مجلة الإبتسامة

مجلة الإبتسامة (https://www.ibtesamah.com/)
-   الاعجاز العلمي في القرآن والسنة (https://www.ibtesamah.com/forumdisplay-f_92.html)
-   -   الجدل في القرآن الكريم (https://www.ibtesamah.com/showthread-t_39680.html)

كادي يوسف March 25, 2008 06:55 AM

الجدل في القرآن الكريم
 
الجدل في القرآن الكريم

يدور الجدل في أصله اللغوي على معاني القوة والصلابة وشدة البأس، فالجدل هو العظم الموفَّر لا يُكسر، ولا يُخلَط غيره به، والرجل المجدول الخلق هو المحكم الفتل، المتين التركيب، ويقال: جدَل الشيءُ؛ أي قوِي، وجدل خصمَه: صرعه على الجدالة؛ أي الأرض، وكان من ذلك أن جادله بمعنى ناقشه وخاصمه، وأنَّ الجدل شِدَّة الخُصومة والقُدرة عليها.
والجدل إذًا ضرْبٌ من الخُصومة والمغالبة بالحُجَّة، يثور بين المتجادلين في قضيَّة ليسوا فيها على رأْيٍ جَميع، فيحاول كلٌّ أن تَكونَ له الغلبةُ فيه والانتصار بِما يُدْلِي به من حُجج، ويصطنع فيه من وسائل الإقناع؛ مثلهما كمثل المصطرعين، لا يزال كلاهما بصاحبه يعالج مقاومته حتى ينتصر عليه، ويلقي به على الأرض واهنًا مخذولاً.
لهذا كان الجدل مدعاةَ إثارة، ومظنة هياج، يدفع إلى المخاشنة والسخرية، ويغري بالاجتراء على الحقيقة واستباحة طمسها بالحيلة والافتراء، وربما دفع إلى القتال والانتقام، وهيهات مع هذه الملابسات أن يبلغ الجدل منتهاه، ويؤتي ثمرته المرجاة إلا مع الحلم، وإحسان الظن، ورياضة النفس على الصبر والاحتمال.
من أجل ذلك يؤدب الله عباده في شخص رسوله الكريم بما يكفل للجدل أن يصل إلى الحقيقة التي دعتهم إليه، فيقول سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]،
هذه مرافق الحياة ومشاهد العمران تتراءى لهم من كل جانب، فهل قام لشيء منها قائمة، أو جني منه ثمرة بغير مشاركة فيه ومعاونة عليه، وخاصة ما يكون منها أحمد أثرًا، وأعظم بلاء، وأضخم تكونًا؟ ومن يدري لعل الوثنية التي دان الناس بها في جاهليتهم – كان ها هنا منبتهًا ومحياها على مر العصور.
أمَّا وحدانيَّة الله وتصوُّر أنَّها هي وحدها التي يرد إليها صلاح الكون، واستقامة أمره، وإحكام تدبيره - فليست منهم على بال، ولا هم أهل أن يتساموا إليها في آفاقها العالية، إذا هم أخذوا في اعتقادها بالوعظ الخالص وحده، أو التوجيه الرشيد ولا مزيد، لا جدوى معهم إذًا إلا بالمنطق الميسر الحصيف، لا يبعد بهم، ولا يشق عليهم، وهذا هو ما تسعفهم به الآيتان، وتقدمانه لهم على خير الوجوه، لقد جعلتا فيه النتيجة التي يفضي إليها توجيهًا إلى دنياهم، ليدبروا شؤونها، وينظروا في منهج تصريفها، ليروا عيانًا أن أصحاب الأمر فيها قد هدوا على نور من التجربة أن يفردوا بسلطانها الأعلى واحدًا صالحًا من خيارهم، يطمئنون إليه ويثقون فيه غير منازع فيه ولا مشارك، وإلا فالعاقبة خلاف محتدم، ومنازعة مستحكمة، وكيد من ورائه كبير، وبعض هذا مجلبة للفوضى وللفساد والبوار.

المصدر كتاب: "مع القرآن الكريم في دراسة مستلهمة"

حكايه March 25, 2008 10:37 AM

رد: الجدل في القرآن الكريم
 
جزاك الله خير على الموضوع القيم

RiiMii March 28, 2008 01:55 PM

رد: الجدل في القرآن الكريم
 
بارك الله فيكي اختي


الساعة الآن 02:34 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر