فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم April 20, 2013, 01:48 PM
 
Lightbulb المدرسة المغربية بالوسط القروي و الجبلي و دور الجماعات المحلية

المدرسة المغربية بالوسط القروي و الجبلي
و دور الجماعات المحلية
مند سنوات و تحت الشعور بأهمية الارتقاء بالعالم القروي من طرف الفاعلين الاقتصاديين و الاجتماعيين ظل مشكل المدرسة القروية في صلب الحوارات الصعبة , تهم طبيعة الخدمة العمومية للتربية و جودة العرض التربوي و تكافؤ الفرص الدراسية بين مجموع ربوع الوطن . هذه النقاشات و الحوارات الدائرة تنصب أساسا حول الرفع من التمدرس بالوسط القروي كما و كيفا.....
و لكن كيف نهيئ مدرسين أكفاء لمواجهة ظروف صعبة , خاصة أنه في كل مرة طرحت فيه مسألة التمدرس بالوسط القروي إلا و طرحت عوائقها- الحقيقية أو المفترضة – و عزلتها الجغرافية و الثقافية و الاجتماعية و إلى هشاشة اقتصادها ( القرية) ...... و المدرسة الابتدائية بالخصوص تعاني أزمات بنيوية و تشتت فصولها الدراسية بين وحدات دراسية وسط دواوير متشتتة صعبة المسالك و الحياة ...
فصعوبة العمل بالوسط القروي تفوق بكثير مثيلاتها بالوسط الحضري غير المتواجدة بالأحياء الهامشية و دور الصفيح . فالدارس أو الباحث في ظاهرة العمل بالوسط القروي أو الجبلي لن يكون دقيقا في وصفه للمعاناة و الاكراهات التي يعانيها من عمل بهذه المناطق و كابد قساوة الطبيعة لعقود من الزمن بلياليها و نهارها , شتاءها و صيفها ... أذكر في هذا الصدد أول تعيين لي سنة 1981 بمنطقة الرحامنة نواحي سيدي بوعثمان التابعة آنذاك لنيابة قلعة السراغنة , في هذه الفترة عرف المغرب جفافا , شح في الأمطار , لا ماء و لا الكهرباء ( الآبار واكحة) و لا مسالك معبدة , خلال شهر شتنبر 1981 التحقت مع مجموعة من المعلمين إلى مركزية مجموعة مدارس سيدي بوبكر , لنقضي الليلة الأولى و الثانية بحجرة دراسية , و بعد توقيع محضر الدخول و تسلم استعمالات الزمن ( جداول الحصص) إعلانا باستئناف الموسم الدراسي و في غياب مسكن للمعلمين . بات لابد من الضروري البحث عن مسكن للاستقرار , مساكن كثيرة شاغرة , لأن أصحابها هاجروا للمدينة بحثا عن فرص للعمل , و هذه الظاهرة قد تكون عامة آلاف الأسر تهجر البوادي بحثا عن لقمة العيش و الرفاه الذي قد توفره المدينة , و حتى اليوم بالرغم من الهجرة الداخلية المعاكسة من المدينة إلى البادية هربا من صخب المدينة و ضوضاءها .... فالقرى النائية لازالت تعاني من فقدانها لساكنتها , فتقلص عدد الأطفال البالغين سن التمدرس , و طبيعي اللجوء إلى الأقسام المتعددة المستويات .... المساكن التي تركها هؤلاء المهاجرون , عششت بها الأفاعي و الثعابين و العقارب و الجرذان , تآكلت جدرانها و أبوابها و لكن كانت ملجأ لنا , نحن الثلاثة معلمين من الدارالبيضاء , لازلت أذكر يوما كنت بصدد تحضير دروس اليوم الموالي ( عربية , فرنسية , رياضيات ) المستوى الرابع ابتدائي , مكتبي حقيبة ملابسي و الإنارة شمعة تبكي حالي , فجأة سقطت عقرب سوداء , سقط المعلم ( أنا) بباب المنزل( الخربة) , مرة وأنا أقرأ إحدى كتب جول فيرن Jules vernes رفعت رأسي للسقف فإذا بثعبان مزركش اللون يزحف بين عيدان و قصب السقف , أيام لن تنسى , أيام الجفاف و المعاناة , معاناة المعلم و التلميذ ........
لكن ما يتلج الصدر في تلك الفترة هو تشبث الباقية الباقية من السكان بأرضهم و رغبتهم الأكيدة في تعليم أبناءهم , و الحمد لله أن أولئك التلاميذ بلغوا مراتب لابأس بها فمنهم المحامي و الأستاذ و الممرض و الموظف ..... ما السر في ذلك ؟
بالإضافة إلى رغبة الآباء , الضمير الحي الوقاد للمعلم , فرغم المآسي و الحرمان الذي يعانية فهو يومن بأن ذلك التلميذ (الطفل البريء) لا ذنب له في هذه المعاناة و في بعده عن الأهل و الأصدقاء.... فكان المعلم يجد و يتفانى أثناء الدروس الاعتيادية و أوقات الدعم التطوعية أيام الجمعة ( يوم عطلة آنذاك ) و يوم الأحد ....
و عندما حصلت على منصب معلم الإبتدائي مكلف بتسيير إدارة مدرسة ابتدائية أواسط التسعينات , بجبال آيت باعمران نواحي سيدي إفني التابعة آنذاك لنيابة تيزنيت ( قد أقفز على محطات كثيرة تؤرخ لمعاناة 25 سنة بالعالم القروي لأن المهم ليس هو سرد لحياتي بالميدان التعليمي بقدر ما أردت توضيح أن من يعش المعاناة ليس كمن يبحث فيها...) معاناة من نوع آخر مسالك جد صعبة وسط الجبال لاماء و لا كهرباء و مياه الآبار غير صالحة للشرب يقتصر على استعمال الماء المجمع من المطر ( المطفية) و كلما أردت الاستعمال عليك بإفراغ قنينة جافيل أو ACE , لزيارة الفرعيات التابعة للمجموعة و عددها خمسة , أقرب وحدة مدرسية ( فرعية) أربع ساعات مشيا على الأقدام , في غياب وسيلة نقل و حتى عند توفرها "لاندروفر" فلا يمكنها صعود الجبال ... و للذهاب للنيابة التي تبعد ب150 كلم فعليك أن تستيقظ على الساعة الواحدة و النصف أو الثانية صباحا لتحظى بمكان " بلاندروفر " وسط الأشخاص و البهائم....
أما اليوم فقد تغيرت الأمور و أصبح الاهتمام بالعالم القروي من حيث توفير الماء و الكهرباء و النقل ... و إعطاء الفرص للعمل الجمعوي الذي يعمل على جلب الضروريات لسكان الدواوير خاصة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , شيء و احد لا يمكن تغييره هو الطبيعة الجغرافية و البيئية لأن ذلك من أسرار الكون و من خلق الخالق سبحانه.....
• فما هي الآلية لمواجهة و بفعالية ما تعانيه مدارس اليوم بالوسط القروي ؟
• ما دور الجماعات المحلية في تطوير المدرسة القروية ؟
مدارسنا و الجماعات المحلية بعيدة كل البعد عن العمل المشترك , الذي من شأنه تنمية الشأن المحلي للجماعة , و تحويل البيئة السوسيو ثقافية للجماعة , فالعلاقة بين الجماعة و المدرسة القروية يجب أن تنبني على الرفع من جودة التعليم بالجماعة كما و كيفا , و هذه العلاقة ضرورية لإعادة الاعتبار للمدرسة الوطنية العمومية المغربية بالوسط القروي , و بقاء الجماعة و ترابط ساكنتها رهين ببقاء المدرسة و إشعاعها .
فالعمل المشترك بين الجماعة المحلية و المدرسة يعطي دينامية و أنماطا أخرى للعمل يختلف من وسط لآخر ( قروي , جبلي ..) , التوجه نحو العمل المشترك بين المدرسة و الجماعة عنصر من العناصر المؤدية للارتقاء بالعمل بمشروع المؤسسة , الذي ينخرط الجميع في بلورته و إنجازه و السهر على تحقيق أهدافه .. فالوعي بالعمل المشترك مدرسة- جماعة في أبعاده العامة و الرئيسة للمسار التعليمي , دور الفاعلين , الأشكال التنظيمية للموارد , و شروط النجاح ...
فالمدرسة الجمعاتية نمودج للعمل المشترك بهدف تشجيع التمدرس خاصة في صفوف الفتيات , محاربة الهدر و التسرب المدرسيين , الرفع من جودة التعليم كما و كيفا و تحفيز الأسر على الاستقرار بالقرية و الجبل و تفادي دور الصفيح التي تزيد من أعباء الدولة.....
و أي مبادرة من طرف الوزارة يجب أن تنصب في هذا الاتجاه , لأن ما تعانيه المدرسة هي العزلة و إذا ما عملنا على مد جسر التواصل بين المدرسة القروية و الجماعة المحلية من شأنه تفادي مجموعة من الاختلالات التي يعرفها التمدرس بالعالم القروي , فانخراط الجماعة و إشراك الإدارة التربوية و أحد أعضاء مجلس التدبير ( مدرس) في المجالس الدورية التي تنظمها الجماعة , يجعلنا نقف عن قرب على الأسباب الكامنة و راء تدني المستوى و الهذر المدرسي و تغيبات المدرسين ....
التربية و التعليم ثاني الأولويات بعد الوحدة الوطنية , و اليوم وحدت جميع القوى السياسية و الاقتصادية , أغلبية و معارضة للنطق بكلمة واحدة " نحن يد واحدة و رجل واحد عندما تمس وحدتنا أو التدخل في شؤون المغرب الداخلية و ذلك بعد الإعلان توسيع مهمة " المينورسو" بالصحراء المغربية..." كذلك يجب أن يكون مع التربية و التعليم تضافر الجهود لحل معضلة أزمة التعليم التي تنخر اقتصاد الدولة و تفشل كل المخططات الإنمائية.... فلا مزايدات عندما يتعلق الأمر بقضية كبرى كالتعليم

ادريس مروان
مدير مدرسة سهام 2
نيابة المحمدية / المغرب
[email protected]
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المدرسة المغربية بالوسط القروي و الجبلي و دور الجماعات المحلية ادريس مروان كتب الادارة و تطوير الذات 0 April 20, 2013 01:03 PM
تقديم كتاب التطور الحتمي للدين الاسلامي مصر، هي الشيطان hosamazarkan1 كتب فكرية وفلسفية 1 April 28, 2012 05:22 PM


الساعة الآن 11:51 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر