فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم September 3, 2013, 12:20 PM
 
Sun مظاهر عظمة القيادة النبوية

1. خرج رسول الله إلى الطائف داعيا إلى الله و نصرة للإسلام، و أقام فيها 10 أيام لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه و كلمه، فقالوا: أخرج من بلادنا و أغروا به سفهائهم. فلما أراد رسول الله الخروج تبعه سفهائهم و عبيدهم يسبونه و يصيحون عليه، حتى إجتمع عليه الناس ووقفوا عليه صفين و جعلوا يرمونه بالحجارة حتى أدموا رجليه بالدم، فأنطلق رسول الله من الطائف و هو مهموم من شدة الحزن إلى مكان يدعى بقرن الثعالب و الذي يبعد عن الطائف ب 35 كيومترا، و هناك جاءه جبريل فناداه: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ. فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الأَخْشَبَيْنِ . فَقَالَ النَّبِيُّ : "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".
لقد كان رسول الله ينظر للأمور من منظور شامل، حيث كانت لديه القدرة على التفكير خارج نطاق نفسه و عالمه الخاص إلى التفكير بطريقة شمولية كما أنه في نفس الوقت كانت لدية قدرة كبيرة على تجريد نفسه من العواطف، تصور معي 10 أيام يدعوا في الطائف، و ربما لم يجد رسول الله ما يسد رمقه في هده الأيام و ربما كان يبيت في العراء، هذا إضافة إلى السخرية و السب الذي كان رسول الله يعانيه معهم عند دعوتهم، و حينما خرج من الطائف سلطوا عليه سفهائهم و رموه بالحجارة حتى أدموه، و قطع مسافة 35 كيلومترا على رجليه حتى قرن الثعالب و هو مهموم و حزين، و حينما جاؤه الملك لينتقم له من هولاء القوم، أجابه رسول الله:"بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".
لقد كانت لدى محمد القائد قدرة على الجمع ما بين الأشياء المتنافرة، و القدرة على التفكير إنطلاقا من الصورة الكبيرة الشاملة، و لذلك رأى علاقة بين هؤلاء المشركين و بين أبنائهم الذي توسم فيهم الخير و بأنهم سيعبدون الله لا يشركون به شيئا.
لم يشغل الرسول نفسه بالإنتقام، و إنما إستطاع رؤية عالم آخر لهذه القبيلة، حيث يعمرها جيل جديد يعبد الله و لايشرك به، لأنه عرف أن الوقت العصيب الحالي الذي يمر به لن يدوم إلى الأبد، إنه مؤقت فحسب.
لذا إذا أردت أن تتعلم من رسول الله كيف تفكر تفكيرا شموليا، فلا تكتفي بما لديك من معرفة، و أحرص على أن تزور أماكن جديدة، و أقرأ كتب جديدة، و ألتقي بأناس جدد، وتعلم مهارات جديدة، و الأهم أن تتعلم كيف تجد علاقة بين الأشياء المتناقضة و تجمعها في إطار الصورة الكبيرة كما فعل رسول الله.

2. القائد يعمل أكثر من كل من حوله، إنه دائما يضيف جهدا إضافيا على الآخرين.
و لهذا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم الليل يُصَلِّي حَتَّى تَتوَرَّمَ قَدَمَاهُ " ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ تَوَرَّمَ قَدَمَاكَ وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ : " أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ؟

3. هناك فجوة بين القائد و أتباعه، هذه الفجوة أو المساحة هي ما تسمح للقائد بالنمو و التطور صعودا بينما الأتباع يرتقون لملأ المساحة القديمة، فلا يمكن أن يكون الأتباع و القائد في نفس المستوى و إلا لن تكون هناك فجوة و سنكون بالتالي كلنا قادة، هده الفجوة هي ما تسمح لكليا الطرفين بالنمو صعودا، القائد ينمو فوق تلك الفجوة و الأتباع ينمون داخل الفجوة، و المشكلة أنه لا يمكن للأتباع بأن يتطوروا و ينمون إذا لم يتطور القائد نفسه، فإذا كان القائد لا يقرأ باستمرار و غير منفتح و لا يطور من مهاراته و لا يحسن من أدائه و فعاليته، فكيف تتوقع أن يكون أتباعه، سواء كان الأتباع شركة أو أسرة أو غير ذلك.
فلا تتوقع من هذه الشركة أو المؤسسة النمو و الإزدهار إدا كان القائد شخصا عاديا، قائد عادي لن يقود إلا أتباعا عاديين.
القائد إدن هو الذي يصنع المعيار الذي يمكن لأتباعه الإرتقاء فيه، فلما كسرت رُباعيته صلى الله عليه وسلم وشُجَ وجهه يوم أُحد، شَقَ ذلك على أصحابه، وقالوا: يا رسول الله ادعُ على المشركين، فأجاب أصحابه قائلاً لهم: إني لم أُبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة. رواه مسلم
ألاحظت الفرق و الفجوة بين محمد القائد و بين أصحابه الأتباع، فما كانت لرؤية رسول الله و رسالته أن تتناقض مع سلوكه و تفكيره، لقد كان رسول الله يعلم أصحابه بإستمرار كيف تتوافق رسالة الإسلام مع التفكير و السلوك، و بهذا التعلم المستمر لرسول الله لصحابته، لم يرتقي بهم إلى سلم الفعالية، بل حتى إلى سلم العظمة.

فكلما كان عقلك أكثر إنفتاحا كلما تعمقت أكثر في فهم أسرار القيادة النبوية، كلما عرفت أكثر قدر عظمة محمد رسول الله.
لقد أدرك رسول الله طبيعة الإنسان المتكاملة و لذا فإن تعاملاته لم تكن محصورة في الناس الذين عاصروه و إنما امتدت للتعامل مع الطبيعة الإنسانية ككل قائم مدى الزمان و المكان.
و حينما كان يخاطب إنسانا فإنه كان يخاطبه إنطلاقا من منظور الإنسان المتكامل و ليس من نظرة ضيقة، لقد كان يخاطب فيه عقله و جسده و قلبه وروحه و ما كان لرسول الله ليهمل جزءا واحدا.
بهذا المنظور إستطاع رسول الله أن يرتقي بالصحابة إلى أعلى مستويات الفعالية و العظمة، و اليوم فما زال رسول الله يخاطبنا إنطلاقا من هذا المنظور، و ما علينا إلا أن نتعلم من رسول الله لنكون فعاليين و عظماء كالصحابة رضوان الله عليهم.
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما هي القيادة؟ ما هي صفات القائد؟ وما أنماط القيادة؟ بو راكان علم الإدارة والاتصال و إدارة التسويق و المبيعات 33 March 10, 2013 06:21 PM
مظاهر البلوغ عند البنات ، ماهي مظاهر البلوغ عند البنات و الفتيات Yana امومة و طفولة 0 March 22, 2010 02:18 PM


الساعة الآن 04:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر