فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم October 31, 2011, 01:46 PM
 
لحظة كالعمر

(1)
كانت تقف عند رأسه و صدرها يعلو و يهبط بسرعه
استجمع بعض طاقته الهزيلة و ضغط على صوته
- لم جئت مسرعة يا عزيزتي ؟
اغرورقت عيناها بالدموع و رآها تضم يده إليها ، لم يكن يشعر أنها كانت بين يديها ، لم يشعر بحرارتها تنتقل إلى جسده ، و لم تتسارع نبضات قلبه المكلول ، لم تهج مشاعره التي لم تهدأ لحظة طوال خمسين سنة ، لم يعد يشعر بأطرافه ، ظن أنه المخدر الطبي ،
كان يتأمل شفتيها الراعشتين بكلمات غير مفهومة ، و حاول أن يطلب منها إعادة ما قالت ، و لكنها لم تسمعه ، و لم تتوقف عن الكلام و لا عن البكاء ، و لا تركت كفه التي لا يشعر بها . الغرفة كلها بيضاء ، و شعرها (كاثرين) الممزوج ببعض اللون الذهبي ،
آه الأبدية يا كاثرين
لطالما وعدتك بالحب أبداً
التفت إلى شخص ما دخل الغرفة ،،،، إنه الطبيب
تبا له و لجهاز الضوء هذا الذي أعماني به ،،
يحدث كاثرين بقلق ، و هي تزيد من ضم يده إليها ،،
[تساءل]- هل كانت لتنصهر لو كنت أشعر بها ؟
ارتمت فجأة على صدره و لم يشعر بدموعها التي بللت ثياب المستشفى البيضاء ،
رأى الدموع تنسكب من عينيها و لأول مرة لا يقدر على مد يده إلى عينيها ليمسح عنهما بلورات الجوهر المتدحرجة.
- كاثرين يا حبيبتي هل تذكرين يوم دخلنا عروسين فبكيت ساعة كاملة على صدري ، و كانت حجتي لأنزع قميصي ، كم كان ذلك ماكراً
لم يظنها سمعته ، فهي في نوبة حزن أصمّتها ،
[متحسرا]- ليت بوسعي أن أعيد للدنيا نورها المكنون في ابتسامتك .
[خائفا وجلا]- لم يستحيل بياض الغرفة و نورها سوادا و ظلمة ؟ لم تبتعدين عني ؟
كاثرين ؟؟ كاااثرين ...

***

(2)
كانت تحضّر الكعك المحلى الذي يحبه ، لقد جاهد نفسه لشهور طوال ليتم حميته الغذائية فهو مصاب بالسكري ، يستحق المكافئة حقاً ،،
كاثرين : أريده أن يحيا طويلا لأحبه أكثر ،، [ابتسمت] ،، حتى بعد خمسين سنة
[رن الهاتف] - ألو ؟
[جحظت عيناها] - ماذا ؟؟ أين هو الآن ؟!
أوقعت سماعة الهاتف و ركضت تحمل معطفها الطويل البني ، ثم مفاتيح السيارة و أكملت ركضها إلى السيارة المركونة قريبا من البيت ، انطلقت بسرعة جنونية إلى مستشفى المدينة ، و لم يكن يبعد أكثر من مسافة عشرين دقيقة ،لكنها وصلت و الدقيقة الثامنة تحتضر في كف قلبها الذي أفلت منها بعيدا عميقا في معالم الخوف السحيقة ،،
وصلت بيضاء الوجه و على شفتيها زرقة الهلع ، سألت موظفة الاستقبال :
- جون ماركوم ، أنا زوجته
أشارت إلى غرفة مقابلة و قبل أن تنبس ببنة شفاة ، كانت كاثرين تدفع باب الحجرة و تقتحمها بحثا عن زوجها الذي كان يرقد على سرير أبيض و يرتدي لباسا أبيض و حوله أجهزة كثيرة و أصوات غريبة ،
أسرعت تقطف يده الباردة ، ضغطت عليها بين راحتي كفيها ، كانت باردة جدا ،،
نمت دموع بسرعة على مقلتيها و مرر الأسى منجله القاسي يحصدها ، فانطلقت متسابقة على وجنتيها ، و تنهيدة عميقة دفعها المجهول وسط أنفاسها المتقطعة لركضها بالأروقة
فتح عينيه فجأة ، و تأملها طويلا قبل أن يتمتم بكلام غير مفهوم ، اقتربت منه ، لكنها لم تفهم شيئا ،
[بصوت دافء تملؤه الشفقة]:هل تريد أن أحملك إلى البيت يا عزيزي ، لا أزال قادرة على هذا حتى بعد العمر الطويل ، هل تذكر يا حبيبي يوم التوى كاحلي و نحن في الحقل ، لقد حملتني على ظهرك و أعدتني إلى البيت ، في الحقيقة لم يكن قد التوى فعلا ، و إنما أردت أن تحملني فقط.
لم يبدو أن جون فهم ما تقوله ، فعيناه المدوّرتين التائهتين لم تعودا تتحركان .
دخل الطبيب الغرفة و أسرع يفحص عيني جون بمصباح صغير ، رفع رأسه إلى كاثرين التي قرأت على ملامحه سوء حالة زوجها
- سيدتي ، نحن آسفون لقدنا حاولنا جهدنا
انهارت كاثرين على صدر زوجها ، و أطلقت العنان بلكاءها الذي تفجر في داخلها و نزلت دموعها غزيرة حارة على صدره حتى بللت ثيابه
[بأمل] سأبقى أحبك أبداً


تمت بحمد الله .

[مترجمة عن قصة كتبتها سنة 2001]
رد مع اقتباس
  #2  
قديم October 31, 2011, 02:14 PM
 
Rose رد: لحظة كالعمر

مبدع بحق..
تقبل مروري الخجل بين سطورك
مودتي
لك
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم October 31, 2011, 02:17 PM
 
Rose رد: لحظة كالعمر

في إحدى المرات كنت أتمشى في مركز التسوق
و دخلت مع اخوتي الى محل لبيع الملابس
و المحل خاص بالنساء فقط
و لكن تفاجئت بوجود عجوزين
رجل و إمرأة كانا يمسكان بأيدي بعضهما
و كان يساعدها باختيار ملابسها و يخبرها
أي الألوان يلاءم بشرتها
أحببت المشهد كثيراً فنادراً ما ترى
ذلك الحب الظاهر بعد كل سنوات العشرة
فتقدمت إليهما و سألت عن مدة زواجهما
و كانت 60 سنة من الزواج و عمرهما فوق الثمانين
و لكنها اعتادت أن تترك له اختيار ملابسها
و حتى بعد تقدم العمر لم تستطع ان تترك تلك العادة
..
كان مشهداً جميلاً بأن ترى نفسك تناهز التسعين
و على يمينك شريك حياتك كما كان أول مرة
تقابلتما..
..
لا أعلم شعور كاثرين في هذه اللحظة التي بدت
كأنها عمر سرق من بين أناملها و سنوات تمر
كاللحظات..
فبعد خمسين عام من الحياة معاً و مشاركتها له
في كل شيء حتى أنفاسها..
هذه الثواني هي احتضار بعينه
..
راسيم القصة في غاية الروعة
تحكي سنوات باختصار شديد
و لكن سؤالي لما تركت النهاية
شبه غامضة..
جملتها سأبقى أحبك للأبد
تترك الكثير من التساؤلات
ماذا حصل هناك
..
هل سينفك تشابك يدين استمر 50 عاماً
أم ماذا..؟؟!!
..
لا تعليق على اسلوبك
فهو رآآئع كالعادة
و لكن يا ليت لو أسهبت بعض الشيء بالتفاصيل
حتى نستمتع اكثر
مودتي
لك
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لحظة صفو خالد شاتي روايات و قصص منشورة ومنقولة 0 October 6, 2008 12:15 PM
لحظة شعور طبيعي شعر و نثر 10 July 28, 2008 06:41 AM
لحظة ضعف ! RiiMii كلام من القلب للقلب 10 March 24, 2008 01:14 AM


الساعة الآن 12:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر