فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم January 17, 2015, 11:16 PM
 
Smile مستعمرة النمل - الجزء الثاني - الظهور الأول - السباق


حضر الغريب من بعيد يسير في الطرقات وليس للغريب أي ظل يبحث عن ذاته وماضيه وحاضره ومستقبله وما هو المجهول له. كان يبحث عن الجواب عن كل ما يدور ويجرى في المدينة وتوكل على الله الذي يتوكل عليه كل مؤمن ويرجو مغفرته. وفي منطقة ما ، شاهد الغريب تجمع النمل من كل حدب وصوب وأطلقوا هتافات معادية في مستعمرتهم والتي تسمى بإسم المستعمرة المحرمة ضد رئيسهم الذي لا يشق له غبار في البطولات والغزوات ، التي لم تكن ولم تحدث ولن تكون ولا في الأحلام. تجمع في هذا اليوم وهو صباح يوم مطير ينهمر المطر بغزارة وبارودة شديدة ، ومع ذلك لم يمنع من التجمع النمل وقولة حق ، وربما تتغير بها حياتهم إلى الأفضل أو تذهب بهم إلى جحيم عنوانه بابه الدم. كان الجمع يصيح وبصوت واحد ويقول: (أنت يا واد يا عبيط لا تخلي المال يطير) ، ومره بيصيح ويقول: (يا جبان عاوز أرتاح وأنام) ، ومن بعيد صوت ضعيف ولكنه مسموع يقول: (يا باشا يا بو عينين ... جبت الخيبة منين) والبعض يرد عليهم (نحمد الله جات على ما تمنى) والبعض رافع علم فريقه وهو يقود سيارته وليس له علاقة إلا بالفريق وبس والبعض سهران مع الماجنات وهو على دخان زجائره يترقص يمين ويسار وليس له عالم إلا عالمه الخاص به من مغنى وسكر وعربده. كان الجميع في حالة هيجان وغضب شديد من ضيق العيش التي هو بها والحال التي وصلت إليها المدينة. لم يعلم الجميع أن الرئيس والقائد الهمام وصاحب الشجاعة والإقدام أنه يشاهدهم عن طريق وسائل الإعلام المنتشرة وأعين رجالات المباحث وكل أجهزة الدولة النملية الغاشمة والتي وضعت في الحسبان من أجل الرئيس ولا شيء غيره. عند حلول الظلام لم يعلم النمل أن هناك من يشاهدهم ويتابع كل هذه الأخبار عنهم ، أخذت الصور وتعرف المباحث على هوياتهم والمقصود من هذا التجمع ، فوضع مخطط للقضاء على الفتنة المؤقته وقطع رأس الحية التي تثير الخوف والرعب. في مساء ذلك اليوم وفي تمام الساعة التاسعة من يوم السبت وهو بداية الأسبوع للشعوب النملية ، ظهر مهرج المستعمرة على شاشات التلفزيون المحلية والعالمية ليعلن للملئ أن الحاكم سوف يعلن غدا وفي نفس الوقت أطلاق مفهوم التصحيح الوضعي وسوف يقوم بتغيير في سياسته الداخلية والخارجية وأنه سوف يقوم أيضا بعمل إنتخابات جديدة للوزراء المعينيين عن طريقه ، فدل هذا لدي الشعب أن صوته بدأ يأدي مفعوله وأن هناك أذان صاغية تسمع ندائه المسالم. عملية التسويف والتسويق الأعلامية والخطاب المدجج للحاكم هي مجرد أبر تخديرية ، كل هذا من أجل إرجاع السكون والهدوء والتمسك بالكرسي ولتهدئة وضع مملكته المتسعة الأطراف تقريبا 500 متر مربع وهي حدود كبيرة ومتسعة الأطراف لا يستطيع أي فرد من أفراد شعبه أن يتجاوزها إلا ويتحمل عواقب إبتعاده عن مركز المراقبة الرئيسي.
في اليوم التالي وهو يوم الأحد (اليوم الثاني من الأسبوع) كان الجو أقل برودة عن ما سبقه وتجمع النمل عند شاشات التلفزيون لمتابعة خطاب الأصلاح والتغيير. في الساعة التاسعة من المساء أطل الحاكم بحلته وملابسه الزهية والملونة وعليها نياشين الحروب التي خاضها والتي لم يخضها صنعت محليا خاصة له ولمنصبه ومقامه. الخطاب والبيان الذي أطلقه على شاشات التلفزيون كان طويلا ومكررا ومملا ومشتق من خطابات قديمة قدم الدهر ولم يفهم منه سوى بعض من الجمل والعبارات وكذلك مشاهدة صورته على الشاشة الملونة والإستهزاء والضحك عليها. الملفت للنظر أن البيان الذي أطلقه الرئيس قد عملت حكاية ورواية مع الذين يريدون إسقاطه ولكن كيف كان ذلك؟ لقد رحبت بعض من أعيان ووجهاء وكبار شخصيات المستعمرة والتي لها نفوذ ومصالح على حساب غيرها بهذا القرار الجديد والبعض الأخر وهو الجانب الضعيف والمستحقر والذليل والفقير لم يتجاوب معه مخافة أن يكون حيلة وتلاعب من أجل كسب بعض من الوقت للرئيس لكي يرتب نفسه ويتزود بالأسلحة اللازمة لرد الثوار عن مطالبهم.
الجانب الأخر والذي لم يتجاوب مع أصحاب النفوذ والسلطة ولا مع الثوار والتي لم تأيد القرارات الجديدة ... فقد قررت أن تهاجر من المستعمرة وتبتعد بعيدا عن أرض الوطن الأم وتبتعد عن المشاكل وأجهزة التنصت والعيون صاحبة النظارات السوداء وأن تعيش في موطن جديد تعيش به بنعيم وسلام وتترك كل ما ملكت يداها من أجل الحياة ولا شيء غيرها. شاءت الأقدار وإنتقلت للبحث عن موطن جديد وبعيدا عن المشاحنات والمنافسة الغير الشريفة والتي لا تجدي نفعا مع القوة الشديدة التي يمتلكها الرئيس.
أخدت الفترة بين الإنتخابات على الرئاسة وبين الثورة حوالي ثلاثة أشهر، كانت بين مد وجزر. كانت بين الرئيس الحالي والمعارضين المحللين والذين رحبوا بالقرارت ، منها عدة أمور: كيفية عمل الإنتخابات وهل يتطلب تدخل مراقبين ومشرفين من خارج المستعمرة ، ومن هم المرشحين على الرئاسة ؟ وهل يحق من كان كفئ أن يقوم بترشيح نفسه ؟ بحث الجميع على المرشحين الجدد إضافة إلى الحاكم الحالي ، وأما المراقبين فلقد تم التعامل مع هذا الموضوع بعد أن طمأن الحاكم شعبه على أن الإنتخابات سوف تكون نزيه وبكل أنواع الشفافية وخالية من عوامل الغش والخداع والمكر. وبعد الإتفاق على كل الشروط والبنود للترشيح على من يكون رئيس أو حاكم لهذا الشعب النملي ، ومع مرور المدة الزمنية المحددة والتي هي كانت مع بداية السنة الشمسية الجديدة بدأت الجولات الأولى من الإنتخابات كما كان مقررا لها وعرف كلاَ من المرشحين خصومه ونقاط الضعف لديه وكانت القوة الكبيرة بيد الحاكم كما هي في كل حال وفي كل مرة. أرسل الحاكم عيونه (المباحث) إلى المرشحين لكي يجس نبضهم وجرت مباحثات بين الحكومة والمرشحين الجدد أسفرت بعض منها على كسب قلوب بعض المرشحين وهي صاحبة القلوب الضعيفة أمام مغريات المال والتقرب من الحاكم في حالة فوزه وهي لا محالة في هذا وتعيينهم في مناصب كبيرة. تقلصت أعداد المرشحين ولم يتبقى سوى مرشحين إثنين مع الحاكم الحالي. حزب العرجان ورئيسه صاحب المستوى العلمي الكبير وذو الحكمة أبو عيون رمادية والذي يأتي في المرتبة الثانية بعد الحزب الحاكم وحزب العرجان الذي إنسحب ولم تبقى لهم باقية بعد أن كانت الأصوات التي كسبها لصالحه قليلة ، فلم يسمح له بدخول الجولات الأخيرة من الإنتخابات.
(لدي حلم) هو أول خطاب لرئيس الحزب الحاكم ولقد كسب بعدها جماهيرية طاغية من الأطفال والنساء والمستفيدين ماديا ومعنويا في المستعمرة يقول فيها:
(لدي حلم أن تكون مستعمرتنا مستعمرة مثالية خالية من النفاق والدجل والكذب مستعمرة بناء وليس الهدم وخاصة في العقول وليس في شيء أخر. لدي حلم أن يكون لكل واحد من الشعب مسكن كبير بدلا من علب الساردين وبيت خاص به، لدي حلم أن يكون لدينا جيش كبير وقوى بدلا من الإستعانة بالإصدقاء في الذود عن مستعمرتنا ووطننا. لدي حلم أن تكون لدينا مدارسنا الجديدة الحديثة على أحدث ما توصل إليه العالم من حولنا لكي نبني الأجيال القادمة لتكون عونا لنا في مسيرتنا مبنية على العلم في كافة العلوم والإكتشافات العلمية والثقافية ، لدي حلم أن تكون لدينا مستشفيات حديثة وكبيرة تضاهي المستشفيات في المستعمرات المتقدمة. لدي حلم أن تكون فتياتنا يعملون مثل رجالنا ليدفعوا العملية التطويرية في المصانع والمدارس والمستشفيات وفي شتى الميادين. إنني أحلم ولدي حلم عظيم أن تكون المنشآت الرياضية مناطق تجارية وسياحية وتخدم جميع أفراد الشعب وليس لفئة معينة منه. أيها الشعب العظيم دعونا نحلم ونحلم ونغط في سبات عميق ... فنحن شعب الله المختار والذي شاءت مشيئته أن ليس لدينا ما يفسدنا ، فلدينا عاداتنا وتقاليدنا والتي إمتدت منذ زمن بعيد فوجدنا أبائنا وأجدادنا يضعون لها القوانين والدساتير والأنظمة والله لا يغير علينا .. لدي حلم ... ) هذه بعض من الخطاب لقائد النمل العظيم والذي يشابه خطابه في المدة الزمنية والوقت هذا زعيم كوبا فيدل كاسترو والذي يمتد لساعات وفي نفس الوقت الخطاب كان مشابها في المضمون لخطاب الزعيم الأسود مارتن لوثر كينج جينيور (I Have a dream ).

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الآن لأول مرة - محو الأمية التربوية - د محمد إسماعيل المقدم - الجزءان الأول و الثانى pdf eng_ayman كتب علم النفس والفنون والتربية 21 January 18, 2020 02:04 PM
كتاب محاسبة الشركات ( الجزء الاول و الجزء الثاني ) امة الله كتب المحاسبة 124 November 26, 2018 12:03 AM
جسد بثلاث ارواح - قصة رعب ( الجزء الأول و الثاني ) بقلمي محمود غسان روايات و قصص منشورة ومنقولة 1 July 26, 2011 06:52 AM


الساعة الآن 01:46 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر