فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > تقنيات السعادة الشخصية و التفوق البشري > شخصيات في الذاكرة > شخصيات عربية



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم November 22, 2007, 04:16 PM
 
الاعلامي ماجد الشبل .. صاحب الصوت الذي أعجب محمد عبد الوهاب

"إنه كالمطر" هكذا يشعرك صوته حينما يأتيك طازجا نديا ممزوجا بالحنان والتواضع وعبق الإنسان الذي سكن أوردته؛ والذي ما يزال محتفظا ببريقه كما اعتدنا على سماعه منذ أكثر من 40 سنة حينما كان يطل علينا بوجهه المشرق عبر الصندوق العجيب؛ بالرغم من وخز الألم والإجهاد الذي حاول التسرب أثناء حديثنا الذي حمل خلاله قافلة من السنوات قاربت السبعين من عمره.

"فارس هو أكثر واحد في هذه الدنيا أحبه، ويمتلك عالمي رغم أننا نتعارك في اليوم عشر مرات، ونتصالح عشرين مرة"هكذا بدأ الحديث مع الإعلامي والشاعر السعودي ماجد الشبل، وضحكنا بملء قلبه الأبيض، على مشاكسة حفيده الذي لم يتجاوز 6 سنوات بعفوية، ويكمل"حينما أرى وجهه أجد فيه كل براءة العالم" كلماته المتدفقة بالحب امتدت بعينيه صحاري الكون ومحيطاتها إلى ذاكرة اكتنزت برائحة الزهر الدمشقي وعبق الأروقة الأموية العتيقة وخرير المياه المنسكبة في ساحات بيوتها المتشحة الخضرة.

الحكاية بدأت في حي الميدان؛ أرقى الأحياء الدمشقية بسوريا حيث سنابل وجنتيه توردت في تربة يانعة لأسرة يافعة قلوبها لها خمسة أبناء، وكان هو فيها مزيج وسن الفجر من أب نجدي الأصل هاجرت عائلته منها إلى سوريا لطلب التجارة، فيما كانت والدته دمشقية الدماء، يقول ماجد مبتسما برغم الشجن"كلاهما كان متعصبا لموطنه، أبي للسعودية وأمي لسوريا، والمفارقة العجيبة، أن والدي دفن في دمشق، وأمي دفنت في الرياض".

حديثه يسترسله بتنهيدة تغرورق معها عيناه بدموع الحنين وهو يقول لي"عندما ولدت قرر أبي تسميتي محمد على اسم والده، فيما أصرت أمي على تسميتي ماجد مبررة بأنه اسم عصري يرقى لمناداتها به بين صديقاتها، لكنه أصر وهي كذلك" وهكذا أصبح الاسمين بطلان لشخصية واحدة؛ الأول رسمي تخطه محبرة أوراقه بمحمد؛ والثاني ماجد اشتهر به إعلاميا وشاعرا، يضحك قائلا"حرصت على تنفيذ رغبة أمي لأن اسم ماجد يسعدها".

وتمضي سنابل الفتى بعبقها الدمشقي ويلتقي بأستاذ اللغة العربية الشاعر عبد الكريم الكرمي في الابتدائية، الذي أحبه وميزه بين أقرانه لموهبته الشعرية وفنه في إلقاء القصائد"لقد التقط موهبتي منذ البداية، وعرف بولعي الشديد للغة العربية، فأخذ يشجعني حتى الثانوية"ثم أنشد بعض أبيات أستاذه الفلسطيني الأصل التي قالها في سوريا:
خلعت على ملاعبها شبابي وأحلامي على خضر الروابي
ولي في كل منعطف لقاء موشى بالسلام وبالعتاب

ويبكي صوته بحرارة ! لماذا تبكي سيدي؟ يصمت للحظة، وتعلو نبرة الشجن الممزوجة بالحنين، فالكرمي لم يكن مجرد أستاذ، إنه صديق شجع موهبة الفتى وعمل على إعداده منذ صفوفه الأولى من خلال إمساكه بمايكروفون الإذاعة المدرسية وتقديم حفلاتها وإلقاء القصائد بها، لقد كان منذ البداية مفطورا على أن يكون ذلك الرائد في مجال الضوء الإعلامي الذي سحرنا به صندوق العجائب في بيوتنا.

لكن ماجد لم يخطط يوما لأن يكون إعلاميا ولم يحلم أيضا به لأنه خلق كذلك، يقول"الإعلام يخلق في داخلك؛ فتتجه إليه دون تخطيط أو تنظيم، كنت أحب الإذاعة المدرسية وأحب أن أكون متميزا ومتفوقا فيها ولم أكن أعرف لماذا!! حتى كبرت ووجدت نفسي إعلاميا في التلفزيون السوري خمس سنوات قبل انتقالي للسعودية".

لكن من يصدق أن ماجد الذي يرسل شعوره باتجاه رومانسي شفيف؛ حتى أنّ دموعه النقية لا تتردد في الهطول متى ما رغبت السماء، أنه أحب يوما الملاكمة التي مارسها مع أصدقائه وزملائه ممن يقاسمونه الرغبة الرياضية، حتى جاء اليوم الذي ذهب فيه إلى البيت وعمره حينها 12 سنة ينزف نتيجة ضربة قوية مع خصم أكبر منه سنا وحجما.

يقول"رأتني أمي بتلك الحالة، وقالت : والله العظيم أغضب عليك لو رجعت للملاكمة، فوعدتها رغم عشقي لها"لكن لماذا تخاطر مع خصم أكبر منك؟! يضحك "كنت دائما ما ألاكم من هم في سني واهزمهم، فتوقعت أن أهزمه أيضا" ويطلق ضحكة ندية بطعم حلاوة الأيام، وقال"ربما لأني أحب المغامرات، ولكن لا أقدم عليها دون أن تكون مدروسة".

مغامرات ؟! إذا أنت مغامر حتى في قراراتك؟ "نعم" ويحكي أصعب قرار اتخذه في حياته، لقد كان عدم إكمال دراسته الجامعية في قسم اللغة العربية التي درسها ثلاث سنوات في جامعة دمشق، وقطعها لانتقاله إلى الرياض بعد أن قدم له عرضا بالعمل في تلفزيون موطنه .

يقول"عندما أردت إكمال دراستي، اشترطوا أن أعود من البداية، دون أن يحسبوا ثلاث سنوات من دراستي الجامعية في دمشق، فأخذتني العزة، فمن المعروف أن اللغة العربية في سوريا أقوى فكيف لا يُعترف بها، وقررت أن لا أكملها وفي الوقت نفسه أتقنها والحمد لله تفوقت فيها" وكسب الرهان وأصبح ماجد رئيسا لقسم اختبارات المذيعين، الذي كان من خلاله يختبر أناسا يحملون معهم شهادات عليا في هذه اللغة.

إذن، لقد رحل إلى موطن أجداده في نجد وعمره 30 سنة ولم يحمل معه من سوريا سوى ذكريات الحارات العتيقة وأسماء كثيرة لشخوص مروا به، لكنه لم يفكر بالعودة، وبدأ حياته من جديد في الرياض بعد أن قالت له والدته"الله يوفقك، ومتى ما رغبت بي نادني".

سكن شقة عادية مع مجموعة من الزملاء تقاسم إيجارها معهم، ثم سرعان ما قرر اتخاذ مسكن آخر بعد أن شعر بالاستقرار وأحضر والدته، وبدأ يسطع نجمه وضوؤه الإعلامي الذي تدرج فيه إلى مناصب عديدة، وكيف لا وهو يعمل يوميا 18 ساعة دون توقف، أطلق من خلالها برامج متنوعة وجديدة على التلفزيون السعودي؛ لكن حواراته مع عملاقة المشهد العربي من المشاهير كانت الأكثر إبهارا .

فامتلأت بهم ذاكرة ماجد حتى اليوم، ولحظاتهم التي عاشها معهم في حوارات صريحة، عن فاتن حمامة يقول"قالت لي كان كذاب" من الذي وصفته بذلك؟"عمر الشريف"لماذا قالت ذلك"لأني أخبرتها بأنه يحبك ولم يتزوج لأجلك، فقالت أنه كذّاب، هو يعرف أن الناس تحبني ولو تزوج وقال غير ذلك فسوف يخسر حب جمهوري له".
أما عبد الحليم حافظ فيقول عن لحظة لا ينساها معه"كنا نمشي إلى الأستوديو لتسجيل الحوار، فتذكرت برنامجي الشعري وسألته أن أستضيفه ويجرب صوته في إلقاء الشعر فقال بحسرة : إذا عشنا، وكأنه يشعر بأنه سوف يموت، وفعلا توفي بعدها".

لكن بكاء فريد الأطرش أثناء لقائه معه أثار دهشته، والسبب كما قاله له الأطرش" لأن أمنيتي في الحياة كانت أن السيدة أم كلثوم تغني لي أغنية واحدة من ألحاني، فبها كانت ستخلدني، لكن أولاد الحلال أوقفوها عن ذلك"أما محمد عبد الوهاب الشخصية التي عرفت بوسوستها وكبريائها فقد وافقت على لقاء ماجد بعد محاولات منه حتى وافق لسبب أخبره به وهو"قبلت أن تحاورني لأن صوتك في التلفون كان عاجبني".

ذكريات ولحظات عديدة امتلكها ماجد الشبل مع شخصيات شهيرة قابلها في وقت كان الإعلام فيه يتيما كطه حسين وشوقي بغدادي ويوسف وهبي وغيرهم، وسجلها كنوزا تاريخية للتلفزيون السعودي الذي لا يعلم بمدى قيمتها الآن وأسكنها أرشيفه دون أي اهتمام، لكن هل سيحاول أن يطلبها منهم ماجد؟ يجيب"حاليا أفكر بذلك" لكن ماذا لو تلفت في أرشيف التلفزيون نتيجة الإهمال؟ يقول "لا أستبعد ذلك ".

ولهذا يفكر جديا الآن في تأليف كتاب يضم ذكرياته مع أبرز هذه الشخصيات اسمه"40 عاما مذيعا" بجانب محاولته جمع شعره رغم أنه "لا أحب أن يطلق علي اسم شاعر فالشعر حالة خاصة جدا" ليس الشعر فقط؛ بل الحب في حياة ماجد حالة خاصة جدا جدا وقال"هذا الشيء الوحيد الذي لن أبوح به" سألته: هل تحتفظ به لأن المجتمع لدينا يراه خطيئة؟؟ أجاب "ربما لذلك، ولكن أعتقد أنه ليس للآخرين علاقة به فهو يخصني فقط".

ولكن ما هي قصة سمر التي امتلكت قلبه ولم يتزوج لأجلها؟ هذه القصة تعود إلى حين فكر بالاستقرار وتزوج وأنجب من زواجه ابنته التي تعتبر بنسبة له "الصديقة الوحيدة والأقرب إليه الآن" كما أخبرني ماجد الصغير حفيده الأكبر، لكن ما أن بلغت هذه الطفلة سنتين حتى وانفصل ماجد عن والدتها، فكان خياره بأن يهبها حياته ويعتني بتربيتها دون التفكير بالزواج من امرأة قد تظلمها ذات مرة لأنها زوجة أبيها.

فسمر هي ابنته وكل حياته وأكثر ما يقلق لأجله الآن رغم أنها أم لأربعة أبناء أكبرهم ماجد الصغير الذي أخبرني بوصية جده الدائمة له "انتبه لأمك" فيما أكد ذلك الأستاذ ماجد الذي يمضي أغلب وقته الآن في القراءة لكل شيء ومشاهدة القنوات العربية الإخبارية بعد أن ترك عمله في التلفزيون السعودي مرغما نتيجة مرضه وإصابته بجلطة أثناء ممارسته عمله جعلت منه مصابا بما يشبه الشلل.

لكني لم أتردد في سؤاله؛ ما الذي تخافه الآن بعد المرض ومضي العمر؟ أجابني "أخاف الموت، ليس لأني أهاب هذه اللحظة، بل لأني سأضطر لترك سمر وهي أم لأربعة أبناء و منفصلة عن زوجها، إنها أكثر شيء أقلق لأجله ولهذا أخاف الموت" تبادلنا الصمت.

واستوقفني مازحا" كوني رحيمة بي يا حليمة، لا أحب أن أقول للناس كنت كذا وكذا، أنا إنسان بسيط وعادي جدا، أمشي بين الناس وكأني يوما لم أكن مشهورا بينهم" قلت: لكن نريد تعلم التواضع منك يا أستاذ؟ يجيب"التواضع يخلق في الإنسان، إنه فطرة، ولا يتم تعلمه".

هذه الحقيقة الإنسانية التي تظهر على سمات وملامح الشبل بعمق يؤكدها حفيده ماجد الذي أخبرني بأنه أكثر ما أحبه وتعلمه من جده هو "التواضع، والكرم والنبل والشهامة" ويقول "جدي شخصية ناذرة، إنه رغم فرق السن بيننا إلا أنه أقرب شخص إلي وأكثر فهما لي من والدي، إنه صديقي وكل شيء".

لكن ماجد ليس متواضعا فقط، إنه مرح ومحب للحياة والنكتة ودبلوماسي جدا، شعرت بذلك أثناء حديثنا وأنا أحاول الغوص في عقود عمره السبع، وكلما اقتربت من حدود أسراره التي لا يرغب في أن أقترب منها يدهشني بسؤال ك"ماذا تشعرين حينما تقرئين اسم حليمة بولند في إحدى الصحف" أجيبه مازحة"طبعا بالمفارقة الكبيرة بيننا" نضحك بعدها بصفاء فيما أعيده مرة أخرى إلى السؤال المغلق، وهكذا تتعمق في جذور صوته ولحظاته مرة تلو مرة حتى تخرج من حوارك معه إلى يقين بأنه "كالمطر".


المصدر
مجلة الإعلام والاتصال
كتبته / حليمة مظفر
__________________
يمكنك الكتابه في قسم الملاحظات , عن اي شكوى, انتقاد , استفسار , او اقتراح

او بمراسله الادارة عبر صفحة اتصل بنا .
لا تُعتبر الرسائل الخاصة " رسمية "
رد مع اقتباس
  #2  
قديم November 22, 2007, 09:46 PM
 
Love رد: الاعلامي ماجد الشبل .. صاحب الصوت الذي أعجب محمد عبد الوهاب

يسلمو بندر ...
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ماجد, أحمد, معجب, الاعلامي, الذي, السبل, الصوت, الوهاب, صاحب, عبد



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
@@شاهد صورة الكافر الذي سب النبي محمد وصورة الأسد الذي قتله @@ TrNeDo قناة الاخبار اليومية 23 December 10, 2010 12:16 AM
هل أنت تحب أم أنت معجب؟؟؟؟؟؟؟ الحياة حلوة كلام من القلب للقلب 6 April 23, 2010 02:02 AM
تحذير لإهل السنة والجماعة من موقع "المنقب القرآني" الذي يفسر بضغطة زر Just Friends النصح و التوعيه 8 January 2, 2010 12:00 PM
لحمد لله الذي وهبنا نعمة الإبتسامة هل من مرحب زهرة الجزائر الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة 6 November 20, 2007 01:20 PM


الساعة الآن 01:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر