فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > ديوان الاُدباء العرب

ديوان الاُدباء العرب مقتطفات من قصائد الادب العربي الفصيح, و دوواوين الشعراء في الجزيره العربيه,والمغرب العربي, العصر الاسلامي, الجاهلي , العباسي, الاندلسي, مصر, الشام, السودان,العراق



 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #7  
قديم May 14, 2011, 10:48 PM
 
رد: غادة السمان


كان ياما كان
يقولون : في الليل المنخور بالوجع
تنمو بذرة النسيان
وتصير غابة تحجب وجهك عن ذاكرتي ...
لكن وجهك
يسكن داخل جفوني
وحين أغمض عيني : أراك !..
عشنا أياما مسحورة
كمن يسبح في بحيرة من زئبق وعطور
ويركب قاربا
في انهار الألوان لقوس قزح
مبحر من الأفق إلى نجمة الرعشة ...
كان ياما كان !..
كان ياما كان !..
وكانت السعادة تصيبني بالارتباك ..
وحدها تخيفني
لأنني لم اعتدها ..
فأنا امرأة ألفت الغربة
وحفظت أرصفة الوحشة والصقيع
وأتقنت أبجدية العزلة والنسيان...
وأعرف ألف وسيلة ووسيلة
لأحتمل هجرك
أو كل الألم الممكن أن تسببه لي ...
ما لا أعرف كيف أواجهه
هو سعادتي معك ...
وحينما أصير مثل آنية كريستال شفافة
ممتلئة برحيق الغيطة
وبكل الفرح الممكن
أرتجف خوفا أمام السعادة ...
مثل طفل منحوه أرنبا أبيض
ليقبض عليه للمرة الأولى في حياته ..!
وكنت دوما أصلي :
رب ارحمني من سعادتي
أما تعاستي فأنا كفيلة بها ..
آه !..
كان ياما كان حب ...
وكنت بعد أن أفارقك مباشرة
يخترقني مقص الشوق اليك ...
وتزدحم في قلبي
كل سحب المخاوف والأحزان ..
وأشعر بأن البكاء لا يملك لي شيئا فأضحك !!
وتركض الي حروفي فأكتبها
وأستريح قليلا بعد أن أكتب ..
وأفكر بحنان
بملايين العشاق مثلي
الذين يتعذبون في هذه اللحظة بالذات
دون أن يملكوا لعذابهم شيئا
وأصلي لأجلي و لأجلهم
وأكتب لأجلي ولأجلهم ...
وأترك دموعهم تنهمر من عيني
وصرختهم تشرق من حنجرتي ...
وحكايتهم تنبت على حد قلمي .. مع حكايتي ..
وأقول عني وعنهم :
كان ياما كان حبّ

  #8  
قديم May 17, 2011, 12:26 PM
 
رد: غادة السمان

مهاجران


وطني كان صحراء
واحتها البساطة والكلمة النظيفة
وطني صار مدينة
حضارتها: الحنكة والثياب والقوانين
وطني أصبح غابة
تكتظ بالثعالب والأفاعي
وطني وداعاً
حماري لا يحب الحنكة والألوان المركبة
حماري لا تحزن
سأبحث لك عن التبن في الربع الخالي من هذا الزمن
حماري لا تفزع
سنأتلف الفواجع في الأوطان المهجورة
ريثما يأتي الإعصار
حماري..
ما رأيك أن ننقل الوطن فوق ظهورنا
بدون حنكة وقوانين وثياب وثعالب وأفاعي؟
  #9  
قديم May 17, 2011, 12:32 PM
 
رد: غادة السمان

حوار مع رجل لا يُحصى


- أما زلتِ تحبينني؟
- لو كان حبي حنجرة لعمّ القارات نشيد الفرح لشيللر كما لحّنه
بيتهوفن، ولتنهدت رئة الليل خلسةً على أرصفة الفوضى الباهرة.
- ولكن حبكِ صار سوراً، واغتلتِ الحوار!
- كيف أحاورك والأصوات موصدة؟
أنا بحاجة للانفراد بذاكرتي، لغاية في نفس "يعقوبة". أتأمل
ذكريات السنة القادمة، والعالم المبني للمجهول، وحين تمطر
داخل محبرتي، أكتب زمننا الآتي بالأثير فوق الريح.
- هل أحببتِني ذات يوم، ذات أبدية دامت لحظة حب؟
- لا لوسامتك أحببتكَ،
لا لنهرَيْ العسل واللبن في شفتيك،
لا للجمر اللاهب في مواطئ قدميك،
لا لموسيقى "التام تام" التي تقرع طبولها داخل دورتي
الدموية حتى تمسك بيدي فأغرق في ذلك العناق الملتيس
الملّقب بالمصافحة.
أحببتكَ لأني حين أخطو إلى عينيك أمشي في غابات السر.
- ما الذي شدّكِ إليَّ؟
- أحببتُ ازدواج شخصيتك. لم تكن لتتستر على حقيقية
بدهية هي أننا جميعاً "الدكتور جيكل" و "المستر هايد" في آن
وبدرجات متفاوتة؛ ثم إنين لست أفضل منك، وفي أعماقي قبيلة
نساء يتعايشن بصعوبة!
لعلّي أحببتكَ لأنك الغموض،
لأنني لا أعرف من أنت،
أعرف من ليس أنت!
أحببتكَ لأنك الركض المستمر خلف شارات الاستفهام
المشعة،
لأنك الزلزال لا التثاؤب،
لأنك الرجل لا يُحصى،
لأن الثلج لا يستطيع أن ينسى آثار خطاك حتى بعد ذوبانه،
لأنك حقول تستعصي على الحصاد.
لقد حلّق بي حبك ذات يوم وأصبت بدوار المرتفعات.
مأساتي أنني لا أبوح بحبي إلا بعد أن ينقضي.
- هل تحقدين عليّ؟
- ها هي أيامنا تنمو وتزدهر بعد الفراق، وتتبدى مفاتنها عبر
ثياب الذكريات.
حبي لك لؤلؤة تقرّ بأنها كانت حبة رمل، قبل أن تغزل حولها
ضياءك القمري.
قبل حبك / الطعنة، كان حرفي مبة رمل في صدفة منسية
قرب قاع البحر.
النسيان خيانة عظمى!
- ألا تكرهينني؟
- ارتكبت الحياة والحرف ولم أعاقر الكراهية، لكنني أتقنت
فن اللامبالاة.
ثمة لحظات أركل فيها الكرة الأرضية بقدمي ككرة قدم ولا
أبالي. أراقبها تتدحرج على السلالم المظلمة لتدخل في مرمى
الفتور.
أقوم بدور حارس المرمى وأنا أتثاءب!
- أكرر: ألا تكرهينني أحياناً؟
- أكرهك دائماً لأنني أحبك. ففي كل حب كبير مقدار هائل
من الكراهية.
- لماذا؟
- ربما كي يقدر المرء على أن يتعايش مع نفسه ونرجسيته،
وربما من أجل بقائه، فلا حياة بلا حد أدنى من الحرص على
الذات... والحب تشجيع على نهب الحبيب لنا.
- لماذا هجرتني؟
- لأنني أحببتكَ كما أنت بكل نجومك وثقوبك، وأحببتَ
أنتَ ما سأكون عليه بعد أن تُدخِل تعديلاتك على تضاريسي
الروحية، وتُدخلني في قوالب مزاجك. لقد أحببتَ فيَّ امرأة
أخرى تريد أن تصنعها من "مواديّ الأولية" وعناصري.
لقد زرعت مخبريك في شبكتي العصبية، ووضعت عدّداً
على دقّات قلبي،
وصرت تحصي عليّ أصواتي وأمواتي ومصابيح روحي
وتذكاراتي.
- وماذا في ذلك؟ ألم تكوني حبيبتي؟
- كنتَ مثل أحمق يحاول تعليم السنونو استعمال البوصلة،
أو يحلم بلعب دور مهندس الصوت داخل صدفة بحرية،
أو دور قائد الأوركسترا لسمفونية الموج الجامح.
الحب عندك مرادف للقفص لا الأجنحة!
- وهل يدهشك ذلك؟ أنا رجل شرقي حتى رؤوس شاربيّ
وخنجري.
- لم يعد ثمة ما يدهشني، حتى إذا جاءت فراشة ولسعتني
كعقرب. كل شيء صار يبدو لي مألوفاً!
- ولكنكِ أحببتِ أبجديتكِ أكثر من حبك لي.. لماذا لا
تعترفين بذلك؟
- الكتابة طوق نجاة، وحبك بحر الأخطبوط وسمك القرش.
الكتابة مظلة، وحبك عواصف مفاجئة.
الكتابة آخر قوس قزح في جعبتي، وحبك سماء معبّدة
بالإسفلت.
- ولكنك تقترفين أحياناً كتابة ما وراء الخطوط الحمر
والأسلاك الشائكة المحرّم تجاوزها.
- ثمة فارق بين الكتابة بماء الذهب والكتابة بماء الروح!
- ألا تخافين؟
- حين سقطتُ سهواً على هذا الكوكب، اكتشفتُ أن حقوقي
لا تتعدى حق الأكل والشرب والإنجاب والموت، فقررت أن
أضيف إليها حقّي في الطيران! أكتبُ.. أكتبُ، وآخر الليل
تتحوّل الورقة البيضاء فجأة إلى حقل شاسع من الثلج وأنا أنزف
وحيدة في وسطها...
ريثما أفرك القلم السحري ويأتي جنيُّ الكتابة من القمم
ليسامرني.
- ألا تخافين الوحدة؟
- أخاف الرضوخ للخوف منها. لست مهجورة، لكنني هاجرة
لكل من حولي ريثما أجد أبحدية تقنعي.
- ألا تخافين الموت وحشةٌ؟
- لقد جرّبت الموت ولم يضايقني كثيراً. ألا ترى أنني سجينة
داخل جثتي؟
وحده الموت يطلق سراحي، صلتي بموتي شبه ودية لا تخلو
من الفضول من طرفي.
أكرر: حين أموت، أوصيك أن تكتب على قبري: "هنا ترقد
امرأة ماتت غرقاً في محبرة!".
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كوابيس بيروت - غادة السمان advocate الروايات والقصص العربية 12 March 13, 2012 07:34 PM
كتاب رسائل غسان كنفاني الى غادة السمان,تحميل كتاب رسائل غسان كنفاني الى غادة السمان ألاء ياقوت كتب الادب العربي و الغربي 5 December 19, 2011 12:08 AM
اتذكر ايامي معك.............غادة السمان سلمى فاروق شعر و نثر 4 March 7, 2011 11:34 AM
غادة السمان dflp شعر و نثر 0 January 24, 2009 12:48 PM


الساعة الآن 03:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر