|
LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||
|
||
كيف تصبح نفسك مطمئنة
في ما يخص حال المنافقين الوارد في قول الله تعالى : « إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا، مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا» ( سورة المنافقين ) فقد تميز باختلال سلوكي أخلاقي وحركي واضح كعنوان على الواقع العقدي لديهم المتمثل في عدم استقرار الإيمان ورسوخه في قلوبهم , وهو ما أدى إلى غياب الانضباط والتماسك السلوكي أو الحركي كموقف والتزامات , ولهذا فمهما ادّعى المنافقون أنهم ملتزمون ومتبعون لأحكام الشريعة الإسلامية إيمانا وتصديقا فإن حالهم هو الذي يكذبهم، وعلى رأس هذه الأحوال ظاهرة عدم الاكتراث بذكر الله تعالى , مما يعني التقليل منه كما وصفهم الله تعالى , وهذا التقليل من ذكر الله له نتائج سلبية : وهي غياب الباعث إلى الحركة والاطمئنان كحال مؤدي إلى التكيف والانسجام مع أعمال العبادات الأخرى , مما أضفى على المنافقين وصف الكسل وتثبّط العزائم , والكسول هو الذي لايستنهضه باعث أو حادث على الحركة لعدم إيقانه بنتائجها وثمرتها، أو لشكه في جدواها ومصدر تشريعها , وبما أن الصلاة هي وسيلة صلة العبد بربه فإن غياب الإيمان عند المنافقين أدّى بهم إلى هذه الظاهرة السلبية على مستوى الحركة والقول كدلالة على أحوالهم الباطنية التي تنبئ بغياب الإيمان عن القلوب ومباعدته لها، واقعا عقديا وممارسة عملية. وقد يتساءل البعض كيف أن المنافقين رغم استقرارهم في الدرك الأسفل من النار كجزاء أخروي قد يذكرون الله قليلا في بعض الأحيان مع أنهم أسوأ حالا من الكفار وأشد منهم ضلالا؟ والجواب على هذا كما ورد في الآيات السابقة : « ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون». أي أنهم ناقضوا الحقيقة بعدما أشرفوا على مشاهدتها ببواطنهم إشرافا جزئيا سرعان ما تحوّل حالهم عنده إلى مرض أخلاقي وصفه الله تعالى بالمخادعة أي مناقضة الظاهر للباطن والأعمال للنيات للتضليل والتزييف والمكايدة وما إلى ذلك من السلوكيات ذات الأثر السلبي على سلوك الفرد والمجتمع , وهوما قد يؤدي إلى تدمير الوجود الإنساني تدميرا كليا إذا استفحل وجوده وعمّ التعامل به. كما أن قلة الذكر عند المنافقين له دور كبير في غياب الاندماج الكلّي داخل المجتمع الإسلامي الذاكر , وبالتالي إحداث ظاهرة الانفصام الاجتماعي لدى المنافقين المؤدي إلى سلب الهوية وانفصام الشخصية كما عبرت عنه الآية في قول الله تعالى : « مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا». ورغم تظاهرهم بالإيمان والتقوى , فإن أحوالهم تبقى دائما ذات طابع تناقضي ملحوظ حيث تتسم في أغلب مظاهرها بالجفاف والتصنّع والتقحّل الذوقيّ والأخلاقيّ، لوجود انقطاع نورانيّ كانت وظيفته الوصل بين القول ومصدره ألا وهو القلب جوهر الإنسان وخلاصته مما يعني غياب عنصر المدد المفيد للقول وادّعاءاته وهذا ما يفسر لنا كيف أن المنافقين لايستطيعون أن يكثروا من ذكر الله تعالى , لآن أستمرارهم على الذكر من شأنه إنارة قلوبهم وتطهير أنفسهم , ولأن قلوبهم لا تتمنى بالفعل الإيمان الحقيقيّ فهم غالبا غير مؤمنين إلاّ قولا فقط لا غير , ولا يتعاملون مع الله بصدق الإيمان ولهذا أصبح الذكر صعبا عليهم . إنّ التعامي الذي يكرسه سلوك المنافقين مع الإيمان بالله ورسوله و رغم استشرافهم الجزئي على ملاحظته , فقد استحقوا أشد العذاب لأن كفرهم نتيجة مرض أخلاقيّ متمثل في الإستكبار والمخادعة والجحود لما هو يقينيّ ومشهود , بعد معاينة آثاره في قلوبهم وتجاوبهم معه بالقليل من الذكر لعدم استقرار إيمانهم به , والذي لايكاد يسترسل حتى ينقطع حبله بسبب تقلّب قلب المنافق بين الكفر والإيمان وانطباعه على هذا التذبذب الذي لايفيد عقيدة راسخة ولا عبادة مستمرة. وكأستخلاص جملي حول هذه الوظيفة التي يحققها ذكر الله تعالى أقول : بأن الذكر في كل الحالات يبقى دائما معيارا للقوة الإيمانية ووسيلة استدلالية على رسوخ إيمان الذاكرين المسلمين في ملاحظتهم لأنفسهم أو بعضهم البعض، كما أنه يوضح لهم كعلامات ظاهرية خبث وضلال المنافقين والكفار معا من خلال ملاحظة أحوالهم النفسية المرضية وأعراضها السلبية الطارئة عليهم إما عند مزاولتهم للذكر الموصوف بالقلة والكسل كما هو حال المنافقين , وإما عند سماعهم له واشمئزازهم أو نفورهم منه , وبهذا يتبين لنا من خلال هذا التفسير المتواضع لهذه الوظيفة التوحيدية للذكر أنه لارسوخ للإيمان بدون ذكر ولا إكثار لذكر دون إيمان حقيقيّ , كما أنه لا سداد لفكر دون إيمان مباشر بذكر، ولهذا فمن زاد عليك في الذكر زاد عليك في سداد الفكر ومن زاد عليك في سداد الفكر زاد عليك في الإيمان المباشر ومن زاد عليك في الإيمان المباشر كان أقرب منك إلى الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم . و قد أعطى الإسلام التوضيح الصحيح للنفس الإنسانية والمنهج السليم للحفاظ على استقرارها واطمئنانها،وعلى هذا فالنفس المطمئنة تبقى هي أرقى النفوس الإنسانية وتمثل مظهر سعادتها الحقيقية , التي قد لا تتحقق إلا بشروط ، وقد رأينا من خلال هذا العرض السريع والمختصر بعض ظواهر النفس الرئيسية وسعة الآفاق الاستدلالية والمجال الذي يمكن أن تسعى وتطمح إليه سبرا وكشفا كما أوردها القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف . |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تحميل كتاب نحو نفس مطمئنة واثقة | ألاء ياقوت | كتب الادارة و تطوير الذات | 5 | November 3, 2012 11:58 AM |
نحو شخصية واثقة مطمئنة | Remedy | علم البرمجة اللغوية والعصبية NLP وإدارة الذات | 6 | August 2, 2010 05:51 PM |
كتاب : بيوت مطمئنة | الابتسامة..! | كتب اسلاميه | 1 | November 27, 2008 08:23 PM |
خد فكرة وازرعها فى نفسك تصبح سلوكا... | سـمــوري | علم البرمجة اللغوية والعصبية NLP وإدارة الذات | 5 | October 9, 2008 10:47 AM |