فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الموسوعة الإسلامية > سيرة و قصص الانبياء و الصحابة

سيرة و قصص الانبياء و الصحابة سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم , سيرة الصحابة , السيرة النبوية , حياة الرسل



 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #43  
قديم October 8, 2011, 03:27 PM
 
رد: ** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..


الشوكاني وأهل الظاهر


الإمام الجليل الشوكاني ـ إن لم يكن ظاهرياً فهو من المتعاطفين مع أهل الظاهر فكان كثير النقل لمذهب أهل الظاهر، بل كان كثير التنديد بمعارضي أهل الظاهر.
  • قال عن أثير الدين بن حيان صاحب تفسير البحر المحيط:
" وكان ظاهرياً وبعد ذلك انتمى إلى الشافعي وكان أبو البقاء يقول: إنه لم يزل ظاهرياً. قال الإمام ابن حجر كان أبو حيان يقول: محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه انتهى. ولقد صدق في مقاله فمذهب الظاهر هو أول الفكر وآخر العمل عند من منح الإنصاف ولم يرد على فطرته ما يغيرها عن أصلها وليس هو مذهب داود الظاهري وأتباعه بل هو مذهب أكابر العلماء المتقيدين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى الآن وداود واحد منهم وإنما اشتهر عنه الجمود في مسائل وقف فيها على الظاهر حيث لا ينبغي الوقوف وأهمل من أنواع القياس ما لا ينبغي لمنصف إهماله. وبالجملة فمذهب الظاهر هو العمل بظاهر الكتاب والسنة بجميع الدلالات وطرح التعويل على محض الرأي الذي لا يرجع إليهما بوجه من وجوه الدلالة.

أنت إذا امعنت النظر في مقالات أكابر المجتهدين المشتغلين بالأدلة وجدتها من مذهب الظاهر بعينه بل إذا رزقت الإنصاف وعرفت العلوم والاجتهاد كما ينبغي ونظرت في علوم الكتاب والسنة حق النظر كنت ظاهرياً أي عاملاً بظاهر الشرع منسوباً إليه لا إلى داود الظاهري فإن نسبتك ونسبته إلى الظاهر متفقة وهذه النسبة هي مساوية للنسبة إلى الإيمان والإسلام وإلى خاتم الرسل عليه أفضل الصلوات والتسليم. وإلى مذهب الظاهر بالمعنى الذي أوضحناه أشار ابن حزم بقوله.

وما أنا إلا ظاهري وإنني ---على ما بدا حتى يقوم الدليل.

وقال عن السواك:
" قال النووي: وقد أنكر أصحابنا المتأخرون على الشيخ أبي حامد وغيره نقل الوجوب عن داود وقالوا: مذهبه أنه سنة كالجماعة، ولو صح إيجابه عن داود لم يضر مخالفته في انعقاد الإجماع على المختار الذي عليه المحققون الأكثر. قال وأما إسحاق فلم يصح هذا المحكي عنه انتهى. وعدم الاعتداد بخلاف داود مع علمه وورعه، وأخذ جماعة من الأئمة الكبار بمذهبه من التعصبات التي لا مستند لها إلا مجرد الهوى والعصبية، وقد كثر هذا الجنس في أهل المذاهب، وما أدري ما هو البرهان الذي قام لهؤلاء المحققين حتى أخرجوه من دائرة علماء المسلمين، فإن كان لما وقع منه من المقالات المستبعدة فهي بالنسبة إلى مقالات غيره المؤسسة على محض الرأي المضادة لصريح الرواية في حيز القلة المتبالغة، فإن التعويل على الرأي وعدم الاعتناء بعلم الأدلة قد أفضى بقوم إلى التمذهب بمذاهب لا يوافق الشريعة منها إلا القليل النادر، وأما داود فما في مذهبه من البدع التي أوقعه فيها تمسكه بالظاهر وجموده عليه هي في غاية الندرة، ولكن: لهوى النفوس سريرة لا تعلم.
  • قال أبوعبدالرحمن :
وقد ناقش الإمام الشوكاني في كتابه النافع "إرشاد الفحول" (ص 340-348) أدلة مثبتي القياس، ثم ختم بحثه بقوله: "وإذا عرفت ما حرّرناه وتقرر لديك جميع ما قرّرناه فاعلم أن القياس المأخوذ به هو ما وقع النص على علته وما قطع فيه بنفي الفارق وما كان من باب فحوى الخطاب أو لحن الخطاب على اصطلاح من يسمي ذلك قياساً وقد قدمنا أنه من مفهوم الموافقة.

ثم اعلم أن نفاة القياس لم يقولوا بإهدار كل ما يسمى قياساً وإن كان منصوصاً على علته أو مقطوعاً فيه بنفي الفارق بل جعلوا هذا النوع من القياس مدلولاً عليه بدليل الأصل مشمولاً به مندرجاً تحته وبهذا يهون عليك الخطب ويصغر عندك ما استعظموه ويقرب لديك ما بعدوه، لأن الخلاف في هذا النوع الخاص صار لفظياً وهو من حيث المعنى متفق على الأخذ به والعمل عليه واختلاف طريقة العمل لا يستلزم الاختلاف المعنوي لا عقلاً ولا شرعاً ولا عرفاً. وقد قدمنا لك أن ما جاءوا به من الأدلة العقلية لا تقوم الحجة بشيء منها ولا تستحق تطويل ذيول البحث بذكرها.
وبيان ذلك أن أنهض ما قالوه في ذلك أن النصوص لا تفي بالأحكام فإنها متناهية والحوادث غير متناهية. ويجاب عن هذا بما قدمنا من أخباره عز وجل لهذه الأمة بأنه قد أكمل لها دينها وبما أخبرها رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من أنه قد تركها على الواضحة التي ليلها كنهارها.
ثم لا يخفى على ذي لب صحيح وفهم صالح أن في عمومات الكتاب والسنة ومطلقاتهما وخصوص نصوصهما ما يفي بكل حادثة تحدث ويقوم ببيان كل نازلة تنزل عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله.
  • وقال الإمام الشوكاني ـ ـ جواباً على قول الجويني : المحققون لا يقيمون لخلاف الظاهرية وزناً، لأن معظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد ولا تفي النصوص بعشر معشارها.
ويجاب عنه بأن من عرف نصوص الشريعة حق معرفتها وتدبر آيات الكتاب العزيز وتوسع في الإطلاع على السنة المطهرة علم أن نصوص الشريعة جمع حمّ ولا عيب لهم إلا ترك العمل بالآراء الفاسدة التي لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا قياس مقبول * وتلك شكاة ظاهر عنك عارها * نعم قد جمدوا في مسائل كان ينبغي لهم ترك الجمود عليها، ولكنها بالنسبة إلى ما وقع في مذاهب غيرهم من العمل بما لا دليل عليه البتة قليلة جداً. وقال في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه " البدر الطالع " (1/ 64): " وأقول : أنا لا أعلم بعد ابن حزم مثله، وما أظنه سمح الزمان ما بين عصر الرجلين بمن شابههما أو يقاربهما ". وقال في كتابه العظيم " نيل الأوطار " (5/ 84): " واعلم أنه ليس في الباب من المرفوع ما تقوم به الحجة فمن لم يقبل المرسل ولا رأى حجية أقوال الصحابة فهو في سعة عن التزام هذه الأحكام وله في ذلك سلف صالح كداود الظاهري ".






مكانته العلمية


إن واحداً كالإمام الشوكاني، صاحب التصانيف المختلفة، والآثار النافعة ليتحدث عن نفسه بهذه الآثار، وقديماً قيل: تلك آثارنا تدل علينا *** فاسألوا بعدنا عن الآثار.
  • هكذا وصفه أحد تلاميذه العلامة:
حسين بن محسن السبعي الأنصاري اليماني.


فهو بحق إمام الأئمة، ومفتي الأئمة، بحر العلوم، وشمس الفهوم، سند المجتهدين الحفاظ، فارس المعاني والألفاظ، فريد العصر، نادرة الدهر، شيخ الإسلام، علامة الزمان، ترجمان الحديث والقرآن، علم الزهاد، أوحد العباد، قامع المبتدعين، رأس الموحدين، تاج المتبعين، صاحب التصانيف التي لم يسبق إلى مثلها، قاضي قضاة أهل السنة والجماعة، شيخ الرواية والسماع، علي الإسناد، السابق في ميدان الاجتهاد، على الأكابر الأمجاد، المطلع على حقائق الشريعة ومواردها، العارف بغوامضها ومقاصدها.
  • وقال عنه العلامة حسن بن أحمد البهكلي في كتابه " الخسرواني في أخبار أعيان المخلاف السليماني ":
" السنة الخمسون بعد المائتين والألف، وفيها في شهر جمادى الآخرة كانت وفاة شيخنا " محمد بن علي الشوكاني" وهو قاضي الجماعة، شيخ الإسلام، المحقق العلامة الإمام، سلطان العلماء، إمام الدنيا، خاتمة الحفاظ بلا مراء، الحجة النقاد، علي الإسناد، السابق في ميدان الاجتهاد ". ثم قال: " وعلى الجملة: فما رأى مثل نفسه، ولا رأى من رآه مثله علماً وورعاً، وقياماً بالحق، بقوة جنان، وسلاطة لسان ".

  • وقال عنه العلامة: صديق حسن خان:
"... أحرز جميع المعارف، واتفق على تحقيقه المخالف والمؤالف وصار المشار إليه في علوم الاجتهاد بالبنان، والمجلي في معرفة غوامض الشريعة عند الرهان. له المؤلفات الجليلة الممتعة المفيدة النافعة في أغلب العلوم، منها : " نيل الأوطار " شرح منتقى الأخبار لا بن تيمية، لم تكتحل عين الزمان بمثله في التحقيق، ولم يسمح الدهر بنحوه في التدقيق، أعطى المسائل حقها في كل بحث على طريق الإنصاف، وعدم التقيد بالتقليد ومذهب الأخلاف والأسلاف، وتناقله عنه مشايخه الكرام فمن دونهم من الأعلام، وطار في الآفاق في زمن حياته، وقرئ عليه مراراً، وانتفع به العلماء".

  • وقال عنه العلامة عبد الحي الكتاني:
" هو الإمام خاتمة محدثي المشرق وأثريه، العلامة النظار الجهبذ القاضي محمد بن علي الشوكاني ثم الصنعاني... وقد كان الشوكاني المذكور شامة في وجه القرن المنصرم، وغرة في جبين الدهر، انتهج من مناهج العلم ما عميَ على كثير ممن قبله، وأوتي فيه من طلاقة القلم والزعامة مالم ينطق به قلم غيره، فهو من مفاخر اليمن بل العرب، وناهيك في ترجمته يقول الوجيه عبد الرحمن الأهدل من " النفس اليماني " لما ترجم شيخهما عبد القادر الكركباني : " وممن تخرج بسيدي الإمام عبد القادر بن أحمد. ونشر علومه الزاهرة، وانتسب إليه وعوّل في الاقتداء في سلوك منهاج الحق عليه. إمام عصرنا في سائر العلوم. وخطيب دهرنا في إيضاح دقائق المنطوق والمفهوم، الحافظ المسند الحجة، الهادي في إيضاح السنن النبوي إلى المحجة، عز الإسلام محمد بن علي الشوكاني:


إن هزَّ أقلامَهُ يوماً ليعملها *** أنساك كلَّ كميٍّ هزَّ عاملَهُ
وإن أقرَّ على رَقٍّ أناملَــهُ *** أقرَّ بالرِقّ كُتّاب الأنام لهُ

فإن هذا المذكور من أخص الآخذين عن شيخنا الإمام عبد القادر. وقد منح الله هذا الإمام ثلاثة أمور لا أعلم أنها في هذا الزمن الأخير جمعت لغيره :
  • الأول: سعة التبحر في العلوم على اختلاف أجناسها وأنواعها
  • الثاني: كثرة التلاميذ المحققين أولي الأفهام الخارقة الحقيق أن ينشد عند جمعهم الغفير :
إني إذا حضرتني ألفُ محبرةٍ *** نقولُ أخبرني هذا وحدثني

صاحتْ بعقوتها الأقلامُ قائلةً *** هذي المكارمُ لا قعبانِ من لبنِ
  • الثالث: سعة التآليف المحررة، ثم عدد معظمها كالتفسير ونيل الأوطار وإرشاد الفحول والسيل الجرار، ثم نقل أن مؤلفاته الآن بلغت مائة وأربعة عشر تأليفاً مما قد شاع ووقع في الأمصار الشاسعة الانتفاع بها فضلاً عن القريبة، ثم أنشد:
كلّنا عالمٌ بأنك فينا *** نعمةٌ ساعدتْ بها الأقدارُ

فوَقَتْ نفسَكَ النفوسُ من الشرّ *** وزيدتْ في عمرك الأعمار "
ثم أشار إلى من أفرد ترجمته بالتأليف... ".
وقال عنه إبراهيم بن عبد الله الحوثي:
" زعيم ارباب التأويل سمع وصنف وأطرب الأسماع بالفتوى وشنف، وحجث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه في البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رياسة العلم في الحديث والتفسير والأصول والفروع والتاريخ ومعرفة الرجال وحال الأسانيد في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل وغير ذلك".
وقال فيه لطف بن أحمد جحاف:
" احفظ من ادركناه لمتون الحديث وأعرفهم بجرحها ورجالها وصحيحها وسقيمها وكان شيوخه وأقرانه يعترفون له بذلك ".
وقال عنه كحاله: " مفسر محدث، فقيه أصولي مؤرخ أديب نحوي منطقي متكلم حكيم صارت تصانيفه في البلاد في حياته وانتفع الناس بها بعد وفاته، وتفسيره "فتح القدير" و" نيل الأوطار " في الحديث من خير ما أخرج للناس كما يلاحظ أن الشوكاني يدخل في المناقشات الفقهية ويذكر أقوال العلماء وأدلتهم في تفسير كل آية تتعلق بالأحكام".
وقال عنه الأستاذ الفاضل محمد سعيد البَدْري:
" واعلم ـ هدانا الله وإياك ـ أن لهذا الرجل خصائص قلَّ أن تجدها في غيره من العلماء وهي : سعة العلم والتحرر من التقليد بالاجتهاد والتمسك الفعلي بالكتاب والسنة وتقديمهما على ما سواهما كائناً من كان (وهذه سمة المجتهدين دون المقلدين) والانصاف من الخصوم.
والحق أن هذه الخصائص لمسناها في كثير من كتبه وبالأخص هذا الكتاب ـ يقصد إرشاد الفحول ـ ولذا فأنا أعده من أئمة المجتهدين حتى وإن خالفته في بعض المسائل، تعالى ".
وقال عنه الدكتور محمد حسن بن أحمد الغماري:
" كان محمد بن علي الشوكاني على مبلغ عظيم من العلم شهد له بذلك علماء عصره ومن أتى بعده بسعة علمه وغزارة مادته في مختلف الفنون، وامتدحه الناس شعراً ونثراً وكاتبه الملوك والعلماء من مختلف الأقاليم وألف في شتى العلوم في التفسير والحديث وعلومهما والفقه والنحو والمنطق والتاريخ والأصول والأدب وله الشعر الرائق والنثر البليغ، صارت مؤلفاته منتجع العلماء وسار بها الركبان في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته.
ألف " نيل الأوطار " فأبدع وأودع فيه الفرائد، وصنف تفسيره العظيم فكان جامعاً لما تفرق في غيره وترجم لأعيان من بعد القرن السابع فأتى بالعجب العجاب وأنه ليعجب الناظر كيف تهيىء له أن يلم بتراجم أعيان ستة قرون كأنه عاش معهم مع أن الكثير منهم لم يكونوا من أبناء اليمن الذي عاش الشوكاني فيه ترجم لكل واحد منهم بانصاف ونزاهة.
ألف في الفقه " الدراري المضيئة " فأبدع فيه وأحسن وألف " السيل الجرار " الذي لم تخط بنات الأفكار بمثله أقام الدليل وزيف الرأي المحض وألف " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " واستدرك على ابن الجوزي والسيوطي وابن عراق كثيراً مما فاتهم ونبه على أوهامهم في الحكم على بعض الأحاديث بالوضع.
أما أصول الدين فهو فارس ميدانها وحامل مشعلها فقد حارب الشرك والبدع وأبلى في سبيل العقيدة الإسلامية بلاء حسناً اقتداء بالأنبياء والمرسلين والدعاة المخلصين فلقي من الناس العنت والأود وناصبوه العداء ورموه عن قوس واحدة... ".
قال عنه خير الدين الزِرِكْلي:
" فقيه مجتهد من كبار علماء اليمن، من أهل صنعاء... وكان يرى تحريم التقليد ".




توليه القضاء

في عام 1209 من هجرة المصطفى توفي كبير قضاة اليمن، القاضي يحيى بن صالح الشجري السحولي، وكان مرجعَ العامة والخاصة، وعليه المعوَّل في الرأي والأحكام، ومستشار الإمام والوزارة.
قال الشوكاني:
" وكنتُ إذ ذاك مشتغلاً بالتدريس في علوم الاجتهاد والإفتاء والتصنيف منجمعاً عن الناس لا سيما أهل الأمر وأرباب الدولة، فإني لا أتَّصِل بأحدٍ منهم كائنًا من كان، ولم يكن لي رغبة في غير العلوم... فلم أشعر إلا بِطلابٍ لي من الخليفة بعد موت القاضي المذكور بنحو أسبوع، فعزمتُ إلى مقامه العالي، فذكر لي أنه قد رجح قيامي مقام القاضي المذكور، فاعتذرتُ له بما كنت فيه من الاشتغال بالعلم، فقال : القيام بالأمرين ممكنٌ، وليس المراد إلا القيام بفَصْل ما يصل من الخصومات إلى ديوانه العالي في يَوْمَي اجتماع الحكام فيه. فقلت : سيقع مني الاستخارة لله والاستشارة لأهل الفضل، وما اختاره الله ففيه الخير. فلمَّا فارقته ما زلتُ مُتردِّدٍا نحو أسبوع، ولكنَّه وفد إليَّ غالبُ مَنْ ينتسب إلى العلم في مدينة صنعاء، وأجمعوا على أن الإجابة واجبة، وأنهم يخشوْن أن يدخل في هذا المنصب ـ الذي إليه مرجِعُ الأحكام الشرعية في جميع الأقطار اليمنية ـ مَنْ لا يُوثَقُ بدينه وعلمه. فقبلتُ مستعيناً بالله ومتّكلاً عليه. وأسأل الله بحَوْلِه وطوْله أن يرشدني إلى مراضيه، ويحول بيني وبين معاصيه، وييسِّر لي الخير حيث كان، ويدفع عني الشر،
ويُقيمني في مقام العَدْل، ويختار لي ما فيه الخير في الدين والدنيا ".
قلتُ: وربَّما أن الشوكاني رأى في منصب القضاء فرصةً لنَشْر السُّنَّة وإماتة البدعة، والدعوة إلى طريق السلف الصالح.
كما أن منصب القضاء سيصدُّ عنه كثيراً من التيارات المعادية له، ويسمح لأتباعه بنَشْر آرائه السديدة، وطريقته المستقيمة.

" والأئمة الثلاثة الذين تولى الشوكاني القضاء الأكبر لهم، ولم يُعزل حتى واتته المنية هم:
1ـ المنصور علي بن المهدي عباس، ولد سنة 1151 هـ، وتوفي سنة 1224 هـ. ومدة خلافته 25 سنة.
2ـ ابنه المتوكل علي بن أحمد بن المنصور علي، ولد سنة 1170 هـ، وتوفي سنة 1231 هـ. ومدة خلافته نحو 7 سنوات.
3ـ المهدي عبد الله، ولد سنة 1208 هـ، وتوفي 1251 هـ، ومدة خلافته 20 سنة ".
قلتُ : كان تولِّي الشوكاني القضاء كسباً كبيراً للحقِّ، فقد أقام سوق العدالة بيِّنًا، وأنصف المظلوم من الظالم، وأبعد الرشوةَ، وخفَّف من غُلَوَاء التَّعصب، ودعا الناس إلى اتِّباع القرآن والسنة.
إلا أن هذا المنصب قد منعه من التحقيق العلمي، يظهر ذلك إذا ما تتبَّع المرءُ مؤلفاته قبل تولِّيه القضاء وبعده، يجد الفَرْق واضحًا



يتبع ..
  #44  
قديم October 8, 2011, 03:33 PM
 
Icon2 رد: ** استضافات اسبوعية .. لشخصيات اسلامية ..




شيوخه


كان الشوكاني طلعة يبحث عن العلم والمعرفة في المظان المختلفة، ويتنقل بين المشايخ بحثاً عن المعرفة، الأمر الذي يجعل البحث عن كل شيوخه عسيراً، وسوف نكتفي هنا بذكر بعض مشايخه المشهورين، فمنهم:

1ـ والده : علي بن محمد بن عبد الله بن الحسن الشوكاني المتوفى سنة 1211. فقد تولى ولده بالعناية والرعاية منذ الطفولة، فحفظه القرآن وجوده له، كما حفظه عدداً من المتون ومبادئ العلوم المختلفة، قبل أن يبدأ طلب العلم على غير والده من علماء عصره، وكان لهذه العناية المبكرة أثرها البارز في بناء شخصية الشوكاني.

2ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن مطهر القابلي (1158 ـ 1227 ه). قال الشوكاني في ترجمته: " وقد لازمتُه في الفروع نحو ثلاث عشر سنة، وانتفعتُ به، وتخرَّجت عليه، وقرأت عليه في: " الأزهار " و" شرحه " و" حواشيه " ثلاث دفعات : الدفعتين الأوليين اقتصرنا على ما تدعو إليه الحاجة، والدفعة الثالثة استكملنا الدَّقيق والجَّليل من ذلك مع بحثٍ وتحقيق، ثم قرأت عليه " الفرائض " للعصيفري، و" شرجها " للنَّاظري، وما عليه من الحواشي، وقرأتُ عليه " بيان ابن مظفر " و" حواشيه "، وكانت هذه القراءة بحثٍ وإتقانٍ وتحرير وتقرير".

3ـ أحمد بن عامر الحدائي (1127ـ 1197ه = 1715 ـ 1783م), قرأ عليه: "الأزهار" و"شرحه" مرتين، و" الفرئض " مرتين.

4ـ أحمد بن محمد الحرازي المولود سنة 1158ه والمتوفي سنة 1227ه، تلقى عليه الشوكاني الفقه والفرائض، وظل ملازماً له ثلاث عشر سنة.

5ـ إسماعيل بن الحسن المهدي بن أحمد ابن الإمام القاسم بن محمد (1120ـ 1206ه). قرأ عليه : " ملحة الإعراب " للحريري، وشرحها المعروف ب " شرح بحرق "، وفي علم الصرف، والمعاني، والبيان، والأموال.

6ـ الحسن بن إسماعيل المغربي (1140ـ 1208ه)، قرأ عليه : بعض " الرسالة الشمسيَّة " للقطب، و" حاشيته " للشريف، وفي " المطول " و" حواشيه "، وأكمل لديه دراسة " شرح الغاية "، و" حاشيته " لسيلان، و" العضد "، و"شرحه على المختصر"، و"حاشية السعد"، وما تدعو إليه الحاجة من سائر الحواشي، وسمع عليه " شرح بلوغ المرام " لجده، وفاته بعض أوله، وبعض " صحيح مسلم "، و" شرحه " للنووي، وبعض " تنقيح الأنظار " في علوم الحديث، وسمع عليه جميع " سنن أبي داود"، و" تخريجها" للمنذري، وبعض شرح " المعالم " للخطابي، وبعض " شرح ابن رسلان ".

7ـ صديق علي المزجاجي الحنفي المولود سنة 1150ه والمتوفي سنة 1209ه، شيخ الشوكاني بالاجازة في الحديث وغيره.

8ـ عبد الرحمن بن حسن الأكوع (1135ـ 1207ه = 1724 ـ 17772م)، قرأ عليه أوائل "الشفاء" للأمير الحسين، كتاب في الحديث.

9ـ عبد الرحمن بن قاسم المداني (1121ـ 1211ه = 1709 ـ 1796م)، قرأ عليه " شرح الأزهار " في أوائل طلبه للعلم، وباحثه بمباحث علميَّة فقهييَّة دقيقة.

10ـ عبد القادر بن أحمد شرف الدين الكوكباني المولود سنة 1135ه والمتوفي سنة 1207ه، قرأ عليه الشوكاني العديد من العلوم مثل: علم التفسير، والحديث، والمصطلح، وغير ذلك من الفنون المختلفة، وكان حجة في سائر العلوم، ومجتهداً مطلقاً، كما يقول الشوكاني عنه.

11ـ عبد الله بن إسماعيل النهمي المولود سنة 1150ه والمتوفي سنة 1228ه، قرأ عليه الشوكاني النحو، والصرف، والمنطق، والحديث، والأصول، وغير ذلك.

12ـ عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسن بن علي ابن الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم (1165 ـ 1210ه)، أخذ عنه في أوائل طلبه للعلم " شرح الجامي " من أوله إلى آخره.

13ـ علي بن أبراهيم بن علي بن عامر الشهيد، المولود سنة 1140ه والمتوفي سنة 1207ه، سمع عليه " صحيح البخاري " من أوَّله إلى آخره. قال عنه الشوكاني : كان إماماً في جميع العلوم محققاً لكل فن ذا سكينة ووقار قل أن يوجد له نظير.

14ـ علي بن هادي عرهب (1164 ـ 1236ه).

15ـ القاسم بن يحيى الخولاني (1162ـ 1209ه = 1714 ـ 1794م)، قرأ عليه : " الكافية "، و" شرحها " للسيد المفتي، و"شرح الخبيصي على الكافية"، و"حواشيه"، و"شرح الرضى على الكافية"، وبقي منه بقية يسيرة، و"الشافية "، و" شرحها " للطف الله الغياث، و"السعد" و" شرحه"، و"شرح الجامي " من أوله إلى آخره.

16ـ هادي بن حسن القارني ولد سنة 1164ه وتوفي سنة 1247ه، أخذ عنه القراءات والعربية ثم أخذ عنه في " شرح المنتقى " وغيره.

17ـ يحيى بن محمد الحوثي (1160ـ 1247ه = 1747ـ 1831م), أخذ عنه الفرائض، والحساب، والضرب، والمساحة.

18ـ يوسف بن محمد بن علاء المزجاجي (1140ـ 1213ه)، سمع منه، وأجازه لفظاً بجميع ما يجوز له روايته، وكتب إليه إجازة بعد وصوله إلى وطنه، ومن جملة ما يرويه عنه : أسانيد الشيخ الحافظ إبراهيم الكردي، وهو يرويها عن أبيه عن جده بطريقة السَّماع.




تلاميذه


إن واحداً كالإمام " الشوكاني " جمع من العلوم ما جمع، وأحاط بالمعقول منها والمنقول، وبرز في شتى المعارف، وأضاف إليها الكثير، بالنظر الثاقب، والفكر المستنير، وألف العديد من الكتب، لا بد وأن يكون قد تخرج على يديه الكثيرون واستفاد منه العامة والخاصة.
ومن أشهر تلاميذه:
ابنه أحمد بن محمد بن علي الشوكاني ولد سنة 1229ه، وانتفع بعلم والده وبمؤلفاته، حتى حاز من العلوم السهم الوافر، وانتفع به عدة من الأكابر، تولى القضاء بمدينة " صنعاء " وله مؤلفات وكان من أكابر علماء اليمن بعد والده توفي ـ تعالى ـ سنة 1281ه.
محمد بن أحمد السودي، ولد سنة 1178ه، لازم الإمام " الشوكاني " من بداية طلبه للعلم، حتى مدحه الشوكاني بقوله:
أعز المعالي أنت للدهر زينة *** وأنت على رغم الحواسد ماجده.
توفي سنة 1236ه.
محمد بن أحمد مشحم الصعدي الصنعاني، ولد سنة 1186ه وتولى القضاء في " صنعاء " وغيرها، وأثنى عليه " الشوكاني " كثيراً، وتوفي سنة 1223ه.
أحمد بن علي بن محسن، ابن الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم. ولد سنة 1150ه واشتغل بطلب العلم، بعد أن قارب الخمسين، ولازم الإمام " الشوكاني " نحو عشر سنين توفي سنة 1223ه.
محمد بن محمد بن هاشم بن يحيى الشامي، ثم الصنعاني، ولد سنة 1178ه وتوفي سنة 1251ه.
عبد الرحمن بن أحمد البهكلي الضمدي الصبيائي، ولد سنة 1180ه
وتلقى على الشوكاني وغيره، ولكنه كان من أوفى تلاميذ " الشوكاني " ومن الملازمين له، توفي سنة 1227ه.
أحمد بن عبد الله الضمدي.
أخذ عن الإمام " الشوكاني " وغيره، ولكن صلته بالشوكاني كانت أكثر، حتى صار المرجع إليه في التدريس والإفتاء في " ضمد " وما حولها، وله أسئلة عديدة إلى شيخه " الشوكاني " أجاب له عنها في رسالة سماها " العقد المنضد في جيد مسائل علامة ضمد "، توفي سنة 1222ه.
علي بن أحمد بن هاجر الصنعاني، ولد في حدود سنة 1180ه وتبحر في العلوم النقلية والعقلية، درس على " الشوكاني " علم المنطق وغيره. قال عنه الشوكاني بالنسبة لعلم المنطق : " هو يفهمه فهماً بديعاً، ويتقنه إتقاناً عجيباً، قل أن يوجد نظيره مع صلابة الدين " توفي سنة 1235ه.
قال أبو عبد الرحمن:
ذكر الدكتور إبراهيم إبراهيم هلال في مقدمة " قطر الولي " ص 42ـ 45 تلاميذ الشوكاني وعددهم ثلاثة عشر تلميذاً.
وذكر الدكتور محمد حسن الغماري صاحب كتاب الشوكاني مفسراً ص 74ـ 81 ثلاثة وثلاثين تلميذاً.
وذكر الدكتور عبد الغني قاسم غالب الشرجبي (صاحب كتاب : الشوكاني حياته وفكره) ص 238 ـ 266. تلاميذ الشوكاني وعددهم اثنان وتسعون تلميذاً. كما أورد ـ عقب ترجمة كل تلميذ ـ العلوم التي استفادها من الشوكاني.




مؤلَّفاته


خلف الإمام الشوكاني تعالى ثروة عظيمة من المؤلفات بلغت (278) مؤلفاً، ولا يزال معظمها مخطوطاً رهين الأدراج والأرفف، ولم يكتب له أن يرى نور النشر والطباعة حتى اليوم، ولو رحتُ أسردُ هذه المؤلفات ؛ لطال بي الكلام، ولذلك سأقتصر على أهمِّ كتبه المطبوعة، والتي تظهر للقارئ تفنُّن هذا الإمام وإلمامَه بمختلف أنواع العلوم الشرعية:
  1. " فتح القدير الجامع بين فنَّي الرواية والدراية من التفسير " : الذي حوى على درر عظيمة تدلُّ على تبحُّر هذا الإمام في علم التفسير.
  2. "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ".
  3. "الدُّرر البهيَّة " : متنٌ في الفقه.
  4. وشرحه: "الدَّراري المضيَّه في شرح الدُّرر البهيَّة".
  5. "السَّيل الجرَّار المتدفِّق على حدائق الأزهار " : وهو كتابٌ قلَّ نظيره فيما يعرف بالفقه المقارن.
  6. "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار": الذي طار ذكره وعلا صيته وأصبح مرجعاً لا يستغنى عنه طالب العلم.
  7. "إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول " : وهو من فرائد ما أُلِّف في علوم أصول الفقه.
  8. "تحفة الذاكرين".
  9. "الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني ". ليس من مؤلفاته بل جمع لاحقا
  10. "البدر الطالع بمحاسن مَن بعد القرن السابع " : وهو مرجع مفيد ومهم جداً في رجال وأعلام مَن بعد القرن السابع.
  11. "وبل الغمام على شِفَاءِ الأُوَامِ".
  12. "العقد الثمين في اثبات وصايا امير المؤمنين
وغيرها كثير كثير، مما نسأل الله أن يُعين رواد العلم وطلاب المعرفة على نشر كنوزه وإظهار فرائده إلى عالم المنشورات.





وفاته


توفي الإمام الشوكاني ليلة الأربعاء، لثلاث بقين من شهر جمادى الآخرة، سنة (1250 هـ / 1834م)، عن ستٍّ وسبعين سنة وسبعة أشهر، وصلِّي عليه في الجامع الكبير بصنعاء، ودُفن بمقبرة خزيمة المشهورة بصنعاء،رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجزاه عنا كل خير.
قال أبو عبد الرحمن:
وبعد هذا لا يسعني إلا القول أن الإمام القاضي الشوكاني: كان إماماً ديّناً، ثقةً، متقناً، علامةً، متبحراً، صاحب سنة واتباع. وقد ساعدته الثقافة الواسعة وذكاؤه الخارق، إلى جانب إتقانه للحديث وعلومه، والقرآن وعلومه، والفقه وأصوله على الاتجاه نحو الاجتهاد وخلْع رقبة التقليد، وهو دون الثلاثين، وكان قبل ذلك على المذهب الزيدي، فصار عَلَمًا من أعلام المجتهدين، وأكبر داعية إلى تَرْك التقليد، وأخذ الأحكام اجتهاداً من الكتاب والسنة، فهو بذلك يُعَدّ في طليعة المجددين في العصر الحديث، ومن الذين شاركوا في إيقاظ الأمة الإسلامية في هذا العصر.

ومن نظر في مصنّفاته بان له منْزلته من سعة العلم، وقوة الفهم، وسيلان الذهن، وكلّ أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنه، ونغطّي معارفه بل نستغفر له ونعتذر عنه




المصدر
الشوكاني حياته وفكره
للدكتور عبد الغني قاسم غالب الشرجبي

تم بحمد الله
انتظرونا الاسبوع القادم
ان شاء الله .. وشخصية جديدة
__________________









  #45  
قديم October 15, 2011, 03:43 PM
 
Icon2 ** الامـام أبو بكر البيهقي ..





شخصية الاسبوع الخامس عشر


الامـام
أبو بكر البيهقي

هو أحمد بن الحسين بن علي
بن موسى الخراساني البيهقي

ولد في بيهق (384 - 458 هـ).
الإمام المحدث المتقن صاحب التصانيف الجليلة
والآثار المنيرة تتلمذ على جهابذة عصره وعلماء وقته
وشهد له العلماء بالتقدم قال أبو المعالي الجويني :
ما من شافعي إلا والشافعي عليه منة إلا أبو بكر البيهقي ،
فإن له منة على الشافعي في نصرة مذهبه.

وقال الشيخ الجليل الذهبي ردا على الجويني :
أصاب أبو المعالي، هكذا هو، ولو شاء البيهقي أن يعمل
لنفسه مذهبا يجتهد فيه لكان قادرا على ذلك،
لسعة علومه، ومعرفته بالإختلاف، ولهذا تراه يلوح
بنصر مسائل ممايصح فيها الحديث.




نشأته وطلبه للعلم

لم تسعفنا كتب التراجم المتوفرة
بشئ عن أسرة الإمام البيهقي،
لكن الذي نعلمه أنه بدأ طلب العلم وسماعه الحديث
منذ نعومة أظافرة وهو في سن صغيرة حيث كان عمره
خمس عشر سنة.
قال الإمام البيهقي وهو يتحدث عن نشأته وطلبه للعلم :
إني منذ نشأت وابتدأت في طلب العلم أكتب أخبار
الرسول
صلى الله عليه وسلم ، وأجمع آثار الصحابة
الذين كانوا أعلام الدين، وأسمعها ممن حملها ،
وأتعرف أحوال رواتها من حفاظها، وأجتهد في تمييز
صحيحها من سقيمها، ومرفوعها من موقوفها،
وموصولها من مرسلها، ثم أنظر في كتب هؤلاء الأئمة
الذين قاموا بعلم الشريعة وبنى كل واحد منهم مذهبه
على مبلغ الكتاب والسنة ، فأرى كل واحد منهم قالب:
رضي الله عنهم قصد الحق فيما تكلف واجتهد في أداء ما كلف ،

وقد وعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح
عنه لمن اجتهد فأصاب أجرين،
ولمن اجتهد وأخطأ أجرا واحدا، ولا يكون الأجر
على الخطأ وإنما يكون على ماتكلف من الإجتهاد،
ويرفع عنه إثم الخطأ بأنه إنما كلف الإجتهاد في الحكم
على الظاهر دون الباطن، ولا يعلم الغيب إلا الله عز وجل،
وقد نظر في القياس فأداه القياس إلى غير ما أدى إليه
صاحبه كما يؤديه الإجتهاد في القبلة إلى غير ما يؤدي
إلى صاحبه ، فلا يكون المخطئ منهما عين المطلوب
بالاجتهاد مأخوذا إن شاء الله بالخطأ ، ويكون مأجورا
إن شاء الله على ماتكلف من الإجتهاد.
فنحن نرجو ألا يؤخذ على واحد منهم أنه خالف كتابا نصا
ولا سنة قائمة ولا جماعة ولا قياسا صحيحا عنده ،
ولكن قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها لا أنه
عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل،

وهذا كله مأخوذ من قول الشافعي ..




رحلته في طلب العلم


قام الإمام البيهقي برحلة طويلة لطلب العلم
فسمع أولا بمدن خراسان : طوس، همدان، نوقان،
وغيرها من بلاد خاراسان وبعد ماحوى من هذه البلاد
من علم عزم لأداء فريضة الحج ، فدخل مكة المكرمة
وسمع من علمائها، وبعد ماانتهى من أداء فريضة الحج
توجه إلى بغداد والكوفة وماحولها من بلاد العراق
كعادة العلماء في الرحلة لطلب العلم، وبعد ماانتهى رحلته
رجع إلى بيهق وانقطع بقريته للتأليف.




شيوخه



من شيوخ البيهقي:


** الشيخ : إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، أبو إسحاق
الإسفراييني المتوفي سنة 418 هـ في 10 من المحرم.

الشيخ : إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن يوسف،
أبو إسحاق الفقيه، المتوفي سنة 411 هـ في شهر رجب.


الشيخ : إبراهيم بن محمد بن الحسن، أبو إسحاق الأرموي،
المتوفي سنة 418 هـ في شهر شوال.


الشيخ : إبراهيم بن محمد بن علي، أبو إسحاق
النيسابوري العطار، المتوفي سنة 400.


الشيخ : أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن جانجان :
أبو العباس الصرام المعدل الهمداني،
المتوفي سنة 416 هـ في شهر ربيع الأول.-


الشيخ :أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ت 405هـ.
لقيه البيهقي في مطلع حياته، وعظمت استفادة البيهقي
من الحاكم، وكبر انتفاعه به، فقد بلغت مروياته عنه في
السنن الكبري 8491 رواية


وقال الإمام الذهبي في وصف الكم الوافر من العلوم
التي سمعها البيهقي وسمع من الحاكم
أبي عبد الله الحافظ فأكثر جدًا.


الشيخ : أبو الفتح المروزي الشافعي،
كان إمام الشافعية في زمانه، برع في المذهب، وكان مدار
الفتوى والمناظرة، وقد أخذ البيهقي عن المروزي علم الفقه،
فهو أستاذه في الفقه، وسمع البيهقي جملة من الرمويات
أوردها في لسنن الكبرى، وبلغت 65 رواية.


الشيخ :عبد القاهر البغدادي. وكان من العلماء البارعين،
وأحد أعلام الشافعية في عصره، وهو صاحب كتاب
(الفرق بين الفرق) قال عنه أبو عثمان الصابوني،
كان من أئمة الأصول وصدور الإسلام بإجماع أهل الفضل،
إمامًا مقدمًا مفخمًا


الشيخ : أبو سعيد بن الفضل الصيرفي.
وكان من الشيوخ الثقات المأمونين، وقد لازمه البيهقي
وأكثر التلقي عنه، وقد بلغت رواياته عنه في السنن
الكبرى 1104


الشيخ :أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي
وهو أكبر شيخ له


الشيخ :أبو طاهر الزيادي

الشيخ : ابي بكر بن فورك وأخذ عنه علم الكلام وتبحر فيه.

الشيخ :ابي علي الروذباري من مشاهير الصوفية

الشيخ :هلال الحفار وابي الحسن بن بشران

الشيخ :أبي عبد الله بن لطيف وله أكثر من مائة شيخ.

وهناك الكثير من الشيوخ الذين منهم البيهقي وأخذ منهم،
واستفاد من صحبتهم




تلاميذه


من تلاميذه ولده إسماعيل وحفيده عبد الله وزاهر
وعبد الله الفراوي وعبد الجبار بن عبد الوهاب وغيرهم كثير




مؤلَّفاته

  • السنن الكبير في عشر مجلدات
منهجه في السنن الكبير:
1.أنه كتاب مسند. فهو لا يخرج في كتاب حديثًا
أو أثرًا أو حكاية أو شعرًا إلا بالإسناد.


2.يعتني بالمتون، أما بالنسبة للمتون فقد قام منهجه
فيها على كشف اختلافات ألفاظها وبيان غريبها،
والتنبيه على عللها واضطرابها وما يستنبط منها من أحكام


3.منظم وفق الأبواب الفقهية، قام البيهقي بتقسيم كتابه
السنن الكبرى إلى كتب كلية مثل كتاب الطهارة،
وكتاب الصلاة، ثم قسم الكتب إلى وحدات أصغر منه
وهي البواب، والأبواب وحدة جامعة للعديد من الأبواب
الفرعية فيقول مثلاً (جماع أبواب الحديث) و
(جماع أبواب ما يوجب الغسل) إلخ

4.مستوعب لأحاديث الأحكام، جعل البيهقي كتابه
مستوعبًا لأحاديث الأحكام من أخبار وآثار بجميع درجاتها
مع التمييز بينها، فإنه يذكر الصحيح ليعمل به،
ويذكر لضعيف ليحذر منه


5.تكراره للحديث، وقد يكرر البيهقي الحديث لفائدة فقهية
تعرض له في الباب، أو لعلوّ في الإسناد،
فإن منهجه قائم أساسًا على الاستدلال، فلا يخرج النص
في الباب إلا لمقصد استدلالي يهدف من ورائه إلى هدف ما


6.اختصاره لأسماء شيوخه، استعمل البيهقي طريقة الكني
في ذكر شيوخه عند الرواية عنهم في غالب الأعم من منهجه
في الكتاب، وقد يذكرهم بأسمائهم في بعض الأحول،
وكان مقصده في ذلك الأسلوب الإجلال لهم، وطلب
الاختصار لكثرة تكرارهم في الأسانيد

7.استعماله للآيات القرآنية، درج الإمام البيهقي
على إيراد المناسب من الآيات القرآنية في الكثير
من الأبواب مستنبطًا منها استنابطات جيلة


أما باقي مؤلفات الإمام البيهقي فهي كثيرة،
وعظيمة المنافع منها.

  • السنن والآثار في أربع مجلدات
  • الأسماء والصفات في مجلدتين
  • المعتقد مجلد
  • البعث مجلد
  • الترغيب والترهيب مجلد
  • الدعوات مجلد
  • الزهد مجلد
  • الخلافيات ثلاث مجلدات
  • نصوص الشافعي مجلدان
  • دلائل النبوة أربع مجلدات
  • السنن الصغير مجلد ضخم
  • شعب الإيمان مجلدان
  • المدخل إلى السنن مجلد
  • الآداب مجلد
  • فضائل الأوقات مجيليد
  • الأربعين الكبرى مجيليد
  • الأربعين الصغرى
  • الرؤية" جزء
  • الإسراء
  • مناقب الشافعي
  • مناقب أحمد مجلد
فضائل الصحابة مجلد، وتواليفه تقارب ألف جزء
مما لم يسبقه إليه أحد، جمع بين علم الحديث والفقه،
وبيان علل الحديث، ووجه الجمع بين الأحاديث.



وفاته

توفي في عاشر شهر جمادى الأولى،
سنة ثمان وخمسين وأربع مائة فغسل وكفن، وعمل له تابوت،
فنقل ودفن ببيهق، وهي ناحية قصبتُها خُسْرَوْجِرد،
هي محتده، وهي على يومين من نيسابور،
وعاش أربعا وسبعين سنة.




المصدر
سير اعلام النبلاء للامام الذهبى

تم بحمد الله
انتظرونا الاسبوع القادم
ان شاء الله .. وشخصية جديدة

__________________









 

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صور لشخصيات تاريخية ونادرة جدا ...!! برهافة حس شخصيات عربية 14 January 23, 2012 12:15 PM


الساعة الآن 02:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر