتعب» وعن أقراص الأسبرين والفاليوم والمنزل البغدادي والمقهى البغدادي والشوارع الغاصّة بالراجلين. ولكنه أيضاً كان شاعر الغربة الوجودية بامتياز، الغربة في الحياة، وعبث العيش في ظلالها. لقد عكست المدينة عليه أيضاً ظلالها المأساوية، وأزماتها وغربتها وضياع البشر في أتونها، أمام ثنائية الموت والولادة.

الفكر الوجودي
ثقّف بلند الحيدري نفسه بنفسه، فتشرّب ثقافة الفكر الوجودي على قدْر ما استطاع أن يمتح منه، فنهل من ينابيع الفلسفة الوجودية عند ديكارت وسبينوزا وكانط، ومن ثم هايدغر وسارتر وكامو، وسعى ليتعلم اللغة الإنكليزية أيضاً على نفسه، وقد شجعه على التزام هذا الطريق الناقد جبرا ابراهيم جبرا، صديقه الحميم، والناقد والمستشرق الإنكليزي الذي كان يعيش ويدرّس في جامعات بغداد، ديزموند ستيوارت، الذي ترجم له بعضاً من قصائده الى الإنكليزية. وفعلاً نال بلند الحيدري قسطاً من الإنكليزية وترجم عنها للشاعر تي أس اليوت «الأرض الخراب».
أفاد بلند الحيدري في مطلع حياته الأدبية من صحبته للنخب المثقفة التي كانت تعيش تلك الآونة الذهبية، فكان صديقاً حميماً للرسامين الكبار من أمثال جواد سليم ونزيهة سليم ولورنا سليم وفائق حسن وشاكر حسن آل سعيد وكاظم حيدر، والنحاتين مثل محمد غنمي حكمت وفتاح الترك وخالد الرحال، والمعماريين المشهورين مثل الجادرجي وقحطان المدفعي وعدنان رؤوف وغيرهم من الفنانين الذائعين، اولئك الذين أمدوا الحداثة بأساليبهم وأطوارهم وأشكالهم الفنية. ونتيجة مزاملته لهم ومعرفته بهم وبأسرار فنهم وطرائقهم الإبداعية، ساهمت تلك الصحبة في جعل بلند الحيدري ناقداً فنياً له صوته المعروف، وقلمه النافذ أسلوبه الحاذق في نقد «جماعة الفن الحديث» التي تأسست في تلك البرهة. هذا إضافة إلى مشاركته في تأسيس جماعة «الوقت الضائع» التي كانت تنادي بالعدم والعبث واللا جدوى وتصريف الوقت في الشارع والمقهى ودور السينما، والابتعاد عن الرغد والهناءة والطمأنينة وعادات القبول واللياقة التي كانت تسود الطبقة المخملية في المجتمع العراقي آنذاك. علماً أنّ بلند نفسه كان يتحدّر من هذه الشريحة المنعّمة، فخاله كان وزيراً، ووالده موظفاً كبيراً، وجدّه من أرومة كردية رغيدة ذات جذور أرستقراطية، لكنّ بلند ضرب عرض الحائط بكلّ تلك المباذل التي سادت عائلته وعائلة زوجته - السيدة دلال المفتي - التي تتحدّر من أصول شامية متمكنة. غير أنّ بلند لم يمل أو يستسغ تلك المواضعات البورجوازية التي عُرفتْ بها العوائل البغدادية إبّان الفترة الملكية التي شهدت تحولات الحداثة وطفراتها على كل الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
من هنا رأينا بلند، ينطلق هو وأصحابه، وجلّهم كان قد نال قسطاً كبيراً من التعليم الممنهج، مثل الناقد الأدبي نهاد التكرلي خريج السوربون الفرنسية، وأخيه فؤاد التكرلي الروائي والقاضي المعروف، وعبد الملك نوري رائد القصة العراقية، والديبلوماسي المتخرج من إحدى الجامعات الأميركية في الأربعينات، ما خلا صديقه الأثير القادم من ديالى حسين مردان، ذلك الشاعر المتمرد والملعون الذي نال شهرة أدبية كبيرة لا تقل عن شهرة صديقه بلند الحيدري.

فنّ الشارع
لقد أسس هؤلاء لفن الحياة والشارع، وانغمسوا في حياة الليل واللهو والشراب، مستغلين جمال بغداد آنذاك وأمنها ووداعة الحياة فيها والبساطة الجارية في كل قنواتها اليومية، من رسم وشعر وقراءات في المقاهي وفي الساحات والشوارع (رسم سكيتشات للحياة البغدادية، تخطيطات للوجوه ولزبائن مقهى السويسرية ومقهى البرازيلية الكائنين في عقد النصارى التابع لشارع الرشيد). ترجمات وقراءات لكولن ولسن عبر ترجمات «اللا منتمي» و «ضياع في سوهو» ثم «الغريب» لألبير كامو التي قام بترجمتها أحد المنتمين لشلّة «الوقت الضائع» إياها، أو مستعينين بترجمات سهيل إدريس صاحب «الحي اللاتيني» وعبد الرحمن بدوي صاحب ترجمة الكتاب الشهير لسارتر «الوجود والعدم».
__________________
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إنهم عبيدك و أبناء عبيدك
أهلي في سوريا خذ بيدهم و ارحمهم من هذه الفتن ، و انشر السلام و الأمن في ديارهم
يا رب نصرك ، يا رب نصرك ، يا رب نصرك
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما هي مخاطر الجديري المائي علي الحامل والجنين؟ Yaqot امومة و طفولة 0 April 19, 2014 03:24 PM
دان بروان يستلهم جحيم دانتي اليجيري في روايته الجديدة معرفتي الأخبار الثقافية وعروض الكتب 0 January 24, 2013 04:50 AM
عشرون الف قتيل.....خبر عتيق ..بلند الحيدري سلمى فاروق شعر و نثر 4 March 27, 2011 11:10 PM


الساعة الآن 05:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر