فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الحياة الاجتماعية > نبض مواطن > من اجل فلسطين

الإهداءات



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم July 31, 2010, 03:28 PM
 
القدس في الفكر الصهيوني للتوضيح

سعت الحركة الصهيونية منذ أن تبلورت بنيتها التنظيمية بشكل واضح بعد مؤتمر بازل في سويسرا سنة 1897 إلى تطوير مفاهيم سياسية تعبوية في صفوف يهود العالم وبضخ جملة من الأفكار إلى أذهانهم وعقولهم وذلك في سعيٍ لتحويل مفهوم الفكرة الدينية لليهود من المستوى الديني العقائدي إلى المستوى القومي السياسي. ليس هذا فحسب بل عمد آباء ومفكرو الحركة الصهيونية إلى توظيف واستغلال بعض المفاهيم الدينية حول 'شعب الله المختار' و 'أرض الميعاد' لتوجيه العواطف والمشاعر اليهودية نحو فلسطين والقدس تحقيقاً للأهداف الصهيونية لإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين.

وسبقت مساعي آباء ومنظري الفكر الصهيوني لنشر دعوتهم ومطالبهم لتحقيقها إنشاء المنظمة الصهيونية، وظهرت فكرة استيطان فلسطين والقدس في دعوات ومؤلفات بعض المفكرين والحاخامات الصهيونيين أمثال الحاخام تسفي كاليشر ويهودا القلعي اللذين وضعا مشاريع للعودة إلى فلسطين حتى إن القلعي قَدِمَ بنفسه إلى فلسطين وسكن مدينة القدس. وفي كتابه 'روما والقدس' يحرّض موسى هس، أحد مفكري الصهيونية الاشتراكيين في القرن التاسع عشر، على إيجاد قومية يهودية تُحرّر القدس وتكون بداية عصر الانبثاق الجديد على غرار تحرير روما في التاريخ القديم, ثم إنه بحسب الأسس التي يراها ضرورية لتحقيق ذلك، يبشر 'بولادة قدس جديدة تفوق روما القديمة في النفوذ والعظمة'.


وعلى الرغم من ميولهم اللادينية المعروفة إلا أن قادة الحركة الصهيونية كانوا مقتنعين بأهمية ما يسميه روجيه جارودي 'سلطة الأسطورة' في كتابه الشهير 'الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية'، أي تأثير التوراة والأسطورة في جماهير يهود العالم وهو الأمر الذي تم توظيفه لخدمة أهداف الحركة الصهيونية والدولة اليهودية عموماً. وسرعان ما اكتشف هؤلاء القادة الصهاينة أن توجيه الأنظار إلى فلسطين 'أرض الميعاد' وبيت المقدس 'مدينة صهيون' سيأتيهم بكل ما يحلمون به ولم يعد أمامهم أسهل من استدراج وبعث الأسطورة الدينية لدى اليهود.


وهكذا أخذت الحركة الصهيونية وقادتها بالتركيز على القدس وإثارة المشاعر الدينية اليهودية من أجل الحصول على دعم يهود العالم لأهمية القدس الروحية في الديانة اليهودية، مستغلين ما للقدس من حرمة فريدة في نظر اليهود لوجود 'حائط المبكى' فيها ومتخذين من ذلك ذريعة دعائية متحالفة مع الاستعمار لاغتصاب القدس وقبر الإرادة العربية والإسلامية بالقوة العسكرية. وفي إطار تركيز نشاطها على القدس بشكل خاص عمدت الحركة الصهيونية إلى تجميع المؤسسات اليهودية في مدينة القدس وذلك عن طريق بناء الأسس الأولى التي تساعد في السيطرة على مدينة القدس مستقبلاً فأقامت فيها مقر اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية العالمية ومقر الوكالة اليهودية والصندوق التأسيسي 'كيرن هيسود' والصندوق القومي اليهودي 'هكيرن كيمت' إضافة للمجلس الوطني لليشوف 'الاستيطان' ومركز اللجنة القومية اليهودية. واتُخذت القدس كذلك مقراً للجامعة العبرية سنة 1925 وكذلك مستشفى هداسا الذي أُسس سنة 1935. وشكلت هذه المؤسسات الدافع الأهم للمشروع الصهيوني الإسرائيلي في فلسطين وساعدته على تحقيق السيطرة وتثبيت الاستيطان على الأرض الفلسطينية، وهكذا كان استيطان القدس من أهم ركائز الدعوة الصهيونية التي ظلت تُردد أحد المزاعم اليهودية التوراتية التي تقول: "أقدامنا كانت تقف عند أبوابك يا قدس، يا قدس التي بقيت موحدة".


وضمن هذا التصور يعبر مؤسس الحركة الصهيونية هرتزل، عن وجهة نظره تجاه القدس بقوله "إذا قُدِّرَ لنا يوماً أن نمتلك القدس، وأنا على قيد الحياة وكنت قادراً على أن أفعل أي شيء، فسوف أدمر كل ما هو غير مقدس عند اليهود فيها". وبعد قيام الكيان الصهيوني أعلن بن غوريون أحد قادة الحركة الصهيونية وأول رئيس حكومة إسرائيلي أمام الكنيست، وذلك بمناسبة الرد على طلب الأمم المتحدة بشأن تدويل القدس 'إن القدس الصهيونية هي جزء عضوي وغير منفصل عن تاريخ وديانة وروح شعبنا، إن القدس هي القلب الذاتي لدولة إسرائيل, إن علاقتنا اليوم مع القدس لا تقل أبداً عن عمق تلك العلاقة التي كانت موجودة أيام نبوخذ نصّر وتيتوس فلانيوس.... إننا نعلن أن إسرائيل لن تتخلى إرادياً عن القدس، تماماً كما لم تتخل خلال آلاف السنين عن إيمانها وهويتها الوطنية وأملها بالعودة للقدس وصهيون'. وفي أعقاب سقوط القدس الشرقية عام 1967 جدد بن غوريون القول "لا معنى لإسرائيل من دون القدس، ولا معنى للقدس من دون الهيكل". وعلى الرغم من هذا الاهتمام بالقدس إلا أن موقف الحركة الصهيونية من القدس وأطماعها فيها لم تكن إلا جزءاً من المخطط الصهيوني الشامل لاحتلال فلسطين ككل والذي جرى تنفيذه على مراحل منذ نهاية القرن التاسع عشر.


وإن كانت الدوائر الاستعمارية الصهيونية لا تغفل أهمية القدس العسكرية والجغرافية والاقتصادية ومكانتها الدينية إلا أنه لا يمكننا أن نتجاهل أيضاً أن آباء الحركة الصهيونية لم يكن يشغلهم بشكل محدد موضوع القدس وإنما شكل هذا الموضوع إحدى وسائل الجذب والتعبئة تجاه الدولة والكيان القومي بشكل خاص. وهذا ما بدا جلياً من أقوال وايزمن رئيس المؤتمر الصهيوني حول القدس حين أشار إلى أنه "لو أعطيت القدس لنا فلن نأخذها لأنها ستثير مشاكل لا حصر لها". وهو أيضاً ما ورد على لسان هرتزل بعد أن زار المدينة وخرج من أبوابها قائلاً: "لا شيء في هذه المدينة لنا". لا شك أن جوهر الفكرة الصهيونية كان إقامة دولة يهودية في فلسطين وهذا هو الأكثر أهمية أما بالنسبة للقدس, ومع أهميتها, فهي جزء من تفاصيل المشروع الصهيوني الكبير. فقد أعلن الإسرائيليون قيام كيانهم الغاصب ولم تكن القدس تحت سيادتهم. ومع ذلك يجب التنبيه هنا إلى أن هذا لا يعني على الإطلاق أن أطماع الحركة الصهيونية في القدس لم تكن موجودة، على العكس، هذه الأطماع كانت دائماً حاضرة في الفكر الصهيوني لكنها لم تكن مُلحةً في سُلم الأولويات التي تغيرت وتبدلت وفقاً للظروف والمعطيات على الأرض.


وفي هذا الإطار بدأت الحركة الصهيونية، بعد احتلال القدس عام 1967، تُطور تصوراً جديداً في الوعي الجمعي الإسرائيلي حول مدينة القدس مفاده أن القدس هي العاصمة الوحيدة والأبدية لدولة إسرائيل وبأنه لا يمكن أن يختلف على ذلك اثنان في إسرائيل وبأن على العالم أن يقر ويعترف بذلك، والأهم، أن على العرب والفلسطينيين تحديداً أن يقبلوا ويخضعوا ويسلموا بهذا الأمر. ومن هنا وتكريساً لهذه الفكرة انطلق الصهاينة في أكبر وأوسع عملية تزوير وقلب للحقائق عرفها التاريخ وبدأوا برسم صورة للقدس التي يريدون وذلك من خلال تنفيذ خططهم الصهيونية الجهنمية التي هدفت إلى تغيير الحقائق التاريخية والديموغرافية والإنسانية فيها. ومن هنا باشر الإسرائيليون بتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى تهويد القدس بهدف جعلها يهودية خالصة وتحويل القدس العربية إلى جزيرة صغيرة وسط بحر يهودي لفصلها عن المحيط العربي وهو ما يكرس سيادة إسرائيل عليها.


إن مأساة القدس هي جزء أساسي من مأساة فلسطين ويصعب التفكير بإمكان الوصول إلى تسوية بشأنها دون تسوية المسألة الفلسطينية برمتها بتحرير الأرض المغتصبة ورد الحقوق إلى أصحابها الأصليين وعودة شعبها العربي الفلسطيني إليها. وإن كانت الأسطورة والقوة الصهيونية قد نجحت في خلق وعي جمعي يهودي حول القدس إلا أن الإسرائيليين والعالم أجمع يدركون أن هذه المسألة تخضع أساساً لتوازن القوى أكثر من خضوعها لاستحقاقات العقائد والعواطف وبأن صورة القدس ستبقى ملتحمة في أعماقنا مع نبض الحياة والروح إلى أن تتغير موازين القوى الظالمة هذه.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإعلام الصهيوني: أخطبوط اللعب بالعقول اريج الزهوور كتب السياسة و العلاقات الدوليه 0 January 25, 2010 10:37 PM
القدس تهود - اكبر عملية ترحيل لسكان القدس العزم10 المواضيع العامه 2 April 16, 2009 03:05 PM
اللوبي الصهيوني العالمي والحلف الاستعماري advocate كتب السياسة و العلاقات الدوليه 9 November 30, 2008 12:31 AM
إلى الصهيوني الغاصب الوعد والوعيد علجي محمد شعر و نثر 2 November 11, 2008 09:26 PM


الساعة الآن 12:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر