|
شعر و نثر اكتب قصيده , من انشائك او من نِثار الانترنت , بالطبع , سيشاركك المتذوقين للشعر مشاعرك |
|
LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#19
|
||
|
||
رد: للذَاكــره { الآثــارُ الأدبيّة الـــكَاملة للرَاحل < راسيمــ ~ طويلُ بــــال >}
في الصباح استيقظ الجميع ليوم آخر ليس يختلف عن يوم ما مر قبل بضع سنوات ، قبل الغروب الذي أكسى الحياة عباءة سوداء رفضت أن تغيرها ، و فرض على ساكني هذا البيت أن يأو السئم و يضيفوا الكدر . استيقظت لطيفة كأنها لم تنم ، تشعر بمفاصل عظامها متيبسة و صداع حاد في رأسها ، و بعض عبرات جفت على مقلتيها ، لقد استيقظت على ما باتت عليه تماما ، تلك الحرقة التي لم يكن ليكون سبب إلا شخص واحد تحت هذا السقف ، و لكنها لم تكن لتجرؤ على اتهامها خشية أن تسبب المشاكل لأخيها ، أو لنفسها ربما . برق في عتمة خاطرها فجأة عمر ، سيأتي اليوم لخطبتها ، [بحزن] – المصائب لا تأتي فرادى . تنهدت بعمق ثم قامت لتحضر القهوة لأبيها ، قربت منه القهوة بعد أن تعمدت إشباع الهواء داخل البيت و حوله برائحة القهوة التي تبعث في الزمن الشباب ، و توقظ الرغبة في رشفة منها ، كانت شفتاه تتجاوبان مع نغم الفنجان المحتفل كقلب لطيفة بتفاعل أبيها المبشر بالتحسن . عادت لطيفة لغرفتها تقرأ رسالة أخيها الوحيدة ، فردتها أمامها فإذا تاريخ يعود لآخر رسالة بينهما ، إنها تحفظ كل كلمة منها ، لقد كانت خاصة جدا . [أختي العزيزة و روحي الأخرى القريبة أعلم أني تأخرت بالرد عليك ، و لكن السبب ليست حبيبة القلب كما افترضت أيتها الماكرة ، و إنما بعض الامتحانات المؤجلة ، و أبشرك أني كما عودت قد أبليت حسنا فيها . لم تخبريني عن وفاة زوج خالتي فاطمة حتى علمت من صديق لي قدم من قرية قريبة من مسكنها ، لكم حزنت و شعرت بالقهر لعدم أدائي واجب الحضور و العزاء ، إنها مثل أمنا و مصابها مصابنا . المهم أخبريني عنك ، هل تقرئين الروايات التي أرسلها لك ؟ لا تصدقي كثيرا منها إنما هي للتسلية ،قفي منها موقف المشاهد يا عزيزتي فأغلب المشاعر التي يكتبون عنها لم يجدوها في واقعهم فجدوا في تزيينها و زخرفتها . أفكر في القدوم إلى القرية في نهاية الأسبوع ، إلى ذلك الحين أستودعك الله. أخوك المحب : كريم] كانت الدموع تنهمر بغزارة من عينيها و قد نكأت بهذه الكلمات جرحا غائرا لم و لا تظنه سيشفى يوما . طبعت قبلت عميقة على الرسالة ثم خبأتها بين ملابسها ، و انصرفت لأعمال البين حتى يقرب العصر فتتهيأ لهذا الخاطب المفروض قهرا عليها . *** كانت تقف إلى مرآة طويلة تظهر قامتها المتوسطة ، استدارت منتصفةً وجهها المدور كالبدر ليلة زفافه إلى السماء وسط كوكبة من النجوم الوامضة في عينيها البراقتين ، تقرط أذنيها ذهبا يكاد ينافس بريق عينيها ، و مَصْمَصَتْ شفتيها الملونتين بأحمر جذاب أشهى من بلح ناضج ، تأملت شعرها الأسود الفاحم اللماع ، مسدولا في كبرياء على كتفيها العاريين ، متناسقا مع فستانها الوردي الفاتح ، أخذت نفسا عميقا بعد نظرة متأملة للحسناء الفاتنة التي تقابلها على المرآة ، [تسللت منها ضحكة حجولة]- ياااه ,,, الله كادت ألسنة الحزن الحاسدة تدركها بذكرى أخيها الغائب عن أهم لحظات حياتها ، ثم تساءلت بشرود – أترى روحه هنا معي ؟ تراني و تسمعني ؟ شعرت بكف حنون تحط عليها و تدفعها للاستدارة نحوها [بهمس]- كريم [بحب و إعجاب]- لقد وصل الضيوف يا حبيبتي [بفرحة عارمة]- خالتي الحبيبة ، لقد حضرت ،، من أجلي ودعت لطيفة روح أخيها و انصرفت إلى الضيوف لتجلس بينهن ، دخلت غرفة الاستقبال لتجحظ العيون و تغادر أحداقها مرافقة لكوكب الجمال الذي حل عليها كالربيع ، كروعته ، بعبيره و سحره ، صمت الجميع كأنما حسنها قطع الألسن و طرد الأفكار من العقول ليجعلها تطارد فتنتها الشرود ، جلست إلى أم الشاب التي لم تقدر على تحريك ملامحها المتصلبة من فرط دهشتها ، [في صوت كالنغم] – أهلا بك يا خالة .[و ابتسمت لتحكم بالأسر المؤبد على كل العيون]. يتبع ,،’
__________________
تَمُرُّ الأيَّامُ تِلْوَ الأيَّامِ ، ويتكرَّرُ الكَلامُ ، وكأنَّهُ حُلْمٌ لَم يُفارقني ، عِشتُهُ بخَيالي ، فرأيتُهُ واقِعًا . رُبَّما أثَّرَ في النَّفْسِ قليلاً ، لكنَّهُ خَيْرٌ يُرجَى ، ونَفْعٌ يُتَحَصَّلُ ، ولا حَظَّ للنَّفْسِ فيه ، فنسألُ اللهَ الإخلاصَ وحُسْنَ الخِتام هديّة |
#20
|
||
|
||
رد: للذَاكــره { الآثــارُ الأدبيّة الـــكَاملة للرَاحل < راسيمــ ~ طويلُ بــــال >}
لطيفة ,،’ 5
جلس الرجال في بهو البيت حيث يرشفون فناجين الشاي كل يهمس بحال العجوز أبي خالد ، و حادثة وفاة ابنه التي أخذت عقله و أسرت روحه في علم التيه و الشرود . - أهلا بك يا أبا عمر ، بيتك و أهلك [بلامبالات]- أهلا يا ولدي [باستدراك]- يشرفنا نسبكم أخي خالد ، و لكم نتمنى أن تتسع علاقتنا بهذا الرباط المقدس [بحذر]- أود ذلك يا عمر و يسعدني أن تكون أقرب إلي من صديق و جار ارتعش عمر و والده دهشة لما سمعا ، احتدت نظرات أبي عمر و قال في حزم مفرط : - لنوضح أمرا يا ولدي ،، جئنا لنخطب لابني وحيد . شعر خالد بإحراج بالغ لهذا الطارئ المفزع ، فهو لا يعرف وحيد حقا ، لقد غادر المدينة منذ زمن بعيد ، و لم يعد يره مذالك إلا نادرا ، كان ترحيبه بهذه الفكرة قد يعتبر إذلالا لأخته و هذا ما لم يكن ليقبل به أبدا . قام من مكانه و عيناه تشيعان الضيفين : - لا نعرفه و لم تعلمونا يا عم ، فاعذرنا ،،،، و تفهم موقفنا . قام عمر و والده و شياطين الغضب تنغزهما ، شتمته عيونهما و انصرفا بعد أن نده عمر على أمه و أخته اللتين خرجتا مذعورتين ، و غادروا على عجل . دخل خالد يقود أباه إلى البيت و استقبلته علامات الاستفهام على وجه لطيفة ، لكنه أسقط تلك العلامات بحثا عن شعاع ساحر لم يره أبدا يملأ البيت نورا قبلا ، أخته أصبحت فتاة ، بل و فاتنة الجمال ، طال سرحانه الموشح بسحرها و كذا صمته ، فسألته : - لما غادروا هكذا يا خالد ؟ - [باسما بصوت دافئ]:- لم يكن عمر الخاطب ، بل أخوه وحيد ذلك المتغطرس ، لن يأخذ مني حسنائي الصغيرة إلا من يستحقها ، لكن لا تقلقي ، سألتقي وحيدا هذا و أنظر في أمره . كانت بساتين من الجوري تتفتح على وجنتيها فتزيدها حمرته بهاءً ، شعرت بدافع الحرص في كلامه يملأ أوصالها دفئا ، و يشبع قلبها حبا ، للحظة شعرت أن روح كريم لم تغادرها حقا ، بل و لم تغادر البيت أبدا . جلست في غرفتها تمسك رسالة أخيها و تضمها إليها ، تسللت عيناها من النافذة إلى السماء ، ثم قفزت فرحا و اقتربت من النافذة أكثر ، كانت السماء ملآى بالنجوم ، و البدر سيد جلسته السعيدة، تسللت منها ضحكة كالنسيم زادت ليلتها العليلة لمسة جمال سحرية . *** مُلئَت الدنيا نجوما هذه الليلة ، لكنها لا تؤنس وحدته و لا تخفف ألمه ، وقف فزعا من مُتَّكئِه ، طيفها يعذبه و ما حدث اليوم مزق مشاعره و بعثر آماله على رصيف المجهول ، تأمل عمر الذي نام بعد أن أمطره بوابل إهانات مرة لم يشعر بها ، بل و لم يأبه لها ، فكل ما يحتل فكره هو الحل العاجل لمأساته : - تبا لك يا أخي ،، لما لم تفعل شيئا ؟ خرج ينفض عنه غمة البقاء الطويل في البيت ، ليجد في السماء طيفها ، و هي تغسل الثياب عند النهر ، كان بتهور يخاطر و يراقبها من بين أوراق الحديقة المطلة على النهر حيث تجتمع النسوة ، كان ينتظرها كل ليلة لتجلس عند شرفتها يتأمل نظرتها الشاردة في الليل ، و يغرق هو في عينيها البنيتين المضيئتين في الظلام . يقف أمام بيتهم ، و الأفكار تلتهب في جبهته و تخبو في سجال ممل و قلق موجع ، تماوجت الأسئلة و تلاطمت حتى كل منها و من بقاءه واعيا فآوى إلى فراشه و حقن نفسه بالنوم لعل نور الصباح يأتيه بخير . يتبع ,،،’ بحول الله ~ الأسبوع المقبل في نفس اليومــ و في نفس التوقيت ,،’ و ترقبوا الصفحة النقدية بعد قليل ,,, أختكمـــ فريال أوصيف
__________________
تَمُرُّ الأيَّامُ تِلْوَ الأيَّامِ ، ويتكرَّرُ الكَلامُ ، وكأنَّهُ حُلْمٌ لَم يُفارقني ، عِشتُهُ بخَيالي ، فرأيتُهُ واقِعًا . رُبَّما أثَّرَ في النَّفْسِ قليلاً ، لكنَّهُ خَيْرٌ يُرجَى ، ونَفْعٌ يُتَحَصَّلُ ، ولا حَظَّ للنَّفْسِ فيه ، فنسألُ اللهَ الإخلاصَ وحُسْنَ الخِتام هديّة |
#21
|
||
|
||
رد: للذَاكــره { الآثــارُ الأدبيّة الـــكَاملة للرَاحل < راسيمــ ~ طويلُ بــــال >}
،’ ~ الصفحة النقدية ~
عموما ترسم الأجزاء الخمسة الأولى من هذا النص معنى الأخوة الحقيقية و ما توحيه من حب و ذوبان و شعور متبادل صادق بين لطيفة و خالد و أخوهما المتوفى " كريم " ، كما يظهر لنا الثغرات الأخلاقية و الإنسانية التي قد تبنى عليها أنفاس البشر و أقصد هنا قاب قوسين زوجة الأخ البكر و التي لعبت دورا هاما في خلق عنصر الصراع في القصة كونها الشخصية المعارضة . و من الذكاء أن يستثمر الكاتب فكرة " الريف " و يقدم لنا نصا متأثرا بهذا المحيط الذي له عادات و أعراف و أسس و ثوابت يحكمها الخلق و الدين و الأصالة و في نفس الوقت الانغلاق و السادية القاتمة و البدائية ، و أن يرسم لنا ظاهرة " الحزن و الألم " و الصراع من خلال بناء شعوري تصويري سردي تلعب فيه اللغة الممزوجة بين البساطة و العمق الدلالي الخادم للموقف و المتفاعل معه الدور البارز في بلورة الصورة العامة للقارئ. ..... لطيفة الفتاة الفاتنة الجميلة التي صورها لنا راسيم هي بمثابة الخيط الشعوري الذي يربط كل أجزاء القصة : ـ زمن ما قبل التحول . ـ زمن التحول . ـ و لاحقا ( زمن ما بعد التحول ). و يبدو أنها شخصية تحمل زادا وجدانيا عاطفيا كبيرا أظهر بشكل واضح شخصية أخرى في القصة و هي شخصية الأخ المتعلم المثقف المحبوب الوديع " كريم " عن طريق التبادل العاطفي السلس بينهما و التـأثر الواضح لدى الشخصية الأولى بغياب الثانية و ذلك لحتمية قاهرة و هي الوفاة . و هنا يجدر الإشارة أن شخصية لطيفة حسب الفن القصصي شخصية فاعلة و مفعول بها في آن واحد في ظل الـتأثير الذي تخلقه في تطور الأحداث و تأثرها بمأساة العائلة ، أما الشخوص الأخرى فقد كانت شخصيات ثانوية " العجوز ، الخالة ، أهل وحيد .." حيث تساعد في تحريك و تفعيل الشخصية المحورية في انتظار تعرفنا عن كثب كقراء على شخصية العاشق الملتاع " وحيد " في الأجزاء القادمة ، هذا من جهة . من جهة أخرى ما لاحظته في هذا النص الأدبي حضور الوصف الذي أعطى للمتلقي ملامح و سمات و خصائص و أحوال أشخاص القصة و الحيز المكاني و الزماني ، كما ظهر الحوار و لو بشكل متوسط إلا أنه أظهر الأهمية التي أعطاها الكاتب للتواصل و التفاعل و تبادل التأثر و التأثير . كما يمكنني أن أقول أن هذا النص ليس نصا اعتباطيا من الأحداث و إنما الأخ راسيم قام ببناء ذو منطق وتسلسل قوامه الحبكة و تركيبها و تصادم المصالح و الخلجات الوجدانية. الصور البيانية: استيقظ الجنون في عقل العجوز : استعارة مكنية .. حيث شبه الجنون بكائن حي و ترك قرينة تدل عليه و هي الاستيقاظ . ـ هذه الصورة البيانية جميلة جدا حيث تحدث أثرا في نفس السامع و ذلك بالشعور بالمتعة. بعض الصور / - فانطلق صوته قويا جهوريا - يتوسد ساقيه. - تطلق دموعها أنهارا تسيل على وجنتيها . - كان بالنسبة له وساما شامخا. الجزء الثاني : - يضربون ترابها. - التي خنقتها بين يديها. - و تفرك القهر الذي امتلأ به قلبها. - يرسل عينيه المدورتين في السماء. - لسوط لسانها. - كل لسان في عقاله. - كأنهم دفنوا البسمة و البهجة. - و شحبت البسمة. من هذه النماذج التي أخذتها من الشطرين الأول و الثاني يمكن الاتفاق على: روعة الخيال لدى راسيم و قوة التشخيص و إجادة الكلام .
__________________
تَمُرُّ الأيَّامُ تِلْوَ الأيَّامِ ، ويتكرَّرُ الكَلامُ ، وكأنَّهُ حُلْمٌ لَم يُفارقني ، عِشتُهُ بخَيالي ، فرأيتُهُ واقِعًا . رُبَّما أثَّرَ في النَّفْسِ قليلاً ، لكنَّهُ خَيْرٌ يُرجَى ، ونَفْعٌ يُتَحَصَّلُ ، ولا حَظَّ للنَّفْسِ فيه ، فنسألُ اللهَ الإخلاصَ وحُسْنَ الخِتام هديّة |