فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص الأعضاء

روايات و قصص الأعضاء تحميل قصص و روايات بأقلام كتاب و كاتبات مجلة الابتسامة



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم December 8, 2011, 10:49 PM
 
Rain صرخة صامتة (مسابقة القصّة الذّهبية)

صرخة صامتة

الدكتور : يؤسفني يا سيّدي أن أكون من يخبرك بنتيجة العمليّة
اصفرّ وجه الوالد و بدأت الدموع تنمو على مقلتيه و في صمتٍ يتابع ارتعاشة شفتي الدّكتور المتابع لحالة ابنه
[يردف الدكتور] : الحادث كان خطيراً جدا لكننا بفضل الله نجحنا إلى حدّ بعيد في معالجة كلّ الإصابات ، عدا [طأطأ رأسه] إصابة الرّأس لم نستطع إنقاذ ذاكرته كلّها ، لا نعلم بعدُ حجم الأضرار .
انصرف الدّكتور ليفسح المجال أمام الوالد ليدخل الغرفة حيث ابنه مسلقٍ في غير حولٍ على سرير أبيض ، و عند رأسه ممرّضة منهمكة في تركيب الخراطيم و تفقّد الأجهزة و تقييد الأرقام من الأجهزة . ابتسمت ابتسامة خالية من المعاني للوالد الذي كانت الصّدمة قد نهشت ملامحه .

كان يتساءل ما إذا كان سيذكره أم لا ؟
ماذا سيقول له إذا لم يذكره ؟ ماذا عن أمّه و أخواته ؟
أخرجه صوتُ الممرضة من شروده : لا تحدّثه كثيراً يا سيدي
لم يجبها ، و هي بدورها لم تنتظر ردّا من هذا الرّجل الذي يبدوا عليه التّيه العميق بأوضح عباراته .
جلس من الوقت ما لا يعلمه ، حتى شعر بحركة
تأمّل ابنه في سكونه و ثبات أطرافه و لا يبدو أنّ فيه أيّة حركة
عاد ليجلس لكنّ عيناه المطلقتان من محجرتيهما كأبرع المحقّقين تترصّد أي شاردة و تدرس كلّ واردة سكنتا عند طرف أصابع كفّه التي تحرّكت شيئا يسيراً
كاد الوالد يطير فرحاً ، فاض السّرور في داخله و أزهرت الابتسامات الطفولية على شفتيه
عيناه مفتوحتان على اتساعهما تنتظران زفّ حركات أخرى إليها ،،
طال انحناءه على جسد الفتى الهامد طويلاً دون جدوى
فالحركة كانت عقيمة لم تلد لبهجته ما يكسر السكون العميق الباهت
عاد يجلسُ على الكرسي مرّة أخرى و كلّه أملٌ في علاج العقم الذي يحول دون راحته ، كأنه على جمر الأحداث التي التهبت شرائطها في رأسه و صوتُ بكاءٍ يمزّقه.
رجعت عجلةُ الذكرى لليلة الأمس ، انسابت عبرة على خدّه

الوالد [في غضب عارم]: أنت إنسان فاشل ، ستبقى فاشلا طول عمرك ، يا ليتني كنت ابتليتُ بالبنات فقط
الإبن : و لكن يا والدي ـ...
الوالد [مقاطعاً]: لا أريد أن أسمع منك شيئا ، منذ الغد ستذهب للعمل صباحا عند صاحبي ، يحتاج سائقا لنقل البضائع ، هذا أتفه عملٍ على الإطلاق و لا أنتظر أن تخيب فيه أيضاً
كما خيّبتني في الدّراسة
الإبن : لكنني لم أفشل في الدّراسة
[زفر الوالد بنفاذ صبر]: أنت لا تفهم أم ماذا ؟ لا أريد حديثا عن الدراسة و الكلّية ستفعل ما أمرتك به و انتهى
الإبن [بصوت متوسّل]: و لكن يا أبي
[صفعه بقوّة فسقط على الأرض]: عندما أقول انتهى يتوقّف الكلام نهائياَّ

بدأ يبكي في حرقة مريرة ، و شهقاتٌ تشقّ صدره و تقطع أنفاسه ، كانت أبوّته تنهره بقسوة ، لم يكن حاضراً له بأيٍ من متطلّبات الشّباب في هذه الأيام ، لكنّه بالمقابل كان صبوراً بل لم يكن يلقاه إلا باسماً ،
زاد بكاؤه مرارة ، لقد كان أسوء أبٍ لأفضل إبن على الإطلاق

تذكّر ليلةً قبل أسبوع ، كان يجلس في صالة الجلوس يتناول برتقالة ، و إلى جانبه ابنه
الوالد : متى ستبدأ العمل ؟
الإبن : سأحصل على الشهادة نهاية هذا العام بإذن الله
الوالد [منتفضاً]: و ماذا تظنّ أن الشهادة ستقدّم لك ، هاه أجب ، هل تظنّ أنك ستصبح أعلم منّي أم أخبر مني بالحياة ؟ أنتم جيل هذا الزّمن الرعديد الذي أصبح الولد يظنّ أن ورقة بالية سترفعه فوق والديه
الإبن [ متردّدا بين مقاطعته و انتظار الفراغ من كلامه] : .....
أنا من جاء بك إلى الدنيا أيها الجاحظ ، قم اغرب عن وجهي ،، تباً لك و لليوم الذي نعيتَ فيه إلي
قام الفتى و لم يلتفت خلفه حتى لا ينظر لوالده نظرة يندم عليها .

زفر بحزن عميق ، و عادت عيناه تتأمل ابنه البار ، هذا الوجه السّمح اللّطيف ، كيف لم يلحظه حتى اليوم ؟ حتى هذه الّحظة التي لم يعد متأكداً فيها إن كان سيذكره أم لا .

انتفض الفتى و تخبّط وسط كلّ الخراطيم الموصولة به ، و بدأت الأجهزة حوله ترنّ كالشّياطين ، شعر الوالد بالفزع يرتديه ، دخلت الممرّضات و معهنّ الدكتور الذي أشار للوالد أن يخرج من الغرفة ، كلّهم انكبّوا عليه و الدّكتور يوصي بكلمات كثيرة معقّدة لم يفهمها الوالد ، لكنّه شعر أن الأمر خطير.
أغلقوا الباب الغرفة و أغلقوا معه كلّ آماله ، بكى حتى ابتلّ قميصه و شهق حتى كاد يختنق ، فُتح الباب بعد ساعة زمن ، كان وجه الدّكتور كالخريف و كلماته كحبّات البَرَد ، باردة و مؤلمة : لقد فقدناه
شعر بالدنيا تدور حوله ، و ظلامٌ يُهرول نحوه ، ارتعشت ساقاه و سقط على الأرض ، و قبل أن يفقد الوعي تماما ، انسابت من ذكرياته

[رسالة إلى أبي :
أبي العزيز كلّ عام و أنت بخير حفظك الله و جزاك عن كلّ الرّعاية التي تقدّمها لنا من عطفٍ وحرصٍ و اهتمام.

إبنك المحبّ ]

تمتمت شفتاه : أضعتك يا ولدي ،، أضعتك


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمّت بحمد الله
رد مع اقتباس
  #2  
قديم December 9, 2011, 03:12 AM
 
رد: صرخة صامتة (مسابقة القصّة الذّهبية)

كم هي حزينة ...
قصة في غاية الروعه من سرد وهدف ..
ماشاء الله ,, بارك الله بك ,,
عشتها بكل تفاصيلها .. فلنعتبر .. كي لا نندم على ما فاتنا ..
جزاك الله خيراً ..

.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم December 9, 2011, 02:07 PM
 
رد: صرخة صامتة (مسابقة القصّة الذّهبية)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قطـ الندى ـر مشاهدة المشاركة
كم هي حزينة ...
قصة في غاية الروعه من سرد وهدف ..
ماشاء الله ,, بارك الله بك ,,
عشتها بكل تفاصيلها .. فلنعتبر .. كي لا نندم على ما فاتنا ..
جزاك الله خيراً ..

.

أهلا بك قطر الندى

أجل حزينة ،،
هكذا شعرتُ بها و أخرجتها إلى النّور
شاكر و ممتن لك فكّ وحدتها
*****
ما قلتِه صحيح جداً
العبرة هنا ليست بين الأب و ابنه
بل لكلّ شخص على الأرض
رسالة القصّة إليه أن يغتنم اليوم قبل الغد
و قبل فوات الأوان
.

شكرا و أكثر
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مظاهرات صامتة !!!! advocate مقالات الكُتّاب 1 March 1, 2011 05:11 PM
عبادة صامتة بنت العلياء النصح و التوعيه 0 February 15, 2010 08:45 PM
صدمات صامتة الولد الأنيق كلام من القلب للقلب 7 May 28, 2009 08:11 PM
عبارات صامتة عاشقة الليل والوحدة كلام من القلب للقلب 4 May 24, 2009 04:54 AM
قلوبٌ صامتة @$الرحال$@ كلام من القلب للقلب 1 May 20, 2009 09:59 PM


الساعة الآن 07:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر