فيسبوك تويتر RSS


  #1  
قديم June 10, 2009, 02:58 AM
 
Computer قصة الحجر

الحمد لله الذي تسبح له الرمال ، وتسجد له الظلال ، وتنهد من هيبته الجبال، والصلاة والسلام على النبي الكريم والصحب و الآل ، وبعد:
فإن للحجارة قصة طويلة، ممتدة الفصول والحلقات، مختلفة الأبعاد والأطوار عبر التاريخ الطويل للبشرية، إنها رمز للقوة والصلابة، وهي في الوقت نفسه قوة مطواعة في يد الله يسخرها كيف يشاء، هي جند من جنوده { وما يعلم جنود ربك إلا هو}.
فهذا إبراهيم " خليل الرحمن" عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام حين يلاحقه إبليس محاولا إقناعه بالتمرد على أمر ربه حين أمره بذبح ولده إسماعيل، ومحركاًً في نفسه عاطفة الأبوة، يلتقط من بطحاء مكة جمرات يقذفها في وجهه، ويعاود إبليس المحاولة ثلاث مرات في ثلاثة أماكن مختلفة طمعاً في النجاح في إقناعه، لكن إبراهيم - عليه السلام- يعاود رجمه في كل مرة حتى ييأس، وتصبح هذه السنة الخالدة واجباً يؤديه الحاج في ذلك المكان إلى يوم الدين اقتداء بسنة إبراهيم الخليل عليه السلام، وتعبيراً عن العداء الأبدي بين المسلم وبين الشيطان.
وحين طلب موسى- عليه السلام - من ربه السقيا لقومه وهم في الصحراء استجاب الله له، وأمره أن يضرب بعصاه حجراً فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً بعدد أسباط بني إسرائيل. فالحجر الذي لا يتوقع عاقل أن يخرج منه الماء يستجيب لأمر خالقه، ويتفجر بالماء العذب الغزير. قال تعالى: { وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشر عيناً}فهل استطاعت عصا موسى اختراق الحجر والنفاذ إلى أعماق الأرض وتفجير الماء؟ ليس ذلك من خواص العصا، وليس من صفات الحجر أن يتأثر بضربة عصا وهو الصلب القوي، ولكنها بقدرة الله ومعجزاته الكبرى يجريها علي يد نبيه، فتتغير خواص الأشياء، ويتفجر الماء غزيراً من الحجر بفعل ضربة عصا، وهي العصا نفسها التي ضرب بها موسى البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم.
وتقسو قلوب بني إسرائيل حتى تصبح كالحجارة أو أشد قسوة بسبب لجاجتهم والتواء طبعهم، ومغالطاتهم، ومماحكتهم المتكررة، والحجارة التي يقيس قلوبهم بها فإذا قلوبهم منها أجدب وأقسى هي حجارة لهم بها سابق عهد. فقد رأوها تنفجر منها عيون الماء، ورأوا الجبل يندك حين تجلى عليه ربه وخر موسى صعقاً.
ولما استحق قوم لوط الهلاك بسبب جريمتهم الشنعاء، أرسل الله عليهم ملائكته وأمرهم أن يمطروهم بحجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين، فكانت الحجارة سلاحاً إلهياً فتاكاً ومدمراً في يد الملائكة.
ويدور الزمن دورته، ويغزو أبرهة مكة بجيش جرار تتقدمه الفيلة يريد هدم بيت الله العتيق، ويعجز العرب عن التصدي لهذا الزحف أو التحرش به لضآلة مكانتهم، وتفرقهم إلى قبائل متناحرة لا يجمعها دين، ولا توحدها عصبية الجنس، ويقفون موقف المترقب العاجز الذي لا يدري ما يفعل به ولا ما يراد له كحالهم في هذه الأيام، ويتعلق زعيم قريش عبد المطلب بأستار الكعبة وهو يردد أرجوزته المشهورة :
لاهُمُّ إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم أبداً محالك
إن كنت تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك
وتتدخل القدرة الإلهية في هذه اللحظات الحرجة، التي بلغت فيها القلوب الحناجر، وشخصت فيها الأبصار، تتدخل قوة الله وجنده، فتجتاح الجيش وقائده جماعات من الطير تحصيهم بحجارة من طين وحجر، فتتركهم كأوراق الشجر الجافة المخرمة، ويحفظ الله بيته العتيق، ويسجل القرآن الكريم وقائع الحادثة في سورة كريمة"سورة الفيل"يذكر الناس بأن الكون وما فيه يأتمر بأمر خالقه، ويتحرك بمشيئته.
وإلى غزوة حنين عندما ولى المسلمون الأدبار، فيقبض الرسول - صلى الله عليه وسلم - حفنة من تراب وحصى، ويقذف بها وجوه القوم، فيولون الأدبار، ويسجل رب العزة هذه الواقعة وحياً يتلى إلى يوم القيامة، تتلوها الأجيال جيل بعد جيل: { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}.
والحصى يسبح في يد الرسول صلى الله عليه وسلم، وصدق الله العظيم إذ يقول: { وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}.
وأحد جبل يبادل الرسول صلى الله عليه وسلم الحب والحنين، وكأن له قلبا ينبض بالمشاعر ويجيش بالحب والوفاء،" أحد جبل يحبنا ونحبه". وتروي لنا كتب التاريخ قصة القائد التركي الذي نفذت ذخيرة جيشه في إحدى المعارك فأشار عليه جنوده بالاستسلام، ولكنه أبى وتذكر قول الله{ وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}واستخدم الحجارة بدلاً من الذخيرة، واستطاع تحويل الهزيمة إلى نصر .
وفي الأرض التي بارك الله فيها أطفال لم يبلغوا سن الرشد يقذفون اليهود اليوم بالحجارة، بعد أن انتظروا طويلاً نجدة الأهل والعشيرة فلم يصلهم منهم سوى عبارات الاستنكار والتنديد والوعود الجوفاء، وانتظروا المنظمات الدولية لتعيد لهم الأرض التي طردوا منها، وتخليصهم من الظلم الذي لحق بهم، فلم تقدم لهم سوى القرارات والوعود الكاذبة . إن حجارتهم أمضى من صواريخ الجيوش وأفتك، وهي تثير الرعب والفزع في نفوس اليهود الجبناء، لأنها تنطلق من الأيدي المتوضئة التي آمنت بربها وحملت الأرواح على أكفها وهي تردد.
سأحمل روحي على راحتي.. وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق .. وإما ممات يغيظ العدا
وليس على الله بعزيز أن يهلك هذه العصابة الظالمة المعتدية من يهود، كما أهلك أبرهة وجنوده بحجارة الطير الأبابيل وكما قتل داود بحجارة مقلاعه جالوت { وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك} .
إن الحجر الذي كان في يوم من الأيام أداة طيعة في أيدي اليهود فجر لهم الماء حين كانت فيهم بقية من خير، هذا الحجر يصبح اليوم لعنة تطاردهم، وعدوا يخيفهم ويرعبهم.
ونمضي مع قصة الحجر حتى نصل إلى العهد الذي أشار إليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:" لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم ، يا عبد الله ، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا شجر الغرقد فإنه من شجر اليهود"، سيتعاون الحجر والشجر في إرشاد المسلمين ودلالتهم على اليهود في أرض فلسطين، وستكون الحجارة والأشجار من جند الله تعين عباد الله المؤمنين، وتكشف مخابئ اليهود وأماكن اختفائهم. وصدق الله : { فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً} وعندها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلون. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


__________________
كفارة المجلس
سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

اللهم إني تصدقت بعِرضي على الناس وعفوت عمن ظلمني فمن شتمني أو ظلمني فهو في حِل '

' اللهم إني سامحت كل من اغتابني أو ذكرني بسوء في غيبتي وأسألك في ذلك الأجر والمغفرة وبلوغ مراتب المحسنين'
رد مع اقتباس
  #2  
قديم June 10, 2009, 05:47 AM
 
رد: قصة الحجر

سلمت يداكي على الموضوع الرائع و الطرح الاروع

تحياتي

__________________

سبحان الله و الحمدلله و الله اكبر
--------
(صلي قبل ان يصلى عليك )
---------

هنا في هذا الرابط و قفة لمحو الذنوب
https://www.shbab1.com/2minutes.htm

------------------------------------
موقع رائع للقرأن الكريم
www.tvquran.net
استمع للقرأن و انت تتصفح النت
---------------------------------------------
لا تقل : يا رب ان همي كبير . بل قل : يا هم ان ربي كبير
----------------------------------------------

-----------------------------------------------------------


-----------------------------------

-----------------------

توجيه

ان شئت أن تحيا سليما من الأذى - و حظك موفور و عرضك صين
لسانك لا تذكر به عورة امرئ - فكلك عورات و للناس ألسن
و عينك ان أبدت اليك معايبها - فصنها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى - ودافع ولكن بالتي هي أحسن
----------------------------------
---------------------------------------

رد مع اقتباس
  #3  
قديم June 10, 2009, 07:45 AM
 
رد: قصة الحجر

شكرااااااااااا أختي على الموضوع جميل جداً الله يسلم إيديك يارب
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
انا جيت يا هل الخير وجود ساره الترحيب بالاعضاء الجدد ومناسبات أصدقاء المجلة 6 February 22, 2009 09:41 PM
محب الخير فيناخير الاسرة والمجتمع 2 January 13, 2009 04:02 AM
مسا ء الخير راااااكااااان طلبات الاعضاء 0 November 24, 2008 04:58 PM
يافاعل الخير ... ساعد الفقراء فى شهر الخير .... ذكرى الرحيل مقالات حادّه , مواضيع نقاش 6 September 27, 2008 10:37 PM
يوم الخير RiiMii شعر و نثر 2 July 13, 2007 01:29 PM


الساعة الآن 10:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر