مجلة الإبتسامة

مجلة الإبتسامة (https://www.ibtesamah.com/)
-   الأخبار الثقافية وعروض الكتب (https://www.ibtesamah.com/forumdisplay-f_264.html)
-   -   مسرحية "الأبراج والريح" ترصد سلبيات الاكتشافات البترولية (https://www.ibtesamah.com/showthread-t_484285.html)

معرفتي November 10, 2015 03:23 AM

مسرحية "الأبراج والريح" ترصد سلبيات الاكتشافات البترولية
 
مسرحية "الأبراج والريح" ترصد سلبيات الاكتشافات البترولية

أحمد فضل شبلول (ميدل ايست أونلاين)


https://up.ibtesama.com/upfiles/30n14854.jpg

لم يكن اكتشاف البترول وظهوره بالأمر الحسن على إطلاقه لدى بعض الشعوب، لدرجة أن هناك من أطلق على هذا البترول بانه غائط الشيطان، وأن آلات الحفر ما هي إلا أسنان الشيطان.
وتعالج مسرحية "الأبراج والريح" للكاتب الفنزويلي ثيسر رينخيفو (1915 – 1980) أثر اكتشاف البترول في المجتمع الفنزويلي، وكيف انقلب هذا المجتمع رأسا على عقب، بعد أن كان مجتمعا زراعيا، فغزته الآلات والمعدات والماكينات واستولت الشركات على الأراضي الزراعية للحفر فيها لاستخراج البترول، وما صاحب ذلك من تبدل في القيم و"إحداث هزة في منظومة المجتمع، فغلف وهم الثراء السريع قطاعات كبيرة من المجتمع كان لها أثر في تفسخ العلاقات بين أفراد المجتمع". أو كما جاء على لسان الشحاذة (إحدى شخصيات المسرحية): "يوجد الآن بترول وعواهر وطفيليون وشبان كسالى".
صدرت المسرحية عن سلسلة "من المسرح العالمي" التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت (العدد 365) بترجمة وتقديم أ. د. زيدان عبدالحليم زيدان، ومراجعة أ. د. محمد السيد غالب عوضين، وجاءت في 116 صفحة.
ولعل العنوان "الإبراج والريح" يرمز إلى هذا التبدل والتغير الذي حدث في تركيبة المجتمع، فالأبراج ترمز للآلات العملاقة الضخمة التي تستخرج البترول من باطن الأرض، أما الريح فهو ريح الموت، أو الرياح التي تزأر في الفضاء الواسع والتي هبت على تلك القرية النائية التي وصلت إليها شركات التنقيب عن البترول، فأضير أهلها الوادعون المسالمون، وتمت مصادرة أراضيهم الزراعية لصالح الاكتشافات الجديدة، الأمر الذي أدى إلى حدوث انفصام في بعض شخصيات المسرحية، بحيث يتعذر على القارئ أو المشاهد "أن يدرك الخط الفاصل بين حقيقة وجود تلك الشخصيات".
وتأتي شخصية المسافر لتكون الشخصية الرئيسية في المسرحية ليتعامل مع بعض الشخصيات الراحلة على أنها شخصيات حية وفاعلة وموجودة، أو أنها شخصيات حقيقية، بينما الواقع يؤكد عكس ذلك.
يقول د. عصام عبدالعزيز في تحليله الفني لتلك المسرحية إن نص الأبراج والريح "حمل روح الحياة الفنزويلية مجسدا وبشكل درامي وعقلي قضايا بلاده ومدى تأرجحها خلال فترة من فترات تاريخها الوطني، بين المجتمع الزراعي وبين أحلام البترول منذ اكتشافه في فنزويلا، وأثر هذا الاكتشاف في المجتمع الفنزويلي".
أما عن المؤلف ثيسر رينخيفو فيقول عنه عبدالعزيز "إنه شخصية محيرة وفريدة لا مثيل لها في التاريخ الفني وخاصة في عالم المسرح، فهو إنسان موهوب ويمتلك طاقة فنية خلاقة، فهو رسام ونحات وصحافي وممثل ومخرج ورئيس تحرير جريدة، ثم أولا وأخيرا كاتب مسرحي مرهف الحس يدرك تماما العلاقة الجدلية والأساسية بين النص الدرامي وبين إمكانية وضع ذلك النص على خشبة المسرح".
ومن خلال قراءتنا للنص المسرحي نلاحظ هذيان المسافر، ويؤكد عصام عبدالعزيز أن "هذا التوظيف للهذيان قد لعب دورا مهما في تقديم مضمون درامي إنساني لواقع اجتماعي قد أحسه الكاتب وجسده من خلال المسرحية".
وهو يرى أن المسرحية ليست إلا فوضى فنية رُتبت بذكاء شديد من قبل كاتب ومخرج يملك أدواته المسرحية والدرامية، وذلك لإثارة مشاعر الشعب الفنزويلي وإحداث صدمة لدى المتلقي من خلال تعرية المجتمع – خلال تلك الفترة الزمنية (1914 – 1980) وبيان أثر حلم وجنون وأطماع البحث عن البترول بغرض الثراء السريع حتى ولو أدى ذلك إلى تحطيم مقدساته والمبادئ الدينية والأخلاقية".
وفي تقديمه للمسرحية ذكر المترجم د. زيدان عبدالحليم زيدان "أنها من المسرحيات التي من الصعب تمثيلها وتحتاج إلى قراءة دقيقة لفهمهما فهما صحيحا، وهي خير دليل على نضج المؤلف التقني وتوفيقه في اختيار الموضوع".
ولعل الجملة التي قالتها لوثيانا قرب نهاية المسرحية: "سيجثم كل برج فوق مقبرة" تؤكد فداحة التغيير الذي أحدثه وجود البترول في حياة الشعب الفنزويلي.
ولعل صدور ترجمة هذه المسرحية في دولة بترولية كبرى مثل الكويت يشير أيضا إلى وجود تحولات سلبية في بنية المجتمع الكويتي أو الخليجي بعامة أتت بها مثل هذه الاكتشافات البترولية، ولكن لم تجد من يرصدها في عمل فني معبر مثل مسرحية "الأبراج والريح".


الساعة الآن 12:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
المقالات والمواد المنشورة في مجلة الإبتسامة لاتُعبر بالضرورة عن رأي إدارة المجلة ويتحمل صاحب المشاركه كامل المسؤوليه عن اي مخالفه او انتهاك لحقوق الغير , حقوق النسخ مسموحة لـ محبي نشر العلم و المعرفة - بشرط ذكر المصدر