فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الحياة الاجتماعية > نبض مواطن > من اجل فلسطين

الإهداءات



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم July 16, 2010, 07:16 PM
 
رائعة تميم البرغوثي *** في القدس***

رائعة تميم البرغوثي *** في القدس***




في القدس


مَرَرْنا عَلى دارِ الحبيب فرَدَّنا
عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها
فَقُلْتُ لنفسي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ
فماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها
تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ
إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها
وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها تُسَرُّ
ولا كُلُّ الغِيابِ يُضِيرُها
فإن سرَّها قبل َ الفِراقِ لِقاؤُه
فليسَ بمأمونٍ عليها سرُورُها
متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً
فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها
في القدسِ، بائعُ خضرةٍ من جورجيا برمٌ بزوجته
يفكرُ في قضاءِ إجازةٍ أو في طلاءِ البيتْ
في القدس، توراةٌ وكهلٌ جاءَ من مَنْهاتِنَ العُليا يُفَقَّهُ فتيةَ البُولُونِ في أحكامها
في القدسِ شرطيٌ من الأحباشِ يُغْلِقُ شَارِعاً في السوقِ..
رشَّاشٌ على مستوطنٍ لم يبلغِ العشرينَ،
قُبَّعة تُحَيِّي حائطَ المبكَى
وسياحٌ من الإفرنجِ شُقْرٌ لا يَرَوْنَ القدسَ إطلاقاً
تَراهُم يأخذونَ لبعضهم صُوَرَاً مَعَ امْرَأَةٍ تبيعُ الفِجْلَ في الساحاتِ طُولَ اليَومْ
في القدسِ دَبَّ الجندُ مُنْتَعِلِينَ فوقَ الغَيمْ
في القدسِ صَلَّينا على الأَسْفَلْتْ
في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ!
وَتَلَفَّتَ التاريخُ لي مُتَبَسِّماً
أَظَنَنْتَ حقاً أنَّ عينَك سوفَ تخطئهم،! وتبصرُ غيرَهم ؟
ها هُم أمامَكَ، مَتْنُ نصٍّ أنتَ حاشيةٌ عليهِ وَهَامشٌ
أَحَسبتَ أنَّ زيارةً سَتُزيحُ عن وجهِ المدينةِ، يا بُنَيَّ، حجابَ واقِعِها السميكَ ؟
لكي ترى فيها هَواكْ
في القدسِ كلًّ فتى سواكْ
وهي الغزالةُ في المدى، حَكَمَ الزمانُ بِبَيْنِها
ما زِلتَ تَرْكُضُ خلفها مُذْ وَدَّعَتْكَ بِعَيْنِها
رفقاً بِنَفسكَ ساعةً إني أراكَ وَهَنْتْ
في القدسِ من في القدسِ إلا أَنْتْ
يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً، فالمدينةُ دهرُها دهرانِ
دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ
وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ
والقدس تعرف نفسها..
فسأل هناك الخلق يدْلُلْكَ الجميعُ
فكلُّ شيء في المدينة
ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ
في القدس يزدادُ الهلالُ تقوساً مثلَ الجنينْ
حَدْباً على أشباهه فوقَ القبابِ
تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ
في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ
في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ،
فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ،
تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها
تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها
تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها
إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها
وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها
ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ


في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ
كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ
ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس،
أَمْسَكَتْ بيدِ الصُّباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ،
وَهْوَ يقول: “لا بل هكذا”،
فَتَقُولُ: “لا بل هكذا”،
حتى إذا طال الخلافُ تقاسما
فالصبحُ حُرٌّ خارجَ العَتَبَاتِ لَكِنْ
إن أرادَ دخولَها
فَعَلَيهِ أن يَرْضَى بحُكْمِ نوافذِ الرَّحمنْ
في القدس مدرسةٌ لمملوكٍ أتى مما وراءَ النهرِ،
باعوهُ بسوقِ نِخَاسَةٍ في أصفهانَ لتاجرٍ من أهلِ بغدادٍ
أتى حلباً فخافَ أميرُها من زُرْقَةٍ في عَيْنِهِ اليُسْرَى،
فأعطاهُ لقافلةٍ أتت مصراً
فأصبحَ بعدَ بضعِ سنينَ غَلاَّبَ المغولِ وصاحبَ السلطانْ
في القدس رائحةٌ تُركزُُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ
واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ
وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: “لا تحفل بهم”
وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: “أرأيتْ!”
في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ،
كأنها قِطَعُ القِمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها،
والمعجزاتُ هناكَ تُلْمَسُ باليَدَيْنْ
في القدس لو صافحتَ شيخاً أو لامستَ بنايةً
لَوَجَدْتَ منقوشاً على كَفَّيكَ نَصَّ قصيدَةٍ
يا بْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ
في القدس، رغمَ تتابعِ النَّكَباتِ، ريحُ طفولة في الجوِّ، ريحُ برأءة
فَتَرى الحمامَ يَطِيرُ يُعلِنُ دَوْلَةً في الريحِ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنْ
في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها
الكل مرُّوا من هُنا
فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا
أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ
فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ
والتتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ،
فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى
أرأيتها ضاقت علينا وحدها
يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا
يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أراك لَحَنْتْ
العين تُغْمِضُ، ثمَّ تنظُرُ، سائقُ السيارةِ الصفراءِ، مالَ بنا شَمالاً نائياً عن بابها
والقدس صارت خلفنا
والعينُ تبصرُها بمرآةِ اليمينِ،
تَغَيَّرَتْ ألوانُها في الشمسِ، مِنْ قبلِ الغيابْ
إذ فاجَأَتْني بسمةٌ لم أدْرِ كيفَ تَسَلَّلَتْ للوَجْهِ
قالت لي وقد أَمْعَنْتُ ما أَمْعنْتْ
يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟
أَجُنِنْتْ؟
لا تبكِ عينُكَ أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ
لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ
في القدسِ من في القدسِ لكنْ
لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْت.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم July 16, 2010, 11:35 PM
 
رد: رائعة تميم البرغوثي *** في القدس***

يا الله جميله جدا جزاك الله خيرا اخي

بارك الله فيك

دمت مبدعا متالقا

دمت بنقاء
رد مع اقتباس
  #3  
قديم July 17, 2010, 12:59 AM
 
رد: رائعة تميم البرغوثي *** في القدس***

القدس مهد العروبة و ميزان العدل فكيف لنا ان نحيا بدونها ....
أبيات جميلة و رائعة ... مشكور على النقل البديع ...
أعادها الله لنا ....
كل الود و الاحترام ...
__________________
اللهم ارزقني شهادة في سبيلك


أتساءلُ دائِمًا لمَ نبكي عندما يموتُ لنا قريبْ ..

ألم يكن من الأنسب أن نفرحَ له لأنّ خطوتُه باتت إلى الجنّة أقرب إن شآء الله !
لطالما بقيَت كلمة على شفتي مفادها :

لاتبكو عليّ عندما أرحل , لا تبكوا عَلى أحبابكم ..
يُؤلمهم الحزن في اعينكم مثلمَا يُؤلمهم فِي حَال حَياتهم ..
عِدوني ألا تبكوا على قريبٍ منكم عندما يَرحَل ! ,
لأجلِ الذكرى الطيِّبة , لأجلِ أنّ الجنّة أقرب ممّا تتخيّلون إن شآء الله..
ومَن أفضل مِن حَبيبنا محمَّد ( صلى الله عليه وسلم ) ؟
مُحمَّد صلى الله عليه وسلم مات ,,
إذن هذهِ الحياةُ سَخيفة إلى أبعدِ حدّ وتافهة ,
مَن رَحل عَنها رَحل لدارٍ أفسح , وأبقى ..

احسنُ الظَّنّ بالله كثيرًا , ثق أنّه سيجمع الأحباب جمعًا أجمل..وقولوا : إلى الجنّة وعيشٍ لا يبلى .. !



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طمنوا ستي ام عطا - تميم البرغوثي القدس العتيقة شعر و نثر 6 April 1, 2010 06:27 PM
قصيدة القدس للشاعر تميم البرغوثى (المتسابق فى مسابقة أمير الشعراء) shahd eleslam شعر و نثر 3 February 13, 2010 06:08 PM
رائعه من روائع تميم البرغوثي тнє ємρєяσя شعر و نثر 2 October 25, 2009 05:12 PM


الساعة الآن 01:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر