فيسبوك تويتر RSS



العودة   مجلة الإبتسامة > الروايات والقصص > روايات و قصص منشورة ومنقولة

روايات و قصص منشورة ومنقولة تحميل روايات و قصص منوعة لمجموعة مميزة من الكتاب و الكاتبات المنشورة إلكترونيا



موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم March 12, 2011, 05:25 PM
 
أعطوني حبيبتي ..... أو الموت !!

أعطوني حبيبتي... أو الموت !!


ذكر أنّ معاوية بن أبي سفيان جلس ذات يومٍ بمجلسٍ كان له بدمشق على قارعة الطّريق، وكان المجلس مفتّح الجوانب لدخول النّسيم، فبينما هو على فراشه وأهل مملكته بين يديه، إذ نظر إلى رجلٍ يمشي نحوه وهو يسرع في مشيته راجلاً حافياً، وكان ذلك اليوم شديد الحرّ، فتأمّله معاوية ثمّ قال: يا غلام سر إليه واكشف عن حاله وقصّته فوالله لئن كان فقيراً لأغنينّه، ولئن كان شاكياً لأنصفنّه، ولئن كان مظلوماً لأنصرنّه، ولئن كان غنياً لأفقرنّه. فخرج إليه الرسول فقال له: ممّن الرّجل؟ قال: سيّدي أنا رجلٌ أعرابيٌّ من بني عذرة، أقبلت إلى أمير المؤمنين مشتكياً إليه بظلامةٍ نزلت بي من عامله على المدينة ، ابن عمه مروان بن الحكم.
ثمّ سار به حتّى وقف بين يدي معاوية وقال: كانت لي بنت عمٍّ خطبتها إلى أبيها فزوّجني منها. وكنت أحبها لما كانت فيه من كمال جمالها وعقلها والقرابة. فبقيت معها يا أمير المؤمنين، في أصلح حالٍ وأنعم بالٍ، مسروراً زماناً، قرير العين. وكانت لي بعض الأبل والغنم ، فكنت أعولها ونفسي بها. فدارت عليها أقضية الله وحوادث الدّهر، فوقع فيها داءٌ فذهبت بقدرة الله. فبقيت لا أملك شيئاً، وصرت مهيناً مفكّراً، قد ذهب عقلي، وساءت حالي. فلمّا بلغ ذلك أباها حال بيني وبينها، وأنكرني، وجحدني، وطردني، ودفعها عنّي. فلم أدر لنفسي بحيلةٍ ولا نصرةٍ. فأتيت إلى عاملك مروان بن الحكم مشتكياً بعمّي، فبعث إليه، فلمّا وقف بين يديه، قال له مروان: يا أيّها الرّجل لم حلت بين ابن أخيك وزوجته؟ قال: أصلح الله الأمير، ليس له عندي زوجة ولا زوجته من ابنتي قط. قلت أنا: أنا راضٍ بالجّارية، فإن رأى الأمير أن يبعث إليها ويسمع منها ما تقول؟ فبعث إليها فأتت الجّارية مسرعةً، فلمّا وقفت بين يديه ونظر إليها وإلى حسنها وقعت منه موقع الإعجاب والاستحسان، فصار لي، يا أمير المؤمنين خصماً وانتهرني، وأمر بي إلى السّجن. فبقيت كأني خررت من السّماء في مكانٍ سحيقٍ، ثمّ قال لأبيها بعدي: هل لك أن تزوّجها منّي، وأنقدك ألف دينارٍ، وأزيدك أنت عشرة آلاف درهمٍ تنتفع بها، وأنا أضمن طلاقها؟قال له أبوها: إن أنت فعلت ذلك زوّجتها منك.
فلمّا كان من الغد بعث إليّ، فلمّا أدخلت عليه نظر إليّ كالأسد الغضبان، فقال لي: يا أعرابي طلّق سعاد. قلت: لا أفعل. فأمر بضربي ثم ردّني إلى السّجن، فلمّا كان في اليوم الثّاني قال: عليّ بالأعرابي. فلمّا وقفت بين يديه، قال: طلّق سعاد. فقلت: لا أفعل. فسلّط عليّ يا أمير المؤمنين خدّامه فضربوني ضرباً لا يقدر أحدٌ على وصفه، ثمّ أمر بي إلى السّجن؛ فلمّا كان في اليوم الثّالث قال: عليّ بالإعرابي، فلمّا وقفت بين يديه قال: عليّ بالسّيف والنّطع وأحضر السيّاف، ثمّ قال: يا أعرابي، وجلالة ربّي، وكرامة والدي، لئن لم تطلّق سعاد لأفرّقنّ بين جسدك وموضع لسانك.
فخشيت على نفسي القتل فطلّقتها طلقةً واحدةً ثمّ أمر بي إلى السّجن فحبسني فيه حتّى تمّت عدّتها ثمّ تزوّجها، فبنى بها، ثمّ أطلقني. فأتيتك مستغيثاً قد رجوت عدلك وإنصافك، فارحمني يا أمير المؤمنين. فو الله يا أمير المؤمنين لقد أجهدني الأرق، وأذابني القلق، وبقيت في حبّها بلا عقلٍ، ثمّ انتحب حتىّ كادت نفسه تفيض. ثمّ أنشأ يقول:


في القلب منّي نارٌ...والنّار فيه الدمار
والجسم مني سقيم...فيه الطبيب يحار
والعين تهطل دمعاً ....فدمعها مـدرار
حملت منه عظيماً..... فما عليه اصطبار
فليس ليلـي ليل..... ولا نهاري نهار
فارحم كئيبا حزينا..... فؤاده مستطـار
اردد عليّ سعادي..... يثبك الجبار

ثمّ خرّ مغشيّاً عليه بين يدي أمير المؤمنين كأنّه قد صعق.فقال معاوية: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. اعتدى والله مروان بن الحكم ضراراً في حدود الدّين، ثمّ قال: والله يا أعرابي لقد أتيتني بحديثٍ ما سمعت بمثله. فكتب إلى مروان: أمّا بعد، فإنّه بلغني عنك أنّك اعتديت على رعيّتك في بعض حدود الدّين، وانتهكت حرمةً لرجلٍ من المسلمين. وإنّما ينبغي لمن كان والياً على كورةٍ أو إقليمٍ أن يغضّ بصره وشهواته، ويزجر نفسه عن لذّاته. وإنّما الوالي كالرّاعي لغنمةٍ، فإذا رفق به بقيت معه، وإذا كان لها ذئباً فمن يحوطها بعده.
فورد الكتاب إلى مروان فجعل يقرأه ويردّده، ثمّ قام ودخل على سعاد وهو باكٍ، فلمّا نظرت إليه قالت له: سيّدي ما الذي يبكيك? قال كتاب أمير المؤمنين، ورد عليّ في أمرك يأمرني فيه أن أطلّقك وأجهّزك وأبعث بك إليه. وكنت أودّ أن يتركني معك حولين ثمّ يقتلني، فكان ذلك أحبّ إليّ. فطلّقها وجهّزها وارسلها إلى الشام.
فلما وصلت أمر معاوية بالجّارية فأدخلت إليه، فإذا بجاريةٍ رعبوبةٍ لا تبقي لناظرها عقلاً من حسنها وكمالها. فعجب معاوية من حسنها ثمّ تحوّل إلى جلسائه وقال: والله إنّ هذه الجّارية لكاملة الخلق فلئن كملت لها النّعمة مع حسن الصّفة، لقد كملت النّعمة لمالكها. فاستنطقها، فإذا هي أفصح نساء العرب. ثمّ قال: عليّ بالأعرابي.
فلمّا وقف بين يديه، قال له معاوية: هل لك عنها من سلوٍ، وأعوّضك عنها ثلاث جوارٍ أبكارٍ مع كلّ جاريةٍ منهنٍ ألف درهمٍ، على كلّ واحدةٍ منهنّ عشر خلعٍ من الخزّ والدّيباج والحرير والكتّان، وأجري عليك وعليهنّ ما يجري على المسلمين، وأجعل لك ولهنّ حظاً من الصّلات والنّفقات؟ فلما أتمّ معاوية كلامه غشي على الأعرابيّ وشهق شهقةً ظنّ معاوية أنّه قد مات منها. فلّما أفاق قال له معاوية: ما بالك يا أعرابي؟ قال: شرّ بالٍ، وأسوأ حالٍ، أعوذ بعد لك يا أمير المؤمنين من جور مروان. ثمّ أنشأ يقول:
لا تجعلني هداك الله من ملـكٍ ....كالمستجير من الرّمضاء بالنّار
أردد سعاد على حرّان مكتـئبٍ..... يمسي ويصبح في همٍّ وتذكار
قد شفّه قلقٌ ما مـثـلـه قـلـقٌ .....وأسعر القلب منـه أيّ إسـعـار
والله والله لا أنسى مـحـبّـتـهـا .....حتّى أغيّب في قبري وأحجـاري
كيف السّلوّ وقد هام الفـؤاد بـهـا..... فإن فعلت فإنـي غـير كـفّـار
فأجمل بفضلك وافعل فعل ذي كرمٍ ....لا فعل غيرك، فعل اللؤم والعـار
ثمّ قال: والله يا أمير المؤمنين لو أعطيتني كلّ ما احتوته الخلافة ما رضيت به دون سعاد.
فقال له معاوية: يا أعرابي؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: إنك مقرٌّ عندنا أنّك قد طلّقتها، وقد بانت منك ومن مروان، ولكن نخيّرها بيننا. قال: ذاك إليك، يا أمير المؤمنين. فتحوّل معاوية نحوها ثمّ قال لها: يا سعاد أيّنا أحبّ إليك: أمير المؤمنين في عزّه وشرفه وقصوره، أو مروان في غصبه واعتدائه، أو هذا الأعرابي في جوعه وأطماره( ثيابه الرثة)؟ فأشارت الجّارية نحو ابن عمّها الأعرابي، ثمّ أنشأت تقول:
هذا وإن كان في جوعٍ وأطمـار..... أعزّ عندي من أهلي ومن جاري
وصاحب التّاج أو مروان عاملـه..... وكلّ ذي درهمٍ منهـم ودينـار

ثمّ قالت: لست، والله، يا أمير المؤمنين لحدثان الزمان بخاذلته، ولقد كانت لي معه صحبة جميلة، وأنا أحقّ من صبر معه على السّرّاء والضّرّاء، وعلى الشّدّة والرّخاء، وعلى العافية والبلاء، وعلى القسم الذي كتب الله لي معه. فعجب معاوية ومن معه من جلسائه من عقلها وكمالها ومروءتها وأمر لها بعشرة آلاف درهمٍ وألحقها في صدقات بيت المسلمين. ودفعها إلى ابن عمها.

التعديل الأخير تم بواسطة طائر غريب ; May 7, 2012 الساعة 09:07 PM
  #2  
قديم March 12, 2011, 05:38 PM
 
رد: أعطوني حبيبتي ..... أو الموت !!

قصة جميلة ورائعة
أشكر لك طرحك المميز طائر
لك مني خالص ودي
دمت بخير
__________________




/
لم تعُــــد تستهويني ألوان سوى ,, تلك الباهتــــة ...
فيـــــارب ... ارحَم إخوة لنـــــا وعجِّل بنصــــرهم ... يـــــارب
  #3  
قديم March 12, 2011, 05:41 PM
 
رد: أعطوني حبيبتي ..... أو الموت !!

شكرا سمايل ستار على المرور و قراءة القصة...

تسلمي ويعطيك العافية.
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جديدي .. قصيدة .. أعطوني إسماً لها صلاح إدريس بوح الاعضاء 25 October 28, 2011 04:01 PM
في يوم 13/11 من عام ..14ه ، عذبت وآلمت حبيبتي ، أمام الملأ أقولها سامحيني حبيبتي .. ! مستووو كلام من القلب للقلب 49 January 29, 2010 05:26 PM
أرجوكم أعطوني رأيكم من الخليل افتح قلبك 1 August 28, 2009 02:24 PM
الموت في اللغة والاصطلاح "الموت ضد الحياة , الموت والموتان ضد الحياة :والموت السكون وكل من ضحكة حزن النصح و التوعيه 6 March 2, 2009 01:29 PM


الساعة الآن 10:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر