فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الموسوعة العلمية > العلوم المتخصصة > علم النفس



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم January 23, 2007, 12:34 AM
 
الضغوط النفسية


منذ العصور الإسلامية المبكرة كانت من بديهيات الممارسة الطبية لدى الأطباء والعلماء المسلمين ، البحث النشط عن العوامل النفسية التي تساعد على الشفاء أو تعوق منه 0

وكمثال : يعتبر اهتمام ( ابن سينا ) ، ( والرازي ) ، وغيرهم ، بالعوامل المعجلة بالشفاء والصحة بما فيها العادات الشخصية والطبية والاعتدال في المأكل والمشرب ، والإيمان ، والسلام النفسي ، والنوم الجيد ؛ ما هو إلاّ دليل قوي على أنهم أدركوا التداخل والتفاعل الحيوي بين الصحة النفسية والمرض الجسمي ، أي بين ما هو نفسي أو سلوكي ، وما هو جسمي أو بدني 0 هذه الصلة بين ما هو نفسي وما هو جسمي لا تزال تمثل إحدى التحديات المعاصرة أمام العلوم الطبية والنفسية الحديثة ، وقد أصبح هذا الموضوع الآن من الموضوعات الأثيرة والمثيرة معا في الممارسة الطبية والبحث النفسي في مجالات الطب البشري ، والطب السلوكي 0 ومدخلها في ذلك دراسة ما يسمى ( بالضغط النفسي Psychological Stress ) كمدخل لفهم ما يسمى بــ( الأمراض النفسجسمية ) Psychosomatic Disorders 0



• معنى الضغط النفسي وطبيعته :

يشير مصطلح الضغط Stress والضغوطات النفسية Stressor إلى وجود عوامل خارجية تحدث لدى الفرد إحساسا بالتوتر الشديد 0 وعندما تزداد شدة هذه الضغوط قد يفقد الفرد قدرته على الاتزان والتكيف ويغير نمط سلوكه وشخصيته 0



• تعريف الضغط النفسي Psychological Stress :

هو حالة من التوتر النفسي الشديد ، والإنعصاب ، يحدث بسبب عوامل خارجية تضغط على الفرد ، وتخلق عنده حالة من اختلال التوازن واضطراب في السلوك 0
* مصادر الضغوط : مصادر الضغوط كثيرة ومنها :
ـ منها ما يرجع إلى تغيرات حياتية ، أو تغيرات في أسلوب المعيشة 0وضغوط العمل والإنجاز الأكاديمي 0
ـ ومنها ما يرجع إلى مشكلات اجتماعية 0
ـ ما يرجع إلى متغيرات بيئية خارجية ، كالطلاق والوفاة ، والخسائر المادية ، والهجرة ، وترك العمل 0
ـ ما يرجع إلى متغيرات داخلية ، كالصراع النفسي ، والطموح الزائد ، والتنافس ، وطريقة التفكير 0
إن الأثر الناتج من التعرض للضغوط النفسية يعتمد على شدة الضغط والإنعصاب 0 فالضغوط البسيطة قد تساعد الفرد في الأداء والإنجاز ، وزيادة الكفاءة ( لأنها بمثابة حافز للنشاط ) 0 بينما يؤدي التعرض المديد للضغوط أو الضغوط الشديدة إلى اختلال قدرات الفرد ، مما يتم الدفاع ضد هذه الضغوط على مستويات العضوية كافة ( كيماويا وعصبيا ونفسيا ) 0



ويمكن النظر للضغط النفسي من وجهتين وهما :

الأولى ـ
النظر إلى الضغط النفسي على أنه العامل الحاسم والمفجر أو المسرع للعديد من الاضطرابات النفسية والعضوية 0 وكثيرا ما ينظر إليه على أنه ( نقطة الماء التي جعلت الإناء يطفح ) وذلك عند شخصية مهيأة وذات استعداد للوقوع في الاضطراب 0 وهكذا تكون حادثة وفاة عزيز أو خسارة تجارية ، أو صدمة عاطفية ، بمثابة المثير الضاغط Stimulus Stressor والأخير التي ظهرت بعده الأعراض على شكل تناذر أو زملة مرضية 0

الثانية ـ
أنه ينظر إلى الضغط ليس على أنه مثير أو عامل حاسم للمرض ، بل على أنه استجابة Response تمثل ردود فعل عضوية ونفسية محدثة اضطرابات متعددة في العضوية 0وقد بين ذلك العالم الفسيولوجي ( هانز سيليا ) Hans Selye عام 1950 م ، من خلال ما أسماه زملة التكيف العام 0
وعندما تكون ردود الفعل والتغيرات الكيماوية والعضوية الناتجة من خلال التعرض للضغوط الشديدة تسمى الاضطرابات النفسجسمية أو السيكوسوماتية Psychosomatic Disorders 0 وقد أشار الدليل التشخيصي والإحصائي الأمريكي إلى أن الاضطرابات السيكوسوماتية أو ( العضوية النفسية ) على أنها أعراض عضوية ناتجة عن عوامل انفعالية ، وأن هذه العوامل هي الضغط أو الشدة النفسية ، وتضم الاضطرابات السيكوسوماتية مدى واسعا يشمل : الصداع ، والربو ، وقرحة المعدة والأمعاء ، ومرض السكر ، وضغط الدم ، وغيرها 00 وسأتعرض في فصل قادم لها بالتفصيل 0



• نظرية الضغط النفسي :


لقد وضع العالم Hans Seley ( هانز سيليا ) وهو من أوائل الأطباء الذين بحثوا في هذا الموضوع ، وأعطاه أرضية علمية وافية ، نظريته من خلال تجاربه المتنوعة على الإنسان والحيوان وقد بين أن التعرض المستمر للضغط النفسي يحدث اضطرابا في الجهاز الهرموني من خلال الاستثارة الزائدة للجهاز العصبي المستقل ، وأن هذه الاضطرابات الهرمونية هي المسؤولة عن الأمراض أو الاضطرابات النفسجسمية Psychosomatic Disorders ، الناتجة عن التعرض للتوتر والضغط النفسي الشديدين 0 وقد أطلق ( سيلاي ) على الأعراض التي تظهر على العضوية أثناء ذلك اسم : زملة تناذر أعراض التكيف العام General Adaptation Syndrome ، هذه الزملة تحدث من خلال ثلاث مراحل وهي :

1ـ المرحلة الأولى ـ وتُسمى استجابة الإنذار Alarm Response : وفي هذه المرحلة يستدعى الجسم كل قواه الدفاعية لمواجهة الخطر الذي يتعرض له ، فتحدث نتيجة للتعرض المفاجئ لمنبهات لم يكن مهيئاً لها ، مجموعة من التغيرات العضوية والكيماوية فترتفع نسبة السكر في الدم ، ويتسارع النبض ، ويرتفع الضغط الشرياني ، فيكون الجسم في حالة استنفار وتأهب كاملين من أجل الدفاع والتكيف مع العامل المهدد 0

2ـ المرحلة الثانية ـ وتُسمى مرحلة المقاومة Resistance Stage : حيث إذا استمر الموقف الضاغط فإن مرحلة الإنذار تتبعها مرحلة أخرى وهي ، مرحلة المقاومة لهذا الموقف ، وتشمل هذه المرحلة الأعراض الجسمية التي يحدثها التعرض المستمر للمنبهات والمواقف الضاغطة التي يكون الكائن الحي قد اكتسب القدرة على التكيف معها 0
وتعتبر هذه المرحلة هامة في نشأة أعراض التكيف أو ما يسمى بالأعراض السيكوسوماتية أو النفسعضوية أو النفسجسمية ، ويحدث ذلك خاصة عندما تعجز قدرة الإنسان على مواجهة المواقف عن طريق رد فعل تكيفي كاف 0 ويؤدي التعرض المستمر للضغوط إلى اضطراب التوازن الداخلي مما يحدث مزيدا من الخلل في الإفرازات الهرمونية المسببة للاضطرابات العضوية 0

3ـ المرحلة الثالثة ـ وتسمى مرحلة الإعياء أو الإنهاك ( استنفاد الطاقة ) Exhaustion Stage : حيث إذا طال تعرض الفرد للضغوط لمدة طويلة فإنه سيصل إلى نقطة يعجز فيها عن الاستمرار في المقاومة ، ويدخل في مرحلة الإنهاك أو الإعياء ويصبح عاجزا عن التكيف بشكل كامل 0 وفي هذه المرحلة تنهار الدفاعات الهرمونية وتضطرب الغدد وتنقص مقاومة الجسم ، وتصاب الكثير من الأجهزة بالعطب ، ويسير المريض نحو الموت بخطى سريعة 0
ونخلص إلى القول بأن الأمر يتوقف على عدد من الاستجابات التكيفية التي تساعد الفرد على حماية نفسه كلما تعرض إلى تغيرات ومواقف ضاغطة 0 فانخفاض درجة الحرارة أو زيادتها ، وحالات الجوع والعطش ، والنشاط العضلي الزائد ، والإصابة الميكروبية ، والتوتر الانفعالي كلها تؤدي إلى تغيرات في الكائن الحي نتيجة ما نسميه بحالة الضغط النفسي أو الشدة النفسيةstate of Stress 0


• علامات الضغط النفسي ومواجهته :

أشار الدكتور ( جون كاربي ، 1996 ) John Carpi ,1996 ، إلى أن الضغط النفسي لا يضع رأسك في الملزمة فقط ، بل إنه يحدث خللا في أجهزة الجسم كله بما فيها الدماغ 0 فالتطورات التكنولوجية قد زادت من مشاغل الحياة اليومية وأعبائها ، وتضاءل وقت الفراغ وانحسر 0 حتى أننا نجد رجال الأعمال وهم على الشواطئ ومرتدين ألبسة السباحة ومتشمسون ، وهم يحملون أجهزة الهواتف ويخططون لأعمال ولقاءات في اليوم التالي 0 ولم يعد هناك وقت للراحة 0
إن هناك علامات وأعراض متنوعة تظهر نتيجة للتعرض للضغوط النفسية ومنها :

1ـ العلامات العضوية ، وهي متنوعة وأهمها :

أ ـ توتر العضلات في الرقبة والظهر، خاصة الارتجاف والصداع التوتري ، وبرودة الأطراف 0
ب ـ جهاز الهضم : حموضة المعدة ، غثيان ، وغازات ، وألم بطني تشنجي 0
ج ـ الطعام : إمساك ، فقدان الشهية ، إسهال 0
د ـ النوم : أرق ، استيقاظ مبكر ، كوابيس ، وأحلام مزعجة 0
هـ ـ الألم : ألم في الظهر وفي الكتفين ، وألم في الأسنان 0
و ـ اضطرابات قلبية دورانية : تسرع القلب ، ضربات غير منتظمة 0
ز ـ التنفس : عسر التنفس ، الألم الصدري 0
ح ـ اضطرابات جنسية متنوعة 0


2ـ العلامات النفسية ، وهي كثيرة ومنها :


الضيق ، والكآبة ، والحزن ، وفقدان الاهتمام ، وفرط التهيج ، وفرط النشاط ، وعدم الاستقرار وفقدان الصبر ، والغضب ، وصعوبات الكلام ، والملل ، الخمول والتعب والإنهاك ، وضعف التركيز ، والتشوش الذهني ، والسلبية ، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات ، الجمود ، ومراقبة الذات ، والتنبه المستمر لاستجابات الآخرين ، والأداء السيئ0


• المواقف التي تخلق الضغط النفسي :

هناك الكثير من المواقف التي تسبب في وجود الضغوط النفسية ومنها :

1ـ العلاقات المضطربة غير المستقرة :
حيث أن العلاقة الاجتماعية أو الأسرية المضطربة تخلق ضغوطا نفسية كبيرة على الشخص ، وقد تستحوذ على كامل الشخصية ، وتصبح القضية الأولى في حياة الفرد 0
2ـ عدم القدرة على الاسترخاء :
إن البقاء في العمل مع الإلحاح على الإنجاز ، أو الانتقال لأداء عمل آخر ، من غير أن تترك لنفسك فرصة للراحة ، وتهدئة الذهن ، واسترخاء للجسم ، فمعناه إطالة الضغط على الجسم والنفس ، وزيادة التوتر ، وإمداده بزخم قوي ينهك الشخص 0

3ـ الثورات الانفعالية والغضب الشديد :
إن كبت الانفعالات وخاصة الغضب وطول استمرارها وعدم التعبير عنها ، والتنفيس ، معناه تحويل أثارها إلى داخل العضوية ، وتبقى في الداخل بشكل ديناميكي أيضا 0 إن هذه التراكمات للانفعالات المكبوتة سوف تحدث اضطرابا في أي عضو ضعيف عند الشخص ، أو ذوي الاستعداد للإصابة بالمرض 0 ويفضل دائما تحرير هذه المشاعر والتنفيس عنها وتبديدها بأسلوب مناسب 0

4ـ سلوكية الإتقان والكمال في الحياة :
بعض الأشخاص دائما يشعرون بالإحباط و الفشل أو أنهم سيفشلون ، بسبب عدم عثورهم على الشخص الكامل المتقن 0 فمن المستحيل أن يكون هناك إنسانا كاملا بالصورة المثالية 0 فالفرد الذي يفشل في التعامل مع الفشل والإحباط يكون دائما حبيس مشاعر الضغط والتوتر ورفض الذات 0

5ـ الميل نحو التنافس المفرط :
تنافس الشخص تنافسا صحيا لا إفراط فيه هو ظاهرة سوية عند الإنسان 0 أما التنافس بشكل مستمر واتخاذه أسلوبا في الحياة وهدفا لكل أنشطة الفرد ، يعتبر باعثا على الضغط النفسي 0

6ـ التصلب في السلوك والتعامل :
إن عدم المرونة في التعامل مع الناس ومواجهة المواقف ، يعني البحث عما يزعج ويتعب 0 في حين أن المرونة في السلوك والتصرف يترك للشخصية حريتها ونموها السوي والسليم 0

7ـ فقدان الصبر أو التحمل :
إذا كان الإنسان عجولا وغير صبور ، ويتوقع من الآخرين إنجاز جميع الأعمال بسرعة فإنه بداية يضع رأسه في الملزمة ( كما يقول جون كاربي ) 0 فالالتزام بالجدية المطلقة أو النسبية في العلاقات مع الناس ينمي الضغط ، وسلوك الإثارة 0
ويذكر ( عبد الله ، 2001 ) : " أن هذه المواقف والصفات الباعثة على الضغط النفسي تتمثل في نمط الشخصية ( A ) أو نمط السلوك ( أ ) وهو الذي قد تحدثت عنه في بحث الشخصية 0 وهذا النمط له صفاته الخاصة وهي : التنافس ، والعدوانية ، والطموح الزائد ، والشعور بضيق الوقت ، وعدم الصبر ، وعدم ترك مجال للراحة ، والعمل الزائد بدون تنظيم ، مقابل ( الشخصية B 0


• الأعمال والمهن المسببة للضغط النفسي :

في المجتمعات الصناعية الكبيرة فإنه يبدو أن الأكثر تعرضا لمخاطر المهنة على مستوى الضغط والتوتر النفسي الشديدين ، هم أصحاب المهن التالية : الطبيب والطبيبة ، والسكرتير والسكرتيرة ، وعمال المناجم ، ومدير المبيعات في الشركات والمؤسسات 0 ومن بين المهن التي ذكرتها ، فإن مدير المبيعات يعتبر أكثر تعرضا للمرض الجسمي ، بفعل الضغوط النفسية التي يتعرض لها 0 حيث يتوجب عليه الانخراط في منافسة عالية ، وهؤلاء أكثر عرضة للقرحات الهضمية ، ومرض القلب التاجي 0 وقد بينت بعض الدراسات أن الفتيات العاملات في ميدان السكيرتارية ، والضاربات على الآلة الكاتبة ، ومستقبلات الزبائن في الشركات ، يعانين من اضطرابات عضوية عديدة ومصدرها الضغط النفسي 0 ومن أصحاب المهن الأخرى أيضا ، الفنيون في المختبرات ، وموظفو المكاتب ، والمضيفات الجويات في الطائرات ، والممرضات0

حيث يبدل الضغط والتوتر النفسي ، كيميائية الدم ، وبالتالي يحدث أعراضا بدنية غير واضحة السبب ، فصعوبة النوم ، والألم العضلي ، وحساسية المعدة ، كلها من علامات التوتر النفسي ، إضافة إلى أن رد فعل الشخص الذي يتعرض للضغط النفسي ، يكون غير مناسب مع طبيعة المثير 0

إن التفسير لارتفاع نسبة الإصابة لدى العاملات في السكيرتارية بأمراض الضغط النفسي البدنية هي بسبب الضغوط الواقعة عليهن لإنجاز العمل بسرعة ، وإنهائه في الوقت المحدد ، إضافة إلى تعاملهن مع الآلات التي تخلق جهدا بدنيا يقع على الكتفين والظهر 0


والعناصر التالية قد تكون نافعة في عملية التقويم لمعدلات توتر المهنة وضغوطاتها النفسية:
1ـ المطالب المتضاربة للمديرين ومعاونيهم 0
2ـ وجود شعور قليل من السيطرة على العمل 0
3ـ العمل تحت ضغوط الأوقات المحدودة للإنجاز 0
4ـ وجود عمل سريع متواقت بفواصل زمنية نظامية مع قليل من الراحة 0
5ـ التعامل مع الناس 0
6ـ التكرار الممل 0
7ـ العمل الموقوت بوقت أو آلة 0

• معايشة الضغوط النفسية ومعالجتها :


الضغوط النفسية خبرات يمر بها كل إنسان ، وهي ليست ذات مصادر بيئية خارجية فقط ، وإنما هي من صنع ذات الشخص أيضا ومن داخله 0 ويحاول كل شخص أن يواجه المواقف الضاغطة والباعثة على التوتر بإتباع أساليب عديدة تبعد الخطر عنه وتعيد له حالة التوازن 0 وبعض الناس قد يخفقون في ذلك بسبب طبيعتهم الشخصية وسماتهم النفسية ( نزاعون للبحث عن الإثارة ) ولذا فهم يفشلون في ذلك ويبقون تحت رحمة الضغط والتوتر ، فتظهر عندهم اضطرابات وتناذرات مرضية متنوعة 0 وعلاج الضغوط النفسية ليس في التخلص منها أو تجنبها ، واستبعادها من حياتنا 0 فوجود الضغوط في حياتنا أمر طبيعي 0 ولكل فرد منا نصيبه من الأحداث اليومية بدرجات متفاوتة 0 ولهذا فوجود ضغوط في حياتنا لا يعني أننا مرضى ، بل يعني أننا نعيش ونتفاعل بالحياة 0 إنه يعني أننا ننجز أشياء معينة ، ونحقق طموحاتنا 0 وخلال ذلك ، أو بسبب ذلك تحدث أمور متوقعة أو غير متوقعة 0 ومن ثم فإن علاج الضغوط لا يتم بالتخلص منها ، وإنما يتم بالتعايش الإيجابي معها ، ومعالجة نتائجها السلبية 0


إن معالجة الضغوط تعني ببساطة : أن نتعلم ونتقن بعض الطرق التي من شأنها أن تساعدنا على التعامل اليومي مع هذه الضغوط ، والتقليل من آثارها السلبية بقدر الإمكان 0


• بعض الأساليب للتعامل مع الضغوط والتعايش معها بإيجابية :

1ـ وضع أهداف معقولة :


يعتقد البعض عن طريق الخطأ ، أن الضغوط هي نتاج كامل لما تصنعه المواقف الخارجية ، أو الظروف البيئية الخارجية 0 ومن ثم فقد يبنون نتيجة أخرى على هذا النوع من التفكير ، وهي أن العلاج من الضغوط يجب أن يرتبط بتغيير الموقف تمام 0 ومن ثم تتجه طاقة هذا البعض بأكملها لهذا الهدف غير الواقعي 0 ونجد البعض أيضا يجاهد عبثا للحصول على ضمانات خارجية بتعديل هذا الوضع 0
ويعتبر التغيير والتعديل من الموقف ( كالعمل المشحون بالتوتر والصراع ) من أهم مصادر التحسن 0 فقد تبين أن حوالي 60% من حالات الاضطراب المرتبطة بالحروب ، وعصاب الحروب تشفى بعد إبعادها عن الحرب ، أو انتهاء الحرب 0 ولكن في الكثير من الأحيان يتعذر تغيير البيئة ، وفي تلك الحالة لا يكفي أسلوب تعديل البيئة أو تغييرها 0 وهنا يحتاج الشخص لأساليب تساعده على معايشة الضغوط ، والتغلب على آثارها السلبية


2ـ تنظيم الوقت وعمل جدولة له :


لعل أهم خطوة يمكن القيام بها هي أن نتبنى أهدافا معقولة ، فليس من الواقعي أن نتخلص من كل الضغوط والأعباء تماما من الحياة 0 وكلما انصب هدفنا على التخفيف من هذه الضغوط وبمجرد أن نقلل منها بشكل بسيط سيجعل قدرتنا تزيد على التكيف لها ومعالجتها


وللتخفف من الضغوط يجب أن نعالجها أولا بأول ، فإن تراكم هذه الضغوط يضاعف من الجهد في حلها ، وتتزايد المشكلات السلبية عندما نفاجأ بأن علينا أن نتعامل مع عدد منها في وقت ضيق 0 وهناك طريقة أخرى لبناء أهداف واقعية وهي : أن نتبنى أهدافا قابلة للتحقق في فترة زمنية معقولة ، أي أهداف قصيرة المدى 0 فالطالب مثلا ليس من الواقعي أن مادة دراسية كاملة في ثلاثة أيام ، أو أنه سيعتمد على الأسبوع الأخير من الدراسة ليحقق النجاح والتفوق0 فمن الطبيعي والمؤكد أن الطالب الذي يتبنى هدفا غير واقعي بهذا الشكل سيكون في وضع أسوأ بكثير من الطالب الذي قد خصص ساعة من وقته لإنهاء أجزاء معقولة من مادة معينة لينتقل بعد ذلك لأجزاء أخرى من مادة أخرى ، وهكذا يمكن البدء مبكرا منذ أول يوم في الفصل الدراسي 0


3ـ تدريب المهارات الاجتماعية :


ليس باستطاعة أي شخص أن يفي بكل احتياجات الآخرين ومطالبهم ، ولذا يجب أن يجعل الشخص له هدفا معقولا من العلاقات ، فمن غير المعقول أن تقوم بارضاء كل من تعرف أو لا تعرف ، وكل من هو في حاجة لك 0 ومن الجميل أن تساعد وأن تمنح بعضا من وقتك وجهدك لمساعدة الآخرين ، ولكن لا تنسى أن لك أيضا احتياجات خاصة للدراسة والراحة ، ووقت للفراغ والترفيه ومشاغل أخرى ، ولا تنسى أن تكون واقعيا في تلبيتك لمتطلبات الآخرين وإلحاحاتهم ، وأنك أيضا في حاجة لوقت خاص لك ، ولقدر من الخصوصية ، والعزلة 0


وتتطلب المهارات الاجتماعية قدرة على تأكيد الذات ، بكل ما يشتمل عليه هذا المفهوم من مهارات التعبير عن المشاعر والحزم الإيجابي 0 لا بد أن تتعلم أن تقول ( لا ) في بعض الأحيان للطلبات غير المعقولة ، ( وحتى الطلبات المعقولة أحيانا ) 0 ولكن ليس أن تقول ( لا ) من أجل المخالفة أو المعاندة ، وخلق جو عدواني 0 وإنما يعني ذلك أن تكون قادرا على أن تعرف احتياجاتك ، والوقت المتاح لك ، وأولويات العمل بالنسبة لك ، وأن تعترف وتعلن عدم قدرتك على تلبية ما يطلب منك من متطلبات 0


وعند حدوث صراعات أو خلافات في الرأي فلا تجعل هدفك أن تكسب كل شيء ، ولو كان على حساب الآخرين 0 افتح دائما مجالا للتفاوض والمناقشة وتبادل وجهات النظر وآراء الآخرين ، والوصول إلى الحلول التوفيقية والمناسبة والمرضية لجميع الأطراف 0 وتذكر دائما أن أفضل الحلول ، هي تلك التي تحقق كسبها متبادلا لجميع الأطراف الداخلة في الصراع أو الخلاف ما أمكن ذلك 0 وحتى لو تعذر عليك أن تكسب في موقف ، أو تحوله لصالحك ، بسبب ظروف قاهرة أو خارجة عن إرادتك ، فليس معنى ذلك أن تبقى ناقما ساخطا ومكظوما 0 تذكر دائما أن الخسارة وحدها ليست هي التي تمثل الخطر الأكبر على الصحة ، ولكن إدراكنا لهذه الخسارة ، وتفسيراتنا الحمقاء لها ، واستجاباتنا الانفعالية وما فيها من غضب مكتوم ، هي السبب الرئيسي للنتائج السلبية ، والمرضية 0 وأن تتذكر أن تفلسف الأمور بطريقة إيجابية ، عندما تتعرض للفشل ، وتحول الأمور لصالحك ، وأن تحصل على أكبر قدر ممكن من الاسترخاء والهدوء ، بدلا من الاستمرار في المواجهات والصراعات 0


ومن السلوكيات الاجتماعية الهامة والتي نوصي بها لتحسين أنماط التفاعل الاجتماعي هي :

أن نوزع الأعباء الملقاة على عاتقنا ، وبذلك نمنح أنفسنا وقتا أطول ، وفرصة أفضل للاهتمام بأولويات أخرى نشعر أنها أهم 0 كما أنك عندما تمنح فرصة للآخرين للتكفل ببعض المسؤوليات ، والقيام ببعض الخدمات ، حتى ولو كان ذلك بمقابل مادي ، متفق عليه سيخفف من الأعباء الملقاة عليك ، ويمكن أيضا الاستفادة من بعض الخدمات المتاحة أحيانا ، كل ذلك سوف يخفف من الأعباء الملقاة عليك 0 وهذا من شأنه أن يخفف الضغوط عليك 0
3ـ ضبط المؤشرات أو التوترات العضوية المرافقة للضغوط :
يجب التنبه للتوترات العضوية النوعية المصاحبة لأداء العمل ، مثل : أنواع التوتر النفسي والعضوي التي تصاحب الشخص في حالة الشعور بتزايد الضغوط بما فيها : ( التوتر العضلي ، وتسارع دقات القلب بسبب تزايد النشاط الهرموني ـ أي تزايد نسبة ضخ الأدرينالين في الدم ـ ، التغير في معدل التنفس ، أو التلاحق السريع في عملية التنفس ) 0

ففي مثل هذه الحالات :

ــ قلل من تدافع الأدرينالين المسؤول عن تسارع دقات القلب 0
ــ خذ نفسا عميقا وركز على التنفس جيدا لتقلل من تسارعه 0
ــ استبدل التخيلات المثيرة للقلق بتخيلات أخرى مهدئة للمشاعر ، تمهل وهدئ من سرعتك وإيقاعك في العمل والحركة ، تجنب أن تزحم وقتك وتملأ جدولك اليومي بنشاطات يومية تافهة0
ــ امنح نفسك يوميا وقتا للراحة والترفيه والتأمل 0
ــ نظم جدولك اليومي بطريقة متوازنة بحيث تجعل فيه وقتا لهواياتك ، وحياتك الاجتماعية ، والروحية ، وللأسرة ، والعمل 0
رد مع اقتباس
  #2  
قديم January 23, 2007, 12:45 AM
 
مشكور على المشاركة ..
رد مع اقتباس
  #3  
قديم May 10, 2007, 06:16 PM
 
رد: الضغوط النفسية

بارك الله فيك على موضوع الضغوط النفسية


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النفسية, الضغوط



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تعلم فن ادارة الذات :: الهندسة النفسية *=* بو راكان علم البرمجة اللغوية والعصبية NLP وإدارة الذات 44 April 11, 2012 04:00 PM
الاتجاه الطبي الحديث في تصنيف الأمراض النفسية براءة علم النفس 22 January 4, 2010 02:56 PM
الضغوط النفسية الاجتماعية وقلق الامتحانات براءة علم النفس 4 August 25, 2009 04:13 PM
طبيعة العلاقة بين الطاقة النفسية والاداء الرياضي براءة علم النفس 11 March 1, 2009 01:28 AM
كتاب فنيات التعامل الضغوط النفسية stress بو راكان كتب الادارة و تطوير الذات 166 January 21, 2008 05:28 PM


الساعة الآن 06:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر