فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > قسم الاعضاء > طلبات الكتب > أرشيف طلبات الكتب



 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #10  
قديم April 5, 2011, 12:09 AM
 
رد: مساعده في ايجاد كتب تتناول جهود نحاه الاندلس في تيسير النحو

يَ الله ! احرجتني يَ امينه

عظيمه يَ امينه عظيمه
  #11  
قديم April 5, 2011, 12:28 AM
 
رد: مساعده في ايجاد كتب تتناول جهود نحاه الاندلس في تيسير النحو

اهـلاا اخي

ب الفعل تعجز الكلمات عن شكر امينه ف لقد قامت ب المطلوب واكثر
ذكرت سابقا ب اني اول ما وجدته ب خصوص هذا الموضوع تلك الرساله
وهي رائعه حقا
ولكن اريد اكبر عدد من الكتب الموثقه ولا بأس برسائل دكتوراه او ماجستير اخرى اذا استدعى الامر

ولاني اعلم و اثق ب انكم لن تقصروا اتيت طالبه منكم المساعده
شكـرا ً لك ولكم جميعا
  #12  
قديم April 5, 2011, 01:47 AM
 
رد: مساعده في ايجاد كتب تتناول جهود نحاه الاندلس في تيسير النحو

بحث بعنوان:
" المعيارية في التراث النحوي وعلم اللغة الحديث "
دراسة في المنهج المعياري في ضوء التوليدية التحويلية
بحث مقدم لمادة دراسات نحوية حديثة – تمهيدي ماجستير- شعبة اللغة
كلية اللغات- قسم اللغة العربية والترجمة
إعداد: ألطاف محمد

(1)
المقدمة

أحمد الله الذي بدأ بالإحسان، وأحسن خلق الإنسان؛ واختصه بنطق اللسان؛ وفضيلة البيان؛ وجعل له من العقل الصحيح؛ والكلام الفصيح، منبثاً عن نفسه، ومخبراً عمّا وراء شخصه، وصلى الله على محمد خاتم أنبيائه ، ومبلغ أنْبائه، وعلى آله وأصفيائه.
أما بعد،،،
يعد المنهج المعياري منهجاً له قيمته العالية في دراسة القواعد النحوية ، واللغوية. ومازال متداولاً به من الخلف إلى السلف، وإلى يومنا هذا.والمنهج المعياري كما تراه الباحثة يعدّ أصل الدراسات النحوية واللغوية بشكل عام، والدراسات الوصفية فرع عنها. أي تعمل المعيارية جنباً إلى جنب مع الوصفية في الوصول إلى التأصيل، والتقعيد، ولا سيما أن تقعيد اللغة ، ومرحلة تجميعها كانت وصفية لتنتهي هذه الرحلة إلى المعيارية. وهذا يؤكد أن المعيارية أصل كونها ثابتة لا تتغير مع الزمن، والوصفية فرع عن المعيارية، كونها تتغير .
ودراستنا لهذا المنهج الكبير بمظاهره يقودنا إلى معرفة هذه المظاهر بشكل أعمق، وأدق صورة له. وما التوليدية والتحويلية إلاّ شاهد على أن مظاهر المعيارية قد أبدت أهميتها في دراسة اللغة بشتى الطرائق والسبل. والوصفية فرع عن المعيارية يغذي المعيارية بالمعلومات الدقيقة والقريبة من الفئة اللغوية المدروسة ، أو الظاهرة اللغوية.
وقد سار البحث على تمهيد، قسمين اثنين ، فالخاتمة فالفهارس.وفق الهيكل الآتي:
- التمهيد: مفهوم المعيارية ومظاهرها.
- القسم الأول :المؤيدون لمظاهر المعيارية :
أولاً: مؤيدوا مظاهر المعيارية من القدماء
ثانياً : مؤيدوا مظاهر المعيارية من المحدثين.
القسم الثاني: منكروا مظاهر المعيارية من القدماء والمحدثين.
أولاً: منكروا مظاهر المعيارية من القدماء.
ثانياً: منكروا مظاهر المعيارية من المحدثين.
القسم الثالث: المعيارية في علم اللغة الحديث:
أولاً: المعيارية في التوليدية التحويلية.
ثانياً : التوافق بين معطيات النحو العربي والتوليدية التحويلية .
-الخاتمة: تناولت خلاصة النتائج التي توصلت إليها الباحثة.
- فهرست المصادر والمراجع.
وبعد هذا العرض لهيكل البحث سار هذا البحث، متخطياً الصعوبات التي واجهته، والتي كانت تتمثل في كيفية حصر وإلمام بمظاهر المعيارية، وفي تعداد مؤيدي ومنكري المعيارية. فقد قدمت الباحثة نماذج لبعض منكري ومؤيدي المعيارية، وأبرز مقولاتهم في المعيارية من خلال مظاهر المعيارية. إذ يحتاج لصفحات وصفحات لحصرهم جميعاً وتتبعهم جميعاً ومقامنا هذا لا يتسع لحصرهم كاملاً.
وفي الختام، أتمنى أن يكون هذا البحث قد أدى مهمته التي وكلت إليه بأحسن صورة، وإن اعترته بعض النواقص، أو الخلل غير المخلّ بقيمة البحث. فما توفيقي إلاّ بالله العلي العظيم، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلم على محمد النبي الأميّ الصادق الأمين.

تمهيد:
أولاً : مفهوم المعيارية: المعيارية منهج يقيم على الصواب والخطأ . منهج يعمل على وضع القواعد النحوية واللغوية وفق معايير والموازين، وقد أسماه الوصفيون بالمنهج التقليدي . كونه يسير على نهج القدماء.وهو المنهج الذي يقيس القواعد النحوية واللغوية .وقد استعمل الدكتور محمود فهمي حجازي لفظة المعيارية ولم يستعمل لفظ منهج، فقد أطلق على المعيارية في النحو اسم النحو التعليمي أو المعيارية دون استعمال كلمة منهج. (1)فقد ذكر أن المعيارية تهدف إلى وضع ضوابط الاستخدام اللغوي الصحيح لأبنية المفردات وأبنية الجمل.(2)
وقد ذكر كريستال أن المعيارية اصطلاح استعمل بواسطة اللغويين لوصف أي اتجاه لمحاولة وضع ضوابط الصحة (3). كما تهدف المعيارية إلى الحفاظ على مستويات متصورة اللغة، وذلك بإصرارها على فرض نماذج للاستعمال منتقدة الخروج عنها، وتتخذ لذلك معايير معينة مثل النقاء والمنطق والتاريخ والأدب الرفيع. (4)إذن النحو المعياري يسعى بمنهجه المعياري إلى ضوابط القواعد وتصحيحها وتقويمها على وجهتها الصحيحة، وكذا تحديد المعايير والقواعد لتصحيحها.
وقد استعمل عبد القاهر الجرجاني بمعنى القياس عند حديثه عن الإعراب الذي يعدّ المعيار" الذي لا يتبين نقصان كلام ورجحانه حتى يعرض عليه والقياس الذي لا يعرف صحيح من سقيم حتى يُرجع إليه " (5)ومن كلام الجرجاني نجد أن دراسة اللغة هي غاية في بيان أوجه الصواب أو الخطأ تبعاً للمعايير الموضوعية والتعليل للخطأ بافتراضات كثيرة كالحذف والعوض والتقدير والتأويل والتقديم والتأخير ثم الخروج بنتيجة مؤداها تعديل شكل ظاهرة لغوية حتى تتفق مع معايير موضوعه مسبقاً في ذهن الباحث نحو قوله تعالى ((إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1))) (6)
بمعيار النحاة إذا انشقت السماء انشقت (7). ولذا قال الجرجاني يعرض عليه القياس الذي لا يعرف صحيح الكلام من سقيم حتى يرجع إليه . و يجب على المتكلم أن يراعي " معايير اجتماعية معينة يطابقها في الاستعمال، ويقيس في كلامه على هذه المعايير." (8)
و لايتمّ نظم الكلام ووضعه إلأّ بموجب علم النحو التقليدي القائم على المعيارية، فقد ذكر الجرجاني في دلائله بقوله: " أعلم أنه ليس النظم إلاّ أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف مناهجه التي نهجت فلا تزيغ عنها، وتحفظ الرسوم التي رسمت لك، فلا تخلّ بشيء منها. (9)
فنظم الكلام هنا – كما ذكر الجرجاني- يقصد وضع الكلام تحت قوانين وضوابط لاستقامة الكلام وفق منهج يسير عليه وهذا المنهج هو المعياري دون غيره.إذ يقوم بدور مهم في تعليم القواعد؛ لأن أساسه محاولة استخلاص مجموعة محددة القواعد والقوانين وجعلها نموذجاً أو معياراً ينبغي الأخذ به في السير على طريقه، فمن خرج عن هذا النهج أو المعيار دخل في دائرة الخطأ، ومن سار على هذه كان معيباً، فهذا النهج في الأساس وظيفته بيان الخطأ والصواب في اللغة، ومحاولة فرض قواعده على مستعملي اللغة، حفاظاً عليها وعلى أصولها، ويهدف أيضاً إلى تعليم اللغات القومية. (10)
والمعيارية هو منهج النحو العربي الذي شغل النحاة القدماء والمحدثين، وكذا اللغويون من القدماء ، والمحدثين. ذلك لأن " النحو علم مستخرج بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب، الموصلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي تأتلف منها فيحتاج من أجل ذلك إلى تبيين حقيقة الكلام وتبيين أجزائه التي يأتلف منها وتبيين أحكامها." (11)، والنحو" صناعة علمية، ينظر لها أصحابها في ألفاظ العرب من جهة ما يتألف بحسب استعمالهم لتعرف النسبة من صبغة النظم، وصورة المعنى، فيتوصل بإحداهما إلى الأخرى" (12)و هو " علم بأقيسة تغيير ذوات الكلم وأواخرها بالنسبة إلى لغة لسان العرب" (13)وذكرنا للتعريف بالنحو لما كانت المعيارية سمة أساسية من سمات النحو العربي، ولاسيما أن الدراسات الحديثة منصبة في النحو العربي التقليدي الذي اتخذ المنهج المعياري منهجاً له في هذه الدراسات.
والدراسة المعيارية كما ذكر تمام حسان، مؤسسة على المنطق، خالية من وجهة نظر علمية، وهي لا تهتم باللغة نفسها، بل ترى فقط أن تسن القواعد التي تفرق بين الاستعمالات الصحيحة وغير الصحيحة، وهذا المنهج المعياري بعيد عن الملاحظة الخالصة، يفرض وجهة نظره فرضاً (14).وقد توالت الدراسات حول تأثر النحو العربي بالمنطق، ولاسيما منطق أرسطو. كما أن الوصفيين جعلوا من تأثر النحو بالمنطق سمة من سمات المنهج المعياري، وعدّوا أن النحو العربي ليس له استقلالية خاصة، وأن الدراسات في النحو ليست مستقلة عن العلوم الأخرى، بل إن النحو العربي تأثر بالمنطق. أي إن تمام حسان من كلامه عن المنهج المعياري واتهامه للنحو العربي بأنه مؤسس على المنطق، يرفض المنهج المعياري ، وأنه يؤيد المنهج الوصفي الجديد القائم على الدراسة المحددة لبيئة ما ، في مجتمع ما، ودراسة اللغة لذاتها ولذاتها.
ومفهوم المعيارية في اللغة لا يبتعد كثيراً عن مفهومه في الاصطلاح، فقد ورد في لسان العرب عن المعيارية، واستعماله. فالمعيار كالمقياس، والمكيال، والميزان. " قال الليث: العيار ما عايرت به المكاييل ،فالعيار صحيح تامّ وافٍ، تقول: عايرت به أي سوّيته، وهو العيار والمعيار. يقال: عايروا ما بين مكاييلكم وموازينكم ، وهو فاعلوا العيار، ولا تقل عيّروا. وعيّرت الدنانير: وهو أن تلقي ديناراً ديناراً فتوازن به ديناراً ديناراً ، وكذلك عيّرت تعييراً إذا وزنت واحداً وحداً، يقال هذا في الكيل والوزن." (15) وما الوزن والكيل والضبط من المعيارية. فضبط وكيل القواعد النحوية واللغوية من المعيارية .

ثانياً: مظاهر المعيارية :
مظاهر المعيارية وخصائصها تبدأ من مفهوم المعيارية ذاتها. ومن تعريف المعيارية في الاصطلاح اللغوي، وتعريفه الاصطلاحي. فمظاهر وخصائص المعيارية مجملة على النحو الآتي، وتفصيلها في موضع لا حق :
1- القياس: تحدث النحاة عن القياس كونه أصلاً من الأصول النحوية، ومظهراً من مظاهر المعيارية.وهناك من رفض القياس، ومن يؤيده.والقياس النحوي هو الأحكام التي تصدق على النصوص اللغوية الواردة بطريقة واحدة أخذت منها القاعدة، ثمّ تعمم تلك القاعدة على النصوص التي لم ترد. كما أن هناك نوعاً آخر من القياس،يتمثل في: قياس أحكام على أحكام لنوع من المشابهة، فهذا الحكم كذا، لمشابهته بكذا- كمشابهة إعراب الفعل المضارع بالرفع، بالاسم- وهذا القياس يطلق عليه بالقياس العقلي؛ نظراً لأن العقل يؤدي دوراً في عقد المشابهة وإقامة الصلة بين الأحكام (16). ومن هنا نجد تدخل العقل في بناء القاعدة، كما نجد التوليدية التحويلية قامت على أسس عقلية ومن ضمنها القياس وسنتناوله لاحقاً.
2- العلل( التعليل) : يمثل عنصراً مهما ً أساسياً في الدرس النحوي عند العرب (17).والحديث عن التعليل يطول ، وسنتطرق إليه في موضع لاحق، وإنما ذكرناه للإشارة فقط ، وتفصيل الحديث في المواضع الآتية الذكر.
3- العامل :هو ما يؤثر في اللفظ تأثيراً ينشأ عنه علامة إعرابية ترمز إلى معنى خاص؛ كالفاعلية،أو المفعولية أو غيرهما. ولا فرق بين أن تكون تلك العلامة ظاهرة أو مقدّرة (18). أي يعمل العامل جنباً إلى جنب مع الإعراب ليؤديان دوراً مهماً في المعنى. وهناك من أيده ومن رفضه، وهذا ما سنتناوله في المواضع اللاحقة. والحديث عن العامل يطول شرحه ، إذ تحدثت الباحثة عن هذه القضية (نظرية العامل) باختصار، مع الأخذ بنماذج لمؤيدي العامل، ومنكريه من القدماء والمحدثين؛ نظراً لاتساع المادة البحثية وتشعبها الكبير.
4- الإعراب :هو التطبيق العام على القواعد النحوية المختلفة، ببيان ما في الكلام من فعل، أو: فاعل، أو مبتدأ، أو خبر ... وموقع كل منها في جملته، وبنائه أو إعرابه ... أو غير ذلك. (19) وقضية الإعراب شغلت النحاة قديماً وحديثاً ، وكان الحديث عنه كثير، وفيه تفصيل موسع. وله علاقة وثيقة الصلة بالعامل، من حيث التغييرات الحاصلة في أواخر الكلمات من رفع للفاعل، أو نصب للمفعول، أو غير ذلك. إذ يعملان معاً في الكشف عن المعاني للجمل.وتناولت الباحثة الإعراب منكريه، ومؤيديه رابطة في ذلك بنظرية العامل.
وهناك خصائص عامة اتسمت بها المعيارية:
- كونه يقوم على مبدأ الصواب والخطأ .
- يعمل على ضبط النصوص وإصلاحها ، وتنقيتها من الخطأ ، وتصويبها .
- يعدّ مقياساً لنظم الكلام ، ومعرفة صحيحه من سقيمه .
- إن المعيارية موقعها الدراسات التاريخية التي تهتم بتطور اللغة وكذا القواعد اللغوية والنحوية سلباً أو إيجاباً.وبيان السلبيات وإصلاحها ، وتقويمها على وجهتها الصحيحة، والسليمة.
- إن المعيارية تهتمّ بدراسة اللغة حالة تطوّرها . (20)
- إن المعيارية -المتمثل في النحو العربي التقليدي- يحدد قواعد اللغة بناءً على فهم المعنى أولاً، أي إن القواعد تتحدد وفقاً للدارس نفسه. (21)
- إن المعيارية -المتمثل في النحو العربي التقليدي- يهتم بالعلة ( التعليل) كونه مرتبط بالمفهوم.(22)
- إن المعيارية -المتمثل في النحو العربي التقليدي- يهتم باللغة المنطوقة ، و اللغة المكتوبة (23)
" المعيارية في التراث النحوي وعلم اللغة الحديث "
دراسة في المنهج المعياري في ضوء التوليدية التحويلية


(2)
القسم الأول : المؤيدون لمظاهر المعيارية من القدماء والمحدثون .
أولاً :المؤيدون لمظاهر المعيارية من القدماء :

عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي(113هــ) الذي كان شديد التجرد للقياس، ويقال إنه كان أشد تجريداً للقياس من أبي عمرو.(24)

سيبويه (180هـــــ) : إمام النحاة لم يعارض المعيارية في شيء ، بل نجد آراءه منتشرة في كتابه الشهير بـــــــــ(الكتاب)، وتنوعت من بين آراء نحوية، ولغوية، وفي أصول النحو وفي الأصوات، وفي الصرف. ولا ننسى الخليل بن أحمد الفراهيدي (175هـــ) من قبل سيبويه . ولأن الحديث يطول بكثرة، وتحتاج لتوسع في الحديث المفصل عن آرائه، وهذا لسنا بصدده في بحثنا . فقد تشير الباحثة عن أبرز المؤيدين لمظاهر المعيارية، والوقوف لبعض القضايا التي تجدر بنا الوقوف عليها هذا من جهة، وآراء من جاء بعد الخليل وسيبويه، يسيرون على نهجهم، وإن وجد بعض الاختلافات التي لا تؤدي إلى الخروج عن الأصل .
ونمثل على ما نقوله، ما قاله سيبويه عن مجاري الإعراب الثمانية التي تعمل جنباً إلى جنب مع العامل- للصلة الوثيقة بين الإعراب والعامل- فقال:" وإنما ذكرت لك ثمانية مجارٍ لأفرق بين ما يدخله ضربٌ من هذه الأربعة لما يحدث فيه العامل- وليس شيءٌ منها إلاّ وهو يزول عنه- وبين ما يُبنى عليه الحرف بناءً لا يزول عنه لغير شيء أحدث ذلك فيه من العوامل، التي لكل عامل منها ضربٌ من اللفظ في الحرف، وذلك الحرف حرف الإعراب." (25) أي إن سيبويه قد صنّف كتابه وفي ذهنه فكرة العامل وأثره في أواخر الكلم، ثم تبعها النحاة وصنفوا مصنفاتهم على منهجه وتقسيمه. (26)

ابن جني( 293هــ): مدافع عن العلل ، بل احتفل بها فقال:"ولست تجد شيئاً مما علل به القوم وجوه الإعراب إلاّ والنفس تقبله، والحس منطو على الاعتراف به" (27) ويدل على شدة تمسكه بالعلل النحوية قوله:"وسألت يوماً أبا عبد الله محمد بن العساف العقيلي الجوثي، التميمي- تميم جوثة- فقلت له: كيف تقول:ضربت أخوك؟فقال أقول:ضربت أخاك فأردته على الرفع ،وقال: لا أقول : أخوك أبدأ. فقلت: فكيف تقول ضربني أخوك فرفع . فقلت: ألست زعمت أنك لا تقول: أخوك أبدأ ؟ فقال: أيش هذا ! اختلفت جهتها الكلام. فهذا إلاّ أدلّ شيء على تأملهم مواقع الكلام، وإعطائهم إياه في كل موضع حقه، وحصته من الإعراب، عن ميزة، وعلى بصيرة ، وأنه ليس استرسالاً ولا ترجيماً" (28). وتؤيد الباحثة ما قاله وليد الأنصاري في كتابه نظرية العامل، أن الغلو والإسراف في العلل النحوية، وإضفاء الطابع الفلسفي عليها، ما هو إلاّ ضرب من الترف العقلي عند النحويين القدامي (29) .ويضفي على القواعد النحوية العربية ضبابية في فهم معانيها ، وقوانينها ، بسبب كثرة العلل، التي قد تكون منطقية وقد تكون غير ذلك.وكثرة التشعب في العلل يضيع مضمون القاعدة، فيصعب على الباحث، والمتعلم لقواعد العربية على حد سواء من تعلم العربية . و لا يمكن أن نعتدّ أن العلل النحوية فاسدة ، لا جدوى منها، إذ ينبغي على الباحث أن يبتعد عنها ؛لأنها مجافية للروح العلمية (30). والعلل النحوية، وإنْ لبس بعضها فلسفياً فستظل شاهداً على خصوبة العقل العربي، يتعمق فيها المتخصصون الذين تروقهم فلسفة النحو العربي. وقد دعا وليد الأنصاري بفصل العلل النحوية عن القواعد النحوي، لفهم هذه القواعد (31)، ودراسة العلل النحوية بعيداً عن القواعد. فبدعوته هذه يدعو إلى وضع كتاب تعليمي ميسّر لدارسة القواعد دون رفض تامّ لأي مظهر من مظاهر المعيارية.وتؤيد الباحثة ما ذهب إليه وليد الأنصاري، فدخول العلل مع تعلّم القواعد ، يؤدي إلى ضياع قيمة القاعدة النحوية، ويصعب على متعلم اللغة العربية(لقواعدها) في تعلّمها. ومن أراد التخصص في اللغة العربية بعد أن يصل إلى مرحلة النضوج العقلي، والاكتفاء المعلوماتي، ورغبة الباحث في تعلّم المزيد عن اللغة العربية، من علل ، وغيرها، فليدرس اللغة العربية بجميع تفاصيلها.كما أن ممارسة الناس للغة العربي تتمّ وفق القواعد العربية، دون التطرق إلى العلل، والعامل، والقياس، وهذا ما لمسناه في العصر الجاهلي، وما قبله، وما بعده، وكيف كان الناس في تلك الحقبة يتكلمون دون وضع للقواعد النحوية، دون الحديث عن العلل ، والعامل، والقياس. بل كان حديثهم مباشرة تعبيراً عمّا في النفس ، وعملية الاتصال مع الآخر، وفهم الآخر.

الزجاج (310 هــ) : من مؤيدي المعيارية المتمثل في العلل، والقياس، والعامل. وقد ذكر الزجاج ضروباً من العلل النحوية وهي ثلاثة: "علل تعليمية، وعلل قياسية، وعلل جدلية نظرية" (32). وكذا مدافع عن الإعراب بقوله:"فإن قال قائل : قد ذكرت أن الإعراب داخل عقب الكلام، فما الذي دعا إليه واحتيج إليه من أجله ؟ فالجواب أن يُقال: إن الأسماء لما كانت تعتورها المعاني وتكون فاعلة ومفعولة ومضافة ومضافاً إليها، ولم يكن في صورها وأبنيتها أدلة على هذا المعاني بل كانت مشتركة، جعلت حركات الإعراب فيها تنبئ عن هذه المعاني فقالوا : ضرب زيد عمراً فدلوا برفع زيد على أن الفعل له وبنصب عمرو على أن الفعل واقع به وقالوا(ضُرب زيد) فدلوا بتغيير أول الفعل ورفع زيد على أن الفعل ما لم يسمّ فاعله، وأن المفعول قد ناب منابه" (33).

ابن السراج (316هـ): يعدّ أول من قسّم العلل النحوية (34)إذ قال:" واعتلالات النحويين على ضربين : ضرب منها هو المؤدي إلى كلام العرب، كقولنا: كل فاعل مرفوع، وضرب آخر يسمّى علة العلة، مثل أن يقولوا : لِمَ صار الفاعل مرفوعاً والمفعول به منصوباً، ولِم َ إذا تحركت الياء والواو وكان ما قبلهما مفتوحاً قلبتا ألفاً، وهذا ليس يكسبنا أن نتكلم كما تكلمت العرب، وإنما تستخرج منه حكمتها في الأصل التي وضعتها، وتبين بها فضل هذه اللغة على غيرها من اللغات وقد وفر الله تعالى من الحكم بحفظها وجعل فضلها غير مرفوع." (35)من كلام ابن السراج يتضح لنا عدم اعتراضه على العلل، بل قسّمها وفصل الحديث عنها.ولم يرفض العلل كما فعل ابن مضاء القرطبي .وبذا نجد ابن السراج يعدّ من مؤيدي مظاهر المعيارية.
ابن فارس (395هــ) : أكد ابن فارس أهمية الإعراب، ووظيفته، وكيف يؤدي دوراً في الدلالة والمعنى، وكيف يعمل على التفريق بين المعاني . يقول : "فإن الإعراب هو الفارق بين المعاني .ألا ترى أن القائل إذا قال: (ما أحسن زيد) لم يفرق بين التعجب والاستفهام والذم والإعراب. وكذلك إذا قال: (ضرب أخوك أخانا) و(وجهُك وجه حرّ) وما أشبه ذلك من الكلام المشتبه" (36)وقال في موضع آخر عن الإعراب :" فإن الإعراب هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ ، وبه يُعرف الخبر الذي هو أصل الكلام ، ولولاه ما مُيّز فاعل من مفعول، ولا مضاف من منعوت ، ولا تعجب من استفهام، ولا صدر من مصدّر ، و نعتٌ من تأكيد" (37) .

ثانياً :المؤيدون لمظاهر المعيارية من المحدثين :

محمد عرفة: في كتابه النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة من خلال عرض عبد المتعال الصعيدي في كتابه النحو الجديد : فمجمل كتابه رداً على إبراهيم مصطفى في رفضه لنظرية العامل، مع تأييده للإعراب. إذ أيّد محمد عرفة أن الإعراب يجلبه العامل، وبالتالي بيّن العلاقة الوطيدة بين العامل ، والإعراب.فقد ذكر أن للكلمة معنى في التركيب لا مفردة فقال:"ولكن هذه المعاني من الفاعلية والمفعولية والإضافة لا تحدث في الكلمة اعتباطاً أو تحكمّاً ، بل هي حادثة من وقوعها في الجملة، ومن مركزها فيها، فمحمد مثلاً ليس فيه معنى الفاعلية قبل أن يدخل في التركيب، فإذا دخل في التركيب وقيل- ذهب محمد- حدث فيه معنى الفاعلية، وإذا بحث عمّا أحدث هذا المعنى وجد أنه حدث من الفعل الذي هو ذهب ، فيمكننا أن نحكم بأن ما يسمونه عوامل قد أحدث المعنى الذي اقتضى الإعراب . وبهذا تكون الفاعلية مثلاً علة غائية للمتكلم من رفع الفاعل ، ويكون الذي أحدثها هو الفعل، وقد ذهب الحكماء إلى أن العلل الغائية علل فاعلية في الواقع. لأنها علة فاعلة في فاعلية الفاعل، وإذا ثبت هذا تكون الفاعلية مثلاً فاعلة الرفع بطريق الوساطة، والمقوّم للفاعلية هو العامل." (38)

عباس العقاد : في كتابه أشتات مجتمعات: يرد عباس العقاد إلى إبراهيم مصطفى الذي رفض العامل إذ علل سبب رفضه للعامل هو: أن إبراهيم مصطفى قد بنا رأيه على القدماء مما أوقعه في الخطأ فقال عباس العقاد:" يذكرون الضم عاملاً غير امتناع الحركتين الأخريتين، فيقولون: إن الكلمة مرفوعة لامتناع الناصب والخافض، وهو فيما رأى بعض الأقدمين تعليل غير معقول ، لأن امتناع سبب من الأسباب لا يكون سبباً موجباً لشيء كما قالوا وشايعهم على قولهم العالم الفقيد، وقد بنى على هذا الاعتراض مذهبه كله في إحياء، لأنه أقام لحركة الضم في آخر الكلمة سبباً موجباً سماه (الإسناد) ورأى الفتحة هي الحركة التي تأتي بغير عامل لا تعتبر علماً من أعلام الإعراب." (39)
ثم يعقب كلامه فيقول مشيراً إلى الخطأ الذي وقع فيه النحاة، وكذا إبراهيم مصطفى الذي أنكر العامل :" لكن هذا الخطأ يلازم المعترضين على النحاة في تقديراتهم وتأويلاتهم كما يلازم النحاة في تلك التقديرات والتأويلات، بل نرى من الإنصاف أن نقرر هنا أن أخطأ المعترضين أكبر وأكثر من أخطأ المقدرين،وأمثلة ذلك كثيرة جداً في الشواهد التي استند إليها الأستاذ إبراهيم مصطفى أو ابتداء من عنده في كتاب(إحياء النحو) وفي غيره من دراسات اللغوية" (40)
وأورد عباس العقاد أمثلة استند إليها الأستاذ إبراهيم مصطفى يظن أنها مصيبة من وجهة نظره مع العلم أن ما أتى به العكس، وقد رد على عليه العقاد . فالذي أورده إبراهيم مصطفى قصة الإمام علي الفارسي مع عضد الدولة في سبب نصب المستثنى في نحو: قام القوم إلاّ زيداً. وكان رد الإمام أبو علي الفارسي (377هـــ) بقوله: استثني زيداً . ثم سأل عضد الدولة الإمام عن سبب التقدير بــــ(أستثني) وذكر مثالاً في التقدير في : امتنع زيد، بالرفع . فلم يحر الفارسي جواباً وقال هذا الرأي ذكرته لك جواب ميداني ، فإذا رجعت ذكرت الجواب الصحيح (41).وعلّق العقاد على هذه القصة التي استدل بها إبراهيم مصطفى معللاً سبب عدم رد الفارسي على عضد الدولة وإجابته على سؤاله بقوله :"والظاهر من سياق القصة أن الإمام أبا علي الفارسي تجنب اللجاجة عمداً مع الأمير في ذلك المجلس لسبب رآه وهو يرجئ الجواب الصحيح إلى موضعه من البيان. وإلاّ فإن الجواب يسير لو أراداه أبو على لترجيح تقديره في هذا المقام، والأفعال التي تستخدم للاستثناء تدل على معنى الحرف الذي ينوب عنها، فيأتي معنى(إلاّ) موافقاً لمعنى حاشا وما خلا وما عدا وكل فعل يستثنى ما بعده على هذا القياس، ولا موجب لإعطاء الحرف هنا معنى غير معنى الحرف الفعل الذي يدل مثل دلالته ، إلاّ أن يكون حرفاً من حروف الجر في حكمه المعروف. (42)
وقد ذكر أيضاً قوله عن كثرة الفتحة فقال:" ومن الخطأ في تطبيق القياس أن يحسب الأستاذ إبراهيم كثرة الفتحة على أواخر الكلمات بحساب العدد وهو في مقام النظر إلى (حكم) الكلمة بين أحكام سائر الكلمات." (43)
كما أشار العقاد إلى استشهاد الأستاذ إبراهيم مصطفى عند رفضه أن يكون للفتحة معنى، وقال عنها أنها للتخفيف ، فقد استند إلى ذلك فرار العرب من بعض مواضع السكون إلى الفتح، وضرب مثالاً على ذلك تمثّل في جمع المؤنث السالم نحو: حسرة، و دعد، وفترة، وجمعها حسرات، و فترات، و دعدات .فإن العين في الكلمة المفردة ساكنة ، وفي الجمع فتحت ، مع أنه من حقها(جمع المؤنث السالم) أن تبقى ساكنة أيضاً ، لأن الجمع السالم لا يبدل فيه بناء مفردة، ولكن العرب أوجبت في مثل هذا فتح العين، ففتحت العين عند الجمع ، ولم يجوزوا الإسكان إلاّ في ضرورة الشعر. (44) ورد العقاد على إبراهيم مصطفى والدليل التي أتى به، فقال:"وهذا أيضاً من خطأ القياس عند المعترضين على طرائق النحاة في التقدير، لأن السكون هنا لا يستثقل وإنما الانتقال من التحريك إلى التسكين ثم من التسكين إلى التحريك، ولا فرق في ذلك بين الفتحة والضمة لأنهم يقولون: الحجرات والغرفات والقبلات والظلمات بدلاً من تسكين الجيم أو الراء أو الباء أو اللام، وكذلك يقولون القطن والغصن والعمر والكتب والأسد، إلى كثير من أمثالها لأن الاستمرار في حركة واحدة أيسر من الانتقال منها إلى تسكين ثم العودة بعد التسكين إلى التحريك." (45)

خليل عمايرة: يربط خليل عمايرة العلامة الإعرابية بالدراسات الحديثة؛ إذ أطلق عليها مصطلح الفونيم الذي له وظيفة دلالية تماماً مثل العلامة الإعرابية- وقد ذكرنا ذلك في حديثنا عن معاني العلامات الإعرابية- فيقول لمن أنكر دلالة العلامة الإعرابية بقوله:"إن الحركة الإعرابية، شأنها شأن أي فونيم في الكلمة له قيمة وأثر في الإفصاح والإبانة عمّا في النفس من معنى، فيكون تغيرها محققاً لما في نفس المتكلم من معنى يريد الإبانة والإفصاح عنه، فإذا قال المتكلم: الأسدُ (بالضمة) فإن السامع يدرك أنه قد أراد نقل خبر ليس غير. ولكنه إن قال: الأسدَ(بالفتحة) فإن المعنى يتغير إلى معنى التحذير الذي هو في ذهن المتكلم ويريد أن يفصح عنه ولا يستطيع تغيير أي فونيم في الكلمة غير هذا الفونيم، فإنه إن غيّر فونيماً آخر في الكلمة، تغيّرت الصورة الذهنية التي ترتبط بها الكلمة بسبب، فلا سبيل إذا إلى التغيير إلاّ في فونيم الحركة الذي يؤدي إلى صورة ذهنية جديدة ولكنها تتصل بالأولى بسبب، نتيجة لأثر عامل كما يرى النحاة" (46). وبالتالي ينضم خليل عمايرة مع مؤيدي المعيارية .

علي النجدي ناصيف: في كتابه من قضايا اللغة والنحو نقلاً عن العلامة الإعرابية (47): فقد دافع عن العامل وهو بصدد الدفاع عن أثر من آثاره يتمثل في التأويل والتقدير، إذ يرى أن التأويل والتقدير كليهما ضرورة في العربي لكثرة الإيجاز فيها والحذف إذا كانت لغة قوم يغلب عليهم الذكاء، ويكفيهم في الفهم الإشارة والرمز، ويرى أن أكثر ما يكون التأويل والتقدير في دراسة النص لاستنباط المسائلي والأحكام وتخريج الشواهد والأمثلة.وهما ضرورة استوجبتها سماحة اللغة وحسن مطاوعتها، ولا حيلة لحد في دفعها ما بقيت اللغة على ما خلقها الله متحفظة بسمتها الأصيل وخصائصها المميزة، كما يرى أيضاً أن علماء اللغة لم يخلقوا التأويل خلقاً ، ولا تكلفوا القول فيهما ارتجالاً ولكنهم اعتمدوا فيهما على مبادئ سليمة وأصول مقررة فقاسوا النظير على النظير واستدلوا بالحاضر على الغائب ورأوا المحذوف في المذكور تهديهم رواية واسعة وملاحظة بارعة، وتجربة طويلة وحسّ لغوي غير مدخول.ويؤيدهم في كل هذا الاطلاع الواسع والقياس الصحيح، وقد يهتدون في بعض مذاهب التأويل والتخريج إلى خطرات نفسية بارعة وفقوا فيها، ورجعوا إليها في غير مشكل من مشكلات الإعراب.

خلاصة القول في مؤيدي المعيارية :
إن مؤيدي لمظاهر المعيارية كان تأييداً على مظاهرها من : قياس، وعلل، والعامل، والإعراب. فقد كانت هذه المظاهر مترابطة مع بعضها البعض دون أن ينفك أحدهما عن الآخر. فمن أنكر واحداً من هذه المظاهر إنه ينكر المعيارية في حدّ ذاته.وقد تخيّرت الباحثة جملة من مؤيدي المعيارية(مظاهر المعيارية)، من القدماء والمحدثين إجمالاً. وهناك مؤيدين آخرون من القدماء والمحدثين، إلاّ أن المقام هنا لا يتسع لذكرهم جميعاً . فقد أشارت الباحثة مظهراً من مظاهر المعيارية ، وكيف تحدث مؤيدوها عن مظاهر المعيارية وكيف ركّز كل واحد عن مظهر بارز كان بعضاً منه رداً على رافض لمظهر من مظاهر المعيارية،كما لاحظنا في الرد على إبراهيم مصطفى من قبل محمد عرفة، وعبد المتعال الصعيدي. وغيرها من الردود.


القسم الثاني: منكرو مظاهر المعيارية من القدماء والمحدثين:
اتخذ المنهج المعياري مظاهر وخصائص اتسم بها – كما أشرنا في التمهيد- ومن ضمنها القياس، والتعليل، والعامل، والإعراب. والباحثة تدرس الرافضون لهذه المظاهر جملة وتفصيلاً مع الإشارة إلى أبرز منكري للمظاهر المعيارية، أو في واحدة منها أو اثنتين من القدماء والمحدثين .
للإعراب علاقة وثيقة بالعامل، فهما متلازمان، إذا حذف أحدهما حذف الآخر وسقط كون الإعراب هدفه الأساسي تقويم اللسان العربي خاصة بعد انتشار اللحن في الأوساط العربية بعد الفتوحات الإسلامية ، ومخالطة العجم، فتفشّى اللحن ولحنت الألسنة فظهر علم النحو ، والقواعد والإعراب والعامل؛ كلها سلسلة متلاحقة لا تنفك أحدهما عن الآخر. لا ننسى أن النحو كان يطلق عليه بمصطلح الإعراب، الكلام، واللحن، والعربية، المجاز، وكانت هذه الاصطلاحات هدفها تقويم اللسان وصوناً له.
إذن كانت فكرة ظهور العامل ناتجة من الإعراب فقد كان " جلّ اهتمام علماء القرن الثاني منصباً على تقويم اللسان فيما يتعلق بالحركة الإعرابية واستخراج القواعد التي تضمن ذلك، واستنباط القوانين التي تحقق لغير العرب إمكان النطق على سمت العرب، فكانت لهم مجموعة من القواعد والقوانين تدور في معظمهما حول فكرة (العامل) النحوي أو تتصل بالنحو المرتبط بالإعراب، فإن ذلك أدى إلى ظهور مصطلحات نحوية بعد ظهور المفاهيم، كون هذه المصطلحات النحوية أمر حتمي لتقنين القواعد النحوية، فلا يمكن التقنين بالمفاهيم فقط، فاحتاجت القواعد إلى مفاهيم لشرحها، والمفاهيم احتاجت إلى مصطلحات لاختصار المفهوم دون الحاجة إلى ذكر المفهوم الذي قد يطول شرحه (48).ويقول الجاحظ عن المصطلحات: " وهم تخيّروا تلك الألفاظ لتلك المعاني " (49) ويقصد بذلك الألفاظ المصطلحات، والمعاني والمفاهيم. وهم " اشتقوا لها من كلام العرب تلك الأسماء، وهم اصطلحوا تسمية ما لم يكن له في لغة العرب اسم ، فصاروا في ذلك سلفاً لكل خلف. وقدوة تابع... وكما سمّى النحويون الحال والظرف وما به لأنهم لو لم يضعوا هذه العلامات لم يستطيعوا تعريف القرويين وأبناء البلدين علم العروض والنحو" ومن هنا أصبح العامل وما وضع من مصطلحات نحوية علماً لأبواب معينة في هذا العلم، أقوى الأسس التي سيطرت على تفكير النحاة وتحديد مناهجهم في تناول الظواهر اللغوية والشواهد التي جمعوها.فوضعوا هذه الأبواب في مرفوعات ومنصوبات ومجرورات وتوابع ، ولكل باب من هذه الأبواب حركته الخاصة- أصلية أو فرعية- أو علامته الإعرابية خاصة به (50).
إذن العلاقة بين العامل والعلل ، والإعراب علاقة شديدة الصلة وقوية، إذ لا ينفك أحدهما عن الآخر. وإن سقط أحدهما سقط الآخر؛لذا نجد الرافضين لمظاهر المعيارية، يرفضون إحدى هذه المظاهر لمعرفتهم بسقوط بقية المظاهر؛ للعلاقة الوثيقة بينها( العامل،والعلل، والإعراب). فلم نجد الرافضين للمعيارية يفضون المعيارية جمعاء، وإنما يرفضون جانباً منها، بغية التيسير للنحو العربي هذا من جهة، وبغية إيجاد نحو عربي جديد لتجديده والتخلص من التقليد من جهة أخرى.
ومما يؤكد العلاقة الوطيدة بين العامل والإعراب، هي: البناء والإعراب للأٍسماء والأفعال، فالإعراب أصل في الأسماء ، وفرع في الأفعال، وكذا البناء أصل في الأفعال فرع في الأسماء، وبسبب ذلك يأتي دور العامل في تفسير هذا، ورصد التغير في أواخر الكلم أي إن الإعراب " حكم في آخر الكلمة في آخر الكلمة يوجهه العامل" (51) أو هو : " الأثر الظاهر أو المقدر الذي يجلبه العامل في آخر الكلمة حقيقة أو مجازاً " (52)وبالتالي نجد الإعراب يشارك العامل والعكس أي يأتي الإعراب من العامل . أي قسّمت الكلمات بحسب قبولها للحركة الإعرابية التي هي أثر لعمل عامل إلى مبني ومعرب إلى (53):
• البناء: لزوم حركة واحدة بتغيّر العوامل الداخلة عليها لفظاً أو تقديراً .
• الإعراب: تغيّر أواخر الكلم بتغيّر العوامل الداخلة عليها لفظاً أو تقديراً .
1) البناء على الضم ويقابله في الإعراب حالة الرفع .
2) البناء على الفتح ويقابله في الإعراب حالة النصب .
3) البناء على الكسر ويقابله في الإعراب حالة الجرّ.
4) البناء على السكون ويقابله في الإعراب حالة بعينها(الجزم).
ولأن الإعراب لغة: البيان، اصطلاحاً: تغيّر أواخر الكلم بدخول العوامل عليها لفظاً أو تقديراً (54) فإن العلاقة واضحة وجليّة ولا تحتاج إلى تفسير.فالتغيّر في أواخر الكلم سببه العامل اللفظي، أو المعنوي (اللفظي أو التقديري).
بعد هذا التقديم اليسير والموجز لعلاقة العامل بالإعراب، نشرع في الدخول إلى منكري العامل، والإعراب من القدماء والمحدثين.

أولاً : المنكرون لمظاهر المعيارية من القدماء :

محمد بن المستنير(قطرب) :
يرى محمد بن المستنير (قطرب) أن لا قيمة للعامل في الأثر الإعرابي(الحركات الإعرابية) على أواخر الكلم في التركيب الجملي. وان هذه الحركات ناتجة من أثر صوتي معللاً ذلك بقوله:" إنما أعربت (العرب) كلامها لأن الاسم في حال الوقف يلزمه الإسكان في الوقف والوصل، وكانوا يبطئون عند الإدراج، فلمّا وصلوا أمكنهم التحريك، جعلوا التحريك معاقباً للإسكان ليعتدل الكلام، ألا تراهم بنوا كلامهم على متحرك وساكن، ولم يجمعوا بين ساكنين في حشو الكلمة، ولا في حشو بيت ولو بين أربعة أحرف متحركة؛ لأنهم في اجتماع الساكنين يبطئون، وفي كثرة الحروف المتحركة يستعجلون، وتذهب المهلة في كلامهم، فجعلوا الحركة عقيب الإسكان" (55)أي إن الحركات الإعرابية لا معنى لها، وقد سار على نهجه ابن جني وابن مضاء القرطبي . ولم يكن يقصد قطرب إلغاء العامل البتة ، ولكن كان جلّ حديثه هو عن الحركات الإعرابية ، وأنها لا تدل على معنى.ولكن ابن مضاء استدلّ في قضيته لرفض العامل برأي قطرب.

ابن جني(392 ه) :يرفض ابن جني ك فكرة العامل النحوي ، ولم يرفض فكرة العامل في اللغة، وهو عنده المتكلم فهو الذي يحدث الأثر على أواخر الكلم في الجملة الأفعال والأسماء، وما نسبة العمل إلاّ لأمر تعليمي ،إذ يقول: " عامل لفظي، وعامل معنوي، ليروك أن بعض العمل يأتي عن لفظ يصحبه، كمررتُ بزيدٍ، وليت عمراً قائماًـ وبعضه يأتي عارياً من مصاحبة لفظ يتعلق به، كرفع المبتدأ بالابتدأ، ورفع الفعل لوقوعه موقع الاسم، هذا ظاهر المر وعليه صفحة القول، فأما في الحقيقة ومحصول الحديث، فالعمل من الرفع والنصب والجر والجزم إنما هو للمتكلم نفسه لا لشيء غيره، وإنما قالوا لفظي ومعنوي لما ظهر من آثار فعل المتكلم بضامة اللفظ اللفظ، أو باشتمال المعنى على اللفظ" (56).ولم يرفض العامل النحوي جملة ، وإنما حاول استبداله بغيره.وقول ابن جني في رفضه لفكرة العامل ، قول ضعيف تنقصه الدقة العلمية، إذ استند على آراء البصريين من النحاة، كالخليل وسيبويه ، بل إن ابن جني لم يخرج على منهج سيبويه في فكرة العامل وأن يكن قد اختلف معه في عدد قليل من القضايا المتعلقة بتطبيق فكرة العامل وظهور أثره على أواخر الكلم في الجملة. (57)ومن الغريب أن ابن جني لم يصرّح بأن العامل هو المتكلم، بل نجده سار على نهج القدماء من النحاة في التحليل للعامل فيقول:"ألا ترى أنك إذا قلت قام بكر، ورأيت بكراً ، ومررت ببكر، فإنك إنما خالفت بين حركات حروف الإعراب لاختلاف العامل" (58)وقال في موضع آخر:"وإنما يجوز وقوع المعمول بحيث يجوز وقوع العامل" (59)، وقوله:"إن أصل عمل النصب إنما هو للفعل وغيره من النواصب مشبه في ذلك الفعل" (60) ولا ننسى أن ابن جني في حديثه السابق هو عن سبب الحركات، متأثراً برأي قطرب، ثم يذكر هنا عن العامل صراحة في التقعيد النحوي. لذا ترى الباحثة – مؤيدة لخليل عمايرة في كتابه في التحليل اللغوي- أن ما ذهب إليه ابن جني فيه شيء من الركّة والضعف ، وعدم الاستناد إلى دليل قوي. فرفضه لفكرة العامل ضعيف جداً لا قرار لفكرته، ولا بناء.


ابن مضاء القرطبي(592ه) : ابن مضاء لم يهاجم نظرية العامل فقط ، بل هاجم أيضاً نظرية العلل، وكذا دعا بقوة إلى تيسير النحو وتجديده متهماً أن النحو العربي فيه من الصعوبة في لتعلم بسبب العلل ، والعامل، والإعراب. ولم يرفض العلل كلها، بل رفض العلل الثواني والثوالث، وسلّم بالعلل الأول.يقول ابن مضاء: "ومما يجب أن يسقط من النحو العلل الثواني والثوالث، وذلك مثل سؤال السائل عن (زيد) من قولنا(قام زيد) لم رفع؟ فيقال لأنه فاعل، وكل فاعل مرفوع، فيقول ولم رفع الفاعل؟ فالصواب أن يقال له:كذا نطقت به العرب ثبت ذلك بالاستقراء من الكلام المتواتر. ولا فرق بين ذلك وبين من عرف أن شيئاً ما حرام بالنص، ولا يحتاج فيه إلى استنباط علّة. لينقل حكمه إلى غيره فيسأل لم حرّم؟ فإن الجواب على ذلك غير واجب على الفقيه. ولو أجبت السائل عن سؤاله بأن تقول له: للفرق بين الفاعل والمفعول، فلم ، يقنعه، وقال فلِمَ لم تعكس القضية بنصب الفاعل ورفع المفعول به؟ قلنا له: لأن الفاعل قليل، لأنه لا يكون للفعل إلاّ فاعل واحد، والمفعولات كثيرة فأعطي الثقل الذي هو الرفع ، للفاعل، وأعطي الأخف، الذي هو النصب، للمفعول لأن الفاعل واحد، والمفعولات كثيرة، ليقلّ في كلامهم ما يستثقلون، ويكثر في كلامهم ما يستخفّون. فلا يزيدنا ذلك علما ًبأنّ الفاعل مرفوع، ولو جهلنا ذلك لم يضرّنا جهله،إذ صحّ عندنا رفع الفاعل الذي هو مطلوبنا، باستقراء المتواتر الذي يوقع العلم" (61).
أي إن العلة الأولى عند ابن مضاء مقبولة ؛ لأنها ذات نفع وجدوى، إذ تعلمنا النطق بكلام العرب، كمعرفتنا بأن كل فاعل مرفوع. لكن النحاة لا يكتفون بالعلة الأولى، بل يضيفون علّة ثالثة، وهي أن الفاعل باعتباره قليلاً، أعطى الرفع، والرفع ثقيل. المفعول به باعتباره كثيراً، أعطى النصب، والنصب خفيف، وبذلك يكثر في كلامهم ما يستخفّون، ويقل ما يستثقلون.فالعلة الثانية والثالثة لا تخدم الغاية من النحو، وهي صحة النطق، وقد كانت غاية ابن مضاء من كتابه(الرد على النحاة) أن يحذف من النحو ما يستغني النحوي عنه (62) وبذا نجد ابن مضاء جلّ اهتمامه أن ينتصر لقضيته في رفض جانباً من جوانب المعيارية، فقد جعل من العلل ذريعة له في رفض نظرية العامل، زيادة على ذلك في رفضها أصلاً، فرض العلل، ليصل إلى العامل، كون العامل مرتبط بالإعراب، وكذا بالعلل. زيادة على ذلك دعوة في تيسير النحو، وتجديده.

ثانياً: المنكرون لمظاهر المعيارية من المحدثين:

إبراهيم مصطفى: تأثر إبراهيم مصطفى برأي كل من ابن جنّي والرضي في القول إن العامل هو المتكلم، أي إنه يرفض العوامل اللفظية، والمعنوية، ويسندها على المتكلم. وكذا تأثر برأي ابن مضاء القرطبي في رفض العلل، وقد ذكر ذلك في كتابه إحياء النحو بالحديث عن الإعراب فقال: " رأوا أن الإعراب بالحركات وغيرها عوارض للكلام تتبدل وأثر لا بدّ له من مؤثر ، ولم يقبلوا أن يكون المتكلم محدثاً هذا الأثر، لأنه ليس حراً فيه يحدثه متى شاء وطلبوا بهذا الأثر عاملاً مقتضياً وعلّة موجبة، وبحثوا عنها في الكلام فعددوا هذا العوامل ورسموا قوانينها" (63) الحركات التي في أواخر الكلم بأثر من عامل لفظي أو معنوي ظاهر مقدر.أي رفض فكرة العامل بشقّيه اللفظي والمعنوي. لذا قال: "على أن أكبر ما يعنينا في نقد نظريتهم أنهم جعلوا الإعراب حكماً لفظياً خالصاً يتبع لفظ العامل وأثره، ولم يروا في علاماته إشارة إلى معنى، ولا أثراً في تصوير المفهوم أو إلقاء ظلّ صورته" (64)وربط الحركات بالمعنى لا يكون ذلك إلاّ في الجملة، دون النظر إلى العامل، فجلّ اهتمام إبراهيم مصطفى هو : البحث عن معاني هذه الحركات، وليس البحث عن العوامل لهذه الحركات ولذا قال: " وجب أن ندرس علامات الإعراب على إنها دوال على معاني، وأن نبحث في ثنايا الكلام عمّا يشير إليه كل علامة منها، ونعلم أن هذه الحركات تختلف باختلاف موضع الكلمة في الجملة وصلتها بما معها من الكلمات، فأجرى أن تكون مشيرة إلى معنى في تأليف الجملة وربط الكلام" (65).
وكان الناتج من عملية البحث عن المعاني بهذه الحركات أن جعل الضمة علماً للإسناد، ودليلاً على أن الكلمة المرفوعة يراد إسناد الخبر للمبتدأ، فكسب المبتدأ الرفع، هذا معنى كلامه. والكسرة علامة للإضافة وإشارة إلى ارتباط الكلمة بما قبلها، سواء كان هذا الارتباط بأداة – كحروف الجرّ مثلاً- أو بغير أداة ويقصد به الإضافة(المضاف والمضاف إليه).
أما الفتحة فليست علامة إعراب لأن لا معنى لها، ولا تدلّ على شيء، وإنما هي مجرد حركة خفيفة مستحبّة عند الهرب، أي الغرض هنا تخفيف النطق . ويشير هنا إلى أن لا أثر لعامل من اللفظ، بل هما- الضمة والكسرة- من عمل المتكلم دون غيره" ليدلّ بهما على معنى ي تأليف الجملة ونظم الكلام" (66). وما الفتحة سوى حركة للتخفيف لا معنى لها، إذ تعمل على تخفيف النطق.
وفي حقيقة هذا الأمر هو رأي صاحب المفصل ورأي شارحه: وذلك لأن كتاب المفصل وشرحه لابن يعيش كانا من مصادر الأستاذ إبراهيم مصطفى في كتابه إحياء النحو في هوامش الصفحات لكتابه :104،6،2، إلاّ إنه لم يشرْ إلى ذلك. ولم ينسب الرأي(حول معنى حركتي الضم والكسر، وإهمال حركة الفتح) إلى ابن يعيش صاحب الرأي، والذي استقى منه هذه المادة وهذه الفكرة حول معاني الضم والكسر دون معرفة السبب(67). يقول ابن يعيش في شرحه المفصل للزمخشري:" هي الرفع والنصب، والجرّ، وكل واحد منها علم معين، فالرفع عل الفاعلية، والفاعل واحد ليس إلاّ، وأما المبتدأ وخبره، وخبر إنّ وأخواتها، ولا التي لنفي الجنس واسم لا وما المشبهتين بليس، فملحقات بالفاعل على سبيل التشبيه والتقريب. وكذا النصب علم المفعولية، والمفعول خمسة أضرب:المفعول المطلق ، والمفعول به، والمفعول معه، والمفعول له، والحال. والتمييز والمستثنى المنصوب، والخبر في باب كان والاسم في باب إنّ، والمنصوب بلا التي لنفي الجنس، وخبر ما ولا المشبهتين بليس، ملحقات بالمفعول، والجرّ علم الإضافة، وأما التوابع فهي رفعها ونصبها وجرّها داخلة تحت أحكامه المتبوعات" (68). من كلام الزمخشري (476هــ) في كتابه المفصل، وشارحه ابن يعيش يتضح أن كلا الرأيين- رأي الزمخشري (476هــ)و إبراهيم مصطفى - أن بينهما تقارب كبير، بل إن رأي إبراهيم مصطفى لاحق لرأي الزمخشري ، والعلاقة بين الرأيين علاقة الأصل بالفرع، فالأصل رأي الزمخشري (476هــ) والفرع رأي إبراهيم مصطفى (69).وهذا التقارب إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على تلاحق الآراء على رأي سابق دون الإبداء برأي موضوعي منهجي. إتباع ما قاله الأوائل دون الإتيان بجديد وكذلك يدلّ من جهة أخرى على تأثير القدماء على المحدثين في بعض الآراء. ولا ننسى محاولات التيسير للنحو العربي، من خلال دراسة قواعده وأحكامه و قوانينه لدراسة العربية، وكانت بديات هذا التيسير، والتجديد هو الرفض لبعض مظاهر المعيارية كالعامل، والإعراب مثلاً.

إبراهيم أنيس : من الرافضين للعامل ، لكن منطلقاً من الإعراب. إذ ذكر أنه ليس للعلامة الإعرابية معنى أو مدلول، فهو بقوله هذا متأثر برأي قطرب الذي ينفي وجود الحركات الإعرابية وعملها، وأنها من صنع المتكلم. إذ قال إبراهيم أنيس والتأثر برأي قطر قد بدى عليه : "لم تكن تلك الحركات الإعرابية تحدد المعاني في أذهان العرب القدماء كما يزعم النحاة، بل لا تعدو أن تكون حركات يحتاج إليها في الكثير من الأحيان لوصل الكلمات بعضها ببعض" (70)نلاحظ أنه ينفي أن تكون للعلامات الإعرابية(الضمة، والفتحة، والكسرة، والسكون) أية مدلول دون ذكر سبب هذا الرأي، وإلى أي أساس بنا رأيه هذا.كما أن الحركات الإعرابية المستعملة من قبل النحاة القدماء كانت من باب الوصل بالكلمات( السابقة مع اللاحقة)- وهو رأي قطرب- دون أن يكون لها معانٍ أو دلالات، أي استند إلى رأي قطرب في حديثه عن العلامات الإعرابية. وبرهن ذلك بقوله:"ويكفي المبرهنة على أن لا علاقة بين لمعاني الكلام وحركات الإعراب أن تقرأ خبراً صغيراً في إحدى الصحف على رجل لم يتصل بالنحو أي نوع من الاتصال، فسنرى أنه يفهم معناه تمام الفهم مهما تعهدنا الخلط في إعراب كلماته برفع المنصوب ونصب المرفوع أو جرّه" (71). ثم يتبع قوله: " فليست حركات الإعراب في رأيي عنصراً من عناصر البنية في الكلمات، وليست دلائل على المعاني كما يظنّ النحاة، بل إن الأصل في كل كلمة هو سكون آخرها سواء في هذا ما يسمّى بالمبني أو المعربن إذ يوقف على كليهما بالسكون وتبقى مع هذا، أو رغم هذا واضحة الصيغة لم تفقد من معالمها شيئاً" (72) . واستدلّ إبراهيم أنيس ليعلل قوله المتأثر برأي قطرب،بقول قطرب ذاته :"إنما أعربت (العرب) كلامها لأن الاسم في حال الوقف يلزمه الإسكان في الوقف والوصل، وكانوا يبطئون عند الإدراج، فلمّا وصلوا أمكنهم التحريك، جعلوا التحريك معاقباً للإسكان ليعتدل الكلام، ألا تراهم بنوا كلامهم على متحرك وساكن، ولم يجمعوا بين ساكنين في حشو الكلمة، ولا في حشو بيت ولو بين أربعة أحرف متحركة؛ لأنهم في اجتماع الساكنين يبطئون، وفي كثرة الحروف المتحركة يستعجلون، وتذهب المهلة في كلامهم، فجعلوا الحركة عقيب الإسكان" (73) وبذا يعتمد إبراهيم أنيس لتحديد معنى الفاعلية والمفعولية في كلمات الجملة على موضع الكلمة التي تحمل المعنى المراد، وهذا أمر يعود إلى نظام الجملة. وعلى السياق الذي يحيط بإنشاء الجملة وظروف قولها. أي يثبت أن للحركات الإعرابية ليس لها معنى، والذي يحدد معنى الكلمة إلاّ السياق وموضع الكلمة ذاتها (74)، نحو: خرج خالدٌ، ضرب محمدٌ زيداً .

تمام حسان :يعتمد تمام حسان المنهج الوصفي في معالجة العلاقات بين الكلمات في الجملة للوصول إلى المعنى الدلالي فيها، فالتعليق وهو المصطلح الرئيس في نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني في كتابه دلائل الإعجاز، هو الفكرة المركزية في النحو العربي، وأن فهم التعليق على وجهه كافٍ وحده للقضاء على خرافة العمل النحوي والعوامل النحوية لأن التعليق يحدد بواسطة القرائن معاني الأبواب في السياق ويفسّر العلاقات بينها على صورة أو في وأفضل وأكثر نفعاً في التحليل اللغوي لهذه المعاني الوظيفية النحوية (75) .
ومن خلال ما استدلّ به تمام حسان لما ورد في كتاب دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني، يتضح لنا رفض تمام حسان الواضح والجلي للعوامل النحوية، مستنداً لهذا الرأي كون تمام حسان من أنصار المنهج الوصفي، لذا فهو يبحث عن دلائل لتثبيت منهجه وإلغاء المنهج المعياري القائم على نظرية العامل، والإعراب. فقد أخذ تمام حسان من عبد القاهر الجرجاني فكرة التعليق فقط، ورأى أنها تتضمن إنشاء العلاقات بين لمعاني النحوية بواسطة ما يسمّى بالقرائن اللفظية والمعنوية والحالية (76) وترى الباحثة أن الدليل الذي أتى به تمام حسان عن الجرجاني أثناء حديثه عن العلاقات بين الكلمات الموضوعة في السياق وهي مؤكدة لنظرية العامل، وليس رافض للعامل، لأن العامل بطبيعته يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالكلمات وكذا في سياقات هذه الكلمات. وبالتالي كان استدلاله ضعيفاً لا يخدم المنهج الوصفي في شيء. مع العلم أن هذه القرائن تعمل على نقل المعنى الدلالي بين المتكلم والسامع، وهذه القرائن هي(77): القرائن المادية ، وترى الباحثة أن هذه القرائن تعادل العوامل اللفظية أو المادية.
1) القرائن العقلية بشقيها الذهنية ، والمنطقية ، و ترى الباحثة أن هذه القرائن تعادل العوامل المعنوية، التي تتعلق بالعامل الذهني والمنطقي، والتأويلي (الحذف والتقدير).
2) قرائن التعليق: بشقيها المقالية،والحالية . فالمقالية تنقسم إلى معنوية ولفظية.وتضم المعنوية : الإسناد والتخصيص والنسبة والتبعية والمخالفة. وأما اللفظية فتضم: الإعراب والرتبة، والصيغة، والمطابقة والربط، والتضام، والأداة، والتنغيم. ولكل من هذه القرائن علاقات سياقية صغرى أو كبرى بها تتحدد مجموعة من الأبواب النحوية التي تقوم على هذا المعنى في إطار القرينة الكبرى (التخصيص) التي هي أعم منها وتشملها جميعاً وتعبّر القرائن الصغرى المتفرعة عنها جهة خاصة في فهم معنى الحدث الذي يشير إليه الفعل أو الصفة في الجملة.(78).
نخلص من هذا الكلام أن تمام حسان كي ينصر منهجه الوصفي ، لابدّ من رفض لمظهر من مظاهر المعيارية، وهذه المظاهر بطبعها ترتبط مع بعضها البعض بصلة وثيقة، وقد تحدثنا فيما سبق عن العلاقة بين الإعراب، والعامل.

عباس حسن: في كتابه النحو الوافي قد أشار إلى أن العامل ناتج من المتكلم وكانت بوابة الرفض للعامل، وتعليله أن العامل ناتج من المتكلم هو أن الحركات الإعرابية هي ذاتها ناتجة من المتكلم ، ومن هنا رفض العامل إذ قال:" ومما تقدم نعلم أن تلك العوامل بنوعيها ليست مخلوقات حية، تجري فيها الروح فتعمل ما تريد، وتحس ما يقع عليها، وتؤثر بنفسها، وتتأثر حقاً بما يصيبها، وتحدث حركات الإعراب المختلفة، فليس لها شيء من ذلك.إنما الذي يؤثر. ويحدِث حركات الإعراب- هو المتكلم، وليست هي.ولكن النحاة نسبوا إليها العمل.لأنها المرشد إلى المعاني والرموز.وهي نسبة جارية على أصح الاستعمالات العربية وأبلغها، إذ هي السبب الاهتداء إلى كشف المعنى المراد كشفه- كما أسلفنا- وإذا ثبت لها هذا فليس في اللغة مانع من نسبة العمل إليها، وتسميتها: (عاملاً)، ولا عيب في أن نقول مثلاً: (كان) ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، و(إن) تنصب المبتدأ وترفع الخبر"(79) نلاحظ من حديث إحسان عباس رفضه للعامل برفضه لمعاني الحركات الإعرابية وسبب حدوثها.

علي الجارم: أشار علي الجارم بتوسيع القياس وتيسيره وإخراجه من التضييق إلى التوسيع وفق الحاجة إذ يقول: " وللمجمع العلمي أن ينظر في قواعد اللغة فيتخيّر- إذا دعت الضرورة- من آراء أئمتها ما يوسع دائرة أقيستها"(80). ثم يقول في تفسير هذا المبدأ : "إذا استمسك المجمع بأصح الأقوال لا يعدوها فإنه يقف جامداً، وليس للمجمع قاعدة في هذا الموضوع، وإنما يسير على مبدأ التلمس لآراء النحاة وتطويعها لسد حاجة اللغة، وقد رجحنا القول في مسألة النسبة إلى الجمع مع انه رأى مرجوح وقول مطروح، وما دام في دواوين النحاة نص على أنه قيل بهذا الرأي فلا بأس بأخذه ما دامت الحاجة إليه ماسة"(81).
كما نجد رافضاً آخر- من المحدثين – لتضييق بعض الأقيسة العربية الشاذة مفنّداً لأقيسة ميسّرة موسّعة ليست بشاذة للقياس هو: الشيخ محمد الفاضل بن عاشور ، إذ قدّم بحثاً عام 1965 م بعنوان( تحرير أفعل التفضيل من ربقة قياس نحوي فاسد) (82). ومن خلال عنوان بحثه نجد في ظاهره رفض للقياس وإن تمثلت في أفعل التفضيل، إلاّ أن في باطنه العكس إذ يهدف البحث تيسير أقيسة النحو العربي ، وبيان ما عدّه النحاة القدماء شاذاً أنه قابل للقياس. فقد حمل فيه على النحاة تضييقهم الواسع من باب أفعل التفضيل، وبيّن ضعف قياسهم وفساده، وقرر أنه يمكن التوسع فيما ضيّقوه (القياس في أفعل التفضيل)، والانتهاء إلى قياسية كثيرة مما اعتبروه شاذاً (83).
وقد استجاب المجمع لدعوة الشيخ ابن عاشور في تحرير أفعل التفضيل من كثير مما اشترطه النحاة، فتخفف من شرط تجرد الفعل الثلاثي وفاقاً لسيبويه والأخفش(84).

خلاصة القول في منكري المعيارية:
لقد كان الإعراب بوابة الرفض لنظرية العامل، وكذا المعيارية مجملة.زيادة على ذلك رفضهم لعلل. والإعراب، والعامل، والعلل كلها تصبّ في بوتقة واحدة. وقد كان رفضهم لهذه المظاهر دافعاً لهم في التجديد والتيسير للنحو العربي كما لاحظنا عند ابن مضاء القرطبي، وإبراهيم مصطفى ، ومهدي المخزومي، وغيرهم وغيرهم. إذ أن حجتهم في التيسير والتجديد، هو : صعوبة تعلّم النحو العربي من خلال تعلم قواعده، وقوانينه؛لذا رفضوا الإعراب، قائلين أن هناك صعوبة في الإعراب –وقد دار الحديث عنه وعن الحركات الإعرابية وبيان معانيها-، وكذا رفضوا التعليل بسبب صعوبة تعلم القواعد النحوية للغة، إذ تشكل العلل حائلاً منيعاً – من وجهة نظرهم- في تعلم هذه القواعد وهذه القوانين .ومن العلل إلى العامل، وكلها سلسلة واحدة.
من أنكر مظهراً من مظاهر المعيارية فقد أنكر المعيارية جمعاء ، كون هذه السمات، والمظاهر كلها تقع في بوتقة واحدة، وتصبّ في مجرى واحد، وتنبع من منبع واحد، فكيف يمكن الفصل فيما بينها؟!

" المعيارية في التراث النحوي وعلم اللغة الحديث "
دراسة في المنهج المعياري في ضوء التوليدية التحويلية


(3)
القسم الثالث :المعيارية في علم اللغة الحديث :
أولاً : المعيارية في التوليدية التحويلية :
توطئة:

يعدّ المنهج التوليدي التحويلي من المناهج الحديثة التي قامت على أسس معيارية بحتة. وقد "كان للتطور المتسارع في مجال درس النحو العربي من منظور حديث نتائج ملموسة، فقد ظهر من خلال ما تمّ عرضه من مادة في نطاق المناهج الحديثة المستخدمة في العالم العربي أن كلاً من هذه المناهج جاء ليسد ثغرة في منهج سابق أو مناهج توسّل بها النحاة العرب المعاصرين لدرس النحو العربي على وفقاً لما يجد في ميدان علم اللغة المعاصر." (85)
والمنهج التوليدي التحويلي جاء ليهاجم المنهج الوصفي الذي سعى إلى كسر أركان المنهج المعياري الذي كان سمة من سمات النحو العربي على الخصوص .
يعدّ المنهج التوليدي والتحويلي بوابة الدراسات اللغوية والنحوية الحديثة في العالم العربي والغربي . فمن خلال مظاهر المعيارية التي توافقت مع مظاهر التوليدية التحويلية وجدنا توطيد العلاقة بينهما إن لم يكن المنهج التوليدي التحويلي يساوي في حد ذاته المنهج المعياري.وستتناول الباحثة في هذا الفصل في المبحث الأول مظاهر المعيارية في التوليدية التحويلية. وفي المبحث الثاني من هذا الفصل ستتناول التوافق السائد بين المعيارية والتوليدية التحويلية.
فكرة التوليدية التحويلية التحليل كما ذكر محمود حجازي تتمثل في القدرة اللغوية.إذ يقول: "فالوصف الدقيق للغة من اللغات إنما يعني تحديد الإمكانيات التعبيرية الكامنة في هذه اللغة والتي ينتقي منها ويتوسل بها مستخدم اللغة إيجاباً وسلباً. فوصف الاستخدام اللغوي عند فرد بعينه ليس وصفاً لطاقات اللغة، بل تعرف للقدرة اللغوية لهذا الفرد ، ومن هنا تتجاوز فكرة التحويلي التوليدي مجرد وصف الأداء الفردي إلى محاولة تحديد(مجموع الإمكانيات التعبيرية) في اللغة قيد الدراسة، وهذه الإمكانيات كامنة عند مستخدم اللغة حتى إنه يستطيع بالمختزن لديه منها أن يفهم جملاً وتعبيرات لم يسبق له أن سمعها أو قرأها. وهذا هو معنى هذا الاتجاه (توليدياً) ، أي أنه يبحث إمكانيات توليد الجمل الجديدة اعتماداً على إمكانيات اللغة."(86)
ويقوم التحليل التوليدي التحويلي على ثلاثة مكونات(87):
أ‌) قواعد تركيب العبارة، ويمكن التوصل إليها عن طريق تحليل الجملة إلى مكونات صغيرة، حتى يتمّ تحليل الجملة إلى أصغر عناصرها. أي تحليل الجملة إلى مكوناتها المباشرة التي أتى بها هاريس في نظريته التوزيعية أستاذ تشومسكي . إذ طور تشومسكي أفكار هاريس في تحليل الجملة إلى مكوناتها المباشرة.
ب‌) القواعد التحويلية ، أي القواعد التي يمكن بواسطتها تحويل الجملة إلى جملة أخرى تتشابه معها في المعنى، وذلك مع ملاحظة علاقات الجمل المتماثلة، والإجراءات التي تحدث لتجعل جملة على مستوى السطح تختلف عن الجمل الأخرى:
1- الحذف 2- التعويض 3- التوسع 4- الاختصار 5- الزيادة 6- إعادة ترتيب 7- التقديم.
ت‌) القوانين الصرفية الصوتية، وهي القوانين التي تشكل الجملة على مستوى البنية السطحية، ومن ذلك القواعد الصرفية والصوتية.هذه القوانين تتفق تماماً مع المعيارية .

أسسها ومبادئها :تنطلق النظرية التوليدية التحويلية من أسس قامت عليها هذه النظرية والتي كانت بدورها توافقت مع المعيارية ، وصارت مظهراً من مظاهر المعيارية ونوردها كالآتي:
- فكرة الفطرية اللغوية في ذهن الإنسان متخذاً من المقابلة بين الإنسان وغيره من الحيوانات، نقطة يعتمد عليها، فالإنسان يغير السوي- فضلاً عن الذكي القادر- يستطيع إنتاج الجمل والتعبير عمّا في نفسه، في حين أن أذكى الحيوانات وأكثرها تدرباً وتقبلاً لما يعلمها الإنسان لا يستطيع ذلك. مستدلاً في ذلك تدرّج الطفل الصغير في الكلام، وفي انتقاله إلى تعلم اللغة، فالطفل يبدأ في سن معينة(سنة أو سنتين) إنتاج الجمل، وما أن يصل إلى سن معينة(السابعة مثلاً) حتى يكون قادراً أيضاً – إلى حد معين- على إدراك السليم من الجمل التي يسمعها من غير السليم، ويأتي إلى المدرسة في هذه السن ليتعلم كيف يكتب ، ويقرأ، وليس كيف يولد جملاً (88).
- وتشومسكي قد تأثر في هذه النقطة بخاصة بما قله الفيلسوفان الفرنسي ديكارت(1650م) الذي كان يرى أن الإنسان يختلف عن الحيوان في أن له عقلاً، وأن أهم خصائص هذا العقل إنتاج اللغة، وهذه النقطة معروفة عند أصحاب المذهب العقلي. والألماني همبولت (1767-1835) الذي يرى أن اللغة نتاج العقل، وهي الصوت المنطوق الذي يعبّر به المتكلم عن فكره، وهي (اللغة) نتاج عدد من العمليات الخلاقة العضوية غير الآلية ، تتمّ في الذهن، ويظهر أثرها على السطح الخارجي بالأصوات والكلمات والجمل، وبها يتمّ التفاهم بين المتكلم والسامع(89).
والنظرية الفطرية الذهنية قائمة على عدد من الكليات النحوية (القواعد الكلية) التي تقوم بضبط الجمل المنتجة، وتنظيمها بقواعد لغوية عامة، تخضع لها الجمل التي ينتجها المتكلم، يختار ما يتصل بلغته من قوالب وقواعد من بين الأطر الكلية العامة في ذهنه، والتي هي كلية شمولية عالمية universal متساوية عند بني البشر تكون في الإنسان منذ ولادته ويسميها linguistic adulation device وهي فطرية تولد مع الإنسان ثمّ يقوم بملئها بالتعابير اللغوية من المجتمع الذي يعيش فيه، فتنضج وتقوي بالتدريج. وكلما اكتسب الإنسان ما يملأ به هذه الكليات الفطرية، ازداد النمو الداخلي التنظيمي للقواعد الكلية في ذهنه، في جزئية منها. وهي تلك المسؤولة عن بناء الجمل وتركيبها في لغته فتتكون لديه القدرة على توليد الجمل وبنائها مضبوطة بقواعد وقوانين تسمى القواعد و قوانين (القواعد التوليدية) Generative Rules . فيتمّ بناء جمل وتراكيب(90).
مما ورد سابقاً نجد ملامح المعيارية واضحة المعالم إذ من مظاهرها اعتمادها على العقل. أو بعبارة أخرى أن فكرتها تنطلق من الفطرة اللغوية. والمعيارية قائمة على هذا الأساس، كذا يصف الوصفيون بأن هذا المنهج قائم على العقل(عقلي)(91)
لذا هو تقليدي متأثر بمنطق أرسطو القائم على التأويل وبناء القوانين وتحليل الظواهر عقلياً، إذ وصفوا أن المنهج المعياري متأثر بمنطق أرسطو في المنطق والفلسفة، كون الفلسفة تقوم على أسس عقلية، ومنطقية؛ لذا نجد الكفاية والداء تدخل ضمن إطار المعيارية.
زيادة على ذلك أن تشومسكي قد نقد الفلسفة لدى بلومفيلد ، إذ كان جلّ نقد تشومسكي ينصبّ على الجوانب السلوكية في نظرية بلومفيلد وفي آراء السلوكي المشهور سكنر الذي كان له أثره في النظرية اللغوية(92).

- الكفاية Competence والأداء Performance وهذه الفرضية ناتجة من فرضية(الفطرية الشمولية).
الكفاية تكون في امتلاك المتكلم- السامع Idea speaker- hearer (93) القدرة على إنتاج الفونيمات الصوتية والقدرة على الحكم بصحة الجمل التي يسمعها من وجهة نظر نحوية تركيبية، ثمّ القدرة على الربط بين الأصوات المنتجة وتجمعها في مورفيمات تنتظم في جمل، القدرة على ربطها بمعنى لغوي محدد، ذلك كله بما يسمى(قواعد إنتاج اللغة)(94).
وهذه القواعد والقوانين وتلك القدرة كامنة في الذهن، أما استعمالها (أي اللغة) فيسمى الأداء Performance . فالأداء هو الكلام أو هو الجمل المنتجة التي تبدو في فونيمات ومورفيمات تنتظم في تراكيب جملية خاضعة للقواعد والقوانين اللغوية الكامنة ، وهي المسؤولة عن تنظيم هذه الفونيمات والمورفيمات في تراكيبها ، فهو الأداء الوجه الظاهر المنطوق للمعرفة الضمنية الكامنة باللغة،ولكن هذا الوجه قد لا يحصل بينه وبين الكفاية تطابق تام، فيكون في انحراف(خطأ) ناتج عن عوامل مقامية سياقية أو ذهنية نفسية اجتماعية... إلخ(95).
فرضية بعيدة المنال -فيما يرى خليل عمايرة- مع أنه يعول عليها، ويوليها أهمية كبرى. وهي الحدس Intuition ويقصد بالحدس هنا حدس الباحث للوصول إلى نية المتكلم المتبادر على إنتاج الجمل من جهة، وعلى الحكم بصحة أو خطأ مما يسمع، وحدس الباحث أيضاً في الوصول إلى معرفة المتكلم بلغته معرفة ضمنية بالملاحظة، وغيرها من وسائل البحث، ليتوصل إلى استنباط قواعد اللغة وقوانينها(96).
ومن هنا ترى الباحثة أن فكرة الحدس تتجدد هنا إذ تدعم التأويل، والتقدير اللذان يعدّان فرعاً من العلل التي تقوم على التأويل، والتقدير في استنباط القواعد والقوانين النحوية واللغوية. زيادة على ذلك العامل. وبالتالي نجد المعيارية تجد لها مكاناً في التوليدية التحويلية بالتأويل والتقدير ، والحدس .
- البنية العميقة Deep Structure ، والبنية السطحية Surface Structure البنية العميقة هي الأساس الذهني المجرد لمعنى معين ، يوجد في الذهن ويرتبط بتركيب جملي أصولي يكون هذا التركيب رمزاً لذاك المعنى وتجسيداً له . وهي النواة التي لا بدّ منها لفهم الجملة ولتحديد معناها الدلالي وإن لم تكن ظاهرة فيها. مثال على ذلك(97):
الجملة: يشرح المدرس الدرس بطبشورة يكتب بها على السبورة.
هذه الجملة المنطوقة تتكون في الأصل من ثلاث جمل أصولية(النواة) kernel Sentence ، تجسد كل واحدة منها معنى عقلياً في ذهن المتكلم وهذه الجمل هي:
1. يشرح المدرس الدرس.
2. يكتب المدرس بالطبشورة.
3. يكتب المدرس على السبورة.
تمثل هذه الجمل الثلاث في مجموعها علاقة بين نقاط رئيسة (المدرس، والدرس، والسبورة، والطبشورة) وهذه هي البنية العميقة التي يأتي دور تجسيدها بكلمات متتابعة منطوقة (البنية السطحية) Surface Structure ، وتأتي هذه البنية (السطحية) متآلفة من الجمل النواة الثلاث لتكون جملة تحويلية معبّرة عن العلاقة بين الكلمات السابقة (يشرح المدرس الدرس بطبشورة يكتب بها على السبورة). بصرف النظر عن الكيفية التي تأتي عليها البنية السطحية هذه، فقد ينطق بها المتكلم مقدماً جزءاً من الجمل النواة على الآخر، فقد يقدم الجزء الثاني على الثالث، أو الثالث على الأول وهكذا... وهذا كله لا يقدم ولا يؤخر في المعنى الذي في ذهن المتكلم أو في الكشف عنه. فالبنية السطحية في الكلام المنطوق المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقواعد التحويلية في اللغة. فيها يتمّ انتظام الكلمات في جمل يعبّر بها المتكلم عن علاقة ذهنية مجردة (معنى) بكلمات محسوسة منطوقة ويسوق تشومسكي المثل التالي ليوضح هذه النقطة في هذا المثال(98):
الله الذي لا يُرى خلق العالم المرئي.
فهذه الجملة تحويلية، وهي تمثل البنية السطحية لأنها منطوقة، كما أنها تمثل بنية سطحية لمعانٍ ذهنية مجردة يمكن تمثيلها على هذا النحو بالجمل النواة:
1. الله لا يُرى.
2. العالم مرئي.
3. خلق الله العالم.
فيتم ربطها ببعضها، أو يتمّ تحويلها، لتظهر في الجملة التحويلية الكبرى: الله الذي لا يُرى خلق العالم المرئي. ويتمّ هذا التحويل بواسطة عدد من العناصر التي تستخدم لربط الجمل ببعضها،إذ ترمز الجملة الكبرى إلى المعنى الذهني المجرد الكامن في ذهن المتكلم ،وهو ذو دور رئيسي في الوصول إلى المعنى الدلالي للتركيب الجملي(99).
إذن نجد من هذه الأسس الرئيسة التي قامت عليها النظرية التوليدية التحويلية اعتمدت على ركن خفي لم يبرز ذكره كثيراً مع أنه يمثل حجر الأساس فيها وهو الاعتماد على أصل وفرع في الجمل . فالأصل فكرة ، والفرع كيفية إخراج هذه الفكرة، والأصل بنية عميقة، فرعها البنية السطحية كيفما تكون. في الجملة التي تحمل البنية السطحية كلمات أصل، وأخرى فروع يرمزون للأولى بكلمة unmarked word والثانية marked word . فالأولى وثيقة الصلة عندهم ( التحويليين) بالبنية الأصل (البنية العميقة) والثانية لها صلتها الوثيقة بالبنية الفرع (البنية السطحية) .


خلاصة القول :
إن مظاهر المعيارية في التوليدية التحويلية واضحة المعالم وبارزة. فكل مظاهر التوليدية التحويلية، وأسسها وفكرتها قائمة في حد ذاتها على مظاهر المعيارية. فكلاهما سواء، بدليل أن النحو العربي توافق تماماً مع التوليدية التحويلية- كما سنورده في المبحث الثاني من هذا الفصل- بمظاهرها كاملة. فمثلاً البنية العميقة والبنية السطحية ترجعان إلى العلل ، والتأويل ولا سيما البنية العميقة, والتأويل ، والتقدير من مظاهر المعيارية.
زيادة على ذلك ن فكرة التوليدية التحويلية القائمة على العقل، هي ذاتها نجدها في المعيارية التي تقوم على العقل ؛لذا اتهم الوصفيون النحو العربي بالتقليدي كونه قائم على العقل. والعامل الذي هو مظهر من مظاهر المعيارية دخل التوليدية التحويلية، كونه يرتكز على العلل، والإعراب.

ثانياً : التوافق بين معطيات النحو العربي والتوليدية التحويلية :
جاءت النظرية التوليدية التحويلية لنعوم تشومسكي لتحيي النحو العربي من جديد، وتبرز جماليات النحو العربي التي لم يستطع أن يراها الوصفيون الذين تأثروا بمناهج الغرب، دون الإتيان بالبديل لما يرمون إليه، ولذا احتفظ المهج المعياري بمكانته العظيمة، وأتت التوليدية التحويلية لتزيده تثبيتاً.
إذن توافقت التوليدية التحويلية مع النحو العربي في مواضع نوردها كالآتي(100):
- كل منهما بني على أساس عقلي .أي إن النحو التقليدي- كما أشار تشومسكي- كان أكثر اقتراباً من الطبيعة الإنسانية في دراسته للغة ، والتوليدية التحويلية عملت على إعادة أصوله على أسس أكثر علمية.

- قضية الأصلية والفرعية: شغلت هذه القضية النحاة من حيث الأصل والفرع، فقالوا: إن النكرة أصل، والمعرفة فرع. وإن المفرد أصل للجميع وإن المذكر أصل للمؤنث... وإن التصغير والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها. وهكذا.
وهذه القضية أسمتها التوليدية التحويلية: البنية السطحية، والبنية العميقة. أي تحوّل البنية العميقة إلى البنية السطحية، وهي قضية أساسية في فهم البنيتين (العميقة والسطحية). وقد عرض التحويليون لقضية الأصلية والفرعية في مواضع مختلفة،منها بحثهم الألفاظ وذات العلامة (marked)، وتلك التي بلا علامة (unmarked) ، وقرروا أن الألفاظ (غير المعلمة) هي الأصل، وهي أكثر استعمالاً ، وأكثر تجرداً ، وأقرب إلى البنية العميقة. ومثال على ذلك، اللاحقة (ed) التي تدل على الزمن الماضي للفعل المضارع تعدّ فرعاً عن الأصل الذي يتمثل في الفعل المضارع،والسبب في ذلك أن الفعل الماضي لزمته لاحقة(علامة) ، بينما المضارع لم تلزمه لاحقة (علامة) وحسب القاعدة ، فإننا نحكم على الفعل الماضي بالفرع، والفعل المضارع بالأصل، كما في المثال: (jump) والفعل الماضي لهذا الفعل (jumped).
و الاسم المفرد غير المعلم هو: الأصل ،و الجمع المعلم هو الفرع، كما في هذا المثال:
(book ,car ,door) والجمع لهذه الأسماء المفردة غير المعلمة التي تعدّ أصلاً هو:
(books ,cars ,doors). فهذه الأسماء المجموعة بإضافة اللاحقة (s) على المفرد غير المعلم(غير المضاف إليه بلاحقة ) يعدّ فرعاً .
وجذور الأصل والفرع نجده عند سيبويه(180 ه)، فقد ذكر الأصل والفرع أثناء حديثه عن النكرة والمعرفة، والمؤنث ، والمذكر فقال:" وإنما كان المؤنث بهذه المنزلة ولم يكن كالمذكر لأن الأشياء كلها أصلها التذكير ثم تختص بعد، فكل مؤنث شيء، والشيء يذكر، فالتذكير أول، وهو أشد تمكّناً، كما أن النكرة هي أشد تمكناً من المعرفة، لأن الأشياء إنما تكون نكرة ثم تعرّف. فالتذكير قبلُ، وهو أشدّ تمكناً عندهم. فالأول هو أشد تمكناً عندهم.
فالنكرة تعرف بالألف واللام والإضافة، وبأن يكون علماً. والشيء يختص بالتأنيث فيخرج من التذكير، كما يخرج المنكور إلى المعرفة."(101).
فمن كلام سيبويه نجد أن المذكر والنكرة ليس له علامة ، بينما المؤنث والمعرفة لهما علامة. فعلامة المؤنث تاء التأنيث، وعلامة المعرفة أل التعريف .
ومن قضايا الأصل والفرع ، ظاهرة القلب المكاني(وموقعه الصرف)، فقد عرض النحاة عرضاَ مفصلاً عن القلب المكاني، فبحثوا في أسبابها وفي طرائق معرفة (الأصل) الذي صدر عنه هذا القلب(102). وقد ذكر سيبويه في تصغير المقلوب فقال : " اعلم ان كل ما كان فيه قلب لا يرد إلى الأصل، وذلك لأنه اسم بني على ذلك كما بني ما ذكرنا على التاء، وكما بني قائل على أن يبدل من الواو الهمزة وليس شيئاً تبع ما قبله كواو (موقن) وياء (قيل)، ولكن الاسم يثبت على القلب في التحقير كما تثبت الهمزة في (أدؤر) إذا حقرت وفي(قائل) ، أو إنما قلبوا كراهية الواو والياء، كما همزوا كراهية الواو والياء فمن ذلك قول العجاج:
لاثٍ به الأشياء والعبري
إنما أراد لائث- ولكنه أخر الواو وقدم الثاء. وقال طريف بن تميم العنبري:
فتعرفوني أنني أنا ذاكم شاكٍ سلاحي في الحوادث معلم
إنما يريد (الشائك) ، فقلب ، ومثل (أنيق) إنما هو (أنوق) في الأصل، فأبدلوا الياء مكان الواو وقلبوا... وكذلك (مطئن) إنما هو من (طأمنت) فقلبوا الهمزة ، ومثل ذلك(القسي) إنما هي في الأصل (القووس) فقلبوا (أنيق) "(103).
والقلب المكاني- عند النحاة القدماء- يطلق عليه في الدرس الحديث مصطلح ****thesis ، ويرون أنه – القلب المكاني- ظاهرة تفيد في معرفة (الأصل)، فالإنجليزية القديمة bridd قلبت في الحديثة إلى bird، و urnon قلبت إلى run وغيرها(104) .

- قضية العامل: وقد كثر الحديث عنه- كما أسلفنا سابقاً- كونه ينطلق من منطلق عقلي، وبذا فهو معياري، وكان ذلك سبباً في انتقاد الوصفيين ورفضهم ، وعمود الدراسات النحوية القديمة والحديثة.
وللعامل وجود في التحويلية ، غذ يقرر التحويليون أن النحو ينبغي أن يربط البنية العميقة بالبنية السطحية, والبنية العميقة تمثل العملية العقلية أو الناحية الإدراكية في اللغة conceptual structures . ودراسة هذه البنية تقتضي فهم العلاقات لا باعتبارها وظائف على المستوى التركيبي. ولكن باعتبارها للتأثر والتأثير في التصورات العميقة والحق أن التصورات العميقة. والحق أن قضية العامل – في أساسها- صحيحة في التحليل اللغوي، وقد عادت الآن في المنهج التحويلي على صورة لا تبتعد كثيراً عن الصورة التي جاءت في النحو العربي(105).
والتحليل النحوي عند التحويليين تتجه إلى تصنيف العناصر النظمية وفقاً لوقوعها تحت تأثير عوامل معينة ينبغي على الدارس أن يعرفها ابتداءاً . وتكاد المصطلحات التي يستعملها التحويليون لا تختلف عن كلام العرب القدماء، مثال على ذلك:
- That Martin will fail his linguistic course is likely.
Martin is likely to fail his linguistic course .-
ونجد الجملتين تقعان في مجال كلمة(likely ) أي إن هذه الكلمة – باعتبارها عاملاً- تؤثر في نظم الكلام حتى يؤدي دلالة معينة(106) .
وتعبير (in the scope of) ليست بعيدة عن التعبيرات التي جاءت في النحو العربي عند الحديث عن العامل. والرسم الذي يقدمه التحويليون لهذا المثال يجعل كلمة (likely ) في البداية باعتبارها العامل الذي يسيطر على الجملة كلها وهو على النحو الآتي (107):
S (الجملة) تنقسم إلى:
إلى: A R G وتنقسم A R Gو likely
) ينقسم إلى:S(
)1-his linguistic course( A R G
)2- Martin(A R G
P R E D-3
وقضية العامل تقودنا إلى قضية التقدير العربي -التي تعمق النحويون في دراستها ورفضها الوصفيون - التي أقرّها التحويليون في التحليل النحوي، إذ يرون أن هناك قواعد نظمية كلية (universal) يمكن أن تفهم على ضوئها الظواهر المشتركة في اللغات ومنها ظواهر الحذف والزيادة وتغيير الترتيب، وغير ذلك (108).

- قواعد الحذف reduction rules: هي ظاهرة مشتركة في اللغات الإنسانية حين يميل المتكلم إلى الحذف العناصر المكررة أو التي يمكن فهمها من السياق. والطريقة التي يقدمها المنهج التحويلي في تفسير ظاهرة الحذف هي الطريقة ذاتها التي قدمها النحو العربي (119).
مثال على ذلك :
Richarad is as stubborn our father is.
يقول التحويليون إن ((our father is مأخوذة من بنية عميقة هي : our father is stubborn .
وقد التفت القدماء إلى ظواهر الحذف، ووضعوا له قواعد مبنية على إدراك الاستعمال العربي، وليس مجرد التقدير المعتسف، يقول سبيويه (180هـ ) :" واعلم أنه ليس كل حرف يظهر بعده الفعل يحذف فيه الفعل ، ولكنك تضمر بعد ما أضمرت فيه العرب من الحروف والمواضع وتظهر ما اظهروا، وتجري هذه الأشياء التي هي على ما أجروا ، فليس كل حرف يحذف منه شيء ويثبت فيه نحو يكُ ويكنْ. ولم أبلُ وأبالِ. ولم يحملهم ذاك على أن يفعلوه بمثله ولم يحملهم إذا كانوا يثبتون فيقولون في مَرْ أو مُرْ أن يقولوا خذ أو خُذْ وفي كَلْ أو كُلْ، فقف على هذه الأشياء حيث وقفوا ثم قس بعد "(110).
من كلام سيبويه نجد التشابه السائد بين المعيارية من حيث الحذف بين القدماء والمحدثين. وبذا نجد التوافق الواضح الجلي بين المعيارية والتوليدية التحويلية ، والتي نسميها النحو العربي في العصر الحديث في القرن العشرين .
ومظهر آخر من مظاهر المعيارية في الحذف عند سيبويه (180هـ ) ، مفسراً لقواعد الحذف في المبتدأ والخبر ، والمضاف وحرف الجر وغيرها. يقول:" هذا باب يكون المبتدأ فيه مضمراً ويكون المبني عليه مظهراً وذلك أنك رأيت صورة شخص فصار آية لك على معرفة الشخص فقلت: عبد الله وربّي، كأنك قلت: ذاك عبد الله ، أو هذا عبد الله. أو سمعت صوتاً فعرفت صاحب الصوت فصار آية لك على معرفته فقلت: زيدٌ وربّي. أو مسست جسداً أو شممت ريحاً فقلت: زيدٌ، أ المسكُ. أو ذقت طعاماً قلت: العسلُ "(111). ومن الحذف أيضاً حذف المفعول به لعلم لمخاطب، مفهوم ضمناً فقال :" ومما يقوي ترك نحو هذا لعلم المخاطب ، قوله عزوجل : ((وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) )) (112) فلم يُعمل الآخر فيما عمل الأول استغناءً عنه ومثل ذلك : (ونخلع ونترك من يفجُرُك)."( 113) فقد حذف المفعول من الحافظات لدلالة ما تقدم . والتقدير والحافظاتها والذاكراته(114).
وشاهد حذف الخبر للتكرار مستغنياً عنه ، قول قيس بن الخطيم(115):
نحن بما عندنا وأنت بما عندكَ راضٍ والرأيُ مختلفُ
وفي تفسيره في الحذف حرف الجر قبل ( أن) المصدرية:
" واعلم أن اللام ونحوها من حروف الجر قد تحذف من (أن) كما حذفت من (أنّ) جعلوها بمنزلة المصدر حين قلت: فعلت ذاك حذر الشر، أي لحذر الشر ويكون مجروراً على التفسير الآخر، ومثل ذلك قولك: إنما انقطع إليك أن تكرمه، أي لأن تكرمه، ومثل ذلك قولك: لا تفعل كذا وكذا أن يصيبك أمر تكرهه، كأنه قال: لأن يصيبك أو من أجل أن يصيبك"(116).
مما تقدم ذكره نجد الحذف يوافق تماماً من فكرة البنية العميقة في التوليدية التحويلية .

- قواعد الزيادة أو الإقحام insertion rules :
الزيادة أو الإقحام عند التحويليين يتمثل في وجود تركيبات نظمية تدخل فيها كلمات لا تدل على معنى في العمق، وإنما تفيد وظيفة تركيبية، وقد تعدّ لوناً من ألوان الزخارف trappings، ويمثلون لذلك بكلمات من نحو : there و it في هذين المثالين(117):
- There is a hippopotamus in that cornfield .
- There are many people out of work.
فكلمة there لا تقدم دلالة في العمق هنا، وإنما هي فاعل(سطحي) للفعل الموجود في الجملة أي إنها نوع من الزيادة. فالتركيب الأصلي للجملة هو:
- A hippopotamus is in that cornfield.
- Many people are out of work .
وكذلك استخدام كلمة it كما في المثال الثاني:
-It is raining .
- It is Penelope that took my book.
فهي (it ) زيادة في التركيب لأنها تقدم فاعلاً في بنية السطح(118).
وقد عرض نحاة العربي لظاهرة الزيادة في الجملة ، وأشار إلى أن ما يزاد في الكلام لا يضيف معنى، وخروج بعضه من اللام كدخوله فيه. وإنما هو زيادة قد تضيف فائدة تركيبية كالتوكيد أو قوة الربط أو الفرق أو غير ذلك، وكذا تحدثوا عن الواو المعجمة، وعن حروف الجر الزائدة، وعن ضمير الفصل، وعن كان الزائدة، و (أنْ) ، أو (إنْ) ، أو (ما)(119).
وسيبويه (180هــ) صاحب أول مصنف نحوي قديم وصل إلينا تحدث عن هذه الزيادات ، فقال عن الباء الزائدة :" هذا باب ما تجريه على الموضع لا على الاسم الذي قبله وذلك قولك: ليس زيد بجبان ولا بخيلاً، وما زيد بأخيك ولا صاحبك. والوجه فيه الجر لأنك تريد أن تشرك بين الخبرين ، وليس ينقض إجراؤه عليك المعنى. أن يكون آخره على أوله أولى، ليكون حالهما في الباء سواء كحالهما في غير الباء ، مع قربه منه... لأن الباء دخلت على شيء لو لم تدخل عليه لم يخلّ بالمعنى ولم يحتج إليها ولكان نصباً ، ألا تراهم يقولون حسبك هذا لا يتغير المعنى"(120).
ويقول في ضمير الفصل:" واعلم أن ما كان فضلاً لا يغير ما بعده عن حاله التي كان عليها قبل أن يذكر، وكان عبد الله هو الظريف، قال الله عز وجل : ((وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)))(121) فصارت (هو) ها هنا وأخواتها بمنزلة ما إذا كانت لغوافي أنها لا تتغير ما بعدها عن حاله قبل أن تذكر "(122).
إذن نجد ملامح المعيارية بمظهر من مظاهره المتمثل في الزيادة،يكمن في التوليدية التحويلية بشكل واضح وجلي، وذلك من خلال البنية العميقة في الكلام وهذه الملامح تتفق تماماً مع المعيارية العربية (النحو العربي الأصيل) .

- قواعد إعادة ترتيب rearrangement rules (123):
تتمثل هذه القواعد في كيفية إعادة صوغ الجملة، وترتيب عناصره اللغوية في الجملة. وقواعد إعادة الترتيب من الخصائص الكلية المهمة في اللغات الإنسانية، إذ أن لكل لغة ترتيبها الخاص، ولكن المهم هو أن نعرف الترتيب في البنية العميقة أولاً ثم نبحث عن القوانين التي تحكم هذا الترتيب إلى أنماط مختلفة في الكلام عل السطح، ومن الملاحظ أن كل عناصر الجملة معرضة لتغيير مكانها وإن كان ذلك أكثر ما يكون في ما يسميه العرب (فضلة) كالمفاعيل (المفعول به، والمفعول المطلق، والمفعول لأجله، والمفعول معه، والمفعول فيه)، والحال ، والظروف، وغير ذلك (124).
ففي هذا المثال سنلاحظ ترتيب الجملة في البنية العميقة وكيف يمكن إعادة ترتيبها في البينة السطحية:
- A detective hunted down the killer.
وترتيب هذه الجملة في البنية السطحية على هذا النحو:
- A detective hunted the killer down .
نلاحظ تحاول كلمة(down) وانتقالها من البنية العميقة إلى السطحية.
والعرب النحاة قد عنوا بهذه القضية أشدّ الاعتناء. وأخذوا يحكمون القوانين التي تنظمها، فبحثوا قضية (التقديم والتأخير)وتأثيرها على تركيب الجملة من حيث الإعمال والإهمال، ومن حيث التغيير الدلالي، فنجد التفسيرات الدلالية عند تقديم المبتدأ عند المبتدأ عند البلاغيين والنحاة. أو تقديم المفعول به على الفاعل أو تقديم الفاعل على الفعل، وغير ذلك. فهذه الظاهرة أطلقها البلاغيون والنحاة تقديم ما حقّه التأخير. إذ يُنظر إلى ترتيب الجملة ورتبة العناصر اللغوية في الجملة.
يقول سيبويه (180 هـــ) :" ما كان فيها أحد خيرٌ منك، وما كان أحد مثلك فيها وليس أحد فيها خير منك ، إذا جعلت (فيها) مستقراً ولم تجعله على قولك فيها زيد قائم ، إذا جعلت (فيها) مستقراً ولم تجعله أجريت الصفة على الاسم. فإن جعلته على قولك فيها زيد قائم، أجريت الصفة على الاسم. فإن جعلته على قولك فيها زيد قائم، نصب، تقول: ما كان فيها أحد خيراً منك، وما كان أحد خيراً منك فيها، إلاّ أنك إذا أردت الإلغاء فكلما أخرت الذي تلغي كان أحسن، وإذا أردت أن يكون مستقراً تكتفي به ، فكلما قدمته كان أحسن، لأنه إذا كان عاملاً في شيء قدمته كما تقدم أظن وأحسب ، وإذا ألغيت أخرته كما تؤخرهما لأنهما ليسا يعملان شيئاً ، والتقديم ها هنا والتأخير فيما يكون ظرفاً أو يكون أسماً في العناية والاهتمام مثله فيما ذكرت لك في باب الفاعل والمفعول وجميع ما ذكرت لك من التقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عربي جيد كثير، فمن ذلك قوله عز وجل: (( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) )) (125)
وأهل الجفاء من العرب يقولون ولم يكن كفواً أحد، كأنهم أخروها حيث كانت غير مستقر"(126).
ومن آخر من مظاهر التوافق بين النحو العربي (المعيارية)، و التوليدية التحويلية هو: قضية القبول النحوي فإنها تشكل أساساً مهماً في المنهج، وتقدم أصلاً مشتركاً آخر مع النحو التحويلي. وقد كان مقصداً من مقاصد النحاة القدماء من خلال حديثهم المتواصل عن الواجب والجائز، والممتنع. وكلام سيبويه(180 هـــ) عن الجائز ، والممتنع، والحسن، والقبيح، فيقول عن الاستقامة للكلام الذي أسماه ( هذا باب الاستقامة من الكلام والإحالة) :" فمنه مستقيم حسن، ومحال، ومستقيم كذب، ومستقيم قبيح، وما هو محال كذب. فأما المستقيم الحسن فقولك: أتيتك أمس وسآتيك غداً . وأما المحال فأن تنقض أول الكلام بآخره فتقول : أتيتك غداً وسآتيك أمس. وأما المستقيم الكذب فقولك : حملت الجبل، وشربت ماء البحر، ونحوه. وأما المستقيم القبيح فأن تضع اللفظ في غير موضعه نحو قولك:قد زيداً رأيتُ ، زكي زيدٌ يأتيك ، وأشباه هذا . وأما المحال الكذب فأن تقول: سوف أشرف ماء البحر أمس"(127).
كما أن النحو العربي قد قدم تركيبات كثيرة غير مقبولة وذلك في مثل حديثهم عن التنازع من نحو قولهم: " ظننتُ منطلقة منطلقاً هند إياها. أو أعلمني وأعلمته إياه إياه زياد عمراً قائماً إياه إياه"(128).
خلاصة الحديث عن التوافق بين معطيات النحو العربي والتوليدية التحويلية:
- إن هذا التوافق التي صار بين النحو العربي الأصيل، والتوليدية التحويلية يدلّ على مدى عروبة ومرونة اللغة العربية بقواعدها، وقوانينها.ولا سيما أن اللغة العربية حفظها الله منذ قرون متعددة طويلة، كونها لغة القرآن الكريم.
- إن هذا التوافق يعيد للغة العربية هيبتها من جديد،بعد محاولات شتى لطمس الهوية العربية، وقتل اللغة العربية في عروق كل عربي مسلم. كون اللغة العربية لغة القرآن ، والقرآن هو: الدين المشرّع، فقرروا ضرب اللغة من هذا المنطلق، هذا من جهة. ومن جهة أخرى نجد تأثر العرب أنفسهم بالمناهج العربية مما أوقعهم في لبس، وعدم القدرة على فصل اللغة العربية التي هي لغة القرآن ، واللهجات العربية. لنجد بعضهم يحتج على أن يكتب القرآن باللهجة العامية!
- إن هذا التوافق هو في حدّ ذاته إحياء للغة العربية، وتثبيت قواعدها أكثر. وكذا عمل على تقويتها ،فصارت أكثر قوة مما كان في السابق .فمظاهر التوليدية التحويلية، وأسسها هي ذاتها مظاهر المعيارية، وهي ذاتها مظاهر النحو العربي، ويكفينا فخراً أن لغتنا ما زالت قوية صامدة أمام المحاولين طمس هويتها دون إنصاف. فترى الباحثة أنه لا مانع من دراسة العربية وفق المنهج الحديث، ولكن دون تعسف على المنهج العربي المعياري، أو طمس الهوية العربية، بل يكون هدف الباحث العربي هو إبراز جماليات، وقدرة اللغة العربية على هضم المناهج الغربية، وتوظيفها في القالب العربي، دون أن يمسّ بأركان اللغة العربية في شيء. ولم تهدم أي ركن من أركانها،بل زادتها قوة.

الخاتمة

بعد أن سار بحثنا في فصول ومباحث خلصت الباحثة لجملة من النتائج توصلت إليها وهي على النحو الآتي:
- إن دراسة قوانين اللغة العربية وقواعدها لا يناسبها منهج سوى المنهج المعياري، لا سيما أن المنهج المعياري قائم على الصواب والخطأ، وقائم على التدقيق في القاعدة النحوية . خلافاً للمنهج الوصفي الذي يضيع قواعد اللغة وقوانينها باتخاذه قاعدة لدراسة اللغة تتمثل في دراسته للغة المنطوقة فقط ، دون الاهتمام باللغة المكتوبة، في حين نجد المنهج المعياري يدرس اللغة المنطوقة والمكتوبة.
- إن المنهج المعياري بمظاهره تلك يحافظ على اللغة المكتوبة أكثر من المنطوقة، ويجعلها أساساً له في التقعيد النحو واللغوي. كون اللغة المكتوبة مرتبطة بالقرآن الكريم، وقامت الدراسات النحوية، واللغوية حفاظاً على لغة القرآن الكريم من هجر الناس له ، وعدم فهم معانية بسبب اللحن المنتشر في الأوساط العربية بسبب الفتوحات الإسلامية، ومخالطة العرب العجم، فتفشى اللحن، وتكاد توجد الصعوبات في فهم القرآن الكريم. بينما المنهج الوصفي بمظاهره في اهتمامه باللغة المنطوقة أكثر من المكتوبة، لا يعترف باللغة العربية الفصحى، التي تمثل اللغة الأم، ولغة القرآن الكريم، المشرع للدين الإسلامي الحنيف، بل نجده يعمل على إحياء اللهجات العامية وإضاعة اللغة العربية الفصحى.
- إن المنهج المعياري بمظاهره _العلل، والإعراب، والعامل، والقياس- قد اتفق مع التوليدية التحويلية في كثير من الجوانب، إن لم تكن كلها. فنجد البنية العميقة، توافق التأويل والتقدير، والحذف، كما نجد فكرة التوليدية التحويلية في تحكيم العقل في التقعيد النحوي واللغوي. ونجد توافقاً آخر يتمثل في الترتيب للعناصر اللغوية، فقد حرص النحاة القدماء في الترتيب لهذه العناصر، كأن يكون الفعل ثم ،الفاعل، ثم المفعول، وقد أسموا هذه العملية بالرتبة.
- إن منكري المعيارية كان هدفهم الأساسي هو إظهار صعوبة تعليم اللغة العربية ، وتعلم قواعدها وقوانينها. إذ تحدثوا في مواضع أخرى يعللون فيها سبب الدعوة إلى تيسير النحو وتجديده، هو: صعوبة تعلم اللغة العربية من خلال تعلم القواعد، فوجه الصعوبة تتمثل في الإعراب، والعامل، والعلل، والقياس. فلو رفضت هذه (الإعراب، والعامل،والعلل، والقياس) لاختفت الصعوبات في تعلم العربية وتعلم قواعدها.لذا لجأوا إلى رفض مظاهر المعيارية – كونها الأساس في المعيارية- ليدخلوا إلى بوابة التيسير للنحو وتجديده. مع العلم أن بإمكانهم تعلم قواعد اللغة العربية من خلال الكتب التعليمية القديمة الخالية من التعليل المسهب-كما يدعي منكري المعيارية- ، وكذا الإسهاب في الحديث عن العامل ، وعن الإعراب. فهناك كتب أخرى متخصصة في ذلك ومحلها كتب أصول النحو التي عنيت تمام العناية بدراسة هذه الأصول والمحافظة عليها كونها معلماً مهماً من معالم الدراسات النحوية واللغوية للغة العربية الأصيلة.
- جاءت التوليدية التحويلية لتحيي النحو العربي الأصيل من جديد، بتثبيت قواعده، وشهادة عظيمة بإمكانية دراسة القواعد النحوية واللغوية للغة العربية من خلال استعمال المنهج المعياري دونما صعوبات – كما ادعاها الوصفيون- بل العكس ، أظهرت مواطن الإبداع والتحليل اللغوي الدقيق لدراسة القاعدة وإظهار خبايا المعاني الخفية غير الظاهرة إلاّ بالتقدير، والتأويل، والحذف.
- إمكانية دراسة اللغة العربية للمنهجين معاً المعياري والوصفي، وذلك بجعل المنهج المعياري هو الأصل ، والوصفي فرع منه. فالوصفي كونه آني لا يدرس اللغة تاريخياً فإنه يساند المنهج المعياري في الحصول على نتائج أكثر دقة . ولا سيما في تأصيل اللهجات العربية إلى العربية الفصحى من خلال الكلمات والتراكيب اللغوية. إذ لا يمكن تأصيل لهجة ما إلى الفصحى ما لم يرجع إلى الوصفي ثم المعياري الذي يمثل جوهر البحث ، والتأصيل للهجة المعنية. بعبارة أخرى لا يمكن رفض المعيارية تماماً ، لأنه سيؤدي إلى دمار اللغة وخرابها – هذا ينطبق على اللغات غير العربية أما العربية فهي لغة القرآن ولا يمكن تدميرها أبداً لأنها محفوظة- بل نجد المعيارية هي الأساس في الدراسات اللغوية والنحوية ، و الدراسات الوصفية فرع منها تستند عليه المعيارية.
هذه جملة النتائج التي توصلت إليها الباحثة، آملة من الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد فيما أوردناه في صفحات هذا البحث بفصوله ومباحثه، والكمال لله وحده ، والنقص من بني البشر بما جبل عليه البشر من الضعف، والنقص، والنسيان، وغيره.
والصلاة والسلام على خير الأنام ، محمد سيد الأولين والآخرين. والشفيع لنا يوم الدين.


فهرس المصادر والمراجع

1- -إحياء النحو، إبراهيم مصطفى، ط2، 1413ه- 1992م القاهرة .
2- -أسرار العربية، الإمام أبي البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري، تحقيق: محمد بهجة البيطار.
3- -الأشباه والنظائر في النحو، جلال الدين السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان .
4- -أشتات مجتمعات في اللغة والأدب، عباس محمود العقاد،دار المعارف، ط 6 .
5- -أصول النحو العربي في نظر النحاة ورأي ابن مضاء وضوء علم اللغة الحديث، محمد عيد، عالم الكتب – القاهرة، ط4، 1410هــــ - 1989م .
6- -الأصول في النحو،لأبي بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي، تحقيق: عبد الحسين الفتلي،مؤسسة الرسالة ،ط3، 1417 هــ- 1996 م .
7- -الاقتراح في علم أصول النحو، جلال الدين السيوطي، قرأه وعلق عليه: الدكتور محمود سليمان ياقوت، دار المعرفة الجامعية، 1426 ه- 2006 م .
8- -الإيضاح في علل النحو، أبي القاسم الزجاجي، تحقيق: مازن المبارك،دار النفائس- بيروت، ط3، 1399هـــ- 1979 م .
9- -البيان والتبيين ، أبي عثمان بن بحر الجاحظ، تحقيق : عبد السلام هارون ، مكتبة الخانجي القاهرة، ط 7، 1418هـ- 1999م .
10- تاج العروس من جوهر القاموس، محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، تحقيق: عبد الستار أحمد فراج، التراث العربي وزارة الإرشاد والأنباء – الكويت، 1385ه – 1965 م .
11- التعريفات،الشريف علي بن محمد بن علي السيّد الزين الجرجاني،شركة ومكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ،1357ه-1938م .
12- تفسير البحر المحيط، محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي،دراسة وتحقيق وتعليق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، وشارك في تحقيقه: زكريا عبد المجيد النوني، و أحمد النجولي الجمل، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان ،ط1، 1413هـــ- 1993م .
13- التوطئة، لأبي علي الشلوبيني،دراسة وتحقيق: يوسف أحمد المطوع،1981م .
14- الخصائص لأبي الفتح عثمان بن جنّي، تحقيق : محمد علي النّجار، المكتبة العلمية، الجزء الأول .
15- دلائل الإعجاز ، للشيخ الإمام أبي بكر بن عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني النحوي، قرأه وعلق عليه محمود محمد شاكر، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
16- الرد على النحاة لابن مضاء القرطبي ،تحقيق: شوقي ضيف، دار المعارف –القهرة، 1982م .
17- شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الكتاب اللبناني، 1955 .
18- شرح المفصل ، موفّق الدين يعيش،عنيت بطبعه، ونشره بامر المشيخة إدارة الطباعة المنيرية لصاحبها ومديرها محمد منير عبده آغا الدمشقي .
19- شرح كتاب الحدود في النحو، للإمام عبد الله بن أحمد الفاكهي النحوي المكي،تحقيق: المتولي رمضان أحمد الدميري، مكتبة وهبة،ط2، 1414ه-1993 م.
20- الصاحبي فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها، أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، علق عليه ووضع حواشيه: أحمد بسج، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط1، 1418هــ- 1997م .
21- العلامة الإعرابية في الجملة بين القديم والحديث، محمد حماسة عبد اللطيف، دار غريب، 2001م .
22- في التحليل اللغوي منهج وصفي تحليلي، تأليف :خليل عمايرة، تقديم: الأستاذ الدكتور سلمان حسن العاني، مكتبة المنار الأردن – الزرقاء، ط1، 1407هــ- 1987 م .
23- القياس في اللغة العربية ،محمد حسن عبد العزيز، دار الفكرالعربي، ط1، 1415ه – 1995م.
24- الكتاب ، أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، تحقيق: عبد السلام هارون،مكتبة الخانجي بالقاهرة،ط3، 1408 ه-1988م .
25- الكتاب بين المعيارية والوصفية، أحمد سليمان ياقوت، دار المعرفة الجامعية، ط1، 1989 .
26- لسان العرب، للإمام العلامة ابن منظور، تحقيق: أمين محمد عبد الوهاب، و محمد الصادق العبيدي،دار إحياء التراث العربي ، مؤسسة التاريخ العربي بيروت- لبنان، ط3، 1419 ه- 1999م .
27- اللغة العربية معناها ومبناها، تمام حسان، دار الثقافة، 1994 م .
28- اللغة بين المعيارية والوصفية، تمام حسان، عالم الكتب- القاهرة ،ط4، 2000م .
29- مدخل إلى علم اللغة ، محمود فهمي حجازي، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع- القاهرة ، 2004 م .
30- المسافة بين التنظير النحوي والتطبيق اللغوي بحوث في التفكير النحوي والتحليل اللغوي، خليل أحمد عمايرة، دار وائل- عمان، ط1، 2004 .
31- المقرّب ، علي بن مؤمن المعروف بابن عصفور، تحقيق: أحمد عبد الستار الجواري، و عبد الله الجبوري، ط1، 1392- 1972 م .
32- مناهج الدرس النحوي في العالم العربي في القرن العشرين، عطا محمد موسى، دار الإسراء، ط1، 2002 .
33- النحو الجديد، عبد المتعال الصعيدي، دار الفكر العربي،1366هــــــ- 1947 م .
34- النحو العربي والدرس الحديث بحث في المنهج، عبده الراجحي، دار النهضة العربية- بيروت – لبنان، 1979 م .
35- النحو الوافي، عباس حسن، دار المعارف بمصر، ط3 .
36- نظرية العامل في النحو العربي عرضاً ونقداً ، وليد عاطف نصار، دار الكتاب ، و دار المتنبي- الأردن .
37- John Maher & Judy Groves, Introducing Chomsky, Icon Books U.K& Totem Book U.S.A


 

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تحميل كتاب لباب الإعراب في تيسير علم النحو لعامة الطلاب ألاء ياقوت كتب الادب العربي و الغربي 5 June 23, 2013 05:50 AM
ملخص مادة النحو ثاني ثانوي بنين شرعي الفصل الثاني , تلخيص النحو للصف ثاني ثانوي شرعي للبني ألاء ياقوت الدليل العلمي للطلاب و المعلمين 0 September 6, 2010 03:27 PM
طلب مساعده في ايجاد علاج ثائر صالح محمد الطب البديل 2 August 20, 2009 03:39 PM
تحذير تحزير تحزير نحزير تحزير تحزير خالد اشرف النصح و التوعيه 2 January 26, 2008 09:49 AM


الساعة الآن 12:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر