فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الموسوعة العلمية > بحوث علمية

بحوث علمية بحوث علمية , مدرسية , مقالات عروض بوربوينت , تحضير ,دروس و ملخصات



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم March 17, 2010, 12:02 PM
 
المزج بين البحور في شعر فدوى طوقان للباحث محمد عباس عرابي

تنزع فدوى طوقان إلى مزج وزن بأخر في العديد من القصائد فتستخدم تفعيلات من المتدارك تدخلها من الرجز في قصيدة " الفدائي والأرض " وتمزج بين الكامل والمتدارك في قصيدة " أردنية فلسطينية في إنكلترا ويسيطر المتدارك الذي تستخدمه الشاعرة في قصيدة " أمام الباب المغلق " على الرجز الذي يتخلل هذه القصيدة أيضاً ، وتعمد الشاعرة إلى تصميم موسيقي تجمع خلاله بين الرمل ، والمتقارب ، والسريع ، والخفيف في قصيدة ( هو وهي ) كما يتداخل بحر المتدارك والمتقارب – دائرة المتفق – في قصيدة " أغنية صغيرة لليأس " ويرد في هذا الصدد تساؤل وهو ( لماذا فعلت الشاعرة ذلك ؟) والإجابة تكمن في رؤية عميقة لديها مؤداها أن اختلاف الإيقاع يعني الدلالة : فكلما كانت القصيدة قائمة على صراع بين قطبين أو أكثر كان ذلك أدعى أن يكون لكل قطب صوته الإيقاعي المميز ( هو وهي ) قطبان ( الفدائي والأرض ) قطبان ، " أمام الباب المغلق " قطبان - إذ تتحدث الشاعرة في قصيدة " أمام الباب المغلق عن الصراع بين الرجل والمرأة ().
وإذ كان الدكتور عز الدين إسماعيل يرى " أن الانتقال من سطر مؤسس على تفعيلة أخرى ، لا يمكن تحققه وقبوله إلا في الحالات الآتية:-
أن يكون السطر الجديد بداية لمقطع جديد من القصيدة.
أو أن يعبر السطر الجديد عن انتقال في الموقف الشعوري.
فإن لم يكن هذا ولا ذاك فيتحتم عندئذ أن تكون " علاقة تداخل" بين التفعيلة المستخدمة في السطر الأول والتفعيلة المستخدمة في السطر الذي يليه ().
فإن " فدوى " حفلت بتحقيق الحالة الأولى والحالة الثانية السابقتين في جميع قصائدها التي تعمد خلالها إلى المزج بين البحور فيما عدا قصيدة " هو وهي " وقصيدة " أغنية صغيرة لليأس " إذ حققت فيها الحالة الثالثة - وهي " علاقة التداخل " بين التفعيلة المستخدمة في السطر الأول ، والتفعيلة المستخدمة في السطر الذي يليه، ويمكن تجلية ما سبق على النحو التالي:-
في قصيدة " الفدائي والأرض " والتي تتكون من ثلاثة مقاطع الأول والثالث من بحر المتدارك والثاني من ( بحر الرجز ) تقول في المقطع الأول :-


أجلس كي أكتب ماذا أكتب؟
ما جدوى القول؟
يا أهلي ، يا بلدي ، يا شعبي
.
ما أحقر أن أجلس كي أكتب
.
في هذا اليوم
.
هل أحمي أهلي بالكلمة؟

هل أنقذ بلدي بالكلمة؟
كل الكلمات اليوم
.
ملح لا يورق أو يزهر في هذا الليل
.












وهنا جاء المقطع من ( بحر المتدارك ) وفيه نشعر بتوتر الشاعرة ، وكانت موسيقى هذا البحر معبرة عن انفعال الشاعرة وتوترها.
ثم تنتقل الشاعرة إلى المقطع الثاني الذي جاء من ( بحر الرجز ) لتتحدث عن الفدائي مازن وقصته ، وفي هذا المقطع تبدو سمات الحزن وتكون لموسيقى الرجز دورها الجمالي والتعبيري في تحديد لون العاطفة حيث تقول:-

في بهرة الذهول والضياع.
أضاء قنديل إلهي حنايا قلبه
.
وشع في العينين وهج جمرتين
.
وهب ، مازن الفتى الشجاع
.
وكل همه أرضه وشعبه


يحمل عبء حبه.
وكل همه أشتات المنى المبعثرة
.
******

ماضي أنا أماه
ماضي مع الرفاق
راضٍ عن المصير
أحمله كصخرة مشدودة بعنقي
فمن هنا منطلقى
وكل ما لدي ، كل النبض
والحب والإيثار والعبادة
أبذلها لأجلها للأرض
مهراً ، فما أعز منك يا
أما إلا الأرض
يا ولدي

يا كبدي
أماه موكب الفرح
لم يأت بعد
لكنه لابد أن يجئ
يحدو خطاه المجد
.












ثم تعود بنا الشاعرة إلى الشهيد ليحكي عن لحظة استشهاده ، ويكون ذلك بالعودة مرة أخرى إلى بحر " المتدارك " فالفدائي مازال يتحدث ، وهو هنا يرحب بالموت ويستشهد :-

طوباس وراء الرابوت.
آذان تتوتر في الكلمات
.
وعيون هاجر منها النوم
.
الريح وراء حدود الصمت
.
تندفع ، تدمم في الربوات
.
تلهث خلف النفس الضائع
.
تركض في دائرة الموت
.
يا ألف هلا بالموت
.











وبذلك تكون الشاعرة قد استخدمت بحرين هما " المتدارك " و " الرجز " وتنويعها شعورها بين البحرين لم يكن عبثا ، وإنما له ما يبرره من سياق العمل الفني ذاته حيث اسمعتنا في المقطع الأول والثالث صوت الفدائى ، وفي المقطع الثاني سمعنا صوت الراوي ، وبذلك تعددت الأصوات وتعددت معها البحور ، لتعبر عن الأبعاد الفكرية والنفسية لدى الشاعرة ، وهكذا أخذت الشاعرة في الانتقال بين البحور لحاجتها إلى الموسيقى تنغمها مشاعرها وانفعالاتها المرتبطة بقصة الشهيد ().
ويشير الدكتور عز الدين إسماعيل إلى ظاهرة واضحة في الشعر العربي المعاصر يطلق عليها مصطلح " البنية التوقيعية" ويشرحها على النحو التالي: " إن فكرة التوقيعات شيء يرتبط بعملية التصوير أكثر من ارتباطه بعملية البناء ، إذ إننا نصادف في القصيدة مجموعة من المشاهد المنفصل بعضها عن بعض كل الانفصال ، يكاد كل مشهد فيها أن يقوم بذاته ، لكننا ما نلبث أن ندرك إدراكا مبهما أن شيئاً ما يصادفنا في كل مشهد ، كأنه يتخذ في كل مرة قناعاً جديداً حتى إذا ما انتهت القصيدة أدركنا أن هذه المشاهد لم تكن أقنعة بل مظاهر مختلفة لحقيقة واحدة ().
وترى عبير أبو زيد : ().أننا لو أطلقنا مصطلح " البنية المشهدية " على هذه الظاهرة ، لربما كان ذلك أدق في وضعها ، وذلك لأن هذا المصطلح يكشف عن تلك العلاقة بين النصوص الشعرية القائمة على هذا التكنيك الأسلوبي وبين آليات أجناس فنية حديثة مثل : الفيلم السينمائي والدراما التليفزيونية ، كذلك ترى أنها ظاهرة ترتبط بعملية التصوير ، وكذلك بعملية بناء النص ، وهذا ما نلمسه بوضوح في قصيدة " أمام الباب المغلق " حيث تتكون القصيدة من سبعة مشاهد ولكل مشهد عنوان مستقل " مشيئة الملك " . – أنت تغيرت – مات الملك – بعد التخلي – العودة – الطرقات الأخيرة – لا شيء هنا ) وتنمي الشاعرة الحركة الموسيقية ، وتبعد الملك عن الملتقى عن طريق المزج بين الرجز والمتدارك فتستخدم " الرجز " في مشهدين " مشيئة الملك " و " مات الملك " لتعبر بهذا الصوت الإيقاعي عن الملك الذي ترمز به للرجل حين تقول :- مشيئة الملك:-

الفأس في الرأس بذا قضى الملك.
فلا تجدفوا

هو الذي قضى ولن يصيبكم
إلا الذي قضاه

وكل شيء دبرته حكمة الملك.
فلا تجدفوا

الخير منه وحده.
والشر منه وحده()
.











ويعتبر المتدارك هو المهيمن على الحركة الموسيقية في هذه القصيدة بوصفه مسيطراً على أغلب مشاهد القصيدة "أنت تغيرت" – "بعد التخلي" – "العودة"
"الطرقات الأخيرة" - "لا شيء هنا" لتعبر بهذا الصوت الإيقاعي عن الذات الشاعرة حين تقول:-
عارية القلب رجعت إليك.
عارية القلب أتيتك يا

متعالي ، يا نائي الدار
.
يا غائب ، يا أبدي الصمت
.
عتبي لو تسمعني عتب
.
المنكسر المنسحق القلب
.
لم تفصلني دوما عنك
.
وترد يدي الممدودة نحوك في
.
ضعفي في قلة حولي()













وتأتي قصيدة "هو وهي" على تلك الصورة المتنوعة النغم ، فتستهل الشاعرة قصيدتها التي تعبر فيها عن رؤية لقصة شعرية يسيطر عليها في المقطع الأول صوت الراوية – الشاعرة – الزاخر بالتصريحات المتعلقة بإجابة سؤال ضمني ( من هي ؟) على موسيقى تفعيلة الرمل :-
هي والمصباح والليل وأحلام هواها
هي تلك الذرة الحيري التي تاهت خطاها
.
في قفار الزمن الجبار في لا منتهاها()








وعندما يختفى صوت الراوية – الشاعرة – وتختلف الدلالة يختلف الإيقاع ، ويطغى صوته " هو " وتبرز تفعيلة " المتقارب " حين تقول الشاعرة على لسانه:-
أنا من يناديك هل تسمعني
أنا من رماني عليك القدر
.
طويت حياتك نفسا تلوب
.
وروح محيرة تنتظر()






ثم تعود (فدوى) للرمل عندما يبرز صوت الراوية مرة أخرى حين يقول :-
وقفت وارتفقت نافذة غرقي بأنفاس القمر.
وعلى أهدابها رفات حلم مستمر. ()






خذني بعيدا ، انطلق بي على.
أجنحة الأشواق ، خذني إلى

ركن من الدنيا وراء البعيد
.
أجلسي ليلى إلى مرآتك الآن وشعري

في يديك
أقرأ آي واشعري به()

وتنتقل الموسيقى إلى (السريع) عندما تكتظ القصيدة بحشد من التداعيات الحوارية المباشرة بين هو و (هي) :-






ثم تكمل الحوار على " الرمل " دون أن يرجع هذا الانتقال إلى بداية مقطع جديد في القصيدة أو يدل على انتقال شعوري في الموقف.
ومن هنا يأتي التنويع في حالة علاقة تداخل بين تفعيلة " السريع " المستخدمة في الجزء الأول وتفعيلة " الرمل" المستخدمة في الجزء الثاني.
وفي إطار ما سبق ذكره تتجلى براعة " فدوى طوقان " في التخلص من السيمترية والتشاكل في التكوين الموسيقي لأعمالها الشعرية ()
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دور الإعلام في إبراز رحمة الإسلام للباحث محمد عباس محمد عرابي محمس عربي بحوث علمية 2 April 7, 2010 09:21 PM
المزج بين البحور في شعر فدوى طوقان للباحث محمد عباس عرابي محمس عربي بحوث علمية 0 March 17, 2010 11:52 AM
بحر الرمل في الشعر العربي المعاصر للباحث محمد عباس محمد عرابي محمس عربي بحوث علمية 0 February 23, 2010 12:13 PM
واجبنا نحو الأديب العربي الكبير علي أحمد باكثير للباحث محمد عباس محمد عرابي محمس عربي الدليل العلمي للطلاب و المعلمين 1 February 23, 2010 12:49 AM
بحر الخفيف في القصيدة العربية المعاصرة للباحث محمد عباس محمد عرابي محمس عربي بحوث علمية 0 February 22, 2010 10:25 AM


الساعة الآن 02:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر